4 دقائق قراءة

سكان منبج يواجهون خطر نزوح جديد نحو المجهول

يفر عشرات الآلاف من أهالي مدينة حلب وريفها، ثاني أكبر […]


يفر عشرات الآلاف من أهالي مدينة حلب وريفها، ثاني أكبر مدينة سورية، هربا من المعارك الدائرة بين تنظيم الدولة وقوات سوريا الديمقراطية، المدعومة من قبل الولايات المتحدة، الشيء الذي ترك المدنيين بين “المطرقة والسندان”، بحسب ما قاله أحد المدنيين لسوريا على طول.

إلى ذلك، قال عدنان الحسين، من ريف منبج، ويعيش حاليا في تركيا، “قسم من الأهالي ينزحون من المدينة نفسها إلى الريف وقسم ما زالوا عالقين داخل المدينة”.

وتشن قوات سوريا الديمقراطية، وهو تحالف متعدد الأعراق مدعوم من قبل الولايات المتحدة يحارب تنظيم الدولة في الشمال السوري، هجوما لاستعادة منبج من تنظيم الدولة، منذ الأسبوع الماضي.

ومنذ ذلك الحين، تمكنت قوات سوريا الديمقراطية، بدعم من طيران التحالف الدولي، من السيطرة على عشرات القرى والتقدم 5 كم من مناطق سيطرتها شرقاُ إلى مشارف منبج، والتي تقع على بعد 30 كيلومتراً جنوب الحدود التركية، وعلى بعد 100 كيلومتر شمال شرق مدينة حلب، الواقعة على خط الإمداد الرئيسي للتنظيم.

وسكان منبج هم من الأكراد والشركس والعرب، وتعتبر منطقة ليبرالية نسبيا أكثر من غيرها بالنسبة للمناطق التابعة لريف حلب، وكان تنظيم الدولة فرض سيطرته عليها في مطلع عام 2014.

وحاليا تحاصر قوات سوريا الديمقراطية بشكل جزئي منبج، التي يسكنها 65 ألف شخص، وتحرز تقدما من الشمال والشرق والجنوب. وكانت قوات سوريا الديمقراطية قطعت طريقين للإمداد؛ طريق يمتد شمالا من منبج إلى جرابلس، وآخر يمتد جنوب شرق الرقة.

صورة تبين مدينة منبج من أحد نقاط قوات سوريا الديمقراطية، يوم الأحد. حقوق نشر الصورة لتنسيقية منبج

ونزح حتى الآن، ما لا يقل عن 20 ألف نسمة من منطقة منبج، “نتيجة للمكاسب السريعة وتكثيف النشاط الجوي”، حسب تقرير تابع لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية نشر يوم الأحد.

وأشار التقرير إلى أن ثمانية آلاف شخص فروا من منبج المدينة، وحدها ويمكن أن يتسبب القتال في نزوح نحو 216 ألفاً آخرين إذا استمر.

وقال أبو عمر، أحد الأهالي الذين يعيشون في مناطق التنظيم، لسوريا على طول، يوم الاثنين، أن “أغلب المدنيين ممن هربوا من القتال، يفترشون الأراضي ويعيشون في خيم”.

ونزح أبو عمر مع عائلته، من قريتهم الواقعة غرب منبج، مرتين بسبب قصف قوات التحالف والنظام، ويعتقد بأن عليه الفرار مرة أخرى في الأيام المقبلة.

وأضاف “نحن الان في منطقة شرق مدينة منبج، وأصبحت قوات سورية الديمقراطية قريبة جدا، ويجب ان ننزح مرة اخرى الى المجهول”.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن النازحين الجدد توجهوا شمالا نحو مدينة جرابلس، القريبة من الحدود التركية والواقعة تحت سيطرة التنظيم، بينما توجه آخرون جنوبا باتجاه القرى الممتدة على طول نهر الفرات والواقعة تحت سيطرة التنظيم.

وأكد أبو عمر أن “التنظيم يمنع الاهالي المتواجدين في مناطق سيطرته من النزوح إلى خارج مناطقه”.

وأضاف أن “قلة من الأهالي ينزحون تهريبا، ويمشون عدة ساعات في طرقات سرية وخطيرة ليصلوا مناطق المعارضة ولكن الكتير منهم القي القبض عليهم”.

وتابع “اننا نبحث عن أي طريقة للهروب من مناطق التنظيم إلى مناطق المعارضة”.

وأوضح أبو عمر أن السكان في ظل تنظيم الدولة لايعانون فقط من التشرد والعنف، بل يعانون أيضا من “الغلاء الفاحش والفقر الشديد”.

وسبب تفاقم أزمة الوقود شمال حلب، في وقت سابق من هذا العام، شللا في الاقتصاد في المناطق الشمالية، التي يمر فيها الديزل القادم من مناطق تنظيم الدولة، في شرق حلب، عبر الأراضي التي يسيطر عليها الاكراد، قبل الوصول إلى المناطق التي يسيطر عليها الثوار في إدلب وحلب وحماة. ومقابل الحصول على وقود الديزل، تتوجه المواد الغذائية، من مزارع إدلب، شرقا إلى الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم الدولة.

إلى ذلك، قال أبو عمر أن “الأسعار ارتفعت بنسبة 200% فمثلا 6 أرغفة من الخبز سعرها 200 ليرة سورية، وكيس السكر وصل إلى 50 ألف ليرة”.

وأكد أن معظم الأهالي الذين نزحوا من منبج “لم يكن لديهم المال لشراء خيمة، وأغلبهم باعوا كل ما يملكون ليحصلوا على ما يسد الرمق، وأهلي باعوا حتى أثاث منزلنا”.

وأضاف “وضعنا من سيء الى اسوأ، فنحن ضحايا هذه الصراعات”.

بين المطرقة والسندان

منعت قوات سوريا الديمقراطية السكان من العودة، في الوقت الحالي، إلى منازلهم خوفا من تسلل عناصر تنظيم الدولة إلى المناطق التي سيطروا عليها مؤخرا.

إلى ذلك، قال سوزدار اسماعيل، ناشط اعلامي، مشيرا إلى قرية قريبة من منبج أن ” قرية ام العظام القريبة من منبج، فيها نسبة شباب كبيرة، وقوات سوريا الديمقراطية خائفة من السماح لهم بالعودة بسبب الغدر وخوف انتماء اي منهم لتنظيم الدولة”.

ومن جهته، صرح طلال سلو، الناطق الرسمي باسم  قوات سوريا الديمقراطية أن حالة النزوح التي تشهدها مدينة منبج نتيجة المعارك هي “مؤقتة وسيتم السماح للسكان بالعودة إلى منازلهم”، وذلك حسب تقرير نشرته وكالة أنباء هاوار، يوم الثلاثاء.

ويقول بعض أهالي منبج، أن قوات سوريا الديمقراطية تزعم أن بعض الأهالي يدعمون تنظيم الدولة ويتعاملون معهم على هذا النحو.

وقال أبو عمر أن “الأهلي بين السندان والمطرقة؛ فالشباب بمناطق داعش كلهم ملتحين، عندما تراهم وحدات الحماية تقوم بقتلهم  فقط لمنظرهم، علماً أنهم يكرهون داعش أكثر مما تكرههم وحدات الحماية أنفسهم”.

ودفعت شكوك قوات سوريا الديمقراطية بالسكان إلى جعل الكثير من الأهالي “يفضلون التنظيم رغم ظلمه وكرههم له على وحدات الحماية لما يقومون به من انتهاكات بحق المدنيين”، بحسب أبو عمر.

وقال أحمد، أحد سكان منبج الذين هربوا من مناطق التنظيم إلى تركيا، إن “السكان لاحول لهم ولاقوة، وبشكل عام الجميع ضد تنظيم الدولة، إلا أنه تم اغراء البعض للقتال معهم، والبعض أجبر على ذلك وهم يريدون الخروج من المنطقة لكنهم لا يستطيعون”.

وأضاف أحمد “ومن الجهة الأخرى، السكان ضد قوات سوريا الديمقراطية”، بسبب انتهاكاتهم المزعومة.

ومن جهته، قال أبو عمر أن “المدنيين الفقراء والمساكين هم ضحية الطرفين”.

 

ترجمة: بتول حجار

 

شارك هذا المقال