4 دقائق قراءة

انتشار الأمراض في بلدة بجنوب غرب سوريا يشرب سكانها من مياه نهر اليرموك الملوثة

في بلدة على خط الجبهة في جنوب غرب سورية، تنتشر […]


في بلدة على خط الجبهة في جنوب غرب سورية، تنتشر الأمراض التي تنتقل عبر المياه بين الأهالي البالغ عددهم نحو 4000 نسمة، والذين لجؤوا إلى الشرب من النهر الملوث، بعد سيطرة تنظيم الدولة على بلدة سحم الجولان المجاورة لبلدتهم منذ شهرين وقطع مورد مياههم العذب القريب منها.

وخلال الشهرين الماضيين، التقط أكثر من 300 من الأهالي العدوى بعد شربهم من مياه نهر اليرموك، وفق ما قال أبو عبدالله، مدير المركز الطبي الوحيد في بلدة حيط، بدرعا، لسوريا على طول.

وتقع حيط في حوض اليرموك، منطقة ترقد في جنوب غرب سوريا بين مرتفعات الجولان التي تحتلها اسرائيل غرباً والأردن جنوباَ. ويسيطر جيش خالد بن الوليد، المرتبط بتنظيم الدولة على معظم المنطقة. وباتت بلدة حيط، الخاضعة لسيطرة فصائل للجيش السوري الحر معادية لجيش خالد بن الوليد، وحالياً على خط جبهة.

وكانت البلدة في دوامة الخطر منذ شن جيش خالد بن الوليد هجوماً عسكريا في منتصف شباط على مناطق سيطرة الجيش السوري الحر في حوض اليرموك. وبهجومه شرقاً، سيطر الفصيل الموالي لتنظيم الدولة على عدة قرى وبلدات من قوات المعارضة المنشغلة بمعركة جديدة أطلقتها ضد النظام في مدينة درعا، مركز المحافظة، وفق ما ذكرت سوريا على طول آنذاك. وخلال الهجوم الليلي المفاجئ، فقد الثوار السيطرة على سحم الجولان، حيث يوجد نبع المياه العذبة على بعد  2كم شمال حيط.

“عندما سيطر التنظيم (جيش خالد بن الوليد) على بلدة سحم الجولان، قام بقطع المياه وفك المضخة التي تغذي بلدة حيط”، وفق ما قال المهندس طارق، عضو في المجلس المحلي في بلدة حيط، لسوريا على طول.

ولكن سيطرة جيش خالد بن الوليد على بلدة حيط لم تدم طويلاً، وسرعان ما تمكن مقاتلو أحرار الشام والجيش السوري الحر من استعادة السيطرة على البلدة بعد يوم واحد.

ومنذ ذلك، يشتعل القصف وتندلع الاشتباكات المتقطعة بين جيش الوليد والفصائل الثورية المحلية الأخرى، ولكن أياً منهما لم يخسر أو يتقدم على الأرض.

وما يزال من غير الواضح لماذا قطع جيش الوليد المياه عن بلدة حيط. ولم تتمكن سوريا على طول من العثور على أي بيانات من الفصيل حيال نبع سحم الجولان.

ورأى أحد قادة الجيش السوري الحر في بلدة حيط  أن أزمة المياه افتعلها الفصيل الموالي لتنظيم الدولة في محاولة منه لإضعاف مقاومة البلدة والروح المعنوية فيها.

طفل من حيط يملأ عبوة بالمياة بالقرب من نهر اليرموك. حقوق نشر الصورة لـ نبأ.

وقال بسام الغزاوي قائد كتيبة “ذي النورين” التابعة للجيش الحر في بلدة حيط، لسوريا على طول، الأسبوع الماضي “إن قطع التنظيم (جيش الوليد) للمياه هو عبارة عن محاولة من قبله للضغط على الحاضنة الشعبية وشق الصفوف وخلق خلافات بين أبناء البلد الواحد وزرع العداء بين المدنيين والجيش الحر”.

وأضاف الغزاوي “فلا تكاد عائلة في البلدة تخلو من مقاتل واحد على الاقل يقاتل في صفوف الجيش الحر ضد تنظيم داعش”.

ولم يبق لأهالي بلدة حيط البالغ عددهم نحو 4000 نسمة سوى نهر اليرموك، وهو مصدر المياه الوحيد القريب، الرافد لنهر الأردن ويجري عبر الوادي المجاور على طول الحدود مع الأردن، ولكن مياهه غير آمنة للشرب.

وقال طارق، عضو المجلس المحلي في بلدة حيط، لسوريا على طول أن “بعض البلدات المجاورة مثل طفس، زيزون، والعجمي تصب مياه الصرف الصحي في النهر”.

وأضاف أن “الناس يغلون مياه النهر في محاولة لتعقيمها ومن ثم يشربونها لكن هذا دون جدوى، وقد تسبب في تفشي الأمراض بين الأهالي وخاصة الأطفال”.

“لا يرحمون لا البشر ولا الحجر”

بعد شرب المياه من نهر اليرموك في شباط الماضي، بدأ زياد المصري من أهالي حيط بالشعور بألم حاد في بطنه، وبدأ يعاني من إسهال شديد.

وذكر المصري لسوريا على طول أن “الكادر في المركز الطبي اشتبهوا بأنه نوع من البكتيريا المعوية”.

والمركز الطبي الوحيد في حيط، هو مبنى صغير خرب ومتداع يحتوي على ممرض وأربعة من سكان البلدة ممن يمتلكون خبرات طبية أساسية ويقدمون العناية الطبية الأساسية لـ4000 نسمة فيها.

وتمتلئ الرفوف المرصوفة على جدرانه بالأدوية الأساسية كالمسكنات وتجهيزات الإسعاف الأولي، وبالكاد تحوي غيرها.

 ومنذ بدأ الأهالي بشرب المياه من نهر اليرموك في شباط، شهد المركز الطبي العديد من حالات الإلتهاب المعوي والإسهال، وفق ما ذكرت ممرضة في المركز الطبي، وعضو في الدفاع المدني لسوريا على طول.

كما يعاني السكان من ردود فعل تحسسية بسبب مياه النهر، والتي تتسبب بالحكة واحمرار الجلد.

وقال ناصر الحريري، أحد عناصر الدفاع المدني لسوريا على طول، الأسبوع الماضي إن “التعامل مع الحالات المرضية يتم بشكل بسيط جدا مقتصرا على الإسعافات الأولية، وذلك بسبب الإمكانيات الضعيفة جدا والافتقار إلى وجود كادر طبي متخصص يشرف على هذه الحالات”.

وأضاف الحريري إن الطبيب الذي كان يعمل سابقا في المركز الطبي هرب عندما قام عناصر جيش خالد بن الوليد بمحاصرة البلدة، في شباط الماضي.

وزارت رولا، وهي من أهالي بلدة حيط، في العشرينات من عمرها، المركز الطبي بعد أن شعرت بألم في البطن، في نهاية نيسان، وذلك بسبب شرب المياه من نهر اليرموك لعدة أسابيع. وكانت رولا حاملا في الشهر الثاني.

ويعتقد الكادر في المركز الطبي أن الملوثات في مياه الشرب تسبب الالتهاب، إلا أنهم لم يتمكنوا من تقديم تشخيص مثبت أو معالجة الالتهاب.

وقالت رولا لسوريا على طول، الخميس، “فقدت الجنين بسبب ضعف جهاز المناعة لدي”.

وأضافت “كنت مدمرة نفسيا”.

ووجهت مجموعات في الجيش السوري الحر، والتي تسيطر على المنطقة، الاتهامات لجيش خالد بن الوليد كسبب في أزمة المياه، وقالوا أنهم لم يتواصلوا مع تنظيم الدولة بشأن إعادة المياه.

وقال بسام الغزاوي القيادي في الجيش السوري الحر “ليس لديهم أي وازع أخلاقي أو ديني فالبلدة تتعرض للقصف اليومي من قبلهم إنهم لا يرحمون لا البشر ولا الحجر”.

وأضاف “لم يكن هناك أي تواصل مع التنظيم من أجل إعادة المياه لأن هذا التنظيم لاعهد له ولا ميثاق”.

ترجمة: فاطمة عاشور

شارك هذا المقال