7 دقائق قراءة

خلايا التنظيم النائمة تكثف من عمليات الاغتيال بعد “انتصار” قوات سوريا الديمقراطية في الباغوز

نفذت خلايا نائمة تابعة لتنظيم الدولة عمليات اغتيال بحق مسؤولين محليين، وزرعت قنابل متفجرة على أطراف الطرقات شرق سوريا، ورغم خسارتها لآخر معاقلها في سوريا، في وقت سابق من هذا الأسبوع، إلا أن ميليشيا التنظيم تستغل الوضع الأمني المضطرب.


28 مارس 2019

نفذت خلايا نائمة تابعة لتنظيم الدولة عمليات اغتيال بحق مسؤولين محليين، وزرعت قنابل متفجرة على أطراف الطرقات شرق سوريا، ورغم خسارتها لآخر معاقلها في سوريا، في وقت سابق من هذا الأسبوع، إلا أن ميليشيا التنظيم تستغل الوضع الأمني المضطرب.

وأودت هجمات التنظيم بحياة عشرات القادة والمقاتلين من قوات قسد، المدعومة من الولايات المتحدة، في محافظات الرقة ودير الزور والحسكة منذ الشهر الماضي، عندما بدأت قسد في طرد قوات التنظيم من معقلها الأخير في الباغوز.

ورغم أن الحملة البرية التي قادتها قسد أخرجت التنظيم من مقره في دير الزور في وقت سابق من هذا الأسبوع، إلا أن عمليات إطلاق النار والتفجيرات والهجمات الانتحارية – التي تبناها التنظيم أو نسبت إليه- ضربت السلطات المحلية والقوات الكردية المدعومة من قبل الولايات المتحدة في مناطق أخرى من شرق سوريا.

وهاجمت خلايا يشتبه بأنها تابعة للتنظيم محافظة الحسكة، مقر قوات سوريا الديمقراطية الرئيسي ومكان تمركزها، عدة مرات رغم أن العديد من عمليات التنظيم هذه قد ضربت أهدافاً بعيدة في الصحراء الشرقية لسوريا بدلاً من المناطق الحضرية.

وفي محافظتي دير الزور والرقة، النقطة المحورية الحالية لنشاط التنظيم السري، وصف ستة من المسؤولين المحليين والصحفيين والمدنيين الهجمات شبه اليومية، والمخاوف الكبيرة من تصاعد العنف في الأراضي التي كان يسيطر عليها التنظيم سابقاً.

وتشير أقوالهم، إلى جانب تقارير من ناشطين محليين ووسائل إعلام موالية للمعارضة تعمل في المنطقة، إلى زيادة ملحوظة في التفجيرات وعمليات الاغتيال في الأسابيع الأخيرة.

وقال كنعان بركات وزير الداخلية في الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد، والتي تحكم معظم شمالي شرق وشرق سوريا، لسوريا على طول “مع انهيار التنظيم مؤخراً في ساحة المعركة، لجأ إلى الهجمات الانتحارية مستغلاً أي فرصة يراها”.

وأضاف “ومع إعلان انتصار قسد على التنظيم، ستستمر الجماعة في ضرب أهداف مدنية وعسكرية، لقد بدؤوا في استخدام أنواع جديدة من العمليات: خلايا نائمة وهجمات فردية”.

وفي واحدة من أحدث الهجمات التي استهدفت مسؤولين ومقاتلين مرتبطين بقسد، فتح مسلحو التنظيم النار على حاجز غرب مدينة منبج شمال شرقي حلب في ٢٦ آذار، مما أسفر عن مقتل سبعة من مقاتلي قسد، كما أعلنت صفحات التواصل الاجتماعي غير الرسمية التابعة لتنظيم الدولة مسؤوليتها عن الهجوم.

وفي ٢٥ آذار، أدى انفجار عبوة ناسفة في رأس العين، شمالي الحسكة، إلى مقتل اثنين من مقاتلي وحدات حماية الشعب، وهي قوات كردية تشكل الجزء الأكبر من قوات سوريا الديمقراطية.

وقبل يومين من انفجار، الاثنين، في ٢٣ آذار، قامت خلية تابعة للتنظيم شمال الحسكة بتفجير قنبلة أخرى على جانب الطريق، مما أسفر عن مقتل قيادي من وحدات حماية الشعب واثنين من مقاتلي المجموعة، حسبما ذكرته وسائل الإعلام المؤيدة للمعارضة.

وفي نفس اليوم، استهدفت هجمات أخرى – أعلن التنظيم عنها فيما بعد من خلال مواقع التواصل الاجتماعي غير الرسمية – حواجز تابعة لقسد وأهداف أخرى في ما يقارب ٦ قرى وبلدات في جميع أنحاء محافظة دير الزور.

وفي حين أن الموقع الرسمي لقسد ومواقع التواصل الاجتماعي نشرت إحصائيات عن الوفيات في المعارك ضد التنظيم، والقوات المدعومة من تركيا في منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية شمال غربي سوريا، لا توجد إحصائيات عن هجمات العصيان الأخيرة شرق البلاد.

وبسبب عدم وجود الإنترنت أو احصائيات صادرة قبل السلطات المحلية في هذه المناطق، لم تتمكن سوريا على طول من التحقق بشكل مستقل من كل هجوم تم الإبلاغ عنه.

ولم تكن العديد من مصادر قسد متاحة للتعليق بشأن الموضوع قبل نشر التقرير.

تمرد متزايد؟

حذر المحللون والمسؤولون المحليون منذ فترة طويلة من العصيان والتمرد المستقبلي في أراضي التنظيم السابقة، حتى بعد هزيمة المجموعة في ساحة المعركة، واليوم دون وجود أي منطقة تحت سيطرة التنظيم، يبدو أنه قد شن حملة جديدة تعتمد أساساً على الكر والفر.

وبينما تحافظ المجموعة المتشددة على وجود محدود لها في المنطقة منذ أن فقدت مقرها الأخير، فإن زيادة نشاط التنظيم خلال الشهر الماضي يشير إلى أن المجموعة لا تزال نشطة في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرتها في السابق.

والانتقال في التكتيكات ليس مفاجئاً، فالخلافة التي أعلنتها المجموعة، ذات يوم، كانت تشمل مساحات شاسعة من الأراضي في جميع أنحاء العراق وسوريا، حيث كان يعيش ١٠ ملايين مدني تحت سيطرتها.

وبعد خمس سنوات من الهجمات البرية التي شنتها قوات قسد، بدعم من الولايات المتحدة من جانب، والجيش السوري من جانب آخر، تقلصت أراضي التنظيم لتقتصر على منطقة صغيرة في الصحراء، على طول نهر الفرات جنوب دير الزور، في أواخر العام الماضي.

وبحلول شباط، اقتصرت “الخلافة” المزعومة من قبل المجموعة، على مخيم صغير على ضفاف النهر بالقرب من مدينة الباغوز.

والتقط الصحفيون الدوليون الذين تواجدوا عند أطراف المخيم مباشرة الصور والفيديوهات لمشهد سريالي: الآلاف من المقاتلين وعائلاتهم والأسرى يعيشون ظروفاً صعبة ومحاصرون من جميع الجهات.

واستهدف القصف المدفعي والغارات الجوية المخيم لأسابيع، حيث سلم الآلاف من مقاتلي التنظيم والمدنيين أنفسهم لقوات سوريا الديمقراطية.

وتجمع آخرون على ضفاف النهر من أجل المواجهة النهائية.

وأظهرت صور التقطت في أعقاب المعركة النهائية، شاركها النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، مشهداً محزناً: مركبات محترقة وأجساد متفحمة من الرجال والنساء والأطفال تناثرت في أرض المخيم.

وبثت قوات سوريا الديمقراطية مؤتمراً صحفياً مباشراً من محافظة دير الزور، في 24 آذار، أعلنت فيه “النصر” على التنظيم، وكتب مصطفى بالي، الناطق باسم قوات سوريا الديمقراطية، على تويتر ” لقد تم القضاء على الخلافة المزعومة”.

ورغم ذلك، أوضحت قيادة قوات سوريا الديمقراطية، أن النصر كان جزئيًا فقط.

وكتب مظلوم كوباني، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، في مقال نُشر في وقت سابق من هذا الأسبوع، أنه رغم انتهاء الخلافة الإقليمية لداعش، إلا أن هناك تحديات كبيرة أمامنا في المنطقة.

وحذّر كوباني في تقريره من “الخلايا النائمة التي زرعتها المجموعة الإرهابية”، وظهور تمرد “يستخدم تكتيكات لأعمال إرهابية فردية مثل التفجيرات والاغتيالات”.

وأضاف كوباني، أن الموقف قد يزداد سوءاً بعد الانسحاب الجزئي للقوات الأمريكية الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت سابق من هذا العام، والذي سيؤدي إلى انخفاض عدد الجنود الأمريكيين في سوريا إلى عدة مئات فقط، و” سيُستغل فراغ السلطة … بلا شك”.

“الجهود المتطورة”

أشار براندون والاس، باحث في معهد دراسات الحرب، أنه بينما كانت قوات سوريا الديمقراطية تستولي تدريجياً على أراضي داعش في الصحراء الشرقية لسوريا، على مدار السنوات القليلة الماضية، بدأ الآلاف من المقاتلين المتشددين في الاستعداد لحملة تمرد شرق سوريا، قبل أن يخسروا الباغوز بوقت طويل.

وقال والاس لسوريا على طول “إن الحملة التي دعمتها الولايات المتحدة لهزيمة داعش على طول وادي نهر الفرات دمرت السيطرة الإقليمية لداعش، لكنها شردت مقاتلي داعش في هذه العملية”.

وأضاف، أن هؤلاء المقاتلين المشردين عزّزوا الخلايا النائمة في المنطقة، والتي “بدأت الاستعداد للتمرد قبل فترة طويلة من إكمال قوات الدفاع الذاتية العمليات البرية”.

وقال إن “هجمات داعش شرقي سوريا مصممة بشكل جيد، وهذه الخلايا تعمل بالتنسيق فيما بينها”.

وفي الشهر الماضي، حاول مسلحو التنظيم اغتيال أبو خولة، قائد المجلس العسكري في دير الزور، على طريق الحسكة – دير الزور السريع، وقبيل ذلك بيوم واحد، في 14 شباط، تعرضت ليلوة العبد الله، المتحدثة باسم مجلس دير الزور العسكري، لمحاولة اغتيال منفصلة على نفس الطريق.

وقال والاس “لقد فشلت هذه الهجمات، لكنها أثبتت أن داعش متطور بما يكفي لتحديد واستهداف المسؤولين الحاسمين لجهود تحقيق الاستقرار”.

وفي الوقت نفسه، يتوجب على قوات سوريا الديمقراطية أن تتعامل مع خليط معقد من المجتمعات المحلية، بعضهم من الداعمين النشطين للتنظيم، والبعض الآخر يشك في ما يعتبرونه قوة يقودها الأكراد تحتل مناطق عربية تقليدية في شرق سوريا.

ورغم أن قوات سوريا الديمقراطية هي المسؤولة إلى حد كبير عن طرد التنظيم من معظم محافظات دير الزور والرقة الشرقية، إلا أن السكان المحليين والمسؤولين يقولون إن بعض القرى والبلدات لاتزال معادية لقوات الدفاع الذاتية، حتى أن البعض لا يزال متعاطفًا مع التنظيم.

ويعتبر شرق سوريا من المناطق الغنية عرقياً، حيث يقطنها العرب والأكراد والسريان وغيرهم من محافظات الرقة والحسكة ودير الزور، وكانت سنوات الحرب الثمانية سبباً للكثير من التوتر بين هذه الجماعات، وهو شيء يسعى تنظيم الدولة الإسلامية إلى استغلاله.

وقال والاس لسوريا على طول ” بمجرد أن قامت حملة قوات سوريا الديمقراطية بتطهير المنطقة العربية، تركت مكانها نظاماً سورياً كردياً ليقوم بتحقيق الاستقرار والحكم”، وأضاف “لدى سوريا الآن العديد من المناطق التي يسكنها متعاطفون مع تنظيم الدولة الإسلامية والتي يحكمها هيكل ليس نتاجًا للسكان المحليين”.

“أهداف متنوعة”

إن الفجوة بين قوات سوريا الديمقراطية والسكان المحليين تسمح للتنظيم بالعمل دون عقاب، في العديد من المناطق الخاضعة من الناحية الفنية لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وفقًا لرئيس بلدية إحدى مدن دير الزور.

وقال رئيس البلدية لسوريا على طول، متحدثًا بشرط عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية ” لقد أصبح من الواضح أن هذه الخلايا النائمة من داعش تفعّل نفسها، وأنه من السهل عليها التواصل مع قيادتها”.

وأضاف “هناك قرى لا تعتبر داعش أعداء، والخلايا النائمة تجد قاعدة شعبية تساعد في إبقائهم مخفيين.. السكان المحليون إما يحبونهم، أو يخشونهم”.

وقال رئيس البلدية إن تركيز قوات سوريا الديمقراطية على معركة باغوز قد أبعد قواتها عن القيام بدوريات في مناطق أخرى خاضعة لسيطرتها في دير الزور والرقة، مما جعل الحركة والنشاط هناك “خالية من المخاطر”.

وقال بركات وزير الداخلية في الإدارة الذاتية، إن هجمات داعش المزعومة شرقي سوريا لا تقتصر على استهداف قوات سوريا الديمقراطية وحدها، مضيفًا أن المتشددين يشنون في الواقع “أهدافًا متنوعة”.

وقال بركات لسوريا على طول “عمليات داعش ليست محددة بشكل خاص، الشيء المهم بالنسبة لداعش هو إثارة الخوف والذعر بين الناس، لذلك يضربون المدنيين والعسكريين”.

وبالنسبة لرئيس البلدية إنه انطباع منتشر في دير الزور، حيث قال ” إنه قتل من أجل القتل. لا يوجد فرق بين المدنيين أو السياسيين أو الجنديين”.

ووفقاً لعمران أحمد، أحد سكان ريف دير الزور، فإن الخوف من تزايد العنف واضح في العديد من المناطق التي كان يسيطر عليها التنظيم شرق سوريا.

وقال أحمد، الذي طلب حجب اسمه وموقعه الدقيق، لسوريا على طول “لم يمر يوم دون أن نسمع عن اغتيال جديد، هذه العمليات تجعل المنطقة غير مستقرة”.

وأضاف “الناس لا يريدون إعادة بناء منازلهم أو إعادة حياتهم هنا خشية المزيد من العنف. لقد وصل الأمر إلى درجة أن الناس يبقون في منازلهم ولا يخرجون في الليل، لأنه غير آمن أبدا”.

شارك هذا المقال