7 دقائق قراءة

سام هيلر: سيطرة الجهاديين على شمال غرب سوريا “غير مستقر”

تمتلك هيئة تحرير الشام، التي يقودها فصيل تابع لتنظيم القاعدة […]


14 يناير 2018

تمتلك هيئة تحرير الشام، التي يقودها فصيل تابع لتنظيم القاعدة سابقاً والمدرجة على قائمة الإرهاب، أهم قوة عسكرية ومدنية في شمال غرب سوريا، إذْ هزمت الهيئة منافسيها السياسيين والعسكريين في الآونة الأخيرة، وسيطرت على معظم المراكز السكانية الرئيسية في محافظة إدلب، وقامت بحلّ الإدارة المحلية واحتكار السلطة المدنية.

ونتيجة لذلك، فإن الهيئة “موجودة في كل مكان” في محافظة إدلب، على حد تعبير الباحث المتخصص بالشأن السوري سام هيلر، وهو كاتب مقيم في بيروت وزميل في مؤسسة سينتشري.

يقول هيلر لمراسل سوريا على طول، جستن كلارك، الهيئة “بإمكانها أن تطال كل شيء وتفعل كل ما تريده… وإذا أرادوا أن يكونوا في مكان معين بإمكانهم ذلك”.

خلق حكم الهيئة المتهمة بـ”التشدد” في شمال غرب البلاد ما أسماه هيلر بـ”كتلة خطيرة ذات سيطرة جهادية”، مما يجعلها دولة صغيرة لا يمكن تحمل وجودها أو استمرارها.

وشنت الحكومة السورية هجوماً كبيراً في جنوب محافظة إدلب في كانون الأول الماضي، واستولت على مساحات واسعة منها، ومن المرجح أن يكون التقدم الأخير من قبل الحكومة هو المرحلة الأولى من “استعادة سيطرة النظام على شمال غربي البلاد”، كما يقول هيلر لسوريا على طول.

هل أصبحت إدلب، أو شمال غرب سوريا على نطاق أوسع، دولة مصغرة لتنظيم القاعدة؟

نعم، حتى الآن.

ولكن كم من الوقت برأيك سيستمر هذا؟ منذ مدة وأنا أحاول لفت الانتباه لهذا الموضوع وأقرع جرس الإنذار، وبمجرد تجاوزك لهذا، ستكون هذه المجموعة الخطيرة ذات السيطرة الجهادية – سواء كانت فعلياً القاعدة أم لا – غير قابلة للسيطرة.

وأعتقد أن الرغبة كانت دائماً موجودة من جانب النظام لاستعادة كامل الشمال الغربي من سوريا، وأرى أن مدى السيطرة الجهادية في الشمال الغربي تؤثر بشكل أساسي على رغبة المعارضين في الدفاع عن هذه المنطقة في وجه ضغوطات النظام، ولا أعتقد أنه أمر ممكن بعد الآن، وهذا الموضوع قابل للنقاش لو حدث في أي وقت مضى، بالتأكيد ليس الآن.

تبدو إدلب الآن خاضعة لسيطرة شديدة من قبل الهيئة أو حكومة الإنقاذ السورية، كيف ينبغي للمجتمع الدولي أن يعمل في محافظة إدلب التي تحكمها ظاهرياً جماعة متطرفة متشددة؟

[حكومة الإنقاذ السورية هي سلطة مدنية تشكلت في محافظة إدلب في مطلع تشرين الثاني بدعم من هيئة تحرير الشام، ومنذ ذلك الحين، حلت حكومة الإنقاذ المجالس المحلية وهددت الهيئات الحكومية المنافسة لها في شمال غرب سوريا]

بالنسبة لي إن النهج الدولي الحالي منطقي: استمرار تقديم المساعدات الإنسانية من خلال عمليات تدقيق ومراقبة عملية ومعقولة.

[هناك أيضا تواصل] للمساعدة في تحقيق الاستقرار، ولكن من المرجح الابتعاد عن الحكم وتقديم الخدمات، وهي أمور لا يوجد سبب مقنع للتدخل بها، وخاصة أن الهيئة الآن تستوعب الهيئات المحلية أكثر فأكثر في جهازها الإداري].

وفي حال ذهبنا لأبعد من ذلك، فإن الأمر يعتمد على المنحى الذي تسير تجاهه إدلب والشمال الغربي ككل، وهو أمر صعب للغاية.

شخصياً لست متفائلاً تجاه ما يحدث، وأعتقد أن النظام وحلفاءه سيسطرون على الشمال الغربي، وما نراه الآن هو على الأرجح المرحلة الأولى ضمن عدة مراحل لاستعادة النظام السيطرة على الشمال الغربي.

برأيك إلى أي حد تسيطر الهيئة وحكومة الإنقاذ على ادلب؟

إنهم ليسوا شموليين بنفس الطريقة التي كان عليها تنظيم الدولة إلى حد ما، لأنهم لا يمتلكون ذات النوع من الموارد – أي النفط وعائداته التي يملكها تنظيم الدولة والوصول عبر الحدود إلى العراق لنقل الإمدادات.

وأعتقد أن جبهة النصرة، وجبهة فتح الشام وهيئة تحرير الشام الآن، كانت موجودة كجزء من شيء تسلل في هذا الوسط المعارض الأكبر، ومارس السيطرة والتأثير من خلال [وسائل] غير مباشرة.

[تأسست جبهة النصرة في عام ٢٠١٢ كفرع رسمي لتنظيم القاعدة في سوريا، وفي صيف عام ٢٠١٦ غيرت جبهة النصرة تسميتها إلى جبهة فتح الشام، وقطعت علاقاتها مع تنظيم القاعدة. وفي كانون الثاني ٢٠١٧، أصبحت جبهة فتح الشام العنصر الرئيسي في هيئة تحرير الشام].

ما أود قوله هو أن بعض الناس، وأنا لا أعرف مدى خطورة ذلك، تميل إلى تقييم مدى تأثير الهيئة ومناطق سيطرتها على الخريطة، وبحسب البعض هي 40 إلى 50 في المائة من المحافظة.

وحتى لو تمكنت من تحديد المناطق الريفية أو المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة الخارجة عن سيطرتها، فإنها أقل أهمية أمام سيطرتهم على مدينة إدلب، وإدارتهم بشكل غير مباشر لمعبر باب الهوى [المؤدي إلى تركيا]، حيث يسيطرون على هذه العقد ونقاط الاتصال الرئيسية في إدلب.

وعلى حد علمي، فإن المناطق الوحيدة الخارجة عن سيطرة الهيئة هي مناطق زنكي.

[كانت حركة نور الدين زنكي واحدة من فصائل المعارضة الخمسة التي اندمجت لتشكيل هيئة تحرير الشام في كانون الثاني عام ٢٠١٧، وانشقت الزنكي عن التحالف المتشدد في حزيران، بسبب عدم رغبة جبهة فتح الشام بإنهاء الاقتتال الداخلي للمعارضة في شمال غرب سوريا].

تقع مناطق الزنكي الأساسية في غرب حلب، ويمكنك تحديد بلدات معينة أو مجموعة من القرى أو المناطق التي يكون فيها تواجد أحد الفصائل أكثر من البقية، ولكن الهيئة متواجدة هناك أيضاً، إنهم في كل مكان.

إن الهيئة موجودة للحد الذي يمكنها أن تطال كل شيء وتفعل كل ما تريده، وإذا أرادوا أن يكونوا في مكان معين بإمكانهم ذلك، يمكنهم حشد قافلة للوصول إلى أي مكان، لا أحد يمنعهم!

من خلال نظرة أوسع في الشمال الغربي، شاهدنا في الأسابيع الأخيرة أن الهيئة وحكومة الإنقاذ تتفوق على منافسيها السياسيين والعسكريين، وتحتكر تدريجياً السلطة المدنية والعسكرية في محافظة إدلب، كيف سيؤثر ذلك على المنظمات الدولية العاملة هناك؟

استمر تقديم المساعدات الإنسانية، ولكن يبدو وكأن توسع سيطرة الهيئة كان له تأثير مثبط، وأثار ذلك مخاوف عامة بشأن تقديم دعم مادي، عن غير قصد، لمنظمة إرهابية من قبل هيئات الإغاثة نفسها أو من خلال الضغوط من الجهات المانحة التي تخشى الوقوع بمثل هذا الخطأ.

المنظمات الدولية تتعامل مع الضغوط من عدة جوانب، طالما أنها تعمل أيضا من تركيا في كثير من الحالات. وأصبحت تركيا مكانا أقل ترحيبا بالمنظمات غير الحكومية العاملة في مجال الإغاثة الدولية والجهات التي تساهم في تحقيق الاستقرار.

النازحون السوريون يفرون من القتال في جنوب شرق إدلب في ٧ كانون الثاني ٢٠١٨.  تصوير: عمر حاج قدور / وكالة فرانس برس.

أرى أن إدلب أصبحت بمثابة مصدر تغذية راجعة، حيث أن المزيد من تعزيز سلطة الهيئة في المحافظة، يؤدي إلى ميل المزيد من المنظمات الإنسانية والمنظمات الدولية إلى الانسحاب والحد من عملياتها. هل نتوقع رؤية هذا النوع من التطور الديناميكي في المنطقة؟

رأينا هذا النمط من السبب والنتيجة فعلياً على أرض الواقع ومن المرجح أن يستمر ذلك، إذا كنا نتحدث عن ردود الفعل، فإن الأمر أكثر قابلية للنقاش، والسؤال المطروح هو ما إذا كانت المساعدة المتناقصة تجعل من هذه المنظمات أو الهيئات الإدارية المحلية أكثر عرضة للسيطرة عليها من قبل الهيئة.

وهذا ما يحدث، تصبح العلاقات أشبه بدائرة مغلقة، وهذه هي الحالة التي يتسبب بها الناس، حيث أن تقديم المساعدة بشكل مستمر يبقي بعض هذه الهيئات المحلية مستقلة، وربما تكبح في الواقع امتداد تأثير الهيئة.

وكان هناك الكثير من الأمور لمناقشتها، كما أعتقد، بين الأشخاص الذين يشاركون في المساعدة – لا سيما المساهمة في تحقيق الاستقرار – حول مدى السيطرة الحقيقية لحكومة الإنقاذ.

ومن الواضح أنه من غير الممكن الحصول على رؤية واضحة تماما من خارج البلاد، أو ربما حتى من الداخل، وخاصة بالنظر إلى الاختلاف المحلي من حيث السيطرة بين منطقة وأخرى أو بين البلدات.

وبرأيي أن السبب في توسع سيطرة حكومة الإنقاذ، بغض النظر عن أي شرعية أو دعم لها، هو وجود الهيئة التي تنفذ ما يصدر عنها.

فعندما يتحركون ويوقفون أي عمل تكون لديهم القوة التنفيذية إلى جانبهم، وهي الهيئة، والتي تعطيهم السلطة على الأرض.

إن حكومة الإنقاذ سلطة مدنية قوية تدعمها القوة العسكرية للهيئة. هل هناك ما يمكن أن تقوم به هيئة الحكم المحلية عندما تصدر حكومة الإنقاذ أو هيئة تحرير الشام الأوامر؟

لا يبدو أن هناك قوة عسكرية موازية لها وفعالة، ليس هناك سوى الرفض المدني الشعبي حتى الآن، إن المشاعر المدنية المحلية مهمة، ولكنني أعتقد أيضاً أن تأثيرها محدود في البت بقضايا السلطة والسيطرة.

وهذا لا يسمى بالديمقراطية.

من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كانت التطورات الأخيرة التي حققتها الحكومة السورية في إدلب دائمة، سواء كانت قادرة على ربط المنطقة مع مناطقها في غرب حلب وقسم إدلب إلى نصفين أم لا. كما كان التقدم الذي أحرزته القوات الموالية للحكومة في جنوب إدلب على مدى الأسابيع القليلة الماضية سريعا؟

السؤال الكبير الذي لا يمكن إجابته الآن هو إلى أي مدى يتقدم النظام وحلفاؤه، فيما لو كانوا يتقدمون إلى ما وراء خط سكة الحجاز، التي تحد شرق إدلب، وهي منطقة صحراوية. بالتأكيد سوف يسيطرون عليها، إنه يحدث بالفعل ونحن نشاهد.

وهذا الخط الطويل للمواجهة لا يمكن الدفاع عنه تماماً، كما أن الهيئة وجماعات المعارضة الأخرى غير قادرة على الحفاظ عليه، إنها أرض واسعة ومفتوحة، لن يجدي فيها الدفاع نفعاً، وستكون القوات عرضة للقصف الجوي الروسي، وعندما يبدأ القصف الجوي لن يكون هناك وسيلة للمقاومة أو الصمود، إنها مسألة مفتوحة ما إذا كان الأمر مختلفاً في المناطق الداخلية في إدلب حيث المنطقة وعرة، وشبه جبلية.

كما أن لديهم قاعدة اجتماعية ضعيفة في تلك المنطقة، ومن غير المعروف إلى أي مدى ترتكز الهيئة على أي من هذه المجتمعات في [إدلب]، ولكن يبدو أنها لم تجند الكثير من الناس في الشرق، على وجه الخصوص.

لذلك لديك بعض المقاتلين الذين هم على استعداد للدفاع حتى النهاية، بينما العديد من الآخرين الذين هم من غرب إدلب أو غرب حلب، سيسرهم التراجع والدفاع في المناطق الأكثر كثافة سكانية داخل إدلب.

 

حاوره: جستن كلارك

ترجمة: سما محمد.

شارك هذا المقال