5 دقائق قراءة

بعد مرور ثلاث سنوات: أهالي خربة غزالة ما يزالون يبحثون عن مسكن في مناطق النزوح

في الثاني عشر من أيار 2013، غادر أهالي خربة غزالة، […]


29 أكتوبر 2016

في الثاني عشر من أيار 2013، غادر أهالي خربة غزالة، البالغ عددهم 40 ألف مواطن، مسقط رأسهم، دفعة واحدة.

ففي ذلك اليوم، تقدمت قوات الجيش العربي السوري من طريق دمشق درعا في الغرب وسيطرت على البلدة، فأعلنت كتائب الجيش السوري الحر تراجعها شرقا، وعندما رأى الأهالي ما ينتظرهم غادروا البلدة حاملين معهم ما أمكن حمله.

 وقال أحمد، 24 عاما، أحد النازحين من خربة غزالة، لمراسل سوريا على طول، محمد الحاج علي، “اعتقدنا أننا سنتمكن من العودة بعد بضعة أيام”.

وبالنسبة للأهالي وكتائب الجيش السوري الحر بدا الأمر مسألة وقت قبل وصول التعزيزات. لكن التعزيزات لم تصل، ولم يعد بإمكانهم العودة إلى البلدة.

وتقع بلدة خربة غزالة على الطريق الرئيسي الواصل بين درعا والأردن. وهي واحدة من ثلاث بلدات تشكل مثلثا عند مفترق طرق ذو أهمية كبيرة، يربط المنطقة الشرقية في درعا مع غربها. وشكل سقوط الخربة بيد النظام فوزا استراتيجيا له في ذلك الوقت.   

ومع تلاشي الأمل بعودة قريبة، سلك النازحون طريقهم نحو الأردن، ومناطق ريف درعا الخاضعة لسيطرة النظام، وبلدة الغرية في ريف درعا الشرقي الخاضع لسيطرة الثوار.

ويعيش اليوم ما يقارب 18 ألف نازح من خربة غزالة في الغرية، وفقا لما قاله عضو المجلس المحلي، معتصم جروان لموقع عنب بلدي، في أيار العام الجاري.

 

في الأعلى: خربة غزالة في شباط 2013. في الأسفل: البلدة عام 2014. تصوير: Google Earth

وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على خروجهم من خربة غزالة، لا يزال الأهالي يصارعون من أجل إيجاد مكان للإقامة في الغرية.

حيث يواجه النازحون مشكلات ارتفاع الإيجار وإخلاء المنازل بسبب خوف المالكين “من استملاك هذه المنازل من قبل النازحين لأن فتره مكوثهم فيها قد طالت كثيرا”.

ويلجأ البعض الآخر “للنوم في السيارات” حسب ما يقوله أحمد، مشيرا إلى أن المشكلة الأساسية “تكمن في إيجاد المسكن لأننا غادرنا البلدة دفعة واحدة”.

وبدأ أهالي خربة غزالة التفاوض مع النظام السوري من أجل العودة. إلا أن التوصل إلى اتفاقية يتطلب التحاق الشبان بالخدمة الإلزامية، وهي نقطة تقف عثرة في وجه المفاوضات.  

لماذا خرج الأهالي من البلدة؟ ما الأسباب التي أجبرتكم على النزوح دفعة وحدة من البلدة؟

النزوح كان خلال المعارك التي كانت تدور على الأتستراد الدولي دمشق درعا، والتي أطلق عليها اسم معركة جسر حوان، وخلال هذه المعركة كانت تدور اشتباكات في محيط البلدة، وكان هناك قصف مدفعي كثيف من قبل قوات النظام على البلدة.

وقام عدد من أهالي البلدة خلال هذه المعركة بالنزوح لكن ليس بشكل كبير، وبعد ذلك بدأ النظام بالتقدم في البلدة، وقام الجيش الحر في البلدة بتنبيه الأهالي كي يخرجو لأنهم سوف يتراجعون بسبب تقدم النظام. وبعد هذا الخروج بتاريخ 12 أيار 2013 سيطر جيش النظام على كامل القرية وأخرج جميع سكانها بكل معنى الكلمة من بلدتهم.

ماذا عن منزلك، هل تم تدميره من قبل النظام السوري؟ هل هناك أي مصدر يستطيع الأهالي من خلاله معرفة مصير منازلهم أو ممتلكاتهم؟

منزلي، أستطيع رؤيته فقط عن طريق خرائط غوغل التي يتم تحديثها كل عام مرة واحدة فقط، لا أستطيع أن أعرف الكثير عنه فقط إن كان إلى الآن موجود أو تم تدميره، الآن كل فتره نرى دخان كثيف متصاعد من القرية أو نسمع أصوات انفجار عالية من هناك، ويكون هذا صوت تفجير أحد منازل البلدة.

خلال المعارك التي كانت تدور، دمرت بعض المنازل التي توجد في محيط البلدة، وبعد دخول البلدة تم تفجير عدد من المنازل، وتم التركيز على المنازل التي أصحابها من الجيش الحر أو منشقين عن النظام السوري.

لا يوجد أي مصدر كي نعرف أي خبر عن البلدة، كما ذكرت لك في السابق المصدر الوحيد هو خرائط غوغل، ومنذ ما يقارب شهر انتشرت صور من طائرة بدون طيار للبلدة.

أنت وغيرك من أهالي خربة غزالة تعيشون في الغرية، في ريف درعا الشرقي، على بعد 8 كم فقط عن بلدتكم، هل لك أن تصف لنا الحياة هناك؟

هناك الكثير من المشاكل التي تواجه أهالي البلدة في بلدات النزوح، وأهمها المنازل، فقد نزح أهالي خربة غزالة دفعة واحدة، لا يوجد الكثير من المنازل الفارغة التي يستطيع الأهالي السكن فيها. بعضهم ذهب إلى أقاربه أو أصدقائه، لكن الأهالي اعتقدوا أنهم سوف ينزحون لبضعة أيام وسوف يعودون. لكن النزوح استمر طويلا، وبدأ الناس البحث عن المنازل، بعض العائلات التي تملك منازل إضافية قامت بإعطائها لبعض النازحين، فيما قام البعض الآخر باستئجار منازل والتي يدفع أصحابها أجرها بشكل مستمر والآن تصل أجرة المنزل لما بين 10 – 15 ألف سوري.  

فيما بعد، بدأ اصحاب المنازل بإخراج النازحين من المنازل وقد لجأ البعض إلى النوم في سيارتهم وخيم مؤقته حتى يجدوا منزلا يسكنون فيه. وأصبح موضوع إيجاد منزل فارغ للسكن فيه أمر مستحيل.

قام بعض أصحاب المنازل بطرد النازحين من منازلهم لسببين: الأول هو خوفهم من استملاك هذه المنازل من قبل النازحين لأن فتره مكوثهم فيها قد طالت كثيرا، والثاني بحجة أنهم يردون المنازل كي يسكنوا هم فيها.

كيف كان خروج أهالي البلدة منها، هل كانوا يعتقدون أنهم سوف يعودون قريبا؟

الخروج كان عبارة عن دفعات كبيرة خرجت من القرية خلال يوم واحد فقط. المدنيون خرجوا فقط في الملابس التي يلبسونها. كل شيء في المنازل ترك كما هو. لم يخرج المدنيون حتى احتياجاتهم الأساسية.

 بعضهم ترك كل أمواله داخل المنزل، وأيضا بعض النساء تركن مجوهراتهن في المنازل والتي تصل قيمة بعضها إلى ما يقارب 3 أو 4 مليون ليرة سورية.

وكان يعتمد بعض الأهالي على الزراعة في القرية، فقد تركوا كل الآليات التي يستخدمونها في الزراعة داخل البلدة من جرارات ومضخات مياه وأدوات الحراثة.

كما وجد بعض النازحين أثاث منازلهم يباع في مناطق سيطرة النظام في محافظة درعا من قبل جنود النظام السوي.

 يمكننا القول أن أهالي خربة غزالة قد بدأوا بتأسيس حياتهم من الصفر.

ماذا عن العودة، هل فكر أهالي البلدة بالعودة، هل كان هناك أي مفاوضات مع النظام السوري للعودة؟

قام الأهالي خلال فتره نزوحهم بتشكيل العديد من اللجان للذهاب للنظام السوري والتفاوض معه من أجل العودة إلى منازلهم. وقابلوا رئيس فرع الأمن العسكري في المحافظة وفيق الناصر ووزير الدفاع فهد الفريج واللواء رستم غزالي.

 لكن هناك شروط كثيرة من قبلهم لعودة المدنيين منها أن ينظم أبناء القرية اللجان الشعبية التي تقاتل مع النظام السوري، وضع حواجز داخل البلدة. وإلى الآن لم يتم التوصل لاتفاق يرضي الطرفين.

ترجمة: سما محمد

شارك هذا المقال