6 دقائق قراءة

بعد انشقاقه عن المعارضة، مفاوض للنظام يقول إن الفصائل الإسلامية أفسدت الثورة وخربت البلد

قال عمر رحمون، في تغريدة ، نشرها مؤخرا، عبر حسابه […]


12 أبريل 2017

قال عمر رحمون، في تغريدة ، نشرها مؤخرا، عبر حسابه على تويتر “إن التفاوض خدمة للأهالي المحاصرين وليس للنظام”. وفي كانون الأول الماضي، وقع رحمون اتفاقية بالنيابة عن النظام السوري، نصت على تسوية أوضاع الثوار في شرق حلب، ومغادرة عشرات الآلاف من المدنيين للنصف المحاصر من ثاني أكبر المدن السورية.

رحمون، البالغ من العمر 34 عاما، يعمل الآن مفاوضا للنظام، بالتنسيق مع مكتب الأمن الوطني وشعبة المخابرات. 

وعندما خرج السوريون في عام 2011، إلى الشوارع احتجاجا على حكومة بشار الأسد، كان رحمون من بين الذين خرجوا في مسقط رأسه، حلفايا، في ريف حماة الشمالي.

ومع أن رحمون كان معارضا لحمل السلاح، وفقا لما قاله لمراسل سوريا على طول محمد الحاج علي، إلا أنه كان يؤمن بأن أهداف الثورة “نظيفة”. حيث بدأ ابن حماة بالعمل مع الجيش السوري الحر، وتنظيم قيادته العسكرية.

في نيسان 2013، أسس فصيلا معارضا خاصا به في حماة، أحرار الصوفية، وكانت أهدافه المعلنة هي حماية المدنيين والعمل من أجل إسقاط النظام.

ويبدو أن الفصيل انحل في آب 2014 عندما فر مؤسسه من البلد. واعتقلت جبهة النصرة (جبهة فتح الشام حاليا) شقيقه، وهو قائد عسكري في الجيش السوري الحر. عندها قرر رحمون الفرار إلى تركيا، خوفا من أن يتم اعتقاله أيضا.

وقال رحمون “هذه الفصائل الإسلامية أفسدت الثورة وخربت البلد”.

في عام 2013، أسست حركة أحرار الصوفية، وهي جماعة معارضة قاتلت ضد الحكومة السورية في ريف حماة الشمالي. الآن، في عام 2017، أنت مفاوض مع الحكومة السورية  ما الذي تغير؟

التحقت بالثورة السورية بل كنت أحد مطلقي شرارتها في محافظة حماة في أيامها الأولى. وعملت لها بصدق وإخلاص يوم كان هدفها واضحا وشريفا. ولم أترك مجالا إلا واشتغلت فيه نصرة للثورة وإيمانا مني بمبادئها. شاركات فيها يوم كانت سلمية، بتنظيم المظاهرات ودعوة الناس إليها وحث الجماهير للحاق بها.

ويوم تحولت الثورة السورية إلى ثورة مسلحة، لم أكن راضيا عن حمل السلاح وكنت ضده لعلمي سلفا بأن حمل السلاح ستكون له نتائج كارثية على الثورة. إلا أنني اضطررت للعمل مع الفصائل لأنه لا بديل عندي وصار الأمر واقعا. عملت مع الجيش الحر وفصائله وكنت على صلة بمعظم قيادات الحر سواء كانوا مدنيين أو عسكريين. وكنت مع فكرة تنظيمه وشاركت مع الضباط والقادة المدنيين في تأسيس المجلس العسكري، ثم هيئة أركان الجيش الحر. إلى أن قضت عليها الفصائل الإسلامية المتطرفة.

كنت مع الثورة يوم كانت ثورة نظيفة ولا يوجد فيها أجانب أو متأسلمون يتبعون لأجهزة مخابرات قصدها تدمير البلد وجره لحرب طائفية. فبعد أن ابتلعت الفصائل المتأسلمة هيئة الأركان وقضت على فصائل الثورة ومزقت علمها في المظاهرات وحاصرت الثوار وشردتهم إلى تركيا وكل دول العالم، قررت العودة إلى صفوف النظام الذي ثرت عليه علي أصلح ما أفسدته في إدخال هذه الفصائل الإسلامية التي أفسدت الثورة وخربت البلد.

رحمون يعلن عن تشكيل حركة أحرار الصوفية. تصوير: خالد بن الوليد.

هل يمكنك أن تحدثني أكثر عن قرارك بترك “المعارضة”؟ ما هي مشكلتك معهم؟ أخبرنا عن ردود الفعل التي واجهتها من أعضاء “المعارضة” السورية بعد أن بدأت العمل كمفاوض؟

هناك عدة أسباب دفعتني لترك المعارضة. أسباب مباشرة وأسباب غير مباشرة

الأسباب غير المباشرة هي عندما قامت جبهة النصرة بالهجوم على فصيلي لواء أبو العلمين (جماعة ثورية تابعة للجيش السوري الحر، شمال سوريا)، فاعتقلت عناصره وصادرت سلاحه عام 2014، واعتقلت قائد اللواء أخي وشقيقي سامي رحمون.

(بعد اعتقاله من قبل جبهة النصرة، سامي رحمون انضم إلى الجماعة كقائد عسكري. وهو يقاتل الآن مع جبهة النصرة تحت قيادة هيئة تحرير الشام).

(ذكرت وسائل إعلام محلية معارضة أن جبهة النصرة، “جبهة فتح الشام الآن”، هاجمت مقر لواء أبو العلمين بالقرب من بلدة حلفايا في ريف حماه الشمالي، في آب 2014).

تمكنت من الفرار الى تركيا. فقامت جبهة النصرة بتعميم اسمي ومنعي من دخول المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. فمكثت في تركيا سنة كاملة. إلا أن بعض رفاقي الذين طردتهم النصرة ذهبوا باتجاه عفرين وشكلوا جيش الثوار. زرتهم مرة واطلعت على المشروع الانفصالي عند حزب الاتحاد الديمقراطي.

قررت العودة إلى النظام السوري. لأنني ممنوع من دخول مناطق المعارضة بسبب جبهة النصرة ولعدم استطاعتي إكمال الطريق مع الأكراد بسبب مشروعهم الانفصالي. فقررت العودة إلى صفوف النظام لمحاربة التقسيم (للأرض والشعب السوري) والفصائل الإسلامية التي قاتلتني بلا سبب.

تنوعت مواقف المعارضة حيالي. فمنهم من اعتبرني خائنا لدماء الشهداء. وبعضهم حتى اللحظة يتواصلون معي لا يؤيدونني إلا أنهم يقدرون الظروف التي مررت بها. والبعض يتواصل معي ويؤيدني على ما قمت به ويتمنون لو يفعلون ما فعلت بسبب ما يتعرضون له من الفصائل المتأسلمة. كما أن البعض عاد إلى صفوف النظام عن طريقي.

لم تبدأ على الفور العمل كمفاوض. كنت قد عملت سابقا مع جيش الثوار، وهو جزء من قوات سوريا الديمقراطية. هل يمكن أن تتحدث عن تلك التجربة؟ لماذا اخترت العمل معهم؟

عملي مع جيش الثوار كان السبب المباشر لانشقاقي عن المعارضة. في الحقيقة لم أعمل مع جيش الثوار إلا فترة وجيزة. وجيش الثوار هو مجموعة من المقاتلين الأشداء من عناصر الجيش الحر الذين اعتدت عليهم جبهة النصرة وقاتلتهم. فلجأوا إلى مناطق الأكراد.

(جيش الثوار هو تحالف فصائل ثورية متعددة الأعراق، شمال سوريا، تم تأسيسه في أيار 2015. يعد جيش الثوار حليفا لوحدات الحماية الكردية، وقوات سوريا الديقراطية التي انضم إليها في تشرين الأول، 2015).

عندما قام ابو علي برد بتأسيس هذا الجيش عرض علي الانضمام فرفضت ذلك يومها وعللت ذلك بعدم معرفتي بأهداف هذا الجيش ومموليه. إلا أني بقيت على تواصل مع قيادته وعناصره. إلى أن قامت أحرار الشام بذبح عنصرين من عناصره وتعليق رأسيهما على اتستراد اعزاز.

(ذكرت سوريا على طول وجود اشتباكات بين أحرار الشام، جبهة النصرة وجيش الثوار في أعزاز ومناطق أخرى في حلب في تشرين الثاني 2015).

هذه الحادثة بالضبط جعلتني أتصل بقائد جيش الثوار وأعرض عليه خدماتي. فطلب مني أن أخدمهم إعلاميا. خدمتهم إعلاميا تحت اسم مستعار لعدم قناعتي بهذا المشروع. لكن محبتي لعناصر هذا الجيش وصداقتي القديمة لهم جعلتني أدافع عنهم حتى باستخدام اسم مستعار.

وفي أحد الأيام زرتهم في عفرين واطلعت على مشروعهم بشكل اوضح. وتيقنت بأن مشروع حزب الاتحاد الديموقراطي هو مشروع تقسيم فقررت العودة إلى الدولة السورية لمحاربة مشروع التقسيم من جانب ومحاربة الفصائل الإسلامية التي طردتني من بلدي.

(حزب الاتحاد الديمقراطي، هو الحزب السياسي الكردي الرئيسي في الفدرالية الكردية “روجافا”، شمال سوريا. في عام 2012، شكل حزب الاتحاد الديمقراطي وحدات الحماية الكردية، المكون الرئيسي لقوات سوريا الديمقراطية التي تسيطر على مساحات واسعة من الأراضي شمال سوريا).

حدثنا عن علاقتك بشقيقك، وهو حاليا قيادي في جبهة  فتح الشام؟ كيف أثر دورك في الحكومة السورية، التي صنفت أعضاء حركة تحرير الشام كإرهابيين، على هذه العلاقة؟

لا يوجد أي تواصل أو علاقة بيني وبين شقيقي سامي منذ معرفته بعودتي إلى النظام. وقرابتي به لا تؤثر على عملي مع النظام. فكلانا كان مع الجيش الحر ثم فرقتنا الظروف هو إلى القاعدة وأنا إلى النظام.

احتجت العديد من المدن والمناطق التي وقعت اتفاقيات مصالحة مع الحكومة السورية، قائلة إن شروط الاتفاقات (إطلاق سراح المعتقلين، توقف الاعتقالات، عودة خدمات الدولة) لم تنفذ. وادي بردى هو أحد الأمثلة الرئيسية التي تتبادر إلى الذهن. كيف ترد على هذه الاتهامات؟

أنا أتابع المصالحات التي أوقع عليها وأعمل على إنجازها. والاتفاقات التي لا تتم عن طريقي لا أتدخل فيها ولا أتابعها. أما اتفاق حلب فقد نفذت كل بنوده التي وقعنا عليها.

كتبت الشهر الماضي تغريدة تقول إن “التفاوض خدمة للأهالي المحاصرين وليس للنظام”. هل يمكن أن تحدثني أكثر عما تعنيه بهذا الكلام وما علاقته بدورك كمفاوض؟

النظام كان قويا بما يكفي ليجتاح أحياء حلب الشرقية عسكريا. وأنا ذهبت إلى حلب بناءا على طلب المعارضة وليس بناء على طلب النظام.

ترجمة: سما محمد.

شارك هذا المقال