5 دقائق قراءة

بعد أن غمرت الأمطار خيامهم، النازحون شمال سوريا يبحثون عن مأوى في المساجد والبساتين

وتابع "خيامهم الآن بالية، فهم يعيشون هنا منذ أكثر من سبع سنوات. بالفعل هم بحاجة إلى خيام بدلاً منها".


3 أبريل 2019

 

ثلاثة من رجال الانقاذ بستراتهم الزرقاء الطويلة يتمسكون بحبل في محاولة لمقاومة تيار السيل الجارف الذي يدفعهم خارج الطريق.

خلفهم، تتركز تجمعات لبعض المنازل المؤقتة التي غمرتها المياه. وفي الوسط، مجموعة من الرجال الذين تقطعت بهم السبل وسط الفيضانات المفاجئة، إلى أن تم توجيههم من قبل رجال الإنقاذ للتمسك ببعضهم البعض حتى لا يتعرضوا للانجراف.

وفي عدد لا يحصى من مقاطع الفيديو الأخرى التي تم نشرها خلال عطلة نهاية الأسبوع، من جميع أنحاء شمال سوريا، ظهر أشخاص يلفون أنفسهم بالبطانيات ويركضون بحثاً عن مأوى من الأمطار الغزيرة، ومن بينهم مئات العائلات النازحة التي جُرفت خيامهم ودمرت ممتلكاتهم بسبب الفيضانات.

وشهدت عطلة نهاية الأسبوع الماضي أمطاراً هي الأغزر منذ شهور في الريف الشمالي الغربي لسوريا، وكذلك في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد على بعد حوالي 200 كيلومتر شرقًا، حيث تعاني الأسر النازحة التي تعيش في ملاجئ مؤقتة قساوة الشتاء منذ سنوات.

وفي ريف إدلب وحدها، أفادت مجموعات إنسانية محلية أن هناك أكثر من 500 مخيم قد تضرر بسبب الفيضانات التي أعقبت هطول الأمطار الأسبوع الماضي.

ويهرع  الآن عمال الإغاثة والسكان المحليون للتغلب على آثار العاصفة،  حيث قيل بأنها تركت آلاف الناس دون مأوى.

وقال أبو منذر، مدير مخيم صابرين للنازحين في ريف إدلب الشمالي، لسوريا على طول، يوم الثلاثاء “لم نكن نتوقع اطلاقاً أن تكون المياه بهذه الكمية، وأنه تكون الأضرار كبيرة”.

وأكد أن غالبية السكان في المخيم هم من ريف حماة وحمص، ويعيشون منذ “أكثر من سبع سنوات” في ضواحي بلدة قريبة من الحدود التركية، منذ فرارهم من منازلهم بسبب الحرب.

وتابع “خيامهم الآن بالية، فهم يعيشون هنا منذ أكثر من سبع سنوات. بالفعل هم بحاجة إلى خيام بدلاً منها”.

وكان حسين أبو شاهر، الذي نزح من حماة، من بين الذين وصلوا إلى مخيم صابرين منذ حوالي سبع سنوات.

وفي وقت مبكر من يوم الثلاثاء، اتخذ من المسجد القريب مأوى له ولزوجته وأطفاله الثلاثة، بعد أن غمرت الأمطار جميع الأسّرة والفرش التي كانت لديهم.

وهو يأمل أن تجف الفرش في الوقت المناسب ليتمكنوا من العودة إلى مخيم صابرين. ومع ذلك، لم يستلم أبو شاهر أي فرش بديلة بعد، وهو يخشى أن يحدث فيضان آخر في حال تغير الطقس.

وقال أبو شاهر لسوريا على طول “لم يبقى منظمة لم نطلب منها المساعدة، ونحن لا نحتاج فقط الى الطعام، مخيمنا يحتاج إلى طرقات أفضل، وقناة لتجري فيها المياه حتى لا تفيض في المستقبل”.

وأكد لسوريا على طول من المسجد الذي يأويه حالياً “لو كانت الطرقات أفضل، لما غرقنا جميعًا”.

وأكد الناشط الإعلامي المحلي محمد ضاهر، الذي زار بعض المخيمات التي غمرتها الفيضانات في أعقاب العاصفة، أن هناك بعض السكان ينامون على الأرض في أراض زراعية مكشوفة.

ووصف آلاف العائلات التي أصبحت الآن بلا مأوى، كيف ينامون “بين أشجار الزيتون”.

وأضاف “إنهم في وضع مأساوي”.

خيمة غمرتها المياه في سرمدا، بالقرب من الحدود التركية، في 31 آذار. الصورة من مركز المعرة الإعلامي.

وذكرت أم علي، وهي من ريف حمص الشمالي، إنها محظوظة بالعثور على مأوى لعائلتها في خيمة صديقتها القريبة، في بلدة سرمدا بمحافظة إدلب.

وقالت لسوريا على طول “تعرضت خيمتها لأضرار، لكن ليس بقدر ما تعرضت له خيمتي. سأبقى معها حتى تجف بطانيتي المغطاة بالطين”.

واجتاح الفيضان المنازل والسيارات شمال شرق البلاد، في مناطق الحسكة الخاضعة لإدارة السلطات ذات الغالبية الكردية. وهناك، دمرت الأمطار الغزيرة والفيضانات التي دامت لأكثر من أسبوع المنازل الطينية المؤقتة للسكان في مجموعة من القرى.

وقدر سعد العلي، مدير قسم الاستجابة لحالات الطوارئ في الهلال الأحمر الكردي، أن حوالي ٥ آلاف شخص من تلك القرى نزحوا جراء العاصفة.

وقال لسوريا على طول “العديد من هذه العائلات لجأت إلى المدارس المحلية”.

“خدمات غير كافية”

يشكل الريف الخاضع لسيطرة المعارضة شمال غرب سوريا، موطنا لمئات المخيمات العشوائية التي أقامها السوريون الذين فروا من ديارهم طوال فترة الحرب، وتدير السلطات المحلية والمنظمات غير الحكومية العاملة على الأرض العديد من هذه المخيمات.

كما تدير الحكومة التركية أيضا عددا من المخيمات الرسمية بالقرب من الحدود السورية – التركية، حيث يعيش السكان في ظل نقص الأدويةوالمأوى غير الملائم.

وتعد المناطق الريفية في شمال غرب سوريا، والتي تضم غالبية محافظة إدلب، وكذلك أجزاء من محافظات حلب وحماة واللاذقية المجاورة، آخر معقل لسيطرة المعارضة في البلاد بعد عدة سنوات من التقدم الذي حققته القوات الموالية للحكومة ضد المعارضة في مناطق أخرى في البلاد.

وأدى تقدم القوات الموالية للحكومة إلى زيادة عدد السكان في شمال غرب سوريا بثلاثة أضعاف تقريبا، بعد سلسلة من عمليات الإجلاء القسري التي فرضت على المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة في السابق، حيث نقلت الحافلات مئات الآلاف من مقاتلي المعارضة والمدنيين باتجاه الشمال.

وانتهى الأمر ببعض الأشخاص الذين تم إجلاؤهم في أجزاء من ريف حلب، الخاضعة لسيطرة الجيش التركي. ووجد آخرون أنفسهم منتشرين في جميع أنحاء محافظة إدلب، الخاضعة لسيطرة الجماعات الإسلامية المعارضة.

ويعيش الآن حوالي مليون نازح سوري في مخيمات عشوائية مزدحمة، تنتشر فيما كان يعرف في السابق بأنه منطقة ريفية شاسعة تضم أراض وقرى زراعية.

وأصبح الحصول على المساعدات الإغاثية بالنسبة للعديد من تلك العائلات النازحة أكثر صعوبة في الأشهر الأخيرة، في أعقاب سيطرة هيئة تحرير الشام على المحافظة في كانون الثاني.

 سكان يخلون منازلهم التي غمرتها المياه بعد هطول أمطار غزيرة بالقرب من الحسكة في ٣٠ آذار. تصوير: القامشلي اليوم.

وأوقف المانحون الدوليون- وفي بعض الحالات المحدودة، أعادوا – تمويل البنية التحتية الرئيسية، بما في ذلك المنشآت الطبية، خوفا من إساءة استخدام الجماعة المتشددة للأموال.

كما قامت الهيئة بمضايقة واختطاف عمال الإغاثة المحليين، بحسب ما ورد من أنباء.

وفي الوقت ذاته، تعرضت المستشفيات والعيادات الطبية لقصف مستمر من قبل القوات الموالية للحكومة في السنوات الأخيرة.

وقال خالد عبد الرحمن، مدير منظمة إغاثية في إدلب، لسوريا على طول “لا توجد خدمات كافية للنازحين، خاصة الآن بعد أن تضررت خيامهم ويجب استبدالها”.

وأضاف، إنه على الرغم من أن عمال الإغاثة تمكنوا من إنقاذ سكان المخيم خلال العواصف، إلا أن الآلاف من العائلات النازحة أصبحت محطمة في أعقاب ما حدث.

وختم قائلا “فقد الناس الكثير من ممتلكاتهم”.

 

ساهمت نورا حوراني في إعداد هذا التقرير.

شارك هذا المقال