6 دقائق قراءة

حوض اليرموك: زاوية منسية من سوريا يعرض فيها تنظيم الدولة أفلام قطع الرؤوس

على بعد ثمانية كيلومترات فقط، شمال الحدود الأردنية، في وادي […]


25 يناير 2017

على بعد ثمانية كيلومترات فقط، شمال الحدود الأردنية، في وادي نهر صغير، جنوب غربي محافظة درعا، يعرف باسم حوض اليرموك، عاش أبو اسكندر الحوراني، ذو الأربعين عاما، مع زوجته وأطفاله الأربعة تحت حكم الميليشيات التابعة لتنظيم الدولة.

جيش خالد بن الوليد، والذي أخذ تسميته من القائد الراشدي في القرن السابع، والذي قاد قوات المسلمين إلى النصر، يتوضع حاليا جنوب سوريا في منطقة تبلغ مساحتها 150 كيلومترا مربعا، وتقع بين مرتفعات الجولان إلى الشرق والأردن من الجنوب.

وتطوق الجبهة الجنوبية للجيش السوري الحر وحلفائها، جيش خالد بن الوليد، الذي تماثل آيديولوجيته تنظيم الدولة، من كل الجهات. حيث حاصرت الجبهة، ولمدة عام تقريبا، جيش خالد بن الوليد مع آلاف المدنيين الذين يعيشون هناك، وقصفت المنطقة.

ويقول الحوراني، الذي عاش تحت حكم جيش خالد بن الوليد، لمدة ثمانية أشهر أن المدنيين المحاصرون بين الطرفين، يعانون من الحصار والقصف اليومي.

وفر الحوراني وعائلته من مدينتهم، نافعة، إلى جانب 200 شخص على الأقل، في 10 كانون الثاني، عندما أعلن مجلس المعارضة في درعا أنه سيفتح ممرا إنسانيا لسكان حوض اليرموك في منطقة مجاورة خاضعة لسيطرة الجبهة الجنوبية، وذلك من أجل المغادرة، وإدخال المواد الغذائية والمساعدات الأخرى.

وتقدم تجربة الحوراني، لمحة عن الحياة اليومية في ظل الميليشيا التابعة لتنظيم الدولة، التي تنفذ حكم الإعدام بتهمة الشعوذة، وغيرها من الانتهاكات للشريعة الإسلامية.

ويقول الحوراني، لمراسلة سوريا على طول، آلاء نصار، من مكان سكنه الجديد والمؤقت في بلدة سحم الجولان، على بعد 2 كم خارج مناطق سيطرة جيش خالد بن الوليد “آخر ماجاؤوا لنا به في الفترة الأخيرة جلبوا لنا غرفة سينما، وجمّعونا لتمتلئ شاشة السينما بأفلام لقطع الرؤوس في العراق والتي ينفذها التنظيم هناك، وقد تكررت هذه الحادثة كثيرا في بلدتنا (بلدة نافعة) كي يتأقلم الأهالي على أفعالهم هذه ويصبح مع الأيام شيئا عاديا”.

لماذا خرجت من حوض اليرموك؟ هناك أنباء عن أن الجيش السوري الحر يمنع أهالي حوض اليرموك الذين تم إجلاؤهم من العودة إلى بيوتهم. هل تعتقد أنك لن تتمكن من العودة الى بيتك بسبب المخاطر؟

خرجنا بسبب الحصار والتضييق والتجويع  والقذائف التي تنهال على منازلنا  يوميا، ضمن معارك جيش خالد بن الوليد المسيطر على المنطقة، وكنا 6 أفراد من عائلة واحدة.

لم أكن لأفكر لحظة سماعنا بقرار يسمح لنا بالخروج، بمنزل أو بأثاث أو بأي شي أملكه سوى عائلتي وأطفالي وكيفية الحفاظ على حياتهم من الموت، وحاليا بعد وصولي إلى بلدة سحم الجولان، وإقامتي فيها لا أفكر بالعودة حتى تحدث تهدئة أو يقام صلحا بين الفصائل.

حاصرت فصائل المعارضة حوض اليرموك السنة الماضية، واستمرت المعارك بين جيش خالد بن وليد والمعارضة على نحو متقطع لعدة أشهر؟  كيف أثر الحصار والاشتباكات على حياتكم اليومية في حوض اليرموك؟

في بداية الأمر صبرنا وقلنا أيام وستمضي ومن ثم ستحل المشكلة، ولكن فيما بعد ومع مرور الأيام أصبح الحياة تحت القصف والحصار، حياة روتينية.

وبعد تضييق الحصار، بدأ الجوع ينتشر، ومعظم  مواسم القمح والزرع، لم نستفد منها بشيء حيث أن سقوط القذائف كان يؤدي دائما إلى احتراقها، وذلك بسبب المعارك بين الأطراف المتنازعة علما أن المتضرر الوحيد هو المدنيين.

وفي ظل الحصار كنا نأكل البرغل والرز حتى في أوقات الفطور بسبب عدم توفر مادة الطحين بشكل مستمر، وحتى انقطاعه في الفترة الأخيرة، لم يكن ليمر علينا يوم واحد دون سقوط قذائف علينا وقد حصدت كثيرا من الشهداء والجرحى وقد أثار هذا الأمر  سخط الأهالي على الفصائل كونها لم ترأف بحال المدنيين العزل.

أما بخصوص الشأن الطبي لم يعد في منطقة الحوض أي نقطه طبية بسبب قطع الدعم عنها، وتحولت جميعها لمشفى عسكري يعالج جرحى جيش خالد بين الوليد فقط.

النازحون من حوض اليرموك في 12 كانون الثاني. تصوير: مؤسسة نبأ الإعلامية

كيف كانت معاملة جيش خالد بن الوليد معكم؟ هل بإمكانك أن تحدثني أكثر عن الحياة تحت حكم الميليشيات التابعة لتنظيم الدولة؟

بالنسبة لمعاملة التنظيم معنا كان جيش خالد بن الوليد يقوم بتطبيق “الشرع” على حد قوله على  الجميع، حيث قام بنزع السلاح من جميع المدنيين وإجبار النساء على وضع النقاب ولبس الملابس الواسعة والطويلة، ومنع الرجال من حلق شعر رأسهم ووجههم وإجبارهم على لبس الشراويل الطويلة.

كما نفذ جيش خالد بن الوليد إعدامات عديدة في المنطقة أو مايعرف بلغته بـ”القصاص”.

وكان آخرها يوم أمس الاثنين. حيث أعدم شاب بتهمة أنه عمل بالسحر داخل سجون جيش خالد. حيث أنهم أخذوه للساحة العامة بمنطقة الشجرة وقاموا بقطع رأسه بالسيف أمام الملأ.

وكانت تتراوح التهم التي يحكم صاحبها بالإعدام بين ممارسة السحر وشتم الذات الإلهية وشتم الرسول، وبلغ عدد الأشخاص الذين مورس عليهم حكم القصاص أكثر من 20 شخصا منذ بداية حصار المنطقة معظمهم في بلدة الشجرة، وتم إعدام 3 أشخاص خلال الأسبوع الماضي فقط وقطع يد ممن كانوا في السجون.

هذا إضافة إلى تهم أخرى كان يلقيها التنظيم على المدنيين، حيث يتم سجن المدخنين في قفص ومن ثم الخضوع لدورة استتابة، وقطع يد السارق، وذبح عناصر الجيش الحر وجبهة النصرة ممن يتم أسرهم على الجبهات بالسكين بحكم الردة. كما يوجد في سجونهم العديد من الأسرى ممن تركوهم ليبادلوا عليهم عناصر لهم وهم كثر، هؤلاء فقط يستتابوا بالنسبة لجيش خالد دون قطع رؤوسهم.

وآخر ماجاؤوا لنا به في الفترة الأخيرة جلبوا لنا غرفة سينما، وجمّعونا لتمتلئ شاشة السينما بأفلام لقطع الرؤوس في العراق والتي ينفذها التنظيم هناك، وقد تكررت هذه الحادثة كثيرا في بلدتنا (بلدة نافعة) كي يتأقلم الأهالي على أفعالهم هذه ويصبح مع الأيام شيئا عاديا حتى يلتزموا بشرع الله ويخشوه بحسب ما كانوا يخبروننا.

وقد تحدثت أمس مع ابن عمي وهو محام مازال في منطقة الحوض، وأخبرني بأن جيش خالد أصدر تعميما يقضي بخضوع جميع المحامين في المنطقة لدورة استتابة على ما تعلمه خلال فترة دراسته في القضاء المحرف به، مقارنة بما قضاه الله في الأحكام القضائية.

وقد أخبرني باستيائه وكرهه لهم ولما أبدوه بقوله “الله يلعن أبو هالزمان يلي خلانا نعيش تحت حكم هيك ناس أوباش (وحوش –فوضويين- سفلة)”.

هل واجهتك أية صعوبات أو مضايقات عند خروجك؟ صف لنا كيف خرجت وماذا حدث معك؟

في أول دفعة خرج حوالي 200 شخص من منطقة الحوض وكنت انا وعائلتي منهم، طبعا بعد موافقة جيش خالد عليهم وتفتيشهم.

واجهنا صعوبات بالخروج من منطقة جيش خالد المبايع للتنظيم، تعبنا من السير على الأقدام في مسافة لا تقل عن 10 كيلو مترات، وقد تم تفتيشنا تفتيشا دقيقا وما نحمله من أغراض  قبل عبورنا الحاجز من قبل التنظيم ومن ثم من قبل فصائل الجبهة الجنوبية  بعد عبور الحاجز، فكل شخص ينتمي للتنظيم في الداخل مطلوب للجبهة الجنوبية.

وقد كان الدخول عبر البطاقات الشخصية، حيث أن كلا الطرفين يخشى غدر الآخر.

هل سمعت أي خبر عن وضع بيتك في حوض اليرموك، أو عن وجود أي احتمال لعودتك؟

نتطمئن عن وضع المنزل بشكل مستمر، ودائما أخشى أن يتم تعفيشه أو سرقته وتدميره من قبل عناصر التنظيم، فقيمته المعنوية كونه منزل العائلة أكبر من قيمته المادية، وذلك عن طريق الجيران والمعارف هناك عبر وسائل التواصل الاجتماعي والاتصالات فهي ما تزال قائمة هناك ولا أحد يتدخل في أمور الانترنت من التنظيم ومعظم المدنيين يحملون خطوطا أردنية لقربها من الحدود.

وأنا متفائل بأننا بإذن الله سنعود إليه قريبا، ولن نبقى نعيش حياة التشرد هذه والإقامة في منازل مستأجرة مؤقتة.

أين تقيم الآن وهل هناك أي صعوبات تواجهها في تأمين الغذاء والسكن؟

أقيم حاليا أنا وعائلتي في بلدة سحم الجولان التي تسيطر عليها فصائل الجبهة الجنوبية، ونعاني من ارتفاع أجور السكن وشراء المياه وقلة المساعدات الغذائية، أهمها مسألة جلب الخبز من بلدة تسيل التي تبعد 5 كيلو متر بحجة أن المهجرين الجدد إلى بلدة سحم الجولان لا يجب أن  ياخذوا الخبز من سحم لأنهم ليسوا من أبناء المنطقة.

ترجمة: سما محمد

شارك هذا المقال