5 دقائق قراءة

تفاوت أرقام قتلى الكيماوي في خان شيخون مع تأرجح الحالات بين كفتي الموت والحياة

أسفر هجوم للنظام بالغاز السام عن مقتل 100 شخص على […]


أسفر هجوم للنظام بالغاز السام عن مقتل 100 شخص على الأقل وإصابة المئات في محافظة إدلب، شمال غرب سورية، الثلاثاء، وفق ما ذكرت أربعة مصادر ميدانية لسوريا على طول.

وكانت طائرات حربية، يعتقد أنها تنتمي للنظام السوري، نفذت في الساعة السادسة والنصف من صباح يوم الثلاثاء “أربع غارات، بصواريخ فراغية محملة بغازات سامة” في بلدة خان شيخون، وفق ما قال أبو خالد، عضو الدفاع المدني، لسوريا على طول.

وذهب أبو خالد إلى المكان الذي شهد الغارات، والذي قال بأنه منطقة سكنية في البلدة الخاضعة لسيطرة الثوار، والتي تقع على بعد نحو 55 كم جنوب مدينة إدلب.

وكثيراً ما تُقصف البلدات في محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة الثوار وريف حماة المجاور من قبل النظام والطائرات الحربية الروسية. وفي الأسابيع الآخيرة، ازدادت وتيرة القصف خلال الهجوم العسكري الذي تقوده الفصائل الإسلامية المتشددة شمال مدينة حماة.

ولم يأت الإعلام الحكومي الرسمي مباشرة على ذكر الغارات الجوية في خان شيخون، الثلاثاء. فيما نفت وزارة الدفاع الروسية أن تكون أي من طائراتها قد نفذت هجوماً في البلدة.

وبدأ القصف على المدينة “بينما كنا نائمين”، وفق ما قال عبد الله نجم، 29 عاماً، مدني من خان شيخون، لسوريا على طول الثلاثاء. وأوضح “في البداية لم نكن على دراية بأن القصف محمل بالغازات السامة، ولكن عندما بدأت الأعراض بالظهور على المصابين ومع قدوم الدفاع المدني، ذكر لنا ما يحدث”.

وتظهر صور وفيديوهات من خان شيخون، صباح الثلاثاء، رجالا ونساء وأطفالا ملقون على الأرض، وعناصر الدفاع المدني الذين يرتدون الأقنعة الواقية وهم يرشونهم بالماء. وبعض الناس يلهثون ليستنشقوا ذرات الهواء، وبعضهم يبدوا وأنهم ماتوا. وظهرت في كثير من الصور جثث الأطفال الشاحبة شبه العارية وهي مكومة في خلفية شاحنة.

وفي الساعة الرابعة مساء يوم الثلاثاء، وثقت الهيئات الصحية في المحافظة الخاضعة لسيطرة الثوار” مقتل أكثر من 50 شخصاً وإصابة 300″، وفق ما قال منذر الخليل، رئيس مديرية صحة إدلب، في مؤتمر صحفي مصور.

وفي السياق، قال أبو خالد،عضو مركز الدفاع المدني في خان شيخون “أننا نعاني من ضغط كبير، بسبب العدد الكبير للحالات الذي وصل إلى 100 شهيد، و500 مصاب، مع تحول كثير من الحالات إلى شهداء”.

وقال الخليل، رئيس مديرية صحة إدلب، أن المادة المنبعثة خلال هجمة يوم الثلاثاء” يعتقد أنها غاز السارين”. 

وصول طفل مصاب إلى سراقب، الثلاثاء. حقوق نشر الصورة لـ الدفاع المدني في إدلب.

وكان النظام السوري استخدم غاز الكلور مراراً في المناطق المدنية في سورية خلال الحرب، وفقاُ لمراقبي حقوق الإنسان والأمم المتحدة. واستخدم الثوار غاز الكلور أيضاً، وفق ماتواردت الأنباء، بدرجات أقل. وكعامل خانق، فإن غاز الكلور في حال تم استنشاقه بكميات كبيرة يسبب تراكم السوائل في الرئتين وربما الموت.

وفي يوم الإثنين، تم رصد الغارات الجوية المحمّلة بغاز الكلور في بلدتين قرب خان شيخون وهما: اللطامنة والهبيط. وفي آخر الشهر الماضي، استهدف هجوماً  آخر بغاز الكلور وفق ما تواردت الأنباء مستشفى في اللطامنة، مما أسفر عن مقتل طبيب وإصابة أعضاء في الكادر الطبي.

والسارين عامل يؤثر على الأعصاب ومحظور دولياً، وتم استخدامه في الضربات الكيماوية في عام 2013على الغوطة الشرقية قرب دمشق، ولا لون له أو رائحة وهو أثقل من الهواء. وحين يتم استشاقه أو امتصاصه عبر الجلد، فإنه يقوم بمهاجمة الناقل العصبي الذي ينقل الرسالات العصبية من نهايات الأعصاب إلى العضلات والغدد، ويسبب أعراض مثل تضيق الحدقتين والاختلاج والشلل وتوقف التنفس، وكذلك الموت.

وعقب الهجمات الكيماوية في عام 2013، على الضواحي الخاضعة لسيطرة الثوار بالقرب من العاصمة السورية، وقع النظام السوري اتفاقية الأسلحة الكيماوية، ووافق على تدمير مخزونه من الأسلحة الكيماوية. وأرسلت آخر دفعة من هذه الأسلحة خارج البلد في حزيران عام 2014. وتم إكمال تدميرها رسمياً في كانون الأول عام 2016.

إلى ذلك، دعا وزير الخارجية الفرنسىي، جان مارك ايرولت إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، الثلاثاء، رداً على الهجوم المذكور.

وتظهر صور من خان شيخون والمرافق الطبية المجاورة ضحايا هجوم الثلاثاء تخرج من أفواههم رغوة بيضاء وصفراء، مع تضيق الحدقتين.

وأوضح أعضاء من الكادر الطبي في البلدة لسوريا على طول أن المصابين الذين وصلوا إليهم كانوا يعانون من تشنجات قصبية ونوبات توقف تنفسي وانخفاض ضغط الدم وتباطئ معدل نبضات القلب وتضيق في الحدقات.

وقال الدكتور عقبة الدغيم، طبيب من خان شيخون، لسوريا على طول، الثلاثاء “لا أعراض تشير إلى غاز الكلور ولكن لا يمكننا التأكد من أن القصف بغاز السارين لأن التاكيد يحتاج إلى مخابر وتقنيات حديثة”.

وكان العدد الأكبر من المصابين والقتلى في هجمات يوم الثلاثاء هم الأطفال، وعزا الدكتور محمد منصور، مدير مستشفى خان شيخون، ذلك إلى “مقاومتهم الضعيفة جداً وعدم تحملهم للغاز بسبب صغر سنهم”.

طفل يتلقى العناية الطبية بعد الهجوم الكيماوي في يوم الثلاثاء. حقوق نشر الصورة لـEMC

وقال منصور لسوريا على طول، أن عدداً من المصابين الذين كان يعتقد أنهم قتلوا في الهجوم عادت قلوبهم لتنبض بالحياة في المستفى. ولذلك أُخبِر الأهالي أن لا يدفنوا موتاهم مباشرة.

وطيلة نهار يوم الثلاثاء، كان عناصر الدفاع المدني يسارعون لنقل المصابين من خان شيخون إلى المستشفيات القريبة، وفي الحالات الأسوأ إلى الحدود التركية.

وفي الوقت ذاته، استهدف الطيران الحربي مقرات الدفاع المدني وعدة منشآت طبية في خان شيخون بالصواريخ التقليدية، مما أدى إلى خروجها عن الخدمة.

وقال أبو خالد، عضو في الدفاع المدني، لسوريا على طول، إن “الوضع سيء جداً”. وأضاف “إننا نعاني من ضغط كبير، بسبب العدد الكبير للحالات، ولا يمكننا إنقاذها جميعاً”.

وكانت المستشفيات والمرافق الطبية التي يمكن أن تتحمل عبء هؤلاء المصابين في هجمة يوم الثلاثاء خارجة عن الخدمة أو أنها تعمل بسعة محدودة بعد أن تعرضت للقصف في الأسابيع الأخيرة. فمستشفى معرة النعمان الوطني، والواقع على بعد 23 كم شمال خان شيخون، تم استهدافه بالغارات الروسية، الأحد، وفق ما ذكرت سوريا على طول آنذاك. وتم إغلاقه بعد تدمير تجهيزاته والإصابات في صفوف الناس.

بقايا صاروخ في خان شيخون، الثلاثاء. حقوق نشر الصورة لـ الدفاع المدني في إدلب.

وأوضح الخليل، رئيس مديرية صحة إدلب، أن “نقص المواد الضرورية لمعالجة هذه الإصابات” كان التحدي الأكبر في الاستجابة لهجوم الثلاثاء.  وذكر الإعلام التركي الحكومي أن تركيا أرسلت 30 سيارة إسعاف إلى محافظة إدلب بعد القصف الذي قالت أنه هجوم بغاز الكلور.

وبعد هجوم يوم الثلاثاء، ساد الخوف والذعر بين الأهالي في خان شيخون، مما دفع الكثيرين إلى النزوح إلى البلدات المجاورة وفق ما قال نجم، مدني من البلدة.

وختم “الناس بحالة فوضى وتخبط وعدم استقرار، بسبب عدم معرفتهم التعامل مع الغاز”. 

(النص معدل عن النسخة الإنجليزية لـغرض التحديث)

ترجمة: فاطمة عاشور

شارك هذا المقال