5 دقائق قراءة

بكفالات عشائرية نازحون في “مخيم الهول” يعودون إلى مناطقهم

عمان- غدت الكفالة العشائرية طوق نجاة لمئات النساء والأطفال المتواجدين في مخيم الهول في محافظة الحسكة شمال شرق سوريا، والذي يضم آلاف السوريين، كما آخرين من بلدان أخرى، كانوا مقيمين في مناطق سيطرة "تنظيم الدولة" (داعش) إلى حين الإعلان عن هزيمته نهائياً قبل أشهر على يد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.


7 أغسطس 2019

عمان- غدت الكفالة العشائرية طوق نجاة لمئات النساء والأطفال المتواجدين في مخيم الهول في محافظة الحسكة شمال شرق سوريا، والذي يضم آلاف السوريين، كما آخرين من بلدان أخرى، كانوا مقيمين في مناطق سيطرة “تنظيم الدولة” (داعش) إلى حين الإعلان عن هزيمته نهائياً قبل أشهر على يد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.

وفي تموز/ يوليو الماضي، وبموجب ما سمي “اتفاق عين عيسى”، خرج إلى مناطق مختلفة من شرق سوريا ما يزيد عن 1122 طفلاً وامرأة، من المخيم الذي تحول إلى منطقة مغلقة تخضع لما يسمى “الإدارة الذاتية” التابعة لـ”قسد”، خشية أن يكون بين قاطني المخيم أعضاء خلايا “نائمة” لتنظيم “داعش”.

إذ تشترط “قسد” للخروج من المخيم إلى مناطق سيطرتها الأخرى في شرق الفرات، وجود كفيل للراغبين في الإقامة في تلك المناطق. وهو شرط لا يقتصر على الخارجين من “الهول”، إذ في وقت سابق من العام الحالي، أمهلت الإدارة الذاتية النازحين إلى مدينة الرقة لإيجاد كفيل من أهالي المدينة وإلا فإنه سيتم نقلهم إلى مدينة عين عيسى.

وقد جاء العمل بالكفالة العشائرية في أعقاب ملتقى العشائر العربية في عين عيسى، الذي نُظم في أيار/مايو الماضي، بحضور رسمي وعسكري كردي وبمشاركة ممثلين عن عشائر عربية. إذ يحصل قاطنو المخيم على هذه الكفالة عبر شيوخ ووجهاء عشائر منطقتهم..

وبحسب شيخموس الأحمد، مسؤول مكتب شؤون النازحين التابع للإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، تم خروج الأطفال والنساء في تموز/ يوليو الماضي على دفعات. إذ “خرجت الدفعة الأولى بتاريخ 3 تموز نحو مدينة الطبقة السورية وكان عددها 800 طفل وامرأة. وخرجت الثانية نحو ريف دير الزور الشرقي في 11 تموز ويقدر عددها بـ51 عائلة مؤلفة من 196 طفلاً وامرأة. فيما خرجت الدفعة الثالثة في 23 تموز نحو مدينة منبج، ويقدر عددها بـ126 طفلاً وامرأة”.

وأشار في حديثه إلى “سوريا على طول” إن “فكرة إخراج النساء والأطفال السوريات [من المخيم] هي فكرة قديمة، لكنها تجددت في 3 أيار خلال الاجتماع الذي ضم ملتقى العشائر السورية ووجهاء المناطق الشرقية، بناءً على طلب شيوخ ووجهاء العشائر لجان العلاقات المحلية من مناطق شرق سوريا، لإخراج النساء والأطفال إلى المناطق المحررة شمال شرقي سوريا”.

وأوضح أن “هناك استراتيجية لملتقى العشائر ووجهاء المنطقة الشرقية بالتعاون مع الجهات المدنية لمساعدة هؤلاء السيدات في إعادة دمجهم في المجتمع”. كما “هناك دفعات جديدة سيتم إخراجها من المخيم خلال فترة عيد الأضحى ممن حظوا بالكفالة العشائرية”. 

وبحسب مسؤول الإدارة الذاتية، يتم تقديم طلبات الكفالة العشائرية “عبر شيوخ ووجهاء العشائر الذين لدى كل منهم معرفة بالمنتمين لعشيرته. ليتم تالياً تقديم قوائم بتلك الأسماء” إلى الإدارة الذاتية.

أما في حالة بعض النازحين الذين لا يتبعون لعشائر، فيقومون بتقديم طلبات الخروج “عبر لجان متابعة محلية، تقوم بتهيئة قوائم بالأسماء بعد الحصول على أوراق تثبت هوية مقدمي الطلبات، وتحول إلى الإدارة الذاتية من أجل تصديقها ثم يتم تحويلها إلى إدارة مخيم الهول. ويتم العمل على التحقق أمنياً من كون الشخص ليس متورطاً في عمليات إجرامية، قبل إعادته إلى المناطق المحررة.

أما في حالة الكفيل، كما قال أحد شيوخ العشائر لـ”سوريا على طول” طالباً عدم الإفصاح عن اسمه، فتشترط “قسد” استخراجه “شهادة حسن سيرة وسلوك من المجلس المحلي في المنطقة”، وأن يكون مولوداً في أحدى المحافظات الشرقية الثلاث (دير الزور، الحسكة، الرقة)، ومالكاً لعقار، وأن يقدم فاتورة مياه أو هاتف تعود لما قبل عام 2011.

عمل متواصل لإخراج السوريين

يضم مخيم الهول، بحسب تقرير صادر عن منظمة “أطباء بلا حدود”، في أيار/ مايو الماضي، نحو 73 ألف نازح، يعانون جميعهم من الحاجة الشديدة، وندرة في الرعاية الصحية تعرض حياتهم للخطر، خصوصاً وأن 94 في المائة منهم من النساء والأطفال. 

وبحسب الأحمد، فإنه مع “تجاوز عدد السوريين المتواجدين في مخيم الهول حاجز الـ30 ألفاً، سنقوم بإخراج أكبر عدد ممكن من المدنيين نحو المناطق التي تم تحريرها [من داعش]”.

وأكد شيوخ عشائر لـ”سوريا على طول” أنهم يعملون على إخراج آخرين خلال فترة عيد الأضحى المبارك الذي يبدأ يوم الأحد المقبل.

وكما ذكر الشيخ جميل محمود الهفل العكيدي، أحد مشايخ قبيلة العكيدات وعضو “ملتقى العشائر”، فقد “أخرجنا 1800 شخص من المناطق السورية كافة. ومن دير الزور وحدها أخرجنا نحو 600 شخص أغلبهم من النساء والأطفال”.

وكشف عن أن “هناك 600 عائلة سيتم إخراجها خلال فترة العيد أو عقبها”، مشدداً عن أنهم لن يتخلوا “عن أهلنا القاطنين في المخيم، وسنعمل على إخراج جميع السوريين المتواجدين في المخيم”. مستدركاً أن “ذلك يحتاج إلى وقت”.

أما “بالنسبة لغير السوريين في المخيم، وتحديداً العراقيين”، فهؤلاء “مسؤولية التحالف [الدولي]، وهو يعمل على إيجاد حل لها”، كما قال.

وبين العكيدي أنه تم “تشكيل لجنتين. الأولى، مسؤوليتها متابعة الشباب الموقوفين بسبب مشاركتهم مع تنظيم داعش. فبعضهم أجبر على المشاركة، لذلك نعمل على إخلاء سبيل من لم تتلطخ يداه بالدماء. أما اللجنة الثانية فمهمتها متابعة أهلنا النازحين في المخيمات من أجل العمل على إخراجهم”.

وأضاف: “قامت اللجنة الأولى بإخراج ما يزيد عن 200 شاب لم تتلطخ أيديهم بالدماء، [بعضهم] كانوا مشاركين مع التنظيم، فيما آخرون لم يشاركوا لكن كانوا ضمن منطقة [سيطرته]”. مشيراً إلى أنه لن يتم “تقديم تفاصيل أو الإفصاح عن أسماء خوفاً من تعرضهم للخطر أو الابتزاز”، بدعوى التبيعة لـ”داعش”.

النساء ضحايا استثنائيون

منى، وهي سيدة تنحدر من منطقة الشامية في ريف دير الزور الشرقي، خرجت مع طفلتها من “الهول” ضمن الدفعة الثانية، بعد قضائهما نحو 5 أشهر في المخيم.

وقد جاء خروجهما، كما روت لـ”سوريا على طول”، “بعد انتظار دام نحو 4 أشهر. فقد قدم والدي على الكفالة لأحد مشايخ العشائر في منطقة الشامية”.

وقد شددت على أنها اضطرت بعد سيطرة قوات النظام على منطقة غرب الفرات، إلى الهرب مع زوجها “نحو منطقة الشعفة ومنها إلى الباغوز حيث كان “داعش” يجبر الشباب على الالتحاق به آنذاك”. و”بعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على منطقة الباغوز تم اقتيادنا إلى مخيم الهول، حيث أمضيت نحو 5 أشهر إلى أن خرجت بواسطة الكفالة العشائرية”.

في المخيم، كما روت، “عشت أياماً صعبة في مخيم الهول بسبب ظروف المخيم وقلة التواصل مع عائلتي. وكان زوجي قد توفي حديثاً في معارك الباغوز، ومع طفلتي وحيدة كان الوضع صعباً وتعيساً”.

في هذا السياق، يلفت الناشط وسام العربي إلى أن “بعض النساء كن منتميات فعلاً لتنظيم “داعش”، لكن هناك من أجبرن على الزواج من مقاتلي التنظيم خلال فترة احتلاله لمناطق شرق سوريا، كما إن هناك بعض المقاتلين الذين أجبروا على الانضمام للتنظيم، والزوجة بطبيعة الحال مجبرة على اللحاق بزوجها كون لديها أطفالاً ولا تستطيع معارضة زوجها”.

إضافة إلى ذلك، تخشى النساء اللاتي خرجن من مخيم الهول خطر التمييز أو العنف، وحتى المضايقات. وهو ما أشارت إليه منى أيضاً بأن “نظرة المجتمع صعبة جداً وقد عانيت منها”. مستدركة بالتعبير عن أملها في “تجاوز [هذه النظرة] بسبب وجودي بين أهلي وأقاربي”.

ويفسر الناشط الحقوقي بسام الأحمد مخاوف منى، إذ “توجد صورة نمطية سيئة بحق هؤلاء”، وهو ما يستدعي “عدم الكشف عن تفاصيلهم الشخصية، منعاً لأي عمليات انتقام أو تعرض للعنف بحقهم”، بحسب قوله.

وحذر الأحمد في حديثه إلى “سوريا على طول” من “الإساءة للمدنيين الذين كانوا في مناطق التنظيم”، ومحملاً المجتمع المدني في المنطقة “ضرورة إعادة إدماجهم في المجتمع”.

 

تم إنجاز هذا التقرير ضمن مشروع مؤسسة سوريا على طول “ربط المجتمعات من خلال التشارك المهني” والذي ينفذ بالشراكة مع برنامج “دايركت إيد” التابع للسفارة الأسترالية في عمان.

شارك هذا المقال