5 دقائق قراءة

“سوريا على طول” تخرّج الدفعة الأولى من المشاركين في مشروع لتدريب ودمج صحافيين أردنيين وسوريين

عمان- في خطوة جديدة على صعيد عملها في مجال التدريب الإعلامي، خرّجت منظمة "سوريا على طول"، اليوم الخميس، الدفعة الأولى من متدربين ومتدربات مشاركين في مشروع "ربط المجتمعات من خلال التشارك المهني"، والذي نفذ بالشراكة مع برنامج "دايركت إيد" التابع للسفارة الأسترالية في عمّان.


19 سبتمبر 2019

عمان- في خطوة جديدة على صعيد عملها في مجال التدريب الإعلامي، خرّجت منظمة “سوريا على طول”، اليوم الخميس، الدفعة الأولى من متدربين ومتدربات مشاركين في مشروع “ربط المجتمعات من خلال التشارك المهني”، والذي نفذ بالشراكة مع برنامج “دايركت إيد” التابع للسفارة الأسترالية في عمّان.

استهدف المشروع 12 مشاركاً من المواطنين الأردنيين واللاجئين السوريين في الأردن، تلقوا تدريباً على فنون الكتابة الصحافية المتقدمة، في مقر “سوريا على طول” في العاصمة الأردنية، عمان.

وسعياً إلى تحقيق أهداف المشروع، بما في ذلك “إدماج المتدربين” السوريين والأردنيين، فقد تم تقسيمه إلى دورتين، مدة كل منها شهر واحد، وضمت 6 متدربين من البلدين ومن كلا الجنسين. وتلقى المتدربون في الأسبوع الأول محاضرات نظرية، تبعته ثلاثة أسابيع من التدريب العملي في “غرفة الأخبار”، من خلال إعداد تقارير تتعلق بالشأن السوري، سواء داخل سوريا أو القضايا الناشئة عن اللجوء السوري إلى الأردن وتأثيراته على الشعب الأردني المضيف. وتم نشر عدد من هذه التقارير على موقع “سوريا على طول” باللغتين العربية والإنجليزية.

ويقيم في الأردن حوالي مليون مواطن سوري، بحسب التصريحات الرسمية الأردنية، من بينهم  657,445 شخص مسجلين لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. ومن ثم، يسهم مشروع “ربط المجتمعات من خلال التشارك المهني” في “إذابة الحواجز، وخلق بوابات للحوار، وتبادل الرأي، واحترام الآخر وتقديره”، بحسب المدرب والصحافي نور الدين خمايسة. لـ”سوريا على طول”. وليكون “منصة تخرج جيلاً جديداً من الصحافيين السوريين (اللاجئين) والأردنيين (البلد المضيف)، يفهم كل منهما احتياجات الآخر ومواقفه وتحدياته، ويسعى إلى إسناده من واقع تجربة واطلاع بدلاً من مجرد تعاطف وتفهم مبني على انطباعات قد لا تكون صحيحة”. 

الخمايسة  تولى تدريب نحو 150 متدرباً سورياً، ضمن مشاريع تدريبية سابقة، نظمته “سوريا على طول” على امتداد السنوات السابقة، كما شارك، إلى جانب الصحافي زياد الرباعي، في التدريب الأخير القائم على دمج المتدربين السوريين والأردنيين.

السفير الأسترالي في الأردن، مايلز ارميتاج، والمديرة التنفيذية لـ”سوريا على طول” السيدة ليديا سابادوس، يسلمان شهادة التخريج لإحدى المشاركات في الدورة، 19/ 9/ 2019 (عمر الشربجي)

 

“نقطة البداية العملية”

يومياً على امتداد الشهر الماضي، كان على المتدربة آلاء القاسم قطع مسافة 75 كيلومتراً ذهاباً، ومثلها إياباً، لحضور الدورة التدريبية مع “سوريا على طول”. إذ تسكن القاسم في مخيم الزعتري للاجئين السوريين شمال الأردن. 

القاسم (27 عاماً) من محافظة درعا، جنوب سوريا، كانت قد لجأت إلى الأردن مع عائلتها في كانون الأول/ديسمبر 2013، ما أجبرها على الانقطاع عن دراستها الجامعية، إذ كانت تدرس علم الاجتماع في جامعة دمشق، إلى حين حصولها على منحة دراسية في الأردن بعد سنتين من وصولها.

ورغم حصولها في آب/أغسطس الماضي على درجة البكالوريوس في “الصحافة والإعلام” من جامعة الزرقاء الخاصة، اعتبرت القاسم أن تجربتها في غرفة أخبار “سوريا على طول” كانت “نقطة البداية على الصعيد العملي”، حيث لمست فرقاً “بين الدراسة النظرية والتطبيق العملي”.

الدورة كانت أيضاً نقطة تحوّل في عمل المتدرب عامر الحاج علي. إذ رغم نشاطه الإعلامي مع منصات إعلامية سورية محلية، وضمن ذلك إعداده تقارير لمواقع إخبارية مهتمة بالشأن السوري، فقد أسهم التدريب في “سوريا على طول” في “تغيير طريقة طرح المادة وعرضها، إضافة إلى الاختلاف في الجمهور المستهدف”، كما ذكر لـ”سوريا على طول”.

الحاج علي (19 عاماً) هو أصغر متدرب في “سوريا على طول”. كان لجأ إلى الأردن مع والدته وإخوته، في حزيران/يونيو 2013، بعد مقتل والده جراء قصف للقوات الحكومية على بلدته خربة غزالة بمحافظة درعا.

ورغم صغر عمره، يمضي الحاج علي عدة ساعات يومياً في تتبع أخبار الجنوب السوري ونشرها، إلى “درجة أنني أعرف ما يحدث في سوريا بالتفصيل أكثر مما يدور حولي في الأردن”، بحسب قوله.

مشاركون في الدورة التدريبية يستعرضون تجربتهم في حفل اختتام مشروع “ربط المجتمعات من خلال التشارك المهني” في عمان، 19/ 9/ 2019 (عمر الشربجي)
 

الدمج بين المتدربين

على هامش التدريب النظري والعملي، خاض المتدربون السوريون والأردنيون مناقشات جادة حول أفكارهم والقضايا التي تهمهم، على مستوى سوريا والأردن كما على المستوى الشخصي.

وربما مثّلت موائد الإفطار التي أعدّوها في أوقات استراحتهم، واحدة من طرق الدمج غير المقصودة. إذ كما تنوعت الأطباق الشعبية على مائدة واحدة بين الشامية والأردنية، امتزجت لهجات المتدربين من كلا البلدين.

هذا الأمر ربما عايشته سابقاً المتدربة الأردنية حياة الدبيس، من محافظة المفرق شمال الأردن، مقدمة تقريراً عن قصة قرية الزعتري التي كانت مغمورة، إلى أن احتضنت المخيم الذي صار يحمل اسمها، ويعدّ أحد أكبر وأهم مخيمات اللجوء السوري على الإطلاق.

وفيما قد يركز الإعلام “على آثار اللجوء السلبية”، بحسب ما قالت الدبيس، فإنها طرحت قصة قرية الزعتري الأردنية، على موقع إعلامي سوري، بطريقة سرد مغايرة، مبينة تاريخ القرية وانعكاس اللجوء السوري عليها اجتماعياً واقتصادياً.

وفي مادة أخرى، اشتركت الدبيس، مع المتدربة السورية خديجة عبار في إعداد تقرير صحافي يتناول التحديات التي تواجه عمل السوريين الدارسين في الجامعات الأردنية، في التخصصات التي درسوها بعد تخرجهم. إذ لا يسمح قانون العمل لغير الأردنيين بالعمل فيما يعرف بـ”المهن المغلقة”.

وبتشارك المتدربتين في إجراء المقابلات مع المصادر الأردنية والسورية وكتابة التقرير، فقد اطلعت حياة (الأردنية) على قصص طلبة سوريين، كما زاد إحاطة خديجة بمعطيات الواقع المحلي الأردني ومبررات السياسة الرسمية على هذا الصعيد.

وهذا ما يجعل عملية الدمج بين المتدربين السوريين والأردنيين في قاعة تدريبية واحدة “انعطافة مهمة جداً في سير البرنامج” بحسب وصف الخمايسة. كونه “ساهم في التشبيك والتجسير بين الشباب من كلا البلدين”.

نقاشٌ يولّد فكرة

أنهى المتدرب الأردني مهند جويلس دراسة تخصص الصحافة والإعلام من جامعة اليرموك، في محافظة إربد شمال الأردن. ورغم أن تلك السنوات ربطته بعلاقات جيدة مع عدد من الطلبة السوريين في الجامعة، إلا أنها بقيت علاقات “لم تخرج عن إطار الدراسة”، بحسب قوله.

أيضاً، مع أن ثلاثة من أصدقائه السوريين عاشوا “ويلات الحرب” بحسب وصفه، فإنه لم يسبق له الاهتمام بالشأن السوري، أو متابعة تطوراته. لكن “بمشاركتي في الدورة إلى جانب عامر وآلاء ومروة [وهم ثلاثة متدربين سوريين]، حصلت على معلومات جديدة عن الأوضاع في الداخل السوري، كما عن أوضاع اللاجئين في الأردن”.

الحوار مع زملائه السوريين والأردنيين، أعاد إلى ذاكرته نظرة بعض الأردنيين من محيطه تجاه اللاجئين السوريين. إذ فيما يصف عدد من الأردنيين “أحوال السوريين المادية بأنها جيدة، وأنهم يحصلون على مساعدات مالية وعينية تكاد تكون فوق احتياجاتهم”، فإن “الواقع عكس ذلك” كما قال.

من هنا تولدت لدى جويلس فكرة إعداد تقرير: اللاجئ السوري في الأردن: تأمين تكاليف المعيشة تخلق صورة نمطية مغلوطة، استطلع فيه آراء مواطنين أردنيين، واستعرض حالات عدد من اللاجئين السوريين. وعلى عكس ما تعتقد شريحة من الأردنيين، يقبع 86 بالمائة من اللاجئين السوريين في الأردن تحت خط الفقر، بحسب منظمة اليونيسف.

وفيما كان متخوفاً من دورة تجمعه بمتدربين سوريين، لقلة معرفته بالشأن السوري، اعتبر جويلس عقب إنهائه الدورة أن “الدمج زاد من معلوماتي، وغير من أفكاري، إلى درجة صرت أهتم بقضايا كنت أحسّ بأنها سهلة ولا تلامس اهتمامي”.

شارك هذا المقال