7 دقائق قراءة

ذوو ثوار أعدمهم اللواء يجاهرون: ما فعله “جند الأقصى” لم يفعله النظام بنا

الاقتتال الداخلي ما بين الثوار ليس بجديد في شمال غرب […]


الاقتتال الداخلي ما بين الثوار ليس بجديد في شمال غرب سوريا، ولكن الإعدامات الجماعية لنحو 160 عنصرا من الجيش السوري الحر، في الأسبوع الماضي، صدمت حتى الأهالي الذين قاسوا الحرب ووطأتها والمقاتلين الذين تمرسوا بالمعارك.

ونُفذت الإعدامات وسط الاقتتال العنيف في محافظتي إدلب وحماة ما بين لواء الأقصى، الذي يُعتقد بأن له روابط وثيقة بتنظيم الدولة، وهيئة تحرير الشام، وهي تشكيل يتضمن جبهة فتح الشام، التي كانت تنتمي للقاعدة في سوريا سابقاً.

وأغلب الذين قُتلوا قيل أنهم كانوا من عناصر جيش النصر، التابع للجيش السوري الحر، وأسروا خلال القتال، وفق ما ذكرت سوريا على طول، الأربعاء.

وانسحب مقاتلو الأقصى، الأربعاء، إلى محافظة الرقة الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة، وبدأت العوائل بالتوافد إلى معسكر لواء الأقصى، بالقرب من بلدة خان شيخون في جنوب إدلب. وسارع عناصر الدفاع المدني إلى الحفر وانتشال الجثث للتعرف عليها.

وعثر الدفاع المدني على 90 جثة إلى الآن، وفق ما قال المتحدث باسم الدفاع المدني لسوريا على طول، الخميس.

مازن، شقيق شاب إعلامي كان يعمل مع جيش النصر وتم أسره وإعدامه من قبل لواء الأقصى. وكان في المعسكر الخميس ووصف ما رآه لمراسلة سوريا على طول آلاء نصار.  

وذكر مازن “لا يوجد آثار تعذيب أوتنكيل على جسده ولكن وجهه مهشم لأنهم أعدموه عن طريق رميه بالرصاص في رأسه”.

وكذلك كانت نهاية زوج أم محمد، مقاتل في جيش النصر، قاسيةً، ولم يسمح أخوه المحامي، الذي ذهب إلى المعسكر بحثاً عن جثة أخيه، لأم محمد برؤية زوجها “بسبب تشوه جثته، وظهور علامات التعذيب والتنكيل الذي تعرض لها قبل إعدامه، وبقيت في قلبي حرقة عدم وداعه الأخير”، وفق ما قالت أم محمد ، لمراسلة سوريا على طول لبهيرة الزرير، الخميس.

قائمة الدفاع المدني بـ21 أسيرا تم قتلهم. حقوق نشر الصورة لشبكة الثورة السورية.

  • أم محمد،37 عاماً، زوجة عنصر من الجيش الحر الذين قضوا في مجزرة الخزانات التي ارتكبها جند الأقصى الأسبوع الفائت، واستعاد شقيق زوجها المحامي، جثته من الدفاع المدني في خان شيخون، محافظة إدلب. أم محمد من مدينة حماة وتعيش حالياً في بلدة الهبيط، غرب خان شيخون. 

حديثينا عن زوجك أبو محمد؟

زوجي عمره 42 عاما، كان مساعد أول، في جيش النظام، انشق عنه وانضم للجيش الحر بسبب إيمانه بثورة الشعب السوري، وكان شاهداً على إجرام النظام بحق أبناء شعبه وخاصة إطلاق النار على المدنيين العزل في المظاهرات السلمية التي كانت تنادي فقط بالحرية.

منذ بداية الثورة خرج نصرةً لها، وكان قد رفض الأوامر باطلاق النار على المتظاهرين في حماة.

فهو حنون على أطفاله ووفي لبلده وصادق بثورته.

هلا تحدثت لي عن أخر مرة كنتما معاً؟

آخر مرة رأيته فيها كانت بـ8 شباط، كان قد حصل على إجازة ليوم واحد بعد مرور 3 أشهر على آخر إجازة له من الجيش الحر.

قال لي سوف ننتصر وما زال هناك أمل بانتصار الثورة، رغم كل التدخلات الخارجية، وقال لي اصبري قليلاً على فراقي وعلى معيشتنا المتدنية، فالنصر قد اقترب وسنعود لحياتنا الطبيعية، ولكن بدون بشار الأسد، آلا تريدين أن يعيش أطفالك بحرية وكرامة. ومن ثم ذهب.  

وكيف تلقيتِ نبأ مقتله على يد جند الأقصى؟

منذ عشرة أيام وأنا أتصفح الفيس بوك، كنت أقرأ عن عدامات  تقوم بها جند الأقصى بحق عناصر للجيش الحر، وبعدها قال لي أخ زوجي أن زوجك تم القبض عليه من قبل جند الأقصى وهو مرابط في طيبة الإمام، وتم أسر جميع من كانوا معه ومنهم قائد الكتيبة أيضاً.

ولم أكن مصدقة الأنباء التي قرأتها على الفيس بوك، لأنني لم أر اسم زوجي ضمن قائمة الشهداء، وكنت أقول أنها مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة، وقمت بتكذيب حتى أخ زوجي، وأنا أقول له أبو محمد لم يمت وبقي لدي أمل أني سأراه، وأنه قد يكون أسيراً لديهم فقط، وبقيت على أعصابي مدة 10 أيام.

كل يوم اقرأ أخبار الإعدامات، وفي نفسي وأمام الجميع أقول مستحيل أن يكون هذا لأمر صحيحاً، وأن زوجي لم يمت، لأن الموت حقيقة صعبة أن تصدقها.

بالإضافة لأنني كنت قد وضعت نصب عيني، أن يكون الموت مصيره منذ بداية الثورة ولكن ليس بهذه الطريقة الشنيعة.

ماذا كانت ردة فعلك وأبناؤك على مقتل زوجك؟ وكيف ودعته؟

منذ عشرة أيام وأطفالي يبكون ويقولون لي أين أبي، فابني البالغ من العمر 17 عام كان جالساً يبكي ويتوعد جند الأقصى بالأخذ بالثأر، وأخ زوجي كل يوم كان يحاول الذهاب إلى خان شيخون التي تبعد عنا  12 كيلومترا، ولكن المنطقة تحت سيطرة لواء الاقصى، وممنوع لأي شخص التوجه إليها.

وبعد التوصل إلى اتفاق خروج جند الأقصى والسماح للدفاع المدني بالدخول، ذهب أخ زوجي إلى الخزانات، يوم أمس ووجد جثة أخيه في مغارة بمعسكر الخزانات، وقال لي أنهم قد قاموا بتعذيبه والتنكيل بجثته وبجثة من تم إعدامهم معه.

وأضاف أخ زوجي أن طريقة القتل تختلف بين شخص وآخر، فمنهم من مات ذبحاً بالسكاكين ومنهم من مات بإطلاق الرصاص على رأسه أو قلبه.

و لم يسمحوا لي ولأطفالي برؤية زوجي للمرة الأخيرة، بسبب تشوه جثته، وظهور علامات التعذيب والتنكيل الذي تعرض لها قبل إعدامه، وبقيت في قلبي حرقة عدم وداعه الأخير.

ماهي ردة فعلك على خروج جند الأقصى إلى الرقة، بعد أن قاموا بهذا الجريمة؟

لماذا الجميع خائف منهم، فهم خائنون لديننا وشعبنا ويشوهون الإسلام ولا يلتزمون به.

عار علينا أن نراهم يخرجون أمام أعين الجميع دون أي شعور بالذنب لما فعلوه بـ120 شخصا، فكان من الواجب محاسبتهم على مبدأ العين بالعين والسن بالسن.

  • مازن أخو إعلامي أسر منذ 10 أيام من قبل عناصر لواء الأقصى أثناء تواجده في أحد مقرات جيش النصر في بلدة كفر زيتا، عندما داهمت عناصر اللواء المقر، خلال الاشتباكات الأخيرة التي دارت بين جيش النصر ولواء الأقصى. ويعيش في كفرنبودة واستعاد جثة أخيه من الدفاع المدني الخميس.

هل صدقتم الإشاعات التي أطلقت سابقا بأن أخاك قد تمت تصفيته على يد الجند؟

لم تكن إشاعات بل كانت موثقة، بعد أن أعلن جيش النصر بأن لواء الأقصى قد أعدم عناصر تابعة له، وذكرها بالعدد والاسم بعد نشر سيرهم الذاتية وكان منهم 13 قائدا عسكريا تمت تصفيتهم من بينهم كان الملازم محمد دخان، وعناصر آخرين من بينهم إعلاميين كان أخي واحدا منهم، إضافة إلى أن جند الأقصى لم ينف أنه صفّى عناصر جيش النصر الذين أسرهم.

عناصر الدفاع المدني وهم يحفرون بحثاً عن الأشلاء. حقوق نشر الصورة لشبكة لثورة السورية.

عندما رأينا اسم أخي بين الإعلاميين الذين تمت تصفيتهم صعقنا وأصابنا الذهول لما لذلك من أثر علينا خصوصا أنه أخونا الأصغر “مدلل أمه” الذي تخاف عليه كثيرا، فلم تكف عينها عن البكاء منذ ذلك الإعلان، وكانت تروح وتجيء وتقول لنا “ما زال ابني حيا، قولوا لي أنه ما زال حيا، كذّبوا ما قاله إعلان جيش النصر”، حيث كانت طيلة الوقت تأمل بأنه ما زال على قيد الحياة.

لا يمكنني أن أنسى فترة الأيام العشرة التي مضت وكيف مضت علينا، عشنا حالة تخبط دائم وهستيريا مع انتشار الأنباء بأن أخي ومن معه قتلوا على يد الجند.

وفي كل مرة كنا نحاول الذهاب فيها إلى منطقة المعسكر كانوا يطلقون النار علينا ليفرقوننا، ومن ثم نعود أدراجنا حتى أننا بعد خروجهم، لم نستطع أن ندخل مع فرق الدفاع المدني إلى داخل المعسكر وبقينا خارجاً ننتظر بسبب وجود الكثير من الألغام المزروعة على أطراف المعسكر.

والجدير ذكره أن الأهالي لم يضغطوا على لواء الجند سابقاً بالدخول إلى منطقة المعسكر، حتى لا يقوموا بردة فعل سلبية بإعدام أولادهم إن لم يكونوا قد قاموا بتصفيتهم.

بالنسبة لي كنت أشعر بأن نبأ تصفية أخي صحيح ويعود ذلك لكوننا نحن كأهالي إجمالا نثق بجيش النصر كونه المسيطر على مناطقنا هنا، وكونها مناطق ريفية رأت إجرام لواء الأقصى وتصرفاته الشنيعة المتطرفة والتي لا تمت للإسلام بصلة فهذا ما جعلني أنا وغالبية أهالي المأسورين نصدق ما جرى رغم وجود أمل بسيط بأن نجدهم أحياء.

متى استلمتم جثة أخيك؟ وكيف كان حالها هل عليها أي آثار تعذيب؟

منذ ساعات ذهبت لاستلام جثة أخي، لم ندفنه بعد. لا يوجد آثار تعذيب أو تنكيل على جسده ولكن وجهه مهشم لأنهم أعدموه عن طريق رميه بالرصاص في رأسه، والجدير ذكره بأنه من خلال ما علمناه من الدفاع المدني بحسب رؤيتها للجثث فإن طرق التصفية كانت إما عن طريق رمي الرأس بالرصاص أو ذبحا بالسكاكين وهناك جثث منكّل بها، كما أن غالبية الجثث المخرجة مرمية بالرصاص في الرأس أو العنق.

بعض الأهالي منذ أسبوع وهم يعيشون على أمل إيجاد أبنائهم أحياء، وكل شخص فاقد لأحد من ذويه رافق الدفاع المدني إلى منطقة المعسكر، حيث أنه تم إخراج الجثث التي يعلمون أنها بعيدة عن الألغام المزوعة ولم يسمحوا باقتراب أحد من الأهالي إلا بضع أشخاص كونهم لم يفككوا الألغام بعد، وما أخّر عملية الانتشال أن الطيران كان يحوم في أجواء البلدة وقصفها بشكل مكثف.

وقد بدؤوا بإزالة الألغام، ومازال الأهالي متواجدين في منطقة المعسكر، وتطوع بعضهم للعمل إلى جانب الدفاع المدني المشرف على عملية الانتشال.

وتبعا لذلك فإن عناصر الدفاع المدني كلما كانت تنتشل جثة، تقوم بأخذها لمكان آمن حتى يتم التعرف عليها وتسليمها لذويها بعد أن يوقعوا على أنهم استلموها.

كيف كان شعورك عند استلام جثة أخيك؟

كل الحروب تحتاج إلى تضحيات، ولكن تضحيتي كانت بفلذة كبدي إذ أن لأخي محبة كبيرة في قلبي، رحمه الله وانتقم لنا من قاتليه.

عندما استلمت جثته أحسست بالخذلان كوني لم أستطع فعل شيء لإنقاذه، وبالأسى على مصابي الكبير، وأعتقد أن مصابي بأمي أكبر لأنها فاقدة للوعي منذ أن وصلتنا جثة أخي.

هل لك أن تحدثنا عن أخيك أكثر؟ ماهي آخر كلماته قبل اعتقاله؟ ماذا كان يتحدث إليكم؟

أخي كان يحب الجيش الحر، وكان كل همه نقل انتهاكات النظام والفصائل الإسلامية السلفية، عبر كاميرته ليوثق ما يجري. كان شابا جميلا يحب الحياة ذو روح مرحة، محبوباً من جميع أفراد قريته وبين رفاقه الإعلاميين.

حلمه كحلم أي شاب سوري يطمح لإنهاء الحرب، والقتل والدمار في بلده، كان لسان حاله يقول دائما “لماذا وصلنا بثورتنا إلى ما نحن عليه، إن كان فعلا ما نعيشه هو سن الشباب فكيف سيكون سن اليأس في حياتنا”. ولكنه كان دائم الشكر لله أنه اختار له أن يكون إعلاميا حتى إن استشهد يمت ميتة الأحرار وهو يوثق ما يجري في بلاده.

ماهو رأيك الشخصي حول الاتفاقية التي جرت بخروج جند الأقصى واستلام هيئة تحرير الشام مواقعها؟

كانت هناك حالة من الاحتقان الشديد لدى الأهالي خلال فترة وجود لواء جند الأقصى في مناطقنا، خصوصا بعد تصفية أعداد كبيرة من أبناء المنطقة، ومنعه الأهالي من رؤية جثث أبنائهم حتى، فما فعله لواء الجند لم يفعله النظام بنا، حتى أنني سمعت من أحد عناصر الدفاع المدني أن بعض الجثث التي وجدوها كانت مختفية منذ مدة طويلة، ولم تكن مدرجة من ضمن الأسماء التي وثقها جيش النصر.

لا يوجد بلدة من بلدات ريف حماة إلا ولديها شهداء قتلوا على يد لواء الجند داخل معسكره. الناس طيلة الفترة الماضية وهم في حالة هلع وتخبط، كما أن حكي الشارع كله كان ومازال سلبيا عن اللواء وانتهاكاته في المنطقة.

ترجمة: فاطمة عاشور

شارك هذا المقال