6 دقائق قراءة

جندي من الجيش السوري: أتمنى أن تنتهي الحرب والتسريح أكبر طموح لي الآن

ستة أعوام مضت، كان عمره إثنين وعشرين ربيعاً، يدرس الدراسات […]


8 مارس 2016

ستة أعوام مضت، كان عمره إثنين وعشرين ربيعاً، يدرس الدراسات القانونية في الجامعة، ودخل بعدها الخدمة الإلزامية، وهو يرسم في مخيلته أنه بعد سنة ونصف، سيعود ليعيش حياته الطبيعية.

علي، اليوم، وهو ليس اسمه الحقيقي، في الثامنة والعشرين من العمر، وما يزال في الخدمة، مجندا في الجيش العربي السوري، بعد أربع سنوات من انتهاء خدمته العسكرية الإلزامية.

وهو واحد من الكثير من الجنود وراء ستارة “مطالبة بتسريح دفعة 102من الجيش العربي السوري”، وذلك عنوان صفحة فيسبوك، تحكي عن الذين جندوا في عام 2010 وما يزالون إلى الآن.

“التسريح من حقنا”، بهذه الجملة يبدأ علي بسرد حكايته، شريطة السرية لمراسل سوريا على طول محمد الحاج علي. ويقول “نحن نريد فقط أن يصل صوتنا وصوت كل جندي، له أكثر من 5 أو 6 سنوات، نريد تسريح بشكل نظامي، حيث لا أحد يتهمنا بالخيانة”.  

وتضم صفحة المطالبة بتسريح الدفعة 102، المنشأة في عام 2014، والمجموعة المرافقة لها على الفيسبوك، أكثر من 13 ألف متابع. (أنظر تغطية سوريا على طول، للدفعة هناوهنا).

ولفت علي إلى أن “من يتواصل معنا هم زملائنا في الخدمة، يقدمون لنا شكاويهم ويشاطروننا همومهم، أو بعض الأبواق الذين يتهموننا بالخيانة”.

ولسان حال علي وغيره من المحتجزين والمنسيين في الخدمة العسكرية. ويقول علي “كان لدي طموح في أن أكمل دراستي في الجامعة في الدراسات القانونية، وأتزوج وأبني أسرة. لكن الآن طموحي أن تنتهي الحرب، وأكبر طموح الآن هو التسريح، لا أستطيع ان افكر بشيء اخر”.

ما هي أكثر الصعوبات التي تواجهكم خلال الخدمة في الجيش السوري بعد 4 سنوات من الحرب؟

يكفيني أن اقول لك بأن رواتبنا لا تكفينا إلا لمنتصف الشهر تقريبا، وهناك المتزوجون الذين يسكنون بالإيجار، وتعلم كم بلغ سعر الإيجارات، يعني الفقر المدقع هو اسوأ كابوس نواجهه. ولا أحد إلا ويدرك مساوئ ذلك.

إضافة الى تعطلنا عن دراستنا، وتعذر مواصلتها، فهناك بعض منا التحق في صفوف الجيش قبل ان ينهي دراسته، على أمل ان يتم الخدمة ودراسته سويا، ولكن اندلاع الحرب حال دون ذلك.

ويضاف إلى ذلك مرارة الغياب الطويل عن عائلاتنا، وعدم قدرتنا على التواصل معها في بعض الاحيان.

ما هي  الدوافع التي دفعتكم لتأسيس هذه الصفحة والمجموعة؟

أولا: عدم التسريح، إلا عن طريق الرشاوى والمحسوبية.

ثانيا: الشباب الذين يؤجلون اعدادهم كبيرة، وكذلك الذين أعطوا إذن سفر وهم بسن التكليف. لماذا؟ أليس هذا وطنهم أيضا ام أن الوطن لنا نحن فقط.

هل تعلم ان بعض الرواتب في الجيش، وانا من بينهم، كمثال لا تتجاوز 25 الف ليرة، وفي المقابل رواتب الدفاع الوطني، وغيرهم من الجيش الرديف، رواتبهم 50  ألفا وما فوق، ويحق لهم إجازات في كل شهر أو اقل، ويخدمون بالقرب من بيوتهم، ونحن كل 6 اشهر 5 ايام.

تأسست هذه الصفحة لعدد من الاسباب، ولكن ليس لعدم حبنا للوطن وعدم الدفاع  عنه، ولكن أليس كافيا 6 سنوات خدمة.

ما هي الاصلاحات التي تطلبونها من النظام، ومن المسؤولين عن وضعكم خلال الخدمة في الجيش السوري؟

في البداية وقبل كل شيء، ومن باب توزيع الواجب الوطني بالتساوي، من حق كل من طالت مدة خدمته سواء من الاحتفاظ والاحتياط، أن يكون هناك مدة محددة ومعروفة للخدمة، الدورة 102 دخلت عامها السادس، وتعلم أنت أن هناك عائلات فيها خمس شباب لا يوجد أحد منهم في الجيش. أعتقد أنه لا داع للنقاش حول هذا الموضوع، التسريح من حقنا احتفاظ واحتياط مدني.

المطلب الثاني: سن تشريعات واتخاذ اساليب قسرية تؤدي دور القضاء العسكري وتمنح للجندي القليل من الحصانة لحمايته من بعض الانتهاكات في حقوقه. القوانين العسكرية تدين أي اساءة بحق العسكري.

المطلب الثالث: الأهم؛ الأهم الناحية المعيشية، سيدي الكريم، لو قمت بمقارنة بيننا وبين أي موظف في القطاع العام من حيث عدد ساعات العمل وطبيعة العمل، لتبين معك الفارق، لماذا لم يتم منح الاحتفاظ والاحتياط درجات مالية أسوة بغيرهم في القطاع العام والتي تبلغ في القطاع العام 9% . لماذا لا يمنح جنود الجيش رواتب تتناسب بالحد الادنى مع الظروف المعيشية الراهنة.

برأيكم من هي الجهات التي  تحاول عرقلة تحرككم هذا؟  وكيف أن مطالبكم لا تصل للجهات المعنية أو بالأ حرى للرئيس؟ وبرأيك، لماذا لم يتم تنفيذ أي مطلب من  مطالبكم ؟ مع العلم ان صفحتكم على الفيسبوك ذات شعبية كبيرة؟

أعتذر عن الاجابة على هذا السؤال.

لكن اكتفي بالقول، بأن تجاهل مطالبنا تلك أدى نوعا ما الى تهميش الجيش السوري والواقع خير دليل، هذا الامر يؤثر على الوطن بكامله وليس فقط على الجنود، خدمة العلم والجيش السوري هو الضامن الوحيد لضمان أمن هذا الوطن واستقلاله وسيادته. نحن لا ننتقد أي منظمة رديفة للجيش السوري، ولكن حرمان الجيش السوري من امتيازات المنظمات الرديفة ادى الى حال ليست بخافية عن احد.

هل تم تنفيذ أي مطلب من مطالبكم؟ أو هل تم التواصل معكم للتنسيق حول حل البعض من هذه المشاكل؟

لنكن صريحين، ولو أن الامر لا يستحق الذكر ولكننا سنتحدث به، مؤخرا تم زيادة العجالة اليومية بنسبة لا تكاد تذكر وهي 25%. وقبلها تم منح مكافأة شهرية بقيمة 10 آلاف ليرة، ولكن ليست بالحد المرجو من تحسين وضعنا، فراتب الجندي لا يتجاوز 30 ألف ليرة .

أما بخصوص استفسارك إذا تم التواصل معنا، فلم يتواصل معنا أحد أبدا، من يتواصل معنا هم زملاؤنا في الخدمة يقدمون لنا شكاويهم ويشاطروننا همومهم، أو بعض الأبواق الذين يتهموننا بالخيانة، أما حضرتكم فانتم أول وسيلة اعلامية تتواصل معنا.

هل تخاف انت، او الاخرين الذين يديرون الصفحة، من التداعيات او المشاكل في المستقبل؟ وإذا  كان هناك في مخاوف فلماذا تستمرون؟

راجع منشورات الصفحة، فقد تم تخويننا لأننا طالبنا بالتسريح، طبعا هناك بعض القلق، ونحاول الاستمرار بأقصى درجات (عدم) التعرض للخطر.

ما هي أهم الشكاوي التي وصلتكم من زملائكم الذين يخدمون في الجيش السوري؟

أصعبها هي الحالات الإنسانية، لجرحى الحرب والمفقودين. وصلتنا حالات لبعض الجرحى عن سوء الرعاية والاهتمام، وأنهم هم من دفعوا مصاريف للعلاج على نفقاتهم الشخصية، وعدم قدرة معظمهم على تحمل تكاليف ونفقة العلاج.

هل هناك جنود على الجبهات يديرون هذه الصفحة أو يتواصلون معها؟

نعم، مدراء الصفحة على الجبهات، ويوجد اشخاص أيضا ممن هم ليسوا على الجبهات، وطبعا مثقفون وهم يديرونها في حال لم يكن المدراء لديهم الوقت، او حين يكونون على الجبهات. ولا استطيع ان اعطي اي معلومات اضافية عن مدراء الصفحة.

نحن نريد فقط أن يصل صوتنا وصوت كل جندي، له اكثر من 5 سنوات، أو 6 سنوات، نريد تسريحا بشكل نظامي، حيث لا أحد يتهمنا بالخيانة.

ما هوا رأيكم بالمرسوم الذي أصدره الرئيس بشار الاسد حول العفو عن المتخلفين عن خدمة العلم إذا سلموا أنفسهم خلال 30 يوما بالنسبة للفرار الداخلي و60 يوما للفرار الخارجي؟

تعلمون تماماً بأن حالة النقص في الجيش السوري وعدم الالتحاق بصفوفه له اسبابه ومن أهمها انخفاض حاد في مستوى المعيشة، وظروف الخدمة وبخاصة المنامة والطعام واللباس وأيام الدوام والإجازة، ناهيك عن إلغاء التسريح وتأبيد الخدمة، وغيرها من الآثار الناتجة عن سلبيات الخدمة.

فالخدمة العسكرية كانت في زمن السلم والرخاء مقدور عليها من الناحية المادية والمعنوية فكيف في وقت الحرب، ولم يعد خافيا على أي شخص من الشعب السوري ذلك.

هذا المرسوم نراه مكرمة من السيد الرئيس ورأفة منه على من ضاقت عليه الدنيا من أبناء الشعب السوري المتواجدين في صفوف الجيش، ولكننا نرجو من سيادة الرئيس أن يترافق ذلك ايضا بعدة إصلاحات ضرورية تطال مسألة الخدمة الإلزامية وإنصاف من لبى نداء الوطن في ظل هذه الحرب، وتلك الإصلاحات لا مجال للنقاش حولها بأنها تطال المصلحة العامة قبل أن تكون من باب المصلحة الشخصية.

هل لديك كلمة توجهها للرئيس بشار الاسد؟

لقائد الوطن وسيده نتوجه اليه اولا باسمى أيات العزاء بوفاة والدته السيدة الفاضلة. ونقول له بأننا سوريون وننتمي الى سوريا، ولكن لنا بعض المطالب والحقوق التي لا مجال للنقاش حولها، نرجو منه ان يتكرم بالاستماع الينا، ونحن معه على العهد باقون وإن كان حال الوطن لا يسمح بتلبية معظم حقوقنا.

 

أنت شخصيا، بماذا تفكر في نهاية هذه الحرب؟ ماذا تريد أن تفعل بعدها؟ هل  لديك اي طموحات او أحلام معينة؟

للأسف، كان لدي طموح في أن اكمل دراستي في الجامعة في الدراسات القانونية، وأتزوج وأبني أسرة. لكن الان طموحي أن تنتهي الحرب، واكبر طموح الان هو التسريح، لا استطيع ان افكر بشيء اخر، لانه حين أتسرح، كل شيء يصبح واضحا، ابحث عن عمل، وأتزوج من حبيبتي التي تنتظرنني.

شارك هذا المقال