5 دقائق قراءة

سلطات المعارضة في درعا تحظر بيع القمح في مناطق سيطرة الحكومة تفادياً “لأزمة طحين” تلوح بالأفق

حظرت سلطات المعارضة في محافظة درعا بيع القمح إلى المناطق […]


حظرت سلطات المعارضة في محافظة درعا بيع القمح إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الأسبوع الماضي، وذلك استعداداً لتعويض النقص المتوقع نتيجة التخفيض المستمر لمنحة الطحين التي تقدمها الولايات المتحدة لجنوب سوريا إلى أن تتوقف نهائياً، بحسب ما أفادت به مصادر محلية.

وقال أبو هادي الربداوي، مدير مؤسسة الحبوب في درعا وعضو في “لجنة القمح” المسؤولة عن توزيع البذور والإشراف على الحصاد في المحافظة، لسوريا على طول أنه اعتبارا من الأسبوع الماضي قررنا الحجز على سيارات المواطنين في درعا ومصادرة حمولتها من قبل فصائل المعارضة المحلية من الذين يحاولون نقل القمح وبيعه في الأراضي الواقعة تحت سيطرة الحكومة.

وفي الوقت الذي حاولت فيه سلطات المعارضة الحد من صادرات القمح في الماضي، إلا أن الحظر الأخير ينفذ بصرامة أكبر بكثير مما كان عليه في السنوات السابقة، وفقاً لما قاله مسؤولان محليان لسوريا على طول.

وتأتي القيود المشددة وسط مخاوف متزايدة من أن السلطات في درعا، الواقعة تحت سيطرة المعارضة، لن تكون قادرة على تلبية حاجة المحافظة والتي تصل إلى 50 ألف طن من الطحين، وفقاً لما أكده الربداوي، وذلك بعد أن قررت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) بإنهاء برنامج منحة الطحين في جنوب سوريا في الأشهر القادمة.

وأضاف الربداوي وعدد من مسؤولي المعارضة والمنظمات الإنسانية في محافظة درعا أنهم علموا أن مساعدات الطحين المقدمة إلى درعا ستنتهي في شهر أيلول القادم من خلال بيان وزعته “وتد” في شهر آذار الماضي، وهي مجموعة إنسانية محلية تقوم بتوزيع الطحين محلياً بالنيابة عن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID).

مزارعون يحصدون القمح في محافظة درعا في أيار. الصورة من أجمل الصور من درعا.

وصرح مسؤول في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومقرها واشنطن لسوريا على طول، يوم الثلاثاء، أن برنامج توزيع الطحين سيتوقف تدريجيا ولكن من المقرر أن يستمر حتى شهر آذار 2019.

وقال مسؤول الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أن مشروع المساعدات الغذائية الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قام بتزويد جنوب سوريا بـ 121 ألف طنًا من الطحين الذي تم شراؤه من الأردن المجاورة منذ عام 2013.

وقدم المشروع الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ما يقارب نصف كمية الدقيق الذي تحتاجه درعا على مدى السنوات الأربعة الماضية، في حين يشكل الإنتاج المحلي والمصادر الخارجية النصف الآخر، بحسب الربداوي.

وتسعى “لجنة القمح” إلى جانب السلطات الأخرى التي تديرها المعارضة في محافظة درعا إلى تأمين أكبر قدر ممكن من محصول القمح المحلي هذا العام، استعدادًا لنهاية مشروع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وذلك من خلال وقف بيع القمح إلى الأراضي الحكومية وتخزين أكبر قدر ممكن من المحاصيل المحلية.

ولكن الربداوي وغيره من المسؤولين في درعا يشعرون بالقلق من عدم التمكن من تعويض المحافظة عن النقص الذي سيحدث بعد شهر أيلول دون خطة المساعدات التي تدعمها الولايات المتحدة.

وقال الربداوي “بعد توقف المنحة سيكون هناك نقص حاد وكبير بالطحين مما قد يسبب أزمة كبيرة”.

“لا يوجد تفسير واضح”

وأرسلت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بين 2400 و 2500 طن من الدقيق شهريا للمخابز في محافظة درعا التي تسيطر عليها المعارضة منذ عام 2013 حتى آذار من هذا العام إلى أن أعلنت المنظمة أن اتفاقها لتزويد جنوب سوريا بالدقيق لن يتم تجديده، وفقاً لما قاله الربداوي لسوريا على طول.

وبعد أسابيع من شهر نيسان، بدأت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية من تقليل برنامج المساعدة تدريجياً، حيث تم تخفيض شحنات الدقيق إلى جنوب سوريا نحو “15 إلى 20 بالمئة في الشهر” على حد قول الربداوي.

ومع بداية شهر حزيران، تم تخفيض شحنات مساعدات الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إلى جنوب سوريا بنسبة 30 في المئة، وفقاً لما أكده أحد موظفي “وتد”، المنظمة المحلية التي تتلقى وتوزع الدقيق في المحافظة، لسوريا على طول.

وقال موظف “وتد” الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول بالحديث إلى الصحافة “لا يوجد تفسير واضح لسبب توقف المشروع”.

وقال مسؤول في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ومقرها واشنطن، أن المشروع أخذ في الإنخفاض بسبب “المشهد المتغير في جنوب غرب سوريا”، مستشهداً “بالعمليات النشطة عبر الحدود” التي تقوم بها الأمم المتحدة لتقديم المساعدات الإنسانية إلى المدنيين هناك.

“محصول قليل”

وفي ظل النظام الحالي، يصدر المشروع الذي تقوده الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) طحينا جاهزا للاستعمال تم شراؤه من الأردن إلى جنوب سوريا، وتقوم “وتد” بعد ذلك بتوزيع الدقيق على المجالس المحلية. ثم توفر المجالس المحلية الدقيق للمخابز التي تصنع الخبز، وهو غذاء رئيسي في سوريا والشرق الأوسط.

وتقوم سلطات المعارضة بتأمين الكمية المتبقية من الطحين، أي ما يقارب 55 بالمئة من حاجة درعا السنوية، من مصادر أخرى، حيث يقوم المزارعون المحليون بزراعة القمح وبيعه إلى “لجنة القمح” وتشتري سلطات المعارضة الباقي من التجار الذين يبيعون الدقيق في المناطق الحكومية المجاورة، وفقاً لما قاله الربداوي.

ومن ثم يطحن القمح المزروع محلياً في مطحنة الدقيق الوحيدة في محافظة درعا، والتي كانت قادرة على إنتاج ما يقارب 1000 طناً من الطحين شهرياً في العام الماضي، وهو مايمثل 20 في المئة فقط من احتياجات الجنوب في ذلك الوقت، حسب قول الربداوي.

حقل قمح في محافظة درعا في أيار. الصورة من أجمل الصور من درعا.

وحتى لو تمكنت سلطات المعارضة في درعا من تأمين كل كمية القمح اللازمة لإنتاج 50 ألف طناً من الطحين المطلوب في المنطقة، فسيكون من الصعب طحن جميع الكمية للاستفادة منها، وفقاً لما قاله علي الصلخدي محافظ درعا.

وأضاف “إذا عملت طاحونة درعا بكامل طاقتها ولمدة 24 ساعة في اليوم، فإنها ستغطي 30 في المئة فقط من المحصول” مضيفاً “نحن بحاجة إلى مطحنتين أخرتين”.

بالإضافة إلى ذلك، فإن محصول القمح المحلي في جنوب سوريا يفتقر إلى الصنف المحدد الحرج لإنتاج الخبز، كما يقول الصلخدي.

هناك نوعان رئيسيان من القمح المزروع في سورية، القمح الصلب والقمح الطري. أما النوع الثاني وهو القمح الطري يحتوي على نسبة غلوتين أقل من القمح الصلب ويستخدم في صنع الخبز المتوسطي الذي يتم تناوله في معظم المنازل السورية.

وفي محافظة درعا، فإن “90% من انتاجنا هو من القمح القاسي”، والذي يعتبر وحده غير مناسب لصنع الخبز السوري. وبدلاً من ذلك، يجب خلط كميات صغيرة من القمح الطري في درعا بالقمح الصلب، لإنتاج خبز منخفض الجودة، على حد قول الصلخدي.

وقال الصلخدي أن محصول القمح هذا العام في درعا، الذي بدأ في أواخر شهر أيار، أنتج كميات أقل من القمح، من كلا الصنفين، مقارنةً بالسنوات السابقة مما يجعل المحافظة أكثر عرضة للعجز.

وأضاف “هناك الكثير من الحقول الجيدة، ولكن المحصول قليل هذا العام”.

وتعرضت مناطق كثيرة في جنوب سوريا للعواصف المطرية الغزيرة التي غمرت مناطق واسعة من محافظتي درعا والقنيطرة خلال أشهر الشتاء والربيع، بما في ذلك قطاعات كبيرة من محصول القمح في درعا، بحسب ماقاله حسن المقداد، مزارع في بصرى الشام شرق درعا، لسوريا على طول.

وأضاف المقداد “لقد تضرر الكثير من الناس هذا العام، ودمرت الأمطار الغزيرة 95 بالمئة من محصولي”.

بالنسبة للمقداد، سينفق أموال حصاد هذا العام على تغطية تكاليف المعدات والعمال “لن يكون ذلك كافياً لنا”، على حد قوله.

ومع اقتراب محصول القمح من نهايته وتقليص مشروع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، يستعد مدير “لجنة القمح” الربداوي للأمن الغذائي في جنوب سوريا “للأزمة الكبيرة” بمجرد توقف المساعدات بالكامل.

وقال “إذا فشلت الجهود المبذولة لشراء القمح وإنشاء المصانع في درعا، فقد تتطور الأزمة إلى مجاعة لاقدر الله”.

ترجمة: بتول حجار

 

شارك هذا المقال