3 دقائق قراءة

سكان المخيمات في قلب معركة فصائل شمال غرب سوريا

وقع سكان المخيمات في المنطقة الفاصلة بين مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام بريف إدلب والجيش الوطني بريف حلب ضمن حدود إطلاق النار بين الطرفين ما أدى إلى حركة نزوح في صفوفهم


12 أكتوبر 2022

إدلب- في الخامسة فجراً انتفضت أم رضا (اسم مستعار) وأطفالها الخمسة من فراش خيمتها البلاستيكية في مخيم “أطفالنا تناشدكم”، ضمن تجمعات أطمة الواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام في ريف إدلب الشمالي، فزعاً من صوت أزيز الرصاص وقذائف الهاون الناتجة عن اشتباكات الهيئة مع الفيلق الثالث التابع للجيش الوطني.

قضت أم رضا، وأبناؤها الليلة من دون زوجها، المقيم في منطقة سرمدا، ويزور العائلة مرة واحدة في الأسبوع، ولسوء حظها لم يكن أبو رضا في هذه “الليلة المرعبة”، كما قالت لـ”سوريا على طول”، ما دفعها إلى “طرق باب جيراني للاحتماء من الرصاص في بيتهم المسقوف من الإسمنت وللتخفيف من روع أطفالي”، بحسب النازحة من بلدة كفرسجنة بريف إدلب الجنوبي منذ ثلاث سنوات.

عاشت أم رضا ساعات مرعبة كغيرها من سكان مخيمات أطمة وسفوهن وأم الشهداء والجزيرة وكفرسجنة، الواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، في المنطقة المحاذية لمناطق سيطرة الجيش الوطني في ريف حلب الشمالي.

واندلعت الاشتباكات بالقرب من منطقة المخيمات، بعد دخول هيئة تحرير الشام على خطّ المواجهات إلى جانب فرقة الحمزة، التي كشفت التحريات ضلوع قيادياً فيها وعناصر تابعين لها باغتيال الناشط الإعلامي محمد عبد اللطيف (أبو غنوم) وزوجته وجنينهما، ضد الفيلق الثالث في الجيش الوطني، الذي داهم مقرات “الحمزة” أو “الحمزات” كما يطلق عليها في مدينة الباب وما حولها.

ولا يختلف حال المخيمات الواقعة تحت سيطرة الهيئة عن المخيمات الواقعة تحت سيطرة الجيش الوطني، من قبيل مخيميّ دير بلوط والمحمدية، في عفرين بريف حلب، القريبين من منطقة الاشتباك، حيث وقعت عدة إصابات في صفوف المدنيين، كما قال الناشط الإعلامي فادي شباط لـ”سوريا على طول”، المقيم في مخيم المحمدية، مشيراً إلى وجود حركة نزوح في المناطق القريبة من الاشتباكات.

 

مقطع فيديو نشره فادي شباط على صفحته عبر “فيسبوك” يًسمع فيه أصوات الرصاص في مخيم المحمدية بمنطقة عفرين في ريف حلب الشمالي

وأضاف شباط: “أصيب أربعة أشخاص، منهم امرأة، جراء الاشتباكات، ولم يتمكن الدفاع المدني من الوصول إلى المخيم لنقلهم إلى المستشفى”، كما لم يتمكن الكادر الطبي من الوصول إلى المركز الصحي في المخيم “نتيجة قطع الطريق الواصلة بين مدينة جنديرس وبلدة دير بلوط”، ما اضطر سكان المخيم لـ”نقلهم بسيارة خصية إلى نقطة طبية خارج المخيم”.

وناشد سكان المخيمين، المقدر عددهم بنحو 1600 شخص، غالبيتهم من مهجّري جنوب دمشق “تحييد المخيمات عن الاشتباكات وتسهيل دخول سيارات الإسعاف إليه”، لكن لم يتم الاستجابة لمطالبهم، وفقاً لشباط.

من جانبه، لم يتمكن الفريق الطبي الذي يعمل في مخيم المحمدية دخوله حتى لحظة نشر هذا التقرير، كما أوضح أحد الممرضين العاملين فيه، مشيراً لـ”سوريا على طول” إلى أنهم أرشدوا أحد المدنيين في المخيم إلى “كيفية التعامل مع إصابة مدني آخر عبر الهاتف، لأننا لم نتمكن من إخراجه”.

وفي الليلة الماضية، شهد مخيما المحمدية ودير بلوط حادثتي ولادة “تعاملت معهما قابلة مقيمة في مخيم المحمدية وسهلت عملية الولادة للسيدتين”، كما أوضح شباط.

وقوع سكان المخيمات ضمن حدود منطقة إطلاق النار بين الهيئة والفيلق الثالث أدى إلى حركة نزوح داخلية لسكان المخيمات باتجاه مخيمات أخرى، كما قال محمد الاسماعيل، من سكان مخيم سفوهن لـ”سوريا على طول”، الذي نزح مع عائلته إلى مخيمات مشهد روحين، البعيدة عن الاشتباكات، في منطقة دير حسان بريف إدلب الشمالي.

ووثق فريق “منسقو استجابة سوريا”، اليوم الأربعاء، حركة نزوح في أكثر من تسعة مخيمات في ريف إدلب وحلب، ستة منها تعرض للاستهداف جراء الاشتباكات وأدت إلى سقوط “ضحايا وإصابات”، وفق الفريق. 

منذ اندلاع الاشتباكات في مناطق الجيش الوطني بريف حلب، في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر، توقع سكان مخيمي المحمدية ودير بلوط أن تشهد مناطق إقامتهم توتراً عسكرياً “لقرب المخيمين من حاجز دير بلوط الذي شهد استنفاراً عسكرياً غير مسبوق من قبل الجيش الوطني”، بحسب شباط، لكنه لم يتوقع أن تصل الاشتباكات إلى هذا الحد.

وأدت التطورات العسكرية إلى احتجاز حاجز الجيش الوطني بالقرب من بلدة دير بلوط سيارات المدنيين، أمس الثلاثاء ليلاً، رافضاً إدخالهم إلى مناطق نفوذه أو عودتهم إلى منطقة أطمة، الواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، كما قال هيثم المحمود، أحد الذين تم احتجازهم “منذ الساعة العاشرة ليلاً حتى الثانية فجراً”، مشيراً في حديثه لـ”سوريا على طول” أن أحد عناصر الحاجز أخبره “سنتخذكم دروعاً بشرية أمام الهجوم المتوقع لهيئة تحرير الشام على المنطقة”.

وكان هيثم، المقيم في أطمة، في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي، ذهب لاستقبال أقاربه الذين دخلوا من تركيا عبر معبر جرابلس لزيارته، لكن “لسوء الحظ صادف وصولنا إلى المعبر مع التوتر العسكري بين الجانبين”، بحسب قوله، ما اضطر “الضيوف” إلى “السير على الأقدام من المعبر إلى مخيمات أطمة”، وبقي هيثم محتجزاً حتى الثانية ليلاً “حيث سمح لنا بالمرور لكن عبر طرق فرعية بين حقول الزيتون”.

أمام توسع نطاق الاشتباكات وارتفاع وتيرتها، فكّر شباط النزوح من المخيم رفقة زوجته وطفله الرضيع إلى البساتين المحيطة بالمخيم “لكن مع استخدام الأسلحة الثقيلة لم يبقى أمامنا خيار سوى البقاء داخل المخيم رغم أن خيامنا لا تقينا من الرصاص”، كما قال.

شارك هذا المقال