9 دقائق قراءة

ردود فعل متباينة من أهالي السويداء تجاه تزايد الوجود الروسي في المحافظة

بعد دخول اتفاقية وقف إطلاق النار في جنوب سوريا، التي […]


20 سبتمبر 2017

بعد دخول اتفاقية وقف إطلاق النار في جنوب سوريا، التي تمت برعاية دولية، حيز التنفيذ في تموز، تم نشر عناصر من القوات الروسية في عدة قر ىبمحافظة السويداء الخاضعة لسيطرة النظام، بالقرب من الخطوط الأمامية مع قوات المعارضة.

وطوال سنوات الحرب، بقيت القيادة المحلية في السويداء، وهي محافظة ذات غالبية درزية، محايدة إلى حد كبير، محاولة التركيز على الشؤون الداخلية، فالصلاحيات فيها تتوزع بيد سلطات مدنية وعسكرية محلية.

وكان من بين نشاطات العناصر الروس في المحافظة، منذ الصيف الماضي، توزيع المساعدات الإغاثية على سكان عدد من بلدات وقرى السويداء، وكبقية المحافظات السورية، عانت السويداء اقتصادياً أثناء النزاع، وكافح البعض من أبنائها في سبيل تأمين لقمة عيشهم.

وبعيداً عن الزيارات المتفرقة السابقة لتوزيع المساعدات، يقيم العناصر الروس اليوم بالقرب من قرى السويداء حيث أصبح وجودهم مألوفاً.

وتحدث ثلاثة من سكان القرى التي تستضيف القوات الروسية منذ بدء نفاذ اتفاق وقف إطلاق النار إلى مراسل سوريا على طول، سامر الحلبي. وطلب جميعهم استخدام أسماء مستعارة.

وتباينت ردود أفعال السكان على زيادة الوجود الروسي في السويداء بين الترحيب إلى الشبهة والخوف.

مساعدات روسية تصل إلى بلدة شقفة في السويداء في تشرين الثاني 2016. تصوير: سانا.

يقول أحمد، وهو مزارع “أشعر بالطمأنينة من تواجدهم، قريتنا باتت آمنة منذ وصولهم”.

أما يامن، وهو طالب جامعي، فيقول “روسيا دولة محتلة”، ويضيف “عندما تشاهد جندي أجنبي يحمل السلاح في أرضك ستشعر أنك في بلد محتلة”.

وتؤكد ردود الفعل المتباينة التوتر في محافظة السويداء، في الوقت الذي يتحد فيه مؤيدو النظام والمعارضة رغبة منهم بأن تخرج السويداء موحدة كما كانت.

 

يامن، 23 عاما، طالب جامعي في السنة الرابعة يعيش في قرية خلخلة شمال شرق السويداء.

هل ترى أن روسيا دولة حليفة؟ أم دولة احتلال؟ ولماذا؟

روسيا دولة محتلة، لأنها تدخلت في بلد يشهد صراع بين السلطة والشعب، وساندت السلطة في حربها على الشعب، كما أنها شاركت في جرائم طالت مئات أو حتى آلاف المدنيين السوريين بالقصف وأمور مختلفة، رغم إعلانها أن حربها على الإرهاب وكما أعلن النظام سابقاً، هي حرب على الإرهاب لكنها استهدفت الشعب السوري.

ما رأيك بالدور الروسي في السويداء الذي بدأ بتوزيع المساعدات وأخذ يتزايد بوجود عناصر لهم في عدة نقاط؟

منذ بداية زيارة الروس لتوزيع المساعدات كان لي تعليقات عديدة على مواقع التواصل بأن هذه الزيارات ما هي إلا تمهيد لتدخل أكبر في المحافظة، أعتقد أن الروس لديهم خطة منظمة تختلف من منطقة لأخرى في سوريا، في بداية الأمر بعض المساعدات الغذائية واستغلال الوضع الاقتصادي المتردي لأهالي المحافظة، وبهذا يكسب الروس الفئة الأكبر في السويداء “فئة الجياع”.

وبعد أشهر عديدة من زياراتهم المتكررة إلى مناطق مختلفة في المحافظة لتوزيع المساعدات، انتشروا في نقاط عديدة بالريف الغربي.

ما هو شعورك كمدني تجاه التواجد الروسي داخل مدينتك؟ وهل لديك أي مخاوف من هذا التواجد مستقبلاً؟

أنا كمدني أخشى من أي شخص غريب ولا أعرفه قد يدخل إلى أرضي، فكيف إذا كان هذا الشخص يتبع لدولة عظمى، وجيشها من أقوى جيوش العالم، فعندما تشاهد جندي أجنبي يحمل السلاح في أرضك ستشعر أنك في بلد محتلة، وينتابك الخوف منه ومن سلاحه الذي قد يوجه لك في أية لحظة، هذا الجندي ليس لديه أي ضوابط “اجتماعية” ويختلف عنا فكرياً وعقائدياً، ولم يأتِ لحمايتي، بل جاء لتنفيذ مشاريع ومصالح بلاده.

أكثر ما أخشاه مستقبلاً أن يتدخل الروس في الشأن الداخلي بالمحافظة، فحالة الانفلات الأمني التي تعيشها السويداء، وإظهار أجهزة النظام نفسها عاجزة أمام هذه الحالة، وبالمقابل ازدياد الانتشار الروسي يثير لدي قلق شديد من أن يكون للروس نية في محاولة ضبط حالة الانفلات الأمني وإظهار أنفسهم على أنهم المخلص الوحيد لأهالي المحافظة في ظل تخاذل أجهزة النظام.

[على مدى سنوات، انتشرت عمليات الخطف وسرقة السيارات في جميع أنحاء محافظتي السويداء ودرعا المجاورة. وفي ظل غياب سلطة تابعة للنظام تتخذ إجراءات بحق ذلك، فإن بعض الأهالي ينتقمون بأنفسهم. انظر هنا مقابلة سوريا على طول مع أحد الأسر التي استعادت أحد ضحايا الاختطاف].

هل كان هناك أي ممارسات أو تصرفات للعناصر الروس بحق الأهالي في المدينة؟

نعم وبعضها مسيء ومثير للقلق.. أنا من قرية “خلخلة” تقع شمال السويداء، بالقرب من مطار خلخلة العسكري، وتجاورنا منطقة اللجاة الخاضعة لسيطرة المعارضة، الشهر السابع من هذا العام، وصل حوالي عشرون عنصراً روسياً مع سياراتهم وتمركزوا على الحاجز الفاصل بين مطار خلخلة واللجاة.

مدخل قرية الدور غربي السويداء. تصوير: السويداء ٢٤

وهذا الحاجز لا يبعد سوى مئات الأمتار عن القرية، فمنذ أول يوم لوصولهم باتوا يدخلون قريتنا في ساعات المساء لشراء بعض الحاجيات خصوصاً المشروب أو “الخمر”، بينهم عنصر واحد يتقن العربية بعض الشيء، وهو من يتحدث نيابة عنهم، في غالب الأيام يشترون حاجياتهم ويعودون إلى الحاجز دون أي تصرفات غريبة.

ولكن في إحدى ليالي الشهر الفائت، وصلت دورية روسية إلى أحد متاجر القرية، كان فيها مجموعة عناصر، ترجّل أربعة منهم وعادت السيارة دونهم إلى الحاجز، ثم قاموا بشراء “الخمر” وجلسوا في أحد أزقة القرية يشربون، وبعد مرور ساعة ارتفعت أصواتهم وعلت ضحكاتهم، وبدت مظاهر السكر واضحة عليهم، جميعهم كانوا مسلحين والأهالي المجاورين لمكان جلوسهم انتابهم الخوف، وبدأوا يتصلون برجال القرية والوجهاء الذين حضروا على الفور وقاموا بإعادتهم إلى الحاجز بحذر شديد، لقد كانوا بغاية الثمالة حتى تستطيع انتزاع أسلحتهم، وفي اليوم الثاني قدم أحد المسؤولين عن الحاجز وقدم اعتذاراً لوجهاء القرية عما حصل وتعهد أن يكون التصرف الأخير، ولكنهم لا زالوا يترددون للقرية.

 

أحمد، ٣١ عاما، مزارع من قرية برد جنوب غرب السويداء.

هل ترى أن روسيا دولة حليفة؟ أم دولة احتلال؟ ولماذا؟

روسيا حليفة، لو لا مساندتها للجيش السوري لكانت سوريا سقطت في يد داعش والنصرة والمسلحين، جميعنا يذكر قبيل التدخل الروسي عام ٢٠١٥ كيف كان الوضع العسكري في سوريا، المسلحون كانوا يسيطرون على ثلثي البلاد تقريبًا، ولكن اليوم وبعد التدخل الروسي استطاع الجيش السوري استعادة مناطق واسعة ومهمة ولم نعد نسمع بأي تقدم عسكري للمسلحين بمختلف مسمياتهم بل باتوا يندحرون في معظم مناطقهم.

ما رأيك بالدور الروسي في السويداء الذي بدأ بتوزيع المساعدات وأخذ يتزايد بوجود عناصر لهم في عدة نقاط؟

الدور الروسي إيجابي في السويداء، وسأبرهن لك ذلك، أنا من قرية “برد” الواقعة جنوب غرب السويداء والمتاخمة لريف درعا الجنوبي الشرقي “بصرى الشام” تحديداً، منذ سنوات كانت قريتنا تشهد قصف متبادل بين الجيش السوري والمسلحين في درعا، لقد سقطت عشرات قذائف الهاون والدبابات على منازلنا، والتي كان مصدرها مسلحي بصرى الشام، ما أدى لنزوح المئات من  سكان القرية واستشهاد وإصابة عدة مدنيين بينهم أطفال ونساء، فضلاً عن وقوع أضرار مادية في معظم منازل القرية، وبعد انتشارهم في قريتي بالشهر السابع من هذا العام لم تتعرض القرية منذ ذاك اليوم لأي اعتداء أو قصف، بتنا نشعر بالأمان بعض الشيء وهناك عدد من السكان الذين نزحوا عادوا إلى القرية.

أما ما يخص المساعدات لم أرَ فيها تلك القيمة، لقد حصلت على مساعدة مرة واحدة منهم، وهي عبارة عن سلة غذائية تحتوي بعض المواد التموينية ولم تكفِ سوى أسبوع واحد.

ما هو شعورك كمدني من التواجد الروسي داخل مدينتك؟ وهل لديك اي مخاوف من هذا التواجد مستقبلاً؟

أشعر بالطمأنينة من تواجدهم كما أسلفت لك سابقاً، قريتنا باتت آمنة منذ وصولهم، ولا يهمني إن كان لهم أطماع في المستقبل، أنا مزارع وأعتمد في قوتي على أرضي وعلى المحاصيل الزراعية، المهم أن تنتهي الحرب.

وفي الحقيقة هم يستحقون امتيازات في سوريا لأنهم يساهمون في إعادة الأمن والاستقرار للبلاد، على خلاف بقية الدول الأجنبية التي تدخلت في سوريا بطرق مختلفة وكان لها دور سلبي في الحرب وبعضهم دعم المسلحين.

هل كان هناك أي ممارسات أو تصرفات للعناصر الروس بحق الأهالي في المدينة؟ اذكر لنا بعضها؟

قريتنا كان يتواجد فيها مقرات للجيش السوري، حوالي 25 عنصر روسي أخذوا إحدى المقرات بعد أن أخلاها الجيش السوري لهم، في بعض الأحيان يتجولون في القرية ولم يعتدوا على أحد، على العكس عندما نشاهدهم في شوارع القرية أحياناً نذهب لمصافحتهم، ونحاول التحدث معهم رغم أنهم لا يفهمون علينا ولا نحن نفهم حديثهم، لكن أحد ضباط الجيش السوري في القرية طلب منا عدم الاقتراب من المقر الذي يقيمون فيه، والحقيقة لا ضير في ذلك فنحن لا نحتاج الاقتراب من مقرهم.

 

دريد، ٢٩ عاماً، نجار بناء وخريج كلية الآداب، من قرية الدور في ريف السويداء الغربي.

هل ترى أن روسيا دولة حليفة؟ أم دولة احتلال؟ ولماذا؟

من وجهة نظري روسيا دولة أقرب للاحتلال في سوريا، والسبب في ذلك أنها تدخلت في حرب طائفية أو أهلية في سوريا، ووقفت مع طرف وهو النظام والموايين له ضد المعارضة وبقية المسلحين، وأكبر دليل على ذلك التقدم الكبير الذي أحرزه النظام منذ التدخل الروسي على حساب بقية الأطراف حتى على حساب المعارضة المعتدلة التي كانت تدّعي روسيا أنها لن تقاتلها في سوريا.

عناصر من قوات النظام وروسيا يوزعون المساعدات الإغاثية في قرية الجنينة في السويداء، شباط. تصوير: سانا

ما رأيك بالدور الروسي في السويداء الذي بدأ بتوزيع المساعدات وأخذ يتزايد بوجود عناصر لهم في عدة نقاط؟

المساعدات الروسية التي قدمت في بعض قرى ومدن السويداء لم تساهم في أي تغيير على الإطلاق، فالسلة الغذائية التي وزعها الروس على بضع عائلات في المحافظة لا يتجاوز سعرها خمسة آلاف ليرة سورية أي ما يعادل عشرة دولارات، ولن ننتظر منهم أي تحسين في أوضاعنا الاقتصادية، فالشعب الروسي نفسه يعاني من أوضاع اقتصادية ليست جيدة، ولكن أعتقد أن هذه الخطوة كانت تمهيداً للخطوة الثانية ألا وهي بدء الانتشار في المحافظة بذريعة “خفض التصعيد”.

الروس يحاولون إظهار أنفسهم من هذه الخطوة على أنهم صمام الأمان للمحافظة، رغم أن محافظة السويداء لم تشهد صراعات كبيرة أسوة بباقي المحافظات، سوى بعض الأحداث التي كانت تحصل كعمليات الفعل ورد الفعل والقصف المتبادل بين النظام ومسلحين مختلفين.

بالمختصر المفيد حتى الآن لم يكن للروس أي دور إيجابي في المحافظة، ولم يكن لها دور سلبي فوضع المحافظة على حاله منذ دخولهم، ففي القرية التي أقيم فيها بريف السويداء الغربي انتشر عناصر روس في كتيبة لقوات النظام بجوار قريتنا وتفصلها عن ريف درعا الشرقي.

لا زال الوضع على حاله، قريتنا تعتبر ممر تهريب لريف درعا الشرقي الخاضع لسيطرة المعارضة، تدخل من قريتنا إلى ريف درعا سيارات مختلفة تحمل مواد غذائية وبعض المحروقات ومواد بناء، وفي بعض الأحيان سلاح (بشكل خفي طبعاً).

[يقول دريد إن التهريب مستمر في الوقت الذي اشتكى فيه سكان درعا من انخفاض كبير في الإمدادات المهربة من السويداء، بعد استعادة النظام لجزء من الطريق، وفقا لما ذكرته سوريا على طول في آب].

ولم يحدث أي تغيير في ذلك، لا زالت الحركة على حالها رغم أن مكان تواجد الروس يشرف بعض الشيء على الطريق المذكور، لكنهم لا يتدخلون في ذلك، وكان اللافت منذ أسبوعين حدوث خلافات بين مهربين من قريتنا ومهربين من قرية ناحتة في ريف درعا الشرقي تطورت لاشتباك مسلح حدث قرب مكان تواجد النظام والروس، وأدى لمقتل ثلاثة أشخاص من الطرفين، وكان عناصر الروس والنظام يقفون موقف المتفرج، حتى أنه في ساعات المساء سقطت عدة قذائف هاون على قريتنا أدت لإصابة ثلاثة سيدات دون أي تدخل من الروس والنظام أيضا.

ما هو شعورك كمدني تجاه التواجد الروسي داخل مدينتك؟ وهل لديك اي مخاوف من هذا التواجد مستقبلاً؟ أشعر بالقلق طبعاً.. في طبيعة الحال هم ليسوا سوريين وليسوا عرباً ولا نعلم ما هي ثقافتهم وطريقة تفكيرهم، وهم يختلفون عنا كثيراً، وبالتأكيد لم يتدخلوا لحماية المدنيين أو الشعب السوري، لقد قلت لك سابقاً هم تدخلوا إلى جانب النظام وقتلوا مدنيين سوريين في مناطق مختلفة من سوريا منذ تدخلهم، أي أنهم من الممكن أن يقتلوا المدنيين في السويداء في حال حدوث أي تطورات أو مواجهات بين أهالي المحافظة والنظام رغم أني أستبعدها، فالنظام يتحاشى ذلك، ولكنها فرضية موجودة، أي أن من يدعي حمايتي قد يصبح قاتلاً لي ولأهلي في أي وقت يحدث فيه تغيرات وهذه من أكثر الأمور التي أخشاها.

هل كان هناك أي ممارسات أو تصرفات للعناصر الروس بحق الأهالي في المدينة؟ اذكر لنا بعضها؟

حتى هذا اليوم لم نلحظ أي تصرفات غريبة، قريتي حدودية مع ريف درعا الشرقي، وهناك كتيبة رادار تابعة لقوات النظام تفصل بين قريتي وبين قرى درعا الشرقية، حوالي عشرين جندي روسي تمركزوا في هذه الكتيبة إلى جانب قوات النظام ورفعوا العلم الروسي فيها إلى جانب العلم السوري منذ شهرين، ونادراً ما يدخلون إلى القرية أو يتجولون فيها، وإن دخلوا لشراء حاجيات يدخلون برفقة عناصر من النظام، وفي كل أسبوع نشاهد سيارات لهم تدخل إلى الكتيبة وتخرج منها عبر قريتنا، ولا يحتكون بأحد مجرد عبور طريق.

أعد هذا التقرير المراسل سامر الحلبي. هذا التقرير هو جزء من تغطية سوريا على طول عن وضع المنطقة الجنوبية التي ستستمر لشهر بالتعاون مع منظمة كونراد أديناور وفريق من مجموعة مراسلين على أرض سوريا.

لقراءة تقريرنا التمهيدي عن المنطقة الجنوبية لسوريا هنا.

ترجمة: سما محمد

 

شارك هذا المقال