3 دقائق قراءة

بعد توقف دام ثماني سنوات.. معرض الزهور الدولي يعود إلى العاصمة المنهكة

مهرجان “الشام بتجمعنا” في حديقة تشرين 29 حزيران. الصورة من […]


مهرجان “الشام بتجمعنا” في حديقة تشرين 29 حزيران. الصورة من صفحة مهرجان الشام بتجمعنا.

أثناء مروره بين الحشود عند مدخل حديقة تشرين في أواخر شهر حزيران، كان أبو محمد البالغ من العمر29 عاماً مندهشاً من مشهد الحديقة المليئة بأطفال يلعبون وأناس من جميع الأعمار مستمتعين في وقت متأخر من الليل.

 وقال أبو محمد “كانتالشوارع مليئة وماعاد أحد يخاف الخروج حتى في وقت متأخر” مضيفاً “رأيت في عيون الناس أنهم كسروا حاجز الخوف”.

 وعاد معرض دمشق الدولي للزهور، الذي انطلق في أواخر الشهر الماضي وسيستمر طوال شهر تموز، إلى العاصمة السورية للمرة الأولى منذ بداية الانتفاضة والنزاع الذي تلاه، مما يشير إلى انتقال العاصمة من الحرب إلى السلام. ومع انتشار سكان دمشق في المناطق العامة بطريقة لم نشهدها منذ عام 2011، يشير ذلك إلى أن سبع سنوات من الصراع كان لها بصمتها على المدينة وسكانها.

 ومنذ عام 1973، يقدم معرض الزهور الدولي السنوي، لسكان دمشق والزائرين، فرصة للاستمتاع بمشاهد الزهور والنباتات الغريبة من جميع أنحاء العالم، والمشاركة في محاضرات يلقيها علماء نبات مشهورين وشراء كل شيء يحتاجونه من النباتات إلى الزيوت العشبية والعسل والحرف اليدوية. واتخذ المعرض “الوردة الدمشقية” شعاراً له، وهي واحدة من أقدموأجود أنواع الورود في العالم واستخدمت منذ فترة طويلة كشعار للعاصمة السورية القديمة.

ولكن بعد تصاعد الاحتجاجات ضد الحكومة السورية وتحولها إلى صراع شامل، ألغي معرض الزهور وأصبحت الحياة الاجتماعية في دمشق مشلولة بشكل كبير، وذلك بسبب الخوف من القصف والقنابل وعمليات الخطف. وبعد انتشار الحواجز الأمنية في جميع أنحاء المدينة بدأ السكان يتنقلون بحذر أكثر ونادراً ما يخرجون بعد حلول الظلام.

 وقالت أم شام، البالغة من العمر 23 عاماً “في البداية كنا نخرج من البيت ولا نعرف إذا كنا سنعود أم لا بسبب القصف” وطلبت أم شام وسكان دمشق الآخرين، الذين تمت مقابلتهم في هذا التقرير، عدم نشر أسمائهم الحقيقة.

ولكن بعد عودة معرض الزهور لأول مرة هذا العام، تقول أم شام إنها تشعر “بنعمة الأمان” في العاصمة.

سكان دمشق في معرض الزهور في 29 حزيران. الصورة من صفحة سانا.

وفي شهر أيار، استعادت الحكومة آخر الجيوب التي كانت تقع تحت سيطرة المعارضة وتنظيم الدولة في جنوب دمشق والمناطق الريفية،وأزالتلاحقاً عشرات الحواجز الأمنية في جميع أنحاء العاصمة. ومنذ ذلك الحين، بدأ السكان يتجولون وينتقلون بثقة أكبر.

 ووصف سكان دمشق عودة معرض الزهور على أنه علامة أخرى على عودة الحياة الطبيعية إلى العاصمة.

 وأضاف أبو محمد “عودة الفرح على وجوه الناس كان شيء لايوصف، جعلني أشعر بالسعادة بعد غياب طويل”، مضيفاً أنه يشعر “بأن سوريا بدأت تتعافى بالفعل”.

 وقبل الحرب، كان يزور أكثر من 250 ألفشخصاً حديقة تشرين خلال المعرض الذي يستمر لمدة شهر والذي كان يضم أكثر من مئة جناح من جميع أنحاء العالم، إلا أن معرض الزهور هذا العام لم يضم أكثر من 44 جناحاً، واقتصر الحضور على دولتين فقط هما بلغاريا والعراق، وفقاً لما ذكره مركز العربللأخبار في لندن.

 ويشكو أبو محمد من أن “هذا المعرض يضم كل شيء ما عدا الزهور” مضيفاً “تشعر أنك في مول أو سوق”.

 ومعرض الزهور، لهذا العام، يندمج لأول مرة مع مهرجان أكبر وهو “مهرجان الشام بتجمعنا” الذي تنظمه وزارة السياحة ويتضمن فعاليات مثل الموسيقى والعروض المسرحية وسوق لبيع الملابس والإلكترونيات.

 وبما أن المهرجان أقيم في منطقة واحدة، لايتمكن جميع سكان دمشق من الحضور، فإن سكان المناطق التي كانت تقع تحت سيطرة المعارضة سابقاً في العاصمة لايزالون مترددين في مغادرة مناطقهم خوفاً من الاعتقال أو التجنيد المحتمل، وفقاً لما ذكرته سوريا على طول الأسبوع الماضي.

 كما أن سبع سنوات من الحرب تركت الاقتصاد السوري في حالة يرثي لها، واتسمت بارتفاع معدلات البطالة والإيجارات وارتفاع الأسعار. وبالنسبة إلى أم صافي عادت “غير سعيدة ولا تخطط للذهاب مرة أخرى” على حد قولها.

 وقالت أم صافي “أولادي كانوا سعيدين بالألعاب، ولكن أنا خسرت نقودي”.

وأضافت “المعرض تغير وظروفنا تغيرت أيضاً”.

 وعلى الرغم من أن عودة المعرض تعكس عودة الحياة الطبيعية تدريجياً بالنسبة للبعض، إلا أن العاصمة السورية تغيرت بشكل كبير بسبب سنوات من الصراع، خاصة بالنسبة لمن فقدوا أحبائهم وأقربائهم.

 وذكر أبو محمد “أشعر بالغصة في قلبي عندما أفكر في الناس الذين كنت أذهب معهم إلى المعرض” في إشارة إلى أخيه وجيرانه الذين فروا من البلاد أثناء الحرب “لكنهم ذهبوا الآن”.

 

ترجمة: بتول حجار

 

شارك هذا المقال