9 دقائق قراءة

تخريج الدفعة العاشرة من متدربي سوريا على طول: أردت أن أنقل الحقيقة

خرّجت سوريا على طول الدفعة العاشرة من الصحفيين السوريين في […]


17 أبريل 2018

خرّجت سوريا على طول الدفعة العاشرة من الصحفيين السوريين في عمان، يوم الأحد، وذلك بعد اختتام دورة دامت ثلاثة أشهر حول أساسيات الكتابة الصحفية (الخبر الصحفي وإعداد التقارير).

وهذه الدورة المكثفة في “سوريا على طول” هي أول تجربة تتيح لـ12 متدرباً الاطلاع على طريقة عمل المنظمة الإعلامية. بينما جاء بعضهم بخبرات سابقة في مجالات متنوعة – كصحفيين أو ناشطين أو طلاب تجارة.

وخرج جميع متدربي الدورة، الذين ينتمون لمختلف المحافظات والخلفيات، بفهم مشترك للمهارات اللازمة لإعداد تقارير مهنية ودقيقة وموضوعية حول الأحداث الجارية في سوريا.

وخريجو يوم الأحد هم من بين أكثر من ١٥٠ سورياً شاركوا في الدورات الصحافية التي أجرتها سوريا على طول، في عمان وعن طريق الإنترنت، لأولئك الموجودين داخل سوريا، منذ عام ٢٠١٤، وبرنامجنا التدريبي الحالي ممول بمنحة من إدارة الولايات المتحدة الأمريكية.

ومع إتمامهم للبرنامج، تحدث ثلاثة متدربين عن الدورة التدريبية، وما الذي ألهمهم للالتحاق بالدورة وكيف يخططون لاستخدام المهارات التي اكتسبوها في المستقبل.

المتدربة آلاء صفوان تتسلم شهادتها، يوم الأحد. تصوير: محمد الحاج علي / سوريا على طول.

ليلى الأحمد، ٢٣ عاماً

تقول ليلى، وهي من مواليد دمشق حاصلة على بكالوريوس في الصحافة الإعلام، التي جاءت إلى الأردن في أواخر عام ٢٠١٢، أن هناك حربين في بلدها.

الأولى هي حرب القنابل وإطلاق النار والحصار والتشريد، والثانية بحسب ليلى هي” حرب إعلامية حرب الأخبار المتناقضة والملفقة والكاذبة”.

ولمنع الأخبار المتنافسة والمتحيزة في وسائل الإعلام، تقول ليلى “نحتاج أشخاصاً يتحدثون بموضوعية وحيادية، أشخاصاً ينقلون حقيقة ما يجري على الأرض”.

وخلال فترة تدريبها مع سوريا على طول، تناولت ليلى قصصاً تتعلق بالوضع الطبي في الغوطة الشرقية، وإدمان المخدرات في حمص وقصف المعارضة لدمشق، وفي مقابلة أجريت الشهر الماضي، تحدثت إلى أحد مدرسي دير الزور الذي يعمل على إزالة “الأفكار المتطرفة” من عقول الأطفال الذين عاشوا لسنوات تحت حكم تنظيم الدولة.

بالنسبة لها، تعتبر الصحافة أداة ليس فقط لنقل أحداث الحرب، ولكن أيضاً “لمساعدة سوريا على النهوض من جديد”.

وتقول ليلى “بقدر ما يكون الإعلام مهماً في أوقات الحرب، يكون أكثر أهمية في أوقات السلم”.

هل هناك شيء معين دفعك للعمل بالمجال الصحافي، خصوصا التغطية الإعلامية في سوريا؟

بدأت بمتابعة الأخبار منذ أن كنت في الرابعة عشرة، أحسست بأني أريد العمل في مجال الصحافة، أن أكون صحافية، أتكلم وأنقل الأخبار لكل العالم، أن أنقل مشاكل الناس وقضاياهم أن أوصل صوت الناس، هذا ما أردت فعله.

وما دفعني أكثر للالتحاق بالصحافة ومواصلة طريقي بهذا المجال هو ما حدث ببلدنا، بلدنا تعيش حربين، الأولى هي حرب القنابل وإطلاق النار والحصار والتشريد. والثانية هي حرب إعلامية حرب الأخبار المتناقضة والملفقة والكاذبة. أحسست أننا بحاجة إعلام ذو مصداقية، نحتاج أشخاصا يتحدثون بموضوعية وحيادية، أشخاصا ينقلون حقيقة ما يجري على الأرض.

الكثير عانوا بسبب الحرب، الكثير من القصص الإنسانية تحتاج أشخاصاً لإيصالها للعالم وتسليط الضوء عليها، وأن يصل صوت هؤلاء الناس لكل العالم، ليعرف العالم مأساتهم… الناس البسيطة هي من تأذت بالحرب.

هل كان هناك مادة صحفية معينة قمتي بإعدادها أثناء تدريبك في سوريا على طول تشعرين أنك تعلمت الكثير منها؟

هناك أحد المواد عن إدمان مسكنات الألم، وهي قضية مهمة وصعبة، لا أحد يتحدث عن هؤلاء الناس، لذا أردت التحدث عنهم.

كما أجريت مقابلة مع مدرس في مدرسة في دير الزور، حيث أعيد فتح المدارس بعد أربع سنوات [من سيطرة تنظيم الدولة]. تحدثت في هذه المقابلة عن معاناة هؤلاء الناس والأطفال، ووصلت إلى الإعلام الغربي. حتى أن إحدى المحطات الإذاعية السويدية أجرت مقابلة معي حول هذه المادة. شعرت بسعادة غامرة لأنني تمكنت من القيام بشيء يمكن أن يساعد الناس ويسلط الضوء على مشاكلهم.

هل غيرت هذه الدورة في سوريا على طول من طريقة تفكيرك في الصحافة والموضوعية، خاصة فيما يتعلق بسوريا؟

قبل الحرب، كنت مثل أي شخص آخر.. لم نكن ندرك مدى تأثير الإعلام. لكن الحروب تندلع ويموت الناس بسبب كلمة واحدة أو خبر واحد ينتشر.

عندما بدأت الحرب، رأينا كمّاً هائلاً من التلفيق والأخبار الكاذبة، حينها بدأت أفهم معنى الحرب الإعلامية، وشعرت بمدى أهمية أن تكون هناك وسيلة إعلام محايدة وذات مصداقية تنقل الأحداث كما هي. فهمت مدى قدرة الإعلام على بناء الحضارات أو إنهاء الحروب وتغيير الآراء وتغيير الناس أنفسهم. كلمة واحدة نقولها قد تتسبب بالدمار وكلمة أخرى تبني.

لذلك نحن بحاجة ماسة إلى وسائل إعلام مستقلة ومحايدة. رأيت الحيادية في سوريا على طول. رأيت وسيلة إعلام مستقلة. عملت على ذلك، وعايشته بنفسي.

وبالطبع، إنه أمر صعب أن نكون بعيدين عن الأحداث الجارية، وأحيانًا هناك صعوبة في الوصول إلى المصادر. هناك موضوعات لم أستطع العمل عليها لأنني لم أستطع العثور على مصادر.

ما هي المرحلة القادمة بالنسبة لك؟

بالتأكيد أريد مواصلة العمل في الصحافة والقضية السورية، بقدر ما يكون الإعلام مهماً في أوقات الحرب، يكون أكثر أهمية في أوقات السلم. الصحفيون يريدون إلى أن يكون لهم دور في إعادة إعمار البلد، في مجال التثقيف ونشر التوعية.

بلدنا في حالة يرثى لها الآن. كلنا بحاجة للعمل من أجل مساعدة سوريا على النهوض مرة أخرى، وإن شاء الله، لجعلها أفضل مما كانت عليه. الصحافة لها دور كبير لأنها يمكن أن تكون حلقة وصل بين جميع المجالات الأخرى.

 

آلاء صفوان

إن متابعة الأحداث التي تجري في بلدها لم تكن أمراً سهلا أبداً، كما تقول آلاء، التي غادرت مدينة حمص إلى عمان في أواخر عام ٢٠١١، ومع توارد الأخبار من كل اتجاه “أصبحت الحقيقة مشوشة”.

لكن تغطية تلك الأحداث بشكل يومي في سوريا على طول ساعدت آلاء على فهم كل شيء، حتى من بعيد.

تقول آلاء “تعلمت كيفية التمييز بين الأخبار وكيف نعرف ما إذا كان الخبر صحيحاً أو خاطئاً”.

وكجزء من تقاريرها على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، سلطت آلاء الضوء على الاحتجاجات المدنية في شمال حمص التي تسيطر عليها المعارضة، حيث تظاهر السكان من أجل دعوة هيئة تحرير الشام للخروج.

وتتابع “بدأت أرى حقيقة ما يحدث بالفعل”.

ما الذي دفعك إلى الصحافة، وإلى سوريا على طول؟

لم أستطع العمل في المجال الذي درسته في الجامعة لأن بعض المجالات لا يسمع للسوريين العمل بها في الأردن دون تصريح عمل، وتصاريح العمل بنفس الوقت لا يتم منحها لأي شخص، لذلك بدأت البحث عن عمل آخر. في الصحافة، أنت حر في العمل أو التعلم.

أنا مهتمة بالقضية السورية، مثل أي شخص آخر، عشت في سوريا خلال الحرب لمدة سنة كاملة ثم غادرت البلاد، عندما تكون بعيدًا عن أرض الواقع، يحدث الكثير. تصبح الحقيقة مشوشة عندما تعيش خارج البلاد، لذا تلجأ للأخبار التي قد تساعدك في فهم ما يجري. كان التدريب مفيدًا جدا من هذه الناحية: أي أنني بدأت أرى ما يحدث حقا في سوريا.

عندما جئت إلى سوريا على طول، تعلمت كيفية التمييز بين الأخبار وكيف نعرف ما إذا كان الخبر صحيحاً أم خاطئاً… استفدت جداً.

هل غيرت تجربتك في سوريا على طول الطريقة التي تنظرين بها إلى الحرب؟

في البداية، كنت منحازة إلى جانب واحد: المعارضة، أما النظام سيء ويجب أن يرحل، لكنني أدركت أن هناك العديد من الأخطاء في الجانب الآخر، أدركت أن المعارضة فعلت أيضاً أشياء خاطئة. كان للاقتتال الداخلي [على سبيل المثال] تأثير سلبي حقاً، تماماً كتأثير ما يفعله النظام.

لقد تغير تفكيري بشكل كبير. الآن، عندما أسمع عن الثورة، أصبح لدي فهم أفضل لما يحدث، ويمكن أن أشارك بشكل كامل في النقاش.

ماذا عن رؤيتك للصحافة في سوريا؟

في سوريا، كان لدينا العديد من المشاكل مع الصحافة، عندما بدأت الحرب كان هناك تعتيماً إعلامياً من قبل النظام، ولم يكن هناك صحفيون من دول أخرى تسمع معظم الأخبار من الناس العاديين، ربما شخص ما يتجول يأخذ صورة أو ينقل الأخبار إليك.

القنوات التلفزيونية تشوه الحقائق. على سبيل المثال، يتم نقل خبر انفجار صغير على أسفر عن عشرات الجرحى والقتلى. أو يموت شخص أو اثنان، ويسمونها مجزرة ضخمة.

الصحافة تلعب دوراً كبيراً. إما أن تنقل الواقع كما يحدث بالفعل، أو أن تبالغ وتتسبب بالمشاكل. لذا يجب أن تكون الصحافة حيادية، بقدر ما يمكن لأي شخص – أي صحفي – أن يكون، لأن كل كلمة يمكن أن تؤثر على ملايين الأشخاص الذين يسمعونها.

 

اسماعيل الجاموس، ٣١ عاما

عندما خرجت المظاهرات في عام ٢٠١١ في مدينة داعل مسقط رأسه، في ريف درعا، بدأ بالتصوير.

“أردت أن أنقل الحقيقة”، كما يقول، أن ينقل الصور التي تم التعتيم الإعلامي عليها من قبل النظام.

بعد تصوير المظاهرات بهاتفه الخلوي، كان إسماعيل يقوم برحلة شاقة باتجاه الحدود الأردنية لالتقاط إشارة الإنترنت، وتحميل الصور عبر الإنترنت ومشاهدتها وهي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

وبالرغم من أن إسماعيل غادر منزله في سوريا عام ٢٠١٣، إلا أنه لا يزال مدفوعاً برغبته في إيصال حقيقة ما يجري في بلاده.

ونشر إسماعيل عدة تقارير ومقابلات مع سوريا على طول في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك قصة اعتقال قادة المعارضة في مسقط رأسه من قبل فصائل المعارضة المحلية رداً على حضورهم محادثات سوتشي للسلام في وقت سابق من هذا العام، وبالرغم من صلته الشخصية بالقصة، يقول إسماعيل إنه شعر بأنه قادر على نقل حقيقة ما حدث وهو يقيم في الأردن.

يقول اسماعيل “التزمت بالموضوعية والحيادية في هذا التقرير ولم أكن منحازاً إلى أي شخص”.

اسماعيل الجاموس، متدرب في سوريا على طول، في شباط. تصوير: آرون وينتراوب/ سوريا على طول.

هل يمكنك التحدث عن خبرتك بالعمل الإعلامي قبل سوريا على طول؟

كنت في سنتي الثالثة أدرس الأدب الإنجليزي في الجامعة عندما بدأت الأحداث [في عام ٢٠١١] وأصبح من الخطورة للغاية الخروج بسبب الحواجز.

عملت كناشط إعلامي في درعا، باستخدام كاميرا أساسية بهدف نقل أصوات ومعاناة الناس… أتذكر في البداية، كان لدي هاتفي وكان هناك مظاهرة كبيرة في داعل، صورتها وفكرت: “كيف يمكنني نشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وإيصال أصوات الناس عبر تلك المواقع؟”

شيئاً فشيئاً، طورت مهاراتي الأساسية واللازمة، كنا نقوم بتصوير الأحداث وتحميل المقاطع إلى Gmail، بما أن الإنترنت لم يتح لنا تحميلها عبر يوتيوب، كنا نقلل من جودة المقاطع، ثم نرسلها إلى وسائل الإعلام الدولية للنشر. هذه هي الطريقة التي بدأت بها العمل في مجال الإعلام وواصلت ذلك.

ما الذي دفعك للاستمرار بالعمل في الصحافة؟

أحب الحصول على الحقيقة، حاول النظام تشويه صور المتظاهرين واتهامهم بأشياء معينة، لكنني كنت على الأرض موجوداً هناك، ورأيت الحقيقة، هؤلاء الناس سوريون، ليسوا من خارج البلاد، ولديهم مطالب ومعاناة حقيقية، ولهم الحق في تقديم مطالبهم.

كنت أرغب في نقل الحقيقة. لم أبالغ في الصور. أرسلت الصور كما هي، كي لا يسمع الناس صوت جانب واحد فقط – النظام – وإنما أيضا صوت الناس في الشوارع.

هل تغير هدفك عندما غادرت سوريا إلى الأردن؟

بقيت أعمل في الأردن، كان الوضع أكثر أماناً. في سوريا كان إطلاق النار مستمر علينا، والقصف، أو حتى الاعتقال، كان النظام يركز حقاً على النشطاء الإعلاميين ويحاول الإمساك بهم، بينما في الأردن، كنت أشعر براحة أكبر.

في سوريا، أنت حاضر في المشهد نفسه، وترى بأم عينيك ما يحدث، ولكن هناك الكثير من المخاطر.

على سبيل المثال، في سوريا، لم يكن لدي شبكة إنترنت، لذلك كنت أضطر للذهاب إلى منطقة أخرى بالقرب من الحدود الأردنية من أجل الاتصال بشبكة أردنية وتحميل المقاطع، كان التحرك صعبًا، أما في الأردن، يوجد إنترنت ويمكنك التواصل بسهولة مع وسائل الإعلام [والمؤسسات الإعلامية].

ومع ذلك، في الأردن، أجد صعوبة في الحصول على جميع التفاصيل وتأكيد صحة المعلومات، والتأكد من أنها صحيحة ١٠٠%، لأن بعض النشطاء يحاولون نشر آراء غير صحيحة عبر الأخبار.

كيف أثر هذا التدريب على وجهة نظرك في الصحافة الحيادية، لا سيما فيما يتعلق بتغطية الأحداث في سوريا؟

اعتدنا على كتابة أو تسليم الأخبار دون تأكيد [المعلومات]، ولكن هنا نحتاج دائماً إلى التأكد من التفاصيل الأساسية. تعلمنا نقل الأحداث في سوريا بمصداقية.

هل كان هناك أي مادة شعرت بأنها تستحق بشكل خاص العمل عليها؟

هناك تقرير عملت عليه حول اعتقال أشخاص حضروا محادثات سوتشي من قبل فصائل المعارضة بعد عودتهم إلى سوريا. كانت هذه قضية محلية بالنسبة لي، لأن المعتقلين كانوا من نفس المدينة.

التزمت بالموضوعية والحيادية في هذا التقرير ولم أكن منحازاً إلى أي شخص.

حتى أكون صريحاً، في البداية، عندما جئت إلى سوريا على طول، سألوني عمّا إذا كان بإمكاني أن أكون مستقلاً وغير متحيز. توقفت لثانية وأخبرتهم أنني لو كنت في سوريا لكان عدم الانحياز أمراً صعباً، لأن الوضع يفرض تحيزاً لفصيل معين أو رأي سياسي لأنك على الأرض.

ولكن عندما عملت على هذا التقرير، شعرت بأنه يمكن أن أكون مستقلاً حقاً، ولا أنحاز إلى جانب واحد. لقد كانت خطوة مهمة بالنسبة لي، وقد حفزتني على الاستمرار.

تلك المادة كان لها صدى في داعل، شاركت التقرير، وكانت آراء الأشخاص إيجابية. تحدثنا عن تفاصيل مختلفة عن تلك الموجودة في أي موقع إخباري آخر.

 

ترجمة: سما محمد

شارك هذا المقال