5 دقائق قراءة

بعد امتحان الثانوية العامة.. فرص تعليمية محدودة للاجئين السوريين في الأردن

عمان- من أصل 4761 طالب وطالبة سوريين تقدموا لامتحان الثانوية العامة في الأردن (التوجيهي) هذا العام، بحسب تصريحات الأمين عام وزارة التربية والتعليم، سامي السلايطة، نقلتها وسائل إعلام محلية، يتوقع أن مئات من بينهم -إذ لم يتسن لـ"سوريا على الطول" الحصول على أعداد الناجحين- صاروا مؤهلين للانخراط بمؤسسات التعليم العالي، من جامعات أو كليات جامعية متوسطة (دبلوم).


عمان- من أصل 4761 طالب وطالبة سوريين تقدموا لامتحان الثانوية العامة في الأردن (التوجيهي) هذا العام، بحسب تصريحات الأمين عام وزارة التربية والتعليم، سامي السلايطة، نقلتها وسائل إعلام محلية، يتوقع أن مئات من بينهم -إذ لم يتسن لـ”سوريا على الطول” الحصول على أعداد الناجحين- صاروا مؤهلين للانخراط بمؤسسات التعليم العالي، من جامعات أو كليات جامعية متوسطة (دبلوم).

وعلى الرغم من معاملة الطلبة السوريين المتواجدين على الأراضي الأردنية معاملة الطلبة الأردنيين في “التوجيهي”، والذي يعد اجتيازه شرطاً أساسياً للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي، يقتصر خيار الطلبة السوريين الراغبين في الالتحاق بالجامعات الأردنية على ما يعرف بـ”البرنامج الدولي” في الجامعات الحكومية، أو الجامعات الخاصة.

وفيما تشكل رسوم الجامعات الحكومية بحدها الأدنى، ضمن ما يُعرف بـ”البرنامج العادي”، هاجساً لأغلبية الطلبة الأردنيين، يعد “البرنامج الدولي” المتاح للطلبة غير الأردنيين، بمن فيهم السوريين، الأعلى تكلفة ضمن برامج الجامعات الحكومية. كذلك، تزيد رسوم الجامعات الخاصة عن نظيرتها الحكومية بشكل كبير، في بعض الأحيان، تبعاً للتخصص وسمعة الجامعة ككل.

ارتفاع الرسوم، والمرتبط بشكل وثيق بمحدودية الخيارات، يفسران، إلى حد كبير، محدودية عدد الطلبة السوريين في الجامعات الأردنية عموماً، إذ يبلغ مجموعهم 5 آلاف طالبة وطالبة، بحسب ما ذكر الأمين العام المساعد لاتحاد الجامعات العربية، د. عبد الرحيم الحنيطي، في نيسان/أبريل الماضي.

مقاعد وتخصصات محدودة

وفقاً لدراسة لمركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، نهاية العام الماضي، فإن 22% فقط من الطلبة السوريين في الجامعات الأردنية حاصلون على منح لتغطية نفقات دراستهم، سواء كانت مقدمة من منظمات أوروبية (12%) أو جهات أخرى خاصة (10%). في المقابل، يتحمل 74% من الطلبة أو عائلاتهم نفقات دراستهم.

وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والتي تعمل مع العديد من المنظمات والجامعات الموجودة في الأردن وخارجه، وتقدم منحاً أكاديمية للاجئين السوريين”، فإن “أعداد هذه [المنظمات والجامعات] تتغير من سنة لأخرى، تبعاً لعدد المقاعد الجامعية والتمويل المتاحين”.

وتعد منحة “دافي” الممولة من الحكومة الألمانية ومؤسستي “سعيد” و”الأصفري” في لندن، وتديرها “المفوضية” بالتعاون مع مؤسسات أخرى، الأبرز بين المنح المقدمة للاجئين السوريين، إذ تغطي الرسوم الدراسية كافة، إضافة إلى تقديم مبلغ مالي للطالب/الطالبة يغطي المصاريف الشخصية، ومن ضمنها الكتب والتنقل. 

لكن عدد الطلبة المستفيدين من المنحة منذ تأسيسها في الأردن العام 2007، بلغ  حدود “800 طالب” فقط، بحسب المتحدثة باسم”المفوضية” ليلي كارليل، في تصريح لـ”سوريا على طول”.

محدودية المنح قد تكون سبباً في حرمان الطالبة هزار راكان من الالتحاق بالجامعة لدراسة تخصص اللغات، على الرغم من اجتيازها “التوجيهي” هذا العام بمعدل 91.6% في الفرع الأدبي. 

ذلك أن “فكرة الدراسة في الجامعات الأردنية على حسابي الشخصي مستبعدة تماماً”، كما قالت لـ”سوريا على طول”، كون “تكلفتها عالية جداً”. وهو ما يجعلها مضطرة في حال لم تنل منحة “دافي”، المقدمة من الاتحاد الأوروبي، إلى “الانتظار حتى السنة المقبلة لأعيد التقدم [للمنحة]”.

أما العائق الثاني، فيتمثل في محدودية التخصصات المتاحة بموجب المنح المتوافرة، بما لا يلبي طموحات بعض الطلبة وميولهم الأكاديمية، كما هي حال الطالب أحمد عساكرة الذي يرغب في دراسة الهندسة الإلكترونية، لكن “منحة دافي الشاملة لا تغطي تخصصات الهندسة ولا حتى الطب”. لذلك، قرر الانتظار، كما ذكر لـ”سوريا على طول”، على أمل “الحصول على منحة تغطي التخصص الذي أرغب فيه، وإلا فإني لن ألتحق بتخصص آخر”. 

لكن عدا عن شدة التنافس على مقاعد محدودة، لا تشمل التخصصات المرغوبة كافة، تواجه الطلبة السوريين عوائق أخرى، ترتبط أساساً بإدراك الفرص والقدرة على الاستفادة منها.

فالطالبة هزار، كانت “مشتتة وتائهة” مع ظهور نتائج “التوجيهي”. إذ، كما روت “لم يكن لدي أي فكرة عن المنح السنوية المقدمة للاجئين إلى أن أخبرتني جارتنا عن منحة دافي”. 

إلا أن هذا لم يكن كافياً، بل توجب عليها “البحث عن شخص يجيد اللغة الإنجليزية كي أتقدم للمنحة عبر التطبيق [الخاص بذلك]، لأن معظم المعلومات يجب تعبئتها باللغة الإنجليزية وأنا لا أجيدها تماماً”، كما قالت.

علاوة على ذلك، قد تواجه الطلبة مشكلات تقنية أثناء تقديم الطلب الالكتروني للمنحة، كما ذكر الطالب بشير الكردي. 

ففي محاولته الأولى للتقدم لمنحة “دافي”، كما ذكر لـ”سوريا على طول”، لم يتمكن “من فتح التطبيق بسبب ضغط طلبات التقديم. وفي [المحاولة] الثانية أدخلت جزءاً من بياناتي [لكن] توقف التطبيق عن العمل بعدها”. مشيراً إلى أنه ما يزال يحاول “علها تنجح إحدى المحاولات”.

مبادرات تطوعية سورية

بمجرد ظهور نتائج “التوجيهي”، بادرت الناشطة السورية إسراء صدّر إلى الإعلان على صفحتها الشخصية على “فيسبوك”، عن استعدادها لمساعدة الطلبة السوريين في تقديم الطلب الخاص بمنحة “دافي”.

دافع صدّر إلى هذه المبادرة، كما قالت لـ”سوريا على طول”، هو “رغبة مني في إفادة مجتمعي من خلال [مشاركة] تجربتي مع “دافي”، كي يستفيدوا [بدورهم] من المنحة، خاصة وأنه وصلتني عشرات الرسائل من طلبة سوريين تحمل أسئلة عن كيفية التقدم للمنحة وكيفية تعبئة الطلب”. 

في هذا السياق، قالت الناشطة السورية إلى كونه “من السهل جداً أن تعلن عن منحة وتجذب الطلبة للتقديم، لكن يجب أن يكون التركيز الأكبر والأهم على طريقة التقديم، ومدى إلمام الطالب بمتطلبات المنحة”، معتبرة أن “فترة التقديم قصيرة، ما يمثل تحدياً كبيراً، [لاسيما] مع تعطل تطبيق التقديم للمنحة في أغلب الأحيان بسبب الضغط”.

كما شددت على ضرورة “أن تكون هناك تسهيلات من الجهة المانحة وإرشادات توعوية للطلبة بعد صدور نتائج [التوجيهي]. فهناك استفسارات هائلة من الطلبة بسبب اختلاف أوضاعهم ووثائقهم. كما يجب على الجهة المانحة تدريب موظفيها بشكل جيد في كل مراكز المحافظات كي يستطيعوا مساعدة أكبر عدد ممكن من الطلبة في التقدم للمنحة عبر حواسيب تحمل تطبيق المنحة، وإرشادهم إلى كيفية كتابة “رسالة الدافع”. وبذلك يحصل الجميع على فرصة إكمال تعليمه ويستطيع تطوير مهاراته”. 

أما في حال تعذر ذلك، فقد اقترحت الناشطة “عقد جلسات استشارية على مواقع التواصل الاجتماعي تكون متاحة لجميع الطلبة، تتم فيها الإجابة عن استفساراتهم”.

من ناحية أخرى، تلفت صدّر إلى أنه عدا عن كون العديد من الطلبة السوريين “لا يجيدون اللغة الإنجليزية [تمكنهم من] تعبئة طلبات التقدم للمنحة”، فقد طلب بعضهم “نصيحتي [بشأن] التخصصات الأفضل لهم، وكيفية كتابة “رسالة الدافع” بشكل مثالي”.

في هذا السياق يبادر تجمع الطلبة السوريين في الأردن، والذي تأسس في آذار/مارس 2012، إلى “إرشاد الطلبة السوريين إلى الأوراق المطلوبة وكيفية التسجيل في الجامعات، كما أفضل التخصصات المتاحة”.

إذ يشارك التجمع”، كما ذكر مديره المسؤول سامر عدنان، لـ”سوريا على طول”، في كرنفال سنوي إرشادي بعنوان “عينك على المستقبل”، ستقام هذا العام بعد عيد الأضحى، يحضرها طلبة سوريون ممن أنهوا الثانوية العامة، لإرشادهم والإجابة على استفساراتهم”.

إضافة إلى ذلك، ينشط “التجمع”، بحسب عدنان، في توفير منح للاجئين السوريين من خلال “إبرام عقود واتفاقات مع الجهات المانحة، تسمح لنا بالإعلان عن المنح ومتابعة الطلبة أثناء التسجيل وبعد نيل المنحة [أيضاً] إن كانت هناك أي إشكاليات”. كما يعمل على مساعدة المانحين في “الوصول إلى الطلبة كوننا نملك قاعدة بيانات كبيرة”.

ولا تقتصر المنح المقدمة عبر “التجمع” على الدرجات الجامعية، بل تشمل أيضاً درجة الدبلوم (المتوسط)، ودورات تدريبية.

ولفت عدنان إلى أنه بالإضافة إلى منحة “دافي”، هناك منحة “إيديو سيريا“، ومنح مقدمة من منظمتي اليونسكو واليونيسف، تضم أكثر من تخصص. كما قدمت جامعة لومينوس 40 مقعداً لدراسة الدبلوم.

بالنهاية، مع قلة الفرص وتعدد العقبات التي تعترض الطلبة السوريين الراغبين في استكمال دراستهم ما بعد الجامعية، يظل الأهم، كما تنبه الناشطة إسراء صدّر هو التوعية، إذ إن “فئة الشباب بحاجة لمن يوجهها كي تختار مستقبلها”.

شارك هذا المقال