5 دقائق قراءة

جولة جديدة من الاقتتال بين فصائل الغوطة الشرقية.. والأهالي يعتبرونها “طعنة سكين بخاصرة الثورة”

بالرغم من الاحتجاجات المتكررة من قبل سكان المنطقة ضد الاقتتال […]


بالرغم من الاحتجاجات المتكررة من قبل سكان المنطقة ضد الاقتتال الداخلي، استمرت يوم الاثنين ولليوم الرابع على التوالي، اشتباكات بين فصائل المعارضة المتنافسة في الغوطة الشرقية المحاصرة في دمشق، بحسب ما ذكرته مصادر على الأرض لسوريا على طول.

وقال عنصر في الدفاع المدني في الغوطة الشرقية لسوريا على طول، الاثنين، طالبا عدم الكشف عن هويته إن “حصيلة الاقتتال كانت 120 شهيداً بينهم أكثر من 30 مدنيا، والباقي هم مقاتلون من الطرفين المتنازعين”.

إلى ذلك، شن مقاتلو جيش الإسلام، وهو فصيل ثوري يسيطر إلى حد كبير عسكريا وسياسيا على الغوطة الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة، هجوما بريا على بلدة زملكا المجاورة بعد سيطرتهم على أراض زراعية وطرق ومقرات عسكرية تابعة لفيلق الرحمن المنافس له، وفقا لما قاله ناشطون محليون لسوريا على طول، الاثنين.

وتأتي هجمات يوم الاثنين وسط موجة من الاقتتال الداخلي الدامي بين الثوار، والذي اندلع يوم الجمعة الماضي، بين جيش الإسلام من جهة وفيلق الرحمن وهيئة تحرير الشام، وهي تحالف إسلامي معارض يضم جبهة فتح الشام، من جهة أخرى.

في السياق، أوردت وكالة الأنباء التابعة لهيئة تحرير الشام “إباء” عبر برنامج التلغرام، في ذلك اليوم، أن الاشتباكات بدأت عندما “هاجم عناصر جيش الإسلام مقرات ومناطق تابعة لهيئة تحرير الشام وفيلق الرحمن”.

بدوره، زعم جيش الإسلام في بيان تم تداوله على الإنترنت، الجمعة، أن الهجوم جاء ردا على “البغي بشكل متكرر” من قبل هيئة تحرير الشام.

أهالي الغوطة الشرقية يحتجون ضد الاقتتال بين الفصائل. تصوير: مركز الغوطة الإعلامي.

وجاء في البيان أن “فصيل هيئة تحرير الشام أبى إلا الاستمرار في بغيه علينا بشكل متكرر وتصعيد دائم من قطعه للطريق واعتدائه على المؤازرات المتوجهة للجبهات، وعرقلة واضحة للمجاهدين وإهانتهم على حواجزهم أثناء توجههم لأداء مهامهم في صد هجمات عصابات الأسد”.

من جهتها، اتهمت الهيئة جيش الإسلام، في وقت لاحق من يوم الجمعة، بإعدام عدد من أفرادها بعد اعتقالهم في منطقة الأشعري، في الغوطة الشرقية، بحسب ما أوردته وكالة “إباء”.

ويأتي اندلاع الاقتتال بين الفصائل، يوم الجمعة، بعد عام واحد تقريبا من آخر مواجهات بين الثوار في ضواحي الغوطة الشرقية، حيث أسفر الاقتتال الذي استمر على مدى أسبوعين في نيسان وأيار 2016، عن إضعاف جبهات الثوار وخسارتهم لمساحات واسعة من المناطق الزراعية لصالح النظام وفقا لما ذكرته سوريا على طول في ذلك الوقت.

“طعنة سكين بخاصرة الثورة”

احتج ما يقارب 3 آلاف شخص على الاقتتال بين فصائل المعارضة، في بلدة عربين، المجاورة للحدود الغربية للغوطة الشرقية، يوم الأحد. وانطلق المحتجون من بلدتي زملكا وحمورية المجاورتين.

إلى ذلك، قال أبو معاذ، 38 عاما، من بلدة حمورية، والذي شارك في الاحتجاجات، لسوريا على طول، يوم الاثنين “لماذا لا يفكرون بالنتائج قبل الاقتتال؟”.

وأضاف “إذا استمر هذا الاقتتال فستكون الغوطة لقمة سائغة وسهلة للنظام، وسيكون مصيرنا إما الموت أو التهجير”.

وفي السياق، أفاد الناشط الإعلامي أسامة المصري، لسوريا على طول، بأن مقاتلين من جيش الإسلام أطلقوا الرصاص الحي على المتظاهرين بينما كانوا يسيرون في أحد شوارع عربين الرئيسية يوم الأحد “مما أودى بحياة طفل وإصابة 14 آخرين”.

من جهته، نشر جيش الإسلام، في اليوم ذاته، بيان اعتذار، عبر تويتر، مدعيا أن المقاتل الذي أطلق النار لم يتصرف بناء على “أوامر صدرت من قيادة الجيش”.

وقال البيان “تمت إحالة من اقترف هذا الفعل الشنيع للقضاء لينال جزاءه العادل، كما نتعهد بمتابعة حال من أصيبوا، وتقديم كافة الخدمات الطبية اللازمة لهم”.

ونشرت عدة وسائل إعلام محلية مؤيدة للمعارضة تسجيلات فيديو تظهر صفا من مقاتلي جيش الإسلام يقفون بوجه المتظاهرين.

وفي تسجيل الفيديو، يُسمع صوت إطلاق النار بينما يسرع المتظاهرون للاختباء في الأزقة المتفرعة من الشارع الرئيسي، ويحمل بعضهم الجرحى. وبدأ المحتجون بترديد كلمة “شبيحة”، وهو مصطلح يستخدم لوصف القوات الموالية للأسد، في إشارة إلى مقاتلي المعارضة. وكان ذلك مشهد يذكر بانطلاق الاحتجاجات ضد حكومة الأسد في عام 2011.

وقال أبو معاذ “ألا يكفينا قصف النظام لنا والحصار الذي بدأت آثاره بالظهور علينا حتى نتقاتل فيما بيننا!”.

وأبو معاذ هو أحد أهالي الغوطة الشرقية الثلاثة الذين قالوا لسوريا على طول، يوم الاثنين، أن الجولة الأخيرة من الاقتتال بين الفصائل، حيث يعاني المدنيون من حصار مطبق من قبل قوات النظام، جعلتهم يشعرون بالغدر.

“جيش الإسلام يطلق النار على المتظاهرين” عبارة مكتوبة على لافتة حملها المتظاهرون. تصوير: مركز الغوطة الإعلامي.

وكانت قوات النظام حاصرت في شباط الماضي، أحياء القابون، تشرين وبرزة، شرق دمشق، والتي تشكل منطقة خاضعة لسيطرة المعارضة شمال الغوطة الشرقية، ومدخلا للسلع التي يتم تهريبها إلى مناطق سيطرة الثوار عبر شبكة الأنفاق.

وفي 21 آذار، أغلقت قوات النظام معبر الوافدين، وهو معبر يتيح إدخال المواد الغذائية والإمدادات إلى الغوطة الشرقية المحاصرة، وفقا لما ذكرته سوريا على طول، مما أدى إلى إطباق الحصار على نحو اثنتي عشرة بلدة وقرية شرقي العاصمة.

وقال الدكتور أحمد البقاعي، مدير مركز طبي في كفر بطنا، لسوريا على طول، يوم الاثنين، أن هناك خسارة في مخزون الإمدادات الطبية بشكل سريع، وذلك بسبب علاج السكان الذين أصيبوا جراء الاقتتال بين الفصائل.

وقال الطبيب “استقبلنا أكثر من 20 مصاباً في قسم الاستشفاء منذ يوم الجمعة، معظمهم من المدنيين”، مضيفا “إن الاقتتال يعتبر طعنة سكين بخاصرة الثورة”.

وبينما كانت الفصائل منهمكة بالاقتتال فيما بينها، يوم الاثنين، واصلت قوات النظام قصفها للمدن التي يسيطر عليها الثوار فى المنطقة المحاصرة.

وأفادت تقارير الدفاع المدني السوري، يوم الثلاثاء، أن غارات النظام وروسيا على بلدتي سقبا وحمورية المجاورتين أسفرت عن مقتل سبعة مدنيين. ولم يتسن لسوريا على طول التأكد من مصدر الغارة بشكل مستقل.

كما أفادت وسائل إعلام محلية موالية للمعارضة بوقوع غارات جوية على بلدتي كفر بطنا وعربين في اليوم ذاته.

ومع استمرار الفصائل المتنافسة بالاقتتال، يوم الاثنين، واصلت قوات النظام هجومها شمال ضواحي الغوطة الشرقية، في حي القابون، شرق دمشق.

يذكر أن صحيفة الوطن قالت يوم الاثنين “إن الجيش السوري حقق تقدما كبيرا في القابون”، موضحة أن قوات النظام “تفصلها مسافة 500 متر عن القابون المعزول تماما عن حي تشرين المجاور له”.

ترجمة: سما محمد.

شارك هذا المقال