4 دقائق قراءة

انتشار الحصبة في مناطق جنوبي سورية بعد عامين من غياب حملات التلقيح

أصاب وباء الحصبة الذي يجتاح مناطق جنوبي سورية الخاضعة لسيطرة […]


أصاب وباء الحصبة الذي يجتاح مناطق جنوبي سورية الخاضعة لسيطرة المعارضة نحو 150شخصاً، معظمهم من المواليد الجدد والأطفال الصغار، بسبب غياب اللقاح على مدى عامين، وفق ما قال طبيبان يعالجان الداء، لسوريا على طول.

ووثق الطبيبان 60 إصابة بعدوى الحصبة في ريف درعا الخاضع لسيطرة الثوار و70 حالة في محافظة القنيطرة المجاورة التي تحكمها المعارضة، في شهر أيار وحده، وفق ما قال يعرب الزعبي، طبيب أطفال في ريف درعا الشرقي لسوريا على طول.

ولا توجد إحصائية دقيقة عن عدد الإصابات بالوباء “بسبب توارد الإصابات يومياً إلى المراكز الصحية”، وفق ما قال ياسر الفروح، طبيب أطفال، منسق الرصد الوبائي في شبكة الإنذار المبكر والاستجابة السريعة للأوبئة ((EWARN والمسؤول عن المنطقة الغربية لدرعا والقنيطرة. وكل من الزعبي وفروح يعملان منسقان في ((EWARN، منظمة صحة عامة تتابع الأوبئة في مناطق سيطرة المعارضة في سورية.

منذ شهر آذار بدأت أعراض مرض الحصبة بالظهور في القنيطرة، الواقعة في جنوبي غربي سورية، في واد مرتفع في هضاب الجولان التي تحتلها إسرائيل. وفي ذلك الوقت، وثق العاملون في المجال الطبي في مناطق سيطرة المعارضة بدرعا، بضع حالات فقط يشتبه أنها مرض الحصبة، وفق ما قال الزعبي.

ولكن منذ ذلك الوقت، وأعراض الحصبة في انتشار في ريف درعا الشرقي والغربي، ويعود ذلك جزئياً إلى الاكتظاظ والنزوح الداخلي في المناطق التي يسيطر عليها الثوار في المحافظة. ولكن السبب الأساسي للوباء هو أن معظم الرضع والأطفال الصغار في مناطق المعارضة بالمحافظة لم يتم تلقيحهم.

ولتطعيم الأطفال ضد المرض الفيروسي،  يلزم جرعتان من لقاح الحصبة: الأولى خلال مرحلة الرضاعة والثانية ما بين عمر الرابعة إلى السادسة.

وتؤثر الحصبة بشكل كبير نسبياً على الأطفال الصغار، وغالبا ما يرافقها الحمى والطفح الجلدي  وربما تنتهي بمضاعفات قاتلة، كان يمكن الوقاية منها عن طريق التلقيح.

ولا يمكن إعطاء اللقاح للأطفال بعد أن تظهر عليهم أعراض المرض. وبما أن العلاج المضاد للفيروسات غير متوفر حالياً لداء الحصبة؛ فليس أمام الأطباء سوى اللجوء إلى ما يخفف من شدة المرض فقط مثل المسكنات وخافض الحرارة والسوائل الوريدية لضمان أن لا تتفاقم حالة المرضى سوءاً.

إلى ذلك، قال الطبيب هومر فنترز، اختصاصي أوبئة ومدير عمليات في أطباء من أجل حقوق الإنسان، لسوريا على طول، الإثنين أن “لقاح الحصبة يقلص حدوث المرض الفيروسي، الذي قد يؤدي إلى الموت، بنسبة تصل إلى أكثر من 99%”.

ومنذ اندلاع الحرب في سورية في عام 2011، وثق أطباء من أجل حقوق الإنسان انتشار الأمراض، بالإضافة إلى الهجمات على الكوادر والبنى التحتية الطبية وتقارير عن استخدام الأسلحة الكيماوية في أنحاء البلد.

وأضاف الطبيب هومر “أن الموت أو العجز من عدوى الحصبة، تذكير صارخ بأن الصراع المسلح يؤذي الصحة بما يتجاوز تأثير الرصاص والقنابل”.

و”يمكن ايجاز الأسباب الرئيسية والفرعية لانتشار الحصبة إلى انخفاض  نسبة التغطية في برنامج اللقاح الروتيني الذي تنفذه وزارة الصحة للنظام السوري”، وفق ما قال الدكتور ياسر الفروح، طبيب أطفال في ريف درعا الغربي، لسوريا على طول، الأربعاء.

ويجب أن يشرف على اللقاحات مهنيون متدربون إذ تتطلب ظروفاً خاصة للتخزين والتوزيع.  وتنظم وزارة الصحة في سورية حملات للتلقيح بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية والهلال الأحمر العربي السوري. ولكن الوزارة الحكومية تتحكم بكميات اللقاح وتوزيعها على المناطق. ويحتاج الهلال الأحمر إذناً من النظام لدخول أي من مناطق سيطرة المعارضة.

وفي 21 أيار، أطلقت وزارة الصحة حملة ضد الحصبة ، تهدف إلى تلقيح “الأطفال ما بين سبعة شهور وخمس سنوات”، وفق ما ذكرت وكالة أنباء سانا التابعة للحكومة، آنذاك.

ولكن الحملة جاءت متأخرة كثيراً، وعجزت عن إيقاف انتشار العدوى في المنطقة الجنوبية الخاضعة لسيطرة المعارضة، ولم يدخل سوى كميات صغيرة لريف درعا، وفق ما قال الزعبي.

“وكانت الحملة في مراكز ثابتة فقط ولم تؤمن فرق جوالة” وفق ما قال طبيب الأطفال، مستأنفاً “أي إذا علم بها الشخص استفاد منها والذي لم يعلم بها حرم من حقه باللقاح”.

وكانت آخر مرة يصل فيها لقاح الحصبة لأهالي درعا، قبل حملة الشهر الماضي، في أيار 2015، وفق ما قال كل من الزعبي والفروح.

وتواصلت سوريا على طول مع منظمة الصحة العالمية، فرع دمشق للحصول على تفاصيل توزيع اللقاح في مناطق المعارضة. ولكن المكتب التزم الصمت.

“نخاف من العدوى”

يوزع الزعبي في عيادته في ريف درعا الشرقي، مكملات الفيتامين A لأولئك الذين تظهر عليهم أعراض الحصبة.

ويرسل عينات مصل للحالات التي يشتبه بها إلى مختبر أسستهشبكة الإنذار المبكر والاستجابة السريعة للأوبئة، برنامج الصحة العام الذي يعمل به الزعبي، في الشهر الماضي.

وقال الزعبي “مع كل حالة تراجع المركز تسود حالة التوتر والخوف من إثبات أنها مصابة بالحصبة”.

وبالنسبة لأبو هديل، 35عاماً، وهو مقيم حالياً في الحراك بالريف الشرقي لدرعا، الخاضع لسيطرة الثوار، أكد الأطباء في المستشفى المحلي إصابة ابنتيه غير الملقحتين بعدوى المرض الفيروسي في الشهر الماضي.

وبعد مراجعته مشفى الحراك، شرقي درعا، أجروا لهما التحاليل المخبرية، وأكدوا إصابتهما بالحصبة. وأعطوه فيتامين A وخافضات حرارة، وكذلك دواء للاسهال لابنتيه اللتين تبلغان من العمر سنتان، وثمانية أشهر.

وقال أبو هديل لسوريا على طول “حاولت أن أعزل بناتي قدر الإمكان بناء على تعليمات المشفى”.

وختم “لأننا نسكن في منزل واحد مع 3 عائلات أشعر بالخوف من عدم ضبط العدوى”.

ترجمة: فاطمة عاشور

شارك هذا المقال