4 دقائق قراءة

حماة: سكان قرى “إسماعيلية” يفرون من هجوم لتنظيم الدولة

اعتاد أهالي قرى ريف حماة الشرقي، ذات الغالبية الاسماعيلية، والواقعة […]


23 يوليو 2016

اعتاد أهالي قرى ريف حماة الشرقي، ذات الغالبية الاسماعيلية، والواقعة تحت سيطرة النظام على حدود مناطق تنظيم الدولة، على سماع أصوات الاشتباكات القادمة من القرى المجاورة منذ أن بدأ تنظيم الدولة بمهاجمة المنطقة عام 2015، لكن يوم 17 تموز كان مختلفا عن غيره.

كان طالب سلموني، الطالب الجامعي البالغ من العمر 22 عاما، من قرية تل التوت، جالسا في الظلام مع والده ووالدته واخوته، منتظرا والده ليقرر متى سيأخذون أغراضهم المحضرة مسبقا ويفرون مسافة 15 كيلومترا باتجاه مدينة السلمية.

وكان التيار الكهربائي مقطوعا، “وكلما ازداد الظلام، ازداد خوفنا”، حسب ماوصفه سلموني، لمراسل سوريا على طول، شادي الجندي.

وتعتبر السلمية، الواقعة على بعد 33 كيلومترا جنوب شرق مدينة حماه، وعلى بعد 45 كيلومترا شمال شرق حمص، موطنا للشيعة الاسماعيلية في سوريا. ويعيش معظم الشيعة الاسماعيلية، الذين يتخذون الآغا خان قائدا روحيا لهم، في الأراضي الواقعة تحت سيطرة النظام.

وفي مساء يوم 17 تموز، أرسل قائد الدفاع الوطني أحد عناصره ليحذر سكان قريتي تل التوت والمفكر الشرقي المجاورة، من أن قوات الدفاع الوطني ستنسحب من القرى، وذلك بعد يومين من الاشتباكات العنيفة مع تنظيم الدولة، ولأن “الوضع أصبح خارجا عن السيطرة”.

وبدأ مقاتلوا التنظيم هجومهم على تل التوت والمفكر الشرقي منذ يوم 15 تموز، مستخدمين القذائف الصاروخية.

وقرر والد سلموني التحرك ومغادرة المنزل، بعد سماعه لصوت انفجار “ضخم هز القرية”.

و”لا تدافع قوات الأسد بشكل كاف” عن السلمية والقرى المحيطة بها، وذلك بحسب وصف عقيد منشق عن الجيش السوري، لسوريا على طول.

الحياة وسط مدينة السلمية، الأسبوع الماضي. حقوق نشر الصورة لصفحة السلمية مباشر.

وأضاف العقيد المنشق أن “هجمات داعش على المنطقة كثيرة ومنذ عدة سنوات، لكن النظام لم يقم بتنفيذ أبسط الإجراءات التي كان يجب أن يقوم بها لتعزيز الدفاع”.

طالب سلموني، طالب جامعي من قرية تل التوت، متواجد حاليا في مدينة السلمية:

 

متى نزحت من القرية؟

عند الثانية عشرة ليلا، سمعنا صوت انفجار ضخم هز ارجار القرية، في هذه اللحظة اتخذ والدي القرار سريعا، كما لو كان ينتظر تطور الاحداث بهذا الشكل، حملنا أغراضنا الضرورية المحضرة مسبقا وغادرنا القرية.

وكانت أصوات الاشتباكات في الخارج في ذروتها، والخوف والرعب يتملكنا جميعا، غادر جميع أبناء القرية، البعض منهم سيرا على الأقدام، على أمل مرور أي سيارة عابرة تقلهم في طريقها إلى المدينة.

وصلنا الى منزل عمي في مدينة السلمية، وهي الملاذ الوحيد لأبناء القرى في الريف الشرقي للسلمية، كان في منزله المكون من 3 غرف حوالي 30 شخصا كلهم من الفارين من قريتي المفكر وتل التوت.

غادر بعضهم في اليوم التالي ليستأجروا منزلا في السلمية بأجر مرتفع، ونحن مازلنا الى الآن بانتظار تغير الوضع في تلك المنطقة.

ماذا حدث ذلك اليوم وكيفك نزحت؟

لقد اعتاد الأهالي على سماع اصوات الاشتباكات القادمة من غابة تل التوت، لكن يوم 17تموز، كان مختلفا عن غيره، حيث بدى الوضع متأزما على جبهة المفكر وتل التوت، وفي الساعة السابعة مساءا، أرسل قائد الدفاع الوطني أحد عناصره إلى القرية ليخبر الجميع بأن الوضع قد يخرج عن السيطرة وتضطر قواته للانسحاب من حدود القرية التي يدافع عنها.

وبالفعل قام قسم من أبناء القرية بالنزوح في ذلك الوقت، لكن عائلتي بقيت في المنزل، لأننا نملك سيارة ونستطيع الفرار إذا علمنا أن داعش ستدخل القرية بالتأكيد.

في هذا الوقت كانت قوات الدفاع الوطني تنسحب من حدود القرية وتترك مواقعها، لكن المقاتلين من أبناء القرية رفضوا الإنسحاب وفضلوا القتال حتى النهاية.

في المنزل لا كهرباء لدينا، وكان كلما مر الوقت ازدادت ظلمة المكان والخوف، وارتجاف اخوتي الصغار وبكائهم عند سماع أصوات الاشتباكات المتقطعة، التي كانت تقترب من الأماكن السكنية أو على الأقل كنا نتوهم ذلك.

كنت انظر إلى اخوتي المتجمعين في زاوية الغرفة مع أمي، واختي الصغيرة تسأل أمي إن كان التنظيم سيذبحها كما فعلوا برشا، أي قريبتنا التي ذبحها التنظيم في قرية المبعوجة العام الماضي. ولم تستطع والدتي طيلة ذلك الوقت حبس دموعها.

ما هو موقف الأهالي المهجرين من الأعمال القتالية الجارية هناك؟

لدى الناس مخاوف كبيرة من حالة عدم الاستقرار الأمني ووصول الإرهابيين إلى المدينة، أيضا بعد التخاذل الكبير من جانب القوات الحكومية عن اتخاذ اجراءات كفيلة بطرد داعش من المنطقة، كما ينتابهم الحزن والشوق للعودة إلى منازلهم وأعمالهم.

كيف أثرت موجة النزوح هذه على مدينة السلمية؟

لازالت موجة النزوح الكبيرة خاصة من قرى المفكر الشرقي وتل التوت صادمة، حيث أن السلمية استوعبت سابقا الكثير من النازحين من حماه وحمص وأريافهما، واليوم ازداد هذا العبء مما أدى الى تضاؤل فرص العمل في المدينة، اضافة إلى مشكلة عدم توفر السكن المريح، والإغاثة الغذائية الكافية لمتطلباتهم.

 

عقيد سوري سابق في الجيش العربي، انشق عام 2012، والآن يعيش في ريف حماة.

من هي القوات المدافعة عن الريف الشرقي للسلمية؟

هناك كتيبة للقوات الحكومية في قرية بالريف الشرقي، اضافة لقوات احتياط ومجموعات من كتائب البعث والدفاع الوطني وهذه القوات غير مدربة لكنها تفيد بتأمين غزارة نارية من بنادقهم فقط.

ماهي التجهيزات اللوجستية التي تم تحضيرها للدفاع عن المنطقة؟

طبعا الهجمات على المنطقة كثيرة ومنذ عدة سنوات، وداعش يزعج المنطقة بتواجده على مقربة من هذه القرى، لكن النظام لم يقم بتنفيذ أبسط الإجراءات التي كان يجب أن يقوم بها لتعزيز الدفاع، وكل ما يوجد حاليا بعض السواتر الترابية فقط وهذا غير مفيد بشكل فعال للدفاع.

لماذا لا تقوم الحكومة بتعزيز المنطقة بقوات مشاة وغيرها للدفاع عنها؟

من الواضح أن النظام لا يريد ذلك، فهو جعل من مدينة السلمية منطقة حشد كبيرة لقواته المتجهة إلى المناطق القريبة من الرقة، لأن ذلك يحقق له مكاسب إعلامية للنظام والقوات المقاتلة معه، لما للرقة من شهرة كعاصمة الارهابيين، وتسير تلك القوات المدججة متجاهلة التهديد القريب للقرى التابعة للمدينة.

النظام يستفيد أيضا من هذه التهديدات المستمرة للمنطقة، لاسكاتها عن احتجاجاتها المستمرة على نقص الخدمات من كهرباء وماء وخطف السكان المدنيين من قبل مجموعات محسوبة عليه.

ترجمة: بتول حجار

 

شارك هذا المقال