4 دقائق قراءة

حلا: طفلة عالقة قرب الحدود الأردنية بمرض نادر في عينيها وفي طريقها لفقدان البصر

حلا ذات العشر سنوات، تفقد بصرها تدريجياً بينما هي عالقة […]


8 مارس 2017

حلا ذات العشر سنوات، تفقد بصرها تدريجياً بينما هي عالقة وعائلتها كما عشرات آلاف السوريين المهجرين في امتداد الأرض اليباب، المنطقة العازلة بين سورية والأردن.

حلا لديها قصر نظر في إحدى العينين، وبُعد نظر في الأخرى، ولديها ثقب بقعي في كلتيهما. وهذا التشوه في مركز شبكية العين يتطلب مراقبة وفحوصات دقيقة منتظمة، وتخطيط لشبكة العينين ووصف نظارات جديدة في كل أسبوعين، وفق ما قالت فائزة حسن الصالح، والدة حلا لـ نورا حوراني، مراسلة في سورية على طول.  

ومكثت عائلة حلا في الركبان بعد هربها من تدمر في عام 2015 حين سيطر تنظيم الدولة في بادئ الأمر على المدينة الأثرية. ومنذ وصولها إلى المنطقة العازلة، لم تتلق حلا أي علاج طبي غير المسكنات والفيتامينات.

حلا في وقت سابق من هذا الأسبوع. حقوق نشر الصورة لـ محمد الحمصي، صديق للعائلة.

وتخدًم عيادة طبية واحدة ما يقارب 75000 نازح سوري داخل الركبان وحدلات في المنطقة منزوعة السلاح الحدودية بين سورية والأردن. وبالكاد يتلق السوريين القاطنين في هذين المخيمين الماء والغذاء والعناية الطبية بين الفينة والأخرى.

“يحزُّ في قلبي جداً عندما أرى طفلتي بهذه الحالة السيئة” وفق ما قالت والدتها، “وأنا أرجو من السلطات والجهات المختصة أن تتعاطف مع ابنتي وتنقذ مستقبلها من ظلامٍ قد ينهي كلّ أحلامها”.

كيف هي حلا الآن؟ وماذا قال الأطباء في المخيم؟

بعد أن نزحنا لمخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية، أهملنا صحة عينيها بالكامل وكانت حالتها تزداد سوءاً يوماً بعد يوم.

لم يكن بيدنا حيلة فالوضع الطبي بالمخيم سيء للغاية لا يوجد معدات ولا أطباء ووضع والدها المادي سيء فهو بالكاد يستطيع توفير الغذاء المناسب لحلا، والظروف المحيطة المناسبة لصحة عينيها.

هنا بدأت حلا تعاني من اضطرابات شديدة في عينيها وبات نظرها يتراجع يوماً بعد آخر حتى أنها الآن تكاد تفقد النظر تماماً، بالإضافة إلى وجع في الرأس.

متى اكتشفت أن حلا لديها مشاكل في الرؤية؟ وماذا قال الطبيب المشرف على حالة عينيها؟

بالبداية لاحظت أنا ومعلمتها في الصف الأول مشاكلها البصرية وضعف نظرها، فذهبت لطبيبة العيون في مدينة تدمر وأخبرتهم الطبيبة بأن حلا تعاني من طول نظر في إحدى عينيها وقصر نظر في الأخرى.

قامت الطبيبة بوصف نظارات طبية لها لمدة 15 يوماً وتمت مراجعتها بعد انقضاء المدة ولم يتوقف وجع رأسها خلال هذه الفترة فقامت الطبيبة بعدها بتغيير عدسات النظارات ولم يحصل فرق، ولاحظت الطبيبة بعد إجراء اختبارات أكثر تراجع مستوى البصر لدى حلا، وقالت بأنّ النقطة العمياء في عينيها في توسع مستمر وتمّ تحويلها بعدها لدمشق وأجريت لها فحوصات دقيقة.

ذهبنا إلى مركز العين التخصصي في دمشق وطلبوا منا إجراء تخطيط لشبكية عينيها فوراً في مستشفى العين والأذن التخصصي لدى الطبيبة مها الشيباني.

وبعدها تواصلت هذه الطبيبة مع طبيب مختص بريطاني واكتشفوا بأن حالتها تحصل ولكنها نادرة جداً، وأنها إذا لم تخضع لمراقبة دورية كل أربعة أشهر وتخطيط للشبكية وتغيير عدسات نظاراتها كلّ 15 يوماً بشكل متواصل فإن مصيرها سيكون فقدان البصر، وحذرنا الأطباء من إهمالها وإهمال العناية بعينيها.

استمرت بعدها بهذا العلاج لمدة سنة ولاحظت الطبيبة بعد كل هذا الجهد وهذه الرعاية وبعد تزويدها بالفيتامينات والاهتمام بتغذيتها بأن نظرها والحمد لله في تحسُّن، وكنت سعيدة جداً باستقرار حالتها وتحسنها.

للأسف لم أعرف ما يخبئه المستقبل لنا، وحصل ما حصل في تدمر من مشاكل واضطررنا للنزوح كبقية العائلات إلى مخيم الركبان هرباً من الموت، لكن لم أتخيل أن نعيش هناك من قلة الموت.

زرنا النقطة الطبية في المخيم عدة مرات واطلع الطبيب العام (طالب طب في السنة الثالثة من المرحلة الجامعية) على حالتها وشاهد تقاريرها الطبية القديمة وقال إنها تعاني من التهابات في الشبكية، ولعدم توفر الأجهزة والأطباء المختصين تمّ وصف بعض الأدوية المسكنة والفيتامينات لها فقط.

هل ناشدتم السلطات الأردنية أو المنظمات الإنسانية من أجل ايجاد حل للموضوع؟ للحصول على إذن لدخول حلا الأردن؟

طبعاً نحن ناشدنا الحكومة لإدخال هذه الطفلة إلى الأردن من أجل المعالجة، لكن لا موافقة حتى الآن، وأنا أرجو من السلطات والجهات المختصة أن تتعاطف مع هذه الطفلة وتنقذ مستقبلها من ظلامٍ قد ينهي كلّ أحلامها.

يجب إيجاد حل لما نعانيه في هذا المخيم وسط الصحراء، هناك آلاف الحالات المرضية ومئات الأطفال كلهم بحاجة لرعاية طبية وهذه أبسط حقوقنا.

يجب أن تقف المنظمات الإنسانية أمام واجباتها تجاهنا، وأهالي وأطفال الركبان يموتون كل يوم لأسباب بسيطة بسبب انعدام الرعاية الطبية.

يحزُّ في قلبي جداً عندما أرى طفلتي بهذه الحالة السيئة بينما أقرانها من الأطفال يلعبون ويمرحون ويدرسون دون تفكيرٍ بغدٍ قد يحمل لهم الأسوأ، أخفي دموعي عنها حتى لا أزيد خوفها وألمها، ورجائي من الجهات الإنسانية أن ترأف بحال طفلتي وتفرح قلب أمٍّ مفطور على فلذة كبدها.

ترجمة: فاطمة عاشور

شارك هذا المقال