9 دقائق قراءة

سوريا ومستنقع المساعدات منذ اثني عشر عاماً

لخص فشل المجتمع الدولي في إغاثة ضحايا زلزال السادس من شباط/ فبراير، في شمال غرب سوريا، مواطن الخلل الرئيسة التي يعاني منها قطاع المساعدات في سوريا على مدى 12 عاماً من الثورة والحرب.


17 مارس 2023

أثينا- يلخص فشل المجتمع الدولي في مساعدة مئات العالقين تحت الأنقاض، شمال غرب سوريا، في الأيام الأولى لزلزال السادس من شباط/ فبراير الماضي، مكامن خلل ملف المساعدات في سوريا، البلد التي مزقتها الحرب لأكثر من عقد.

في الأسبوع الماضي، ومع احتفاء السوريين بالذكرى السنوية الثانية عشرة للثورة السورية، التي انطلقت في أذار/ مارس 2011، أصدرت لجنة التحقيق الأممية المعنية بسوريا تحقيقاً توضح فيه سبب إخفاق الأمم المتحدة والمجتمع الدولي والحكومة السورية وأطراف النزاع الأخرى في “إتاحة وتسهيل إيصال المساعدات المنقذة للحياة” إلى شمال غربي البلاد عقب الزلزال.

كانت استجابة الأمم المتحدة، بموجب كل المعايير، بطيئة متلكئة. على مدى عدة أيام، لم تدخل أي معدات إنقاذ أو مساعدات خاصة بالزلزال إلى شمال غرب سوريا، كانت خلالها فرق الاستجابة المحلية الأولية تسابق الزمن لإنقاذ الأرواح، التي يمكن إنقاذها، بأسرع ما يمكن، فيما انتظرت الأمم المتحدة أسبوعاً إلى أن وافق بشار الأسد على فتح معبرين حدوديين إضافيين إلى الشمال الغربي، لتتضاءل فرص العثور على ناجين. 

وفي تلك الأثناء، حالت الحكومة السورية والجهتان اللتان تسيطران على شمال غرب سوريا -الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا وهيئة تحرير الشام- دون وصول قوافل المساعدات إلى مناطق سيطرتهما.

في الذكرى السنوية الثانية عشرة للثورة السورية، التي أفضت إلى صراع، ارتفع عدد أولئك الذين هم بأمس الحاجة إلى مساعدات إنسانية داخل البلاد أكثر من أي وقت مضى، بواقع 15.3 مليون من أصل 22.1 مليون نسمة. 

منذ استعاد الأسد السيطرة على معظم أنحاء سوريا، وقعت البلاد في دوامة الانهيار الاقتصادي، وهو خامس أكبر متلق للمساعدات الإنسانية في العالم. ورغم أنّ وكالات الأمم المتحدة هي الجهات الرئيسية المعنية بتسهيل إدخال المساعدات، غير أنها أخفقت إخفاقاً ذريعاً في تأدية دورها على مدى الاثنتي عشرة سنة الماضية، بحسب خبراء.

رضوخ الأمم المتحدة للأسد

عندما بدأ الصراع في سوريا، كثّفت الأمم المتحدة وجودها في دمشق. كان من المفترض أن تكون مهمة قصيرة قائمة على افتراض السقوط العاجل للأسد. غير أن الأسد عزز سلطته واحترف على مدى الاثني عشر عاماً فن سحب المساعدات الدولية وتحويل مسارها إلى المقربين من نظامه.

“أتقن النظام السوري التلاعب بالأمم المتحدة والتحكم بكل نشاط صغير يحدث في كل بلدة أو قرية تحت سيطرته أو نفوذه. وهذا ما أضعف قدرة الأمم المتحدة على الذود عن نفسها”، قال تشارلز ليستر، مدير برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط، لـ”سوريا على طول”، مشيراً إلى أنه “تم المساومة على حيادية الأمم المتحدة من قبل النظام، وأسهم في ذلك تصميمها الأعمى على إبقاء مركزها في دمشق مهما كان الثمن”.

سرعان ما تبخر مفهوم المساعدات المحايدة وغير المتحيزة في سوريا، بحسب كارستن فيلاند، مستشار أممي سابق للعملية السياسية، التي تتولاها الأمم المتحدة في جنيف، ومؤلف كتاب “سوريا وفخ الحياد“. “كان على الأمم المتحدة والوكالات الأخرى تقديم التنازلات طوال هذه السنوات، بخصوص من تصل إليهم. لم يكونوا بالضرورة الأشخاص الأشد احتياجاً، وإنما من يسمح النظام بإيصال المساعدات [إليهم]”، كما قال لـ”سوريا على طول”.

“أثبتت [الحكومة السورية] مدى براعتها في التلاعب بالمساعدات الإنسانية”، على حد قول سارة كيالي، محامية مختصة في حقوق الإنسان، واصفة موقف الأمم المتحدة بـ”المُنصاع علانيةً” لدمشق. وأضافت في حديثها لـ”سوريا على طول”: “فشلت الأمم المتحدة في الإفصاح للحكومة السورية عن مدى حاجتها للشفافية وإمكانية الوصول وتوخي الحرص اللازم بمسألة حقوق الإنسان، وهذا ما لم يحدث بتاتاً خشية أن تفقد سبل الوصول والتمويل”.

في جميع الصراعات، يتعين على العاملين في المجال الإنساني التوصل إلى حلول توافقية مع الجهات الإشكالية من أجل إيصال المعونات إلى من يحتاجها، لكن “مدى استعداد الأمم المتحدة للإذعان لضغوط النظام، يجعل سوريا واحدة من أكثر الأمثلة تطرفاً”، بحسب ليستر. “إن مدى [نفوذ] نظام الأسد وتعقيده والسياسة الممنهجة لاستغلال المساعدات الدولية أمرٌ لافت في الحالة السورية”، وفق ما أكدّ فيلاند.

في الصراع اليمني، حينما حاول الحوثيون، عام 2019،  أن ” يُملوا على وكالات الأمم المتحدة أين يمكنهم أو لا يمكنهم تقديم المساعدات، قال برنامج الأغذية العالمي مباشرةً وعلى العلن أننا سنسحب جميع عملياتنا من اليمن، إن استمر هذا”، وفق ما أوضحت كيالي. بينما في سوريا، عندما حدث سيناريو مماثل، “كان يتم التكتم على كل ما يحدث وتتظاهر وكالات بعدم حدوث أي شيء”.

منذ عدة سنوات، تندد منظمات حقوقية ومراكز أبحاث باستخدام دمشق للمساعدات كسلاح، ولطالما حرم النظام من يُنظر إليهم على أنهم معارضيه من المساعدات، وحوّلها إلى المقربين منه. في عام 2020، حوَّل النظام 51 سنتاً من كل دولار مقدّم كمعونة من الأمم المتحدة إلى غير ما خُصص إليه، بفضل سعر الصرف المتلاعب به

وفي تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، خلصت أول دراسة ذات منهج نوعي، تبحث في أبرز مئة مُورِّد للأمم المتحدة في سوريا، عامي 2019 و2020، إلى أن 47% من تمويل المشتريات مُنِح لأفراد لهم ارتباط بشخصيات في النظام السوري وأجهزته الأمنية والميليشيات التابعة له. “ربع ما تُنفقه الأمم المتحدة تقريباً [68 مليون دولار] يذهب إلى موردين يخضعون لعقوبات من قبل نفس الدول التي تُرسِل الكثير من تلك المساعدات الإنسانية: الدول الغربية”، قال الدكتور كرم شعار، باحث مشارك في الدراسة، ومحلل اقتصادي سوري.

من أبرز الأمثلة على دور الأمم المتحدة المُنقاد في سوريا “تسليم رئيس برنامج الأغذية العالمي العملات الذهبية والسيارات لمسؤولي النظام، وتعيين أشخاص تابعين للنظام كموظفين للأمم المتحدة في سوريا”، بحسب شعار.

على سبيل المثال، عينت منظمة الصحة العالمية زوجة فيصل مقداد، نائب وزير الخارجية السوري [مستشارةً في المنظمة]، كما وظف صندوق الأمم المتحدة المركزي لمواجهة الطوارئ (CERF) ابنة حسام لوقا، رئيس إدارة المخابرات العامة في سوريا. 

لتحصين ممارسات الشراء من منظور حقوق الإنسان، أصدر “البرنامج السوري للتطوير القانوني” ومنظمة “هيومن رايتس ووتش” دليلاً للأمم المتحدة في كانون الثاني/ يناير. واستجابة لذلك، ذكرت الأمم المتحدة أنها اتخذت خطوات تصحيحية وأنشأت آلية حوار إقليمي: منتدى لوكالات الأمم المتحدة والدول المانحة لمناقشة المخاطر المحيقة بحقوق الإنسان.

لكن، كيالي وشعار غير مقتنعين بتأثير هذه التدابير. “رأينا مبادرة الأمم المتحدة على أعلى المستويات، لكننا لم نر هذا يتجسد في الواقع”، وفقاً لكيالي. وقال شعار “لو كانوا صادقين بشأن هذه الخطوات، لجعلوا الخطوات التصحيحية متاحة للملأ. لكنهم لم يجعلوها كذلك “.

إحدى المساومات، التي تقدمها بعض وكالات الأمم المتحدة، هي أن تتحاشى التطرق المباشر إلى ما ترتكبه دمشق من انتهاكات لحقوق الإنسان، مثل التعذيب والاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية، وفقاً لكيالي. “يركز قطاع الحماية بشكل أساسي على العنف القائم على النوع الاجتماعي وحماية الطفل، ولم يتم تغطية غير ذلك بالطريقة التي يجب تغطيتها في سوريا، وهذا فشل كبير”، مضيفة: “أنت تعمل في منطقة لا يمكنك فيها حتى استخدام عبارة حقوق الإنسان، ولا يمكنك الوصول إلى المحتجزين، ولا تسليط الضوء على هذه القضايا – وهذا أحد أكبر الإخفاقات”.

لم تستخدم الأمم المتحدة نفوذها للتعامل مع حكومة دمشق، وفق إجماع الخبراء والمحللين الذين تحدثوا لـ”سوريا على طول”. “إنهم يتعرضون للتنمر من قبل النظام ومع ذلك لا تستثمر الأمم المتحدة ما تملكه من نفوذ، رغم أنها تمسك بزمام الموارد التمويلية”، بحسب شعار. 

في مناطق النزاع، تحتاج الأطراف المتحاربة إلى “تدفق المساعدات الإنسانية، وتريد تفادي الجوع أو المجاعة أو سوء التغذية لأن ذلك سيؤثر على قدرتها في السيطرة على تلك المناطق”، وفق ليستر، لكن “الأمم المتحدة وهبت نفوذها للنظام، وفي هذا انتهاك لكل مبدأ ينبغي أن يحكم كيفية تقديم المساعدات الإنسانية”، كما أضاف.

بدلاً من التفاوض الحالي “على غرار الإقطاعيات”، الذي تفاوض فيه كل وكالة للأمم المتحدة على حدة، “كان بإمكان الأمم المتحدة استخدام نفوذها بشكل أفضل منذ البداية، بتقديم جبهة متحدة”، وفقاً للكيالي.

المساعدات العابرة للحدود والسيادة

في عام 2014، صوَّت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على إنشاء آلية مساعدات عابرة للحدود تخوِّل وكالات الأمم المتحدة إيصال المساعدات إلى سوريا عبر أربعة معابر حدودية. ولكن بحلول عام 2021، استخدمت روسيا والصين حق النقض (الفيتو) لتقليص المعابر المعتمدة إلى معبر واحد، وهو معبر باب الهوى، الذي يصل بين محافظة إدلب وتركيا.

وفي الوقت الحالي، يتعين على مجلس الأمن تجديد التفويض كل ستة أشهر، وهي دورة تجعل الجهات الفاعلة الإنسانية محكومةً بأفق محدود وتترك عمليات إيصال المساعدات الحدودية تحت تهديد مستمر. 

“هم غير متأكدين من إمكانية تجديد وصولهم إلى الشمال الغربي أم لا… وهذا يجب أن يكون سبباً لتنحّيهم عن العمل مع الأمم المتحدة والتوجه بدلاً من ذلك للعمل مباشرةً مع الجهات الفاعلة على الأرض في الشمال الغربي”، وفقاً لشعار. 

لزوم تجديد الآلية بانتظام جعل منها ورقة مساومة لا تقدر بثمن بالنسبة لروسيا، الداعم الرئيسي للأسد. “من غير المبرر في القانون الدولي والإنساني القول: نسمح لك بعبور الحدود لستة شهور أخرى، ولكن نريد مزيداً من إعادة الإعمار'”، بحسب فيلاند، معتبراً أن عمليات إيصال المساعدات الإنسانية يُفترض أن تكون غير مشروطة، وألا يتم مقايضتها بمنافع أخرى”.

بعد زلزال السادس من شباط/ فبراير، دعا الأسد وحلفاؤه -كما دأبوا لسنوات- إلى إيصال المساعدات المقدّمة استجابة للكارثة عبر خطوط التماس، وتجميع المساعدات في دمشق وتسليمها إلى المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة، غير أن لخطوط التماس سجل حافل بعرقلة المساعدات، ولطالما حرمت دمشق المناطق الخارجة عن سيطرتها من المساعدات.  

أثار الفشل الذريع في إيصال المساعدات إلى الشمال الغربي بعد الزلزال جدلاً قانونياً عمّا إذا كان هناك حاجة لتفويض مجلس الأمن أو إذن حكومة الأسد من أجل إيصال المساعدات الإنسانية عبر الحدود.

“هناك أساس قانوني واضح جداً في القانون الإنساني الدولي، مفاده أنك لا تحتاج إلى قرار من مجلس الأمن لإيصال المساعدات، لاسيما حينما تكون السلطة المسيطرة على المنطقة -التي فيها حجم الاحتياجات كبير جداً- غير مستعدة أو غير قادرة على تقديم الموافقة على دخول المساعدات”، بحسب كيالي. 

بحسب “المدرسة التقدمية” للقانون الدولي، “في ظل كارثة إنسانية هائلة، لا يمكن للبلد المضيف أن يمنع إمكانية الوصول هكذا ببساطة لأي سببٍ كان، ما يعني أن الوصول عبر الحدود متاح”، كما أوضح فيلاند. غير أن الأمم المتحدة تلتزم “بقراءة تقليدية للقانون الدولي، مرتكزة على المفهوم الصعب لسيادة الدولة، بحيث يُنظر إلى عمليات إيصال المساعدات الإنسانية على أنها انتهاك للسيادة”، وفق ما أضاف.

وأقرَّ ليستر بأن الأمم المتحدة أُنشِئت للعمل مع الحكومات ذات السيادة، غير أن انتظار الأمم المتحدة إذن الأسد لتقديم الإغاثة لمتضرري الزلزال عبر المعابر غير المصرَّح بها من قبل مجلس الأمن، يعود إلى التفسير “الصارم والمتصلب جداً” للسيادة من قبل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس. 

“لابدَّ من تقديم المساعدات الإنسانية في شتى أنحاء العالم، كلما وحيثما دعت الحاجة ولأي مجموعات سكانية يحتاجونها، بصرف النظر عن الظروف”، قال ليستر، لكن “الأمم المتحدة نفسها انتهكت هذه الحتمية الإنسانية”.

شمال سوريا

يبدو مشهد المساعدات الإنسانية في الأجزاء الخارجة عن سيطرة دمشق مختلفاً وفقاً لديناميكيات السلطات الفعلية على أرض الواقع والمنهجية التي تعتمدها الجهات الدولية الفاعلة للتعامل معها. ليس لشمال شرق سوريا، الذي تحكمه إدارياً الإدارة الذاتية وتسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، معبراً مصرحاً به لإيصال المساعدات الأممية عبر الحدود.

بدلاً من ذلك، “تعتمد [سلطات الأمر الواقع] على طرق غير مباشرة” عبر الحدود، فضلاً عن “المساعدة القادمة من دمشق عبر خطوط التماس”، بحسب ليستر. وقالت كيالي” تمتلك المنظمات الإنسانية الدولية غير الحكومية، وغير التابعة للأمم المتحدة، إمكانية الوصول والتنسيق الذي يتيح لها العمل بشكل جيد”. وفق ما أوضحت كيالي.

غير أن الوضع الإنساني في شمال غربي البلاد أشد بؤساً، إذ تسيطر هيئة تحرير الشام، على جزء كبير من إدلب وأجزاء من المحافظات المجاورة، بينما يسيطر الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا ومجموعات أخرى عاملة بالوكالة على شمال محافظة حلب.

“حدّ نفوذ هيئة تحرير الشام من مدى استعداد الحكومات الغربية لتقديم المساعدات الاستراتيجية الرامية لتحقيق الاستقرار والإنعاش المبكر، لكنه لم يحد من المساعدات الإنسانية”، كما أوضح ليستر. امتثالاً لإجراءات مكافحة الإرهاب، “تتوخى [المنظمات العاملة هناك] الحرص اللازم بطريقة أشد صرامة مما كان من الأحرى أن يكون منوطاً بالأمم المتحدة إزاء الحكومة السورية”، قالت كيالي.

وقال ليستر إن كبار مسؤولي الأمم المتحدة أخبروه أنَّ “ما واجهوه من تدخل أو تحويل مسار المساعدات [في شمال غرب سوريا] كان قليلاً مقارنة بمناطق النظام أو الشمال الشرقي، ويرجع ذلك أساسا إلى عِظَم الحاجة للمساعدات، ومن الجنون كلياً أن توضع عقبات في طريق أي آلية للمساعدة من طرف أياً من كان يسيطر على إدلب”. 

كما أثار الدمار الناجم عن الزلزال في تركيا وآثاره على موارد العاملين في المجال الإنساني هناك، تساؤلاً فيما إذا كانت المنظمات غير الحكومية التركية والحكومة التركية نفسها ستحافظ على “دورها النشط” المعهود في الشمال الغربي، أو أنّها ستنهي أنشطتها تدريجياً، وفقاً لكيالي.

الدروس المستفادة؟

مع دخول الصراع في سوريا عامه الثالث عشر، تتجلى بوضوح الحاجة إلى إصلاح آلية عمل المساعدات الإنسانية، غير أنها تبدو بعيدة المنال. 

“لا بدّ من أن نعيد التفكير ملياً في آلية عمليات المساعدة الإنسانية في سوريا، ولكن من أجل أن تصلح الأمم المتحدة شيئاً، لا بدّ من الضغط باستمرار من قبل المجتمع المدني والجهات المانحة”، قالت كيالي، معتبرة أن الدرس الرئيسي المستفاد هو “من أجل أن تحقق أي عملية إغاثية مغزاها الحقيقي، لابدَّ وأن ترتكز على أسس مبدئية”، مشددة على أنه “لا مساومة على المبادئ”.

الاعتماد المبالغ به على الأمم المتحدة، من أبرز الأخطار الرئيسية، من وجهة نظر ليستر، مشيراً إلى أن  “المجتمع الدولي صار متكاسلاً ويعتمد اعتماداً كلياً ومفرطاً على آلية الأمم المتحدة، منذ عام 2014، قبل هذا العام لم يكن هناك آلية للأمم المتحدة تشترط إذن دمشق لتقديم المساعدات العابرة للحدود إلى سوريا. كنا نقدم المساعدات العابرة للحدود [بقرار] أحادي فحسب”، كما قال، “وليس هناك ما يمنع عودتنا إلى فعل ذلك مجدداً”.

كان الزلزال “اتصالاً ليصحو” صنّاع السياسات في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ويواجهوا “المشاكل المتأصلة في الإفراط بالاعتماد على آلية الأمم المتحدة”، بحسب ليستر. قد تشغل فكرة “توجيه المساعدات مباشرة إلى المنظمات غير الحكومية المحلية بدلاً من توجيهها عبر الأمم المتحدة جزءاً ذي أهمية أكبر في النقاش”، لكنه يتوقع أن “تظل [الحكومات] ملزمة بالوضع الراهن على ما هو عليه”.

وشدد فيلاند على الدور الذي يمكن أن يؤديه المانحون للدفع نحو مسار التنويع “صوب المنظمات غير الحكومية، التي تؤدي المهمة بطريقة أكثر اتساقاً مع المبادئ الإنسانية، أكثر مما تستطيع الأمم المتحدة القيام به لدى عملها مع الأسد”.

واعتبرت كيالي أن فشل الأمم المتحدة في الاستجابة الملائمة لضحايا الزلزال في شمال غرب سوريا يجب أن يكون نقطة تحول لإعادة صياغة قطاع المساعدات الحافل بالمشاكل، مشددة على أنه “لا مجال لدينا لسوريا أخرى، أو وضع آخر تُقيِّد فيه الحكومة -بحكم أنّها الحكومة- إمكانية الوصول للمساعدات المنقذة للحياة، عندما تقوم هي ذاتها بإيذاء شعبها”، وفق ما قالت.  

تم نشر هذا التقرير أصلاً في اللغة الإنجليزية وترجمته إلى العربية سلام الأمين

شارك هذا المقال