6 دقائق قراءة

الهيئة السياسية الكردية تكسب مزيداً من الإستقلال في اللجنة التفاوضية للمعارضة رغم رعايتها لعملية عفرين

أعضاء هيئة المفاوضات السورية العليا في الرياض في حزيران. الصورة […]


أعضاء هيئة المفاوضات السورية العليا في الرياض في حزيران. الصورة منهيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية.

في أواخر شهر حزيران اعترفت الهيئة العليا للمفاوضات، وهي الهيئة التفاوضية للمعارضة السورية، بالمجلس الوطني الكردي كهيئة سياسية مستقلة لأول مرة كما منحته تمثيلاً متزايداً.

وقبل قرار حزيران، شارك المجلس الوطني الكردي في المفاوضات الدولية تحت مظلة الائتلاف الوطني السوري في تركيا، بالرغم من ازدياد توتر العلاقات بين المجلس الوطني الكردي والائتلاف الوطني السوري في وقت سابق من هذا العام بسبب عملية غصن الزيتون التركية التي انطلقت للسيطرة على منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية في شمال غرب سوريا.

وفي ذلك الوقت، قطع التحالف الوطني الكردي علاقته بحلفائه في المجلس الوطني السوري لمعارضته عملية عفرين علانية، ومشاركة فصائل الجيش السوري الحر على الأرض.

ويقول إبراهيم برو، الرئيس السابق للمجلس الوطني الكردي وعضو في هيئة العلاقات العامة حالياً” نرفض هذا الاجتياح والعملية العسكرية برمتها” كما أن استمرار وجود الجيش السوري والتركي في عفرين “يزيد الوضع تعقيداً و يخلق حساسية في المنطقة”.

وفي حين أن موقف المجلس الوطني الكردي الجديد جاء على خلفية التوترات الأخيرة مع شركائهم في الائتلاف الوطني السوري، قال البرو أن التحرك نحو قدر أكبر من الاستقلال ليس وليداً للعلاقات المتوترة بيننا، بل”تمثيلنا ككيان مستقل سيعطينا المزيد من المساحة للتعبير عن عدالة قضيتنا”. والآن المجلس الوطني الكردي منفصل عن الائتلاف الوطني السوري ولديه سبعة أعضاء بدلا من ستة ويمكن أن يعمل بشكل مستقل داخل هيئة المفاوضات العليا.

ولكن مع استعادة قوات الأسد المزيد والمزيد من الأراضي في سوريا، ماذا يعني أن يكون هناك مقعداً على طاولة المفاوضات؟

بالنسبة إلى البرو فإن الانخراط المستمر في العملية السياسية، التي تركز الآن على صياغة دستور جديد، هو السبيل الوحيد للضغط من أجل التغيير حيث أن الحقائق على الأرض تتأرجح بشكل حاسم لصالح الحكومة السورية.

وصرح البرو لمراسل سوريا على طول محمد عبد الستار ابراهيم “سنستمر بالتفاوض كخيار لخلاص شعبنا بكل مكوناته” مضيفاً ” لاخيار أمامنا سوى التعاون الكامل مع المجتمع الدولي”.

لماذا قرر المجلس الوطني الكردي في الوقت الحالي المشاركة في هيئة المفاوضات العليا ككيان سياسي مستقل بعد سنوات من المشاركة تحت ظل الائتلاف الوطني السوري؟ وهل كانت العلاقة بين المجلس الوطني الكردي والائتلاف منتجة؟

المجلس الوطني الكردي ومنذ انطلاقة الثورة السورية وضع له عنواناً عريضاً وهو الانخراط بالحالة السورية من بوابة المعارضة السورية، وذلك ايماناً بأن الانخراط والعمل مع المعارضة السورية تسهل مهمتنا للدفاع عن القضية الكردية وبالتالي تمكين جبهة المعارضة من القيام بمسؤلياتها تجاه معاناة ومحنة الشعب السوري.

ومن هنا كان انضمامنا للائتلاف المعارض وبالتالي إنجاز وثيقة سياسية بيننا تخص الرؤية المشتركة لحل القضية الكردية في سوريا، ولازلنا جزءا من تلك الحالة. ومنذ البداية كنا نبذل جهداً دبلوماسياً لنكون كياناً ذو شخصية اعتبارية تجسد الخصوصية الكردية ضمن المحافل الدولية وخصوصاً المفاوضات ولكننا كنا نصطدم بالموقف الدولي الرافض لفكرة تعدد الكيانات.

وبعد جهود واتصالات مكثفة استطعنا أن نقنع حلفائنا في المعارضة بأهمية تمثيل قضيتنا بصفة المجلس الوطني الكردي ككيان له خصوصية وشخصية اعتبارية في هيئة التفاوض، وهذا لا يلغي عملنا الجاد والمشترك مع الائتلاف المعارض، الذي يعتبر حتى الآن أفضل شريك سياسي نعمل معه بالرغم من وجود رؤى مختلفة في الكثير من القضايا .

في شهر كانون الثاني أخذ المجلس موقفا معارضاً ضد عملية غصن الزيتون التركية في عفرين بينما دعم الائتلاف الوطني العملية. في رأيك هل تم أخذ موقف المجلس بعين الإعتبار؟ وهل كان للمجلس دور متساو مع باقي أعضاء وكيانات الائتلاف؟ هل غير ماحدث في عفرين علاقة المجلس الوطني الكردي مع باقي المجموعات المعارضة؟

عفرين جزء من الجغرافية الكردية في سوريا، وعندما بدأ الاجتياح التركي لعفرين بمؤازرة ودعم من الفصائل المسلحة كان موقفنا واضحاً وذكرنا بأننا نرفض هذا الاجتياح والعملية العسكرية برمتها لأنها تزيد الوضع تعقيداً وتخلق حساسية في المنطقة، بالاضافة لعمليات النهب والقتل والتغيير الديمغرافي الخطير بحق جغرافية عفرين من قبل المجموعات المتشددة التي مارست سياسات انتقامية وهمجية بحق أهلنا.

والائتلاف الوطني السوري أيّد التدخل التركي وساند الفصائل المسلحة انطلاقاً من قاعدة طرد عناصر وحدات الحماية الشعبية من عفرين، وكانت هذه نقطة خلاف جوهرية مع الائتلاف وتم تعليق عضوية ممثلينا في الإئتلاف احتجاجاً على موقفهم الداعم للمجموعات المسلحة.

تواصلنا مع أطراف دولية عدة ومن ضمنها الخارجية التركية وشرحنا لهم خطورة تداعيات تدخلهم في عفرين، وموقفنا كمجلس وطني كردي كان مؤثراً لحد ما، وبناءً عليه جرت عدة لقاءات مع الائتلاف المعارض لاحتواء الازمة.

ونؤكد هنا بأن شراكتنا مع الائتلاف هي سياسية بحتة ولا يوجد لدينا أي تفاهمات أو ارتباطات مع أي فصيل عسكري، وأعتقد أن رؤيتنا الموحدة كمجلس وطني كردي كانت بمثابة محطة مفصلية واختبار حقيقي لمكونات المعارضة، والتي بدأ بعضها ينظر للحملة على عفرين من زاوية الاستعلاء والانتقام وتخليص حسابات آنية ضيقة تسيء لمكونات الشعب السوري كافة .

ما التغييرات العملية التي من الممكن أن تنتج من تشكيل وفد مستقل؟ هل تتوقع أن يكون صوت المجلس أقوى من ذي قبل؟

التغيرات العملية للوضع السوري لا تتوقف على عمل المجلس الوطني الكردي واستقلالية وفده لوحده، وإنما مرتبط بعدة عوامل تتحكم فيها الدول المؤثرة بالأزمة السورية ومدى توافقها وتفهمها وتصفية الحسابات بالوكالة على الأرض السورية، وللأسف لازال المجتمع الدولي يدير الأزمة السورية في ظل اتباع مناطق نفوذ متعددة الأطراف.

ونحن جزء نتفاعل مع المعطيات المرتقبة وأي تقدم في المسار السياسي سيكون انعكاسه ايجابياً على قضيتنا، خاصة بعد التمثيل الاعتباري للمجلس الوطني الكردي في هيئة التفاوض وزيادة تمثيله في لجان المعارضة والأهم لجنة صياغة الدستور.

تمثيلنا ككيان مستقل سيعطينا المزيد من المساحة للتعبير عن عدالة قضيتنا وهذا تحول ايجابي .

ماهي أهم مطالب المجلس للفترة القادمة بالنسبة للتطورات في سوريا بشكل عام، وبالنسبة لأكراد سوريا بشكل خاص؟ ما هو الشيء الفريد في مطالب المجلس؟ وكيف من الممكن أن يساعد استقلال وفدكم في تحقيقها؟

مطلبنا كمجلس وطني كردي، منذ بداية الأزمة السورية على الصعيد السوري العام، هو وقف المجازر وإنهاء الحقبة الدكتاتورية وإيجاد حل سياسي يضمن عودة الحياة المدنية والانتقال إلى نظام ديمقراطي يحقق الأمن والسلام وحقوق كافة مكونات الشعب السوري.

بالإضافة إلى عودة المهجرين إلى مناطقهم، والفرصة الآن باتت ملائمة أكثر بعد أن شارفت الحرب على داعش على نهايتها.  

ونحن كمجلس وطني كردي لدينا رؤية واضحة ومشروع متكامل على الصعيد السوري العام والكردي الخاص، وخاصة بعد أن انتزعنا الصفة الاعتبارية ككيان مستقل في هيئة المفاوضات.

وتتمثل رؤيتنا في إنهاء نموذج النظام المركزي الدكتاتوري والذي لم يجلب للشعب السوري سوى المزيد من قمع الحريات وضرب المكونان ببعضها وانعدام حياة المواطنة، والأهم من كل ذلك خلق بيئة سياسية ملوثة بسبب سياسات النظام العنصرية.

كما أن تفرد حزب البعث الحاكم عبر أجهزته الأمنية القمعية أدت إلى اغتصاب الدولة ومؤسساتها، لذا ما يميزنا كمجلس وطني كردي هو ترسيخ ثقافة التعددية وصيانة حقوق مكونات الشعب السوري كافة عبر نظام سياسي لامركزي (الفدرالية) والذي يعبر عن الجوهر والعلاج السياسي الشافي لمشاكل الشعب السوري وتطلعاته.

ومن هنا سنبذل كل جهدنا مع حلفائنا في المعارضة من خلال تكثيف الجهد الدبلوماسي،  لتكون سوريا المستقبل لكل السوريين دون تمييز أو إقصاء.

الحل الفدرالي هو الأمثل لقضية شعبنا الكردي ولكل مكونات الشعب السوري، وهذا النموذج أثبت جدارته في الكثير من الدول وأحدث نقلة نوعية على صعيد التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية من خلال توزيع عادل للسلطة والثروة بين عموم مكونات الشعب.

كيف ترى دور هيئة التفاوض في الوقت الحالي في ظل تقدم مستمر للحكومة واستعادة أراضي من المعارضة؟ وما هو الهدف من المفاوضات القادمة في رأيك؟

هيئة التفاوض هي جزء من الحالة السورية المعقدة بحكم التدخلات و الاصطفافات الاقليمية والدولية، وعدم جدية المجتمع الدولي بإيجاد حل لمعاناة الشعب السوري، الذي استخدم بحقه جرائم بحق الانسانية بدءًا من القتل بالبراميل المتفجرة والتهجير القسري مروراً إلى التغيير الديمغرافي وليس انتهاءً بالأسلحة الكيماوية، كما أن القتل بنفس المنهجية مستمر من قبل النظام وحلفائه حتى اليوم.

في ظل هذه اللوحة القاتمة والتراجيدية، لا خيار أمامنا سوى التعاون الكامل مع المجتمع الدولي لإرغام النظام على الحوار وحثه للقبول بقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

النظام، وفي أكثر من مناسبة، بذل جهداً كبيراً لاستفزاز وفد المعارضة المفاوض لافشال العملية السياسية والتي تعني نهاية غير سعيدة للنظام مهما تردد المجتمع الدولي.

أما فيما يخص التقدم المستمر للنظام على حساب المعارضة، أعتقد أن النظام ضعيف جداً ولايملك الإرادة والقرار، ولكن بسط سيطرته على مناطق المعارضة ماهو إلا بدعم مباشر من قبل حلفائه الروس والإيرانيين والميليشيات الشيعية في ظل صمت وتخلي حلفاء الشعب السوري عن المعارضة وعدم القيام بمسؤولياتها القانونية والأخلاقية كدول مؤثرة وصانعة للقرار، وعلى رأسهم أمريكا، التي تدير الأزمة  وفق توازنات وتحالفات يدفع ضريبتها الشعب السوري.

سنستمر بالتفاوض كخيار لخلاص شعبنا بكل مكوناته من محنته، من خلال وضع دستور جديد يعبر عن نموذج الدولة السورية المرتقبة ويضم الحقوق لكافة مكوناته برعاية الأمم المتحدة تمهيداً لانتقال سياسي وانتخابات حرة ترسخ أسس وقيم دولة لامركزية تعددية تنهي الحالة المأساوية للسوريين.

والتفاوض بالنسبة لنا خيار مهم ومثالي، هدفنا من التفاوض هو وقف إراقة دماء السوريين، وحث المجتمع الدولي لإلزام جميع الأطراف بالقرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ذات الصلة، والموافقة على مرجعية بيان جنيف الأول، وكتابة دستور جديد يعبر عن علمانية الدولة ويعكس طبيعة سوريا كدولة متعددة القوميات والإثنيات، والوصول إلى انتقال سياسي سلمي.

ترجمة: بتول حجار

 

شارك هذا المقال