3 دقائق قراءة

سوريون يلوذون بالسخرية في مواجهة فوضى التحالفات والنفوذ شرق الفرات

"بيان صادر من هيئة المرور (ترافيك)، التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشمال شرق سوريا.نظراً ‏لعدد الجيوش الكثيرة في الشمال السوري بشكل عام، نتمنى من الجيوش الدولية التقيد بتعليمات هيئة المرور لعدم حدوث اصطدام بين القوات المتواجدة في الشمال السوري.


3 نوفمبر 2019

بيان صادر من هيئة المرور (ترافيك)، التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشمال شرق سوريا.

نظراً ‏لعدد الجيوش الكثيرة في الشمال السوري بشكل عام، نتمنى من الجيوش الدولية التقيد بتعليمات هيئة المرور لعدم حدوث اصطدام بين القوات المتواجدة في الشمال السوري.

من الساعة ٨ صباحاً وحتى الساعة ١٠ صباحاً، تسيير الدوريات الأميركية في المنطقة.

من الساعة ١٠ صباحاً وحتى ١٢ ظهراً، تسيير الدوريات الروسية في المنطقة.

من الساعة ١٢ ظهراً وحتى الساعة ٢ عصراً، تسيير الدوريات التابعة للجيش السوري.

من الساعة ٢ عصراً وحتى الساعة ٤ عصراً، يتم تسيير الدوريات المشتركة بين أميركا وقسد.

من ٤ عصراً وحتى الساعة ٦ مغرب، يتم تسيير الدوريات المشتركة بين روسيا وقسد.

يتم حظر التجوال للدوريات بعد الساعة ٧ مساء لعدم تعرضها لأي هجوم بسبب الاشتباكات والكمائن الليلة والخلايا النائمة لداعش وغيرها”.

تلخص هذه النكتة التي تم تداولها، قبل أيام، عبر تطبيق “واتسآب”، واقع الفوضى التي تضرب شمال شرق سوريا منذ بداية الشهر الماضي.

إذ إلى ما قبل أسابيع قليلة فقط، كانت منطقة الجزيرة السورية المعروفة بشرق الفرات، منطقة نفوذ أميركية خالصة، منذ عقدت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا التابعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) شراكة مع الولايات المتحدة في تشرين الأول/أكتوبر 2015، للقضاء على “تنظيم الدولة” (داعش).

لكن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بداية الشهر الماضي، سحب قوات بلاده من منطقة شرق الفرات، مثل ضوءاً أخضر لتركيا لإطلاق عملية “نبع السلام”، بعد يومين من ذلك، بهدف إبعاد وحدات حماية الشعب الكردية التي تشكل العمود الفقري “قسد” عن الحدود التركية. وهو ما نتج عنه تالياً، مسارعة “قسد” إلى إبرام تفاهم مع روسيا، يسمح بموجبه للقوات الحكومية السورية بالانتشار على الشريط الحدودي مع تركيا.

أعقب ذلك أيضاً، اتفاق روسي-تركي يسمح لتركيا، وفصائل الجيش الوطني السوري المتحالفة معها، بإنشاء منطقة عازلة داخل سوريا، قبل أن يصل ما يمكن وصفه بالفوضى وعدم اليقين ذروتهما بتراجع الإدارة الأميركية عن الانسحاب من شمال شرق سوريا.

هكذا، فإنه لفهم ما يجري في المنطقة اليوم، فقد “صار بدها المحقق كونان يفك كل هالألغاز”، كما كتب الناشط سردار داري، على صفحته على موقع “فيسبوك”، معلقاً على صورة يبدو فيها بشار الأسد مرتدياً الزي العسكري وكأنه يلقي التحية على دورية عسكرية أميركية تمر إلى جانب الصورة التي وضعها فرع الأمن السياسي السوري وعليها العلم الحكومي مؤخراً. ويشير داري، من أهالي مدينة عامودا، شمال شرق سوريا، إلى المحقق كونان في الفيلم الكرتوني الياباني الشهير، والذي عرف عنه براعته في كشف الجرائم الجنائية المحيرة.

وطالما أن الواقع “بو شورررربة”، أي “أصبح شوربة”، بحسب وصف الناشط الإعلامي الكردي معصوم محمد من الحسكة، فقد أعلن جميل، أحد أهالي مدينة القامشلي، متهكماً عن “دخول القوات الهندية بقيادة شاروخان إلى سوريا” فيما “الصين تستعد للدخول بقيادة جاكي شان”، في إشارة إلى أبرز فناني أفلام الحركة (الأكشن) في الهند والصين، واللذين يتمتعان بجماهيرية كبيرة في شمال سوريا.

بدوره شبه غاندي سعدو، الناشط في المجتمع المدني من مدينة القامشلي، ما تسميه تركيا “المنطقة الآمنة” شرق الفرات، بشارع للتنزه: “هاي منطقة آمنة والا شارع المشوار؟ شي [مرة] دوريات تركية شي أميركية شي روسية”، بحكم كثرة الدوريات العسكرية متعددة الجنسيات في المنطقة، والتي تكاد جميعها تعبر شوارع المدن الرئيسة ذاتها.

لكن في خضم هذه السخرية في مواجهة واقع غريب وعصي على الفهم، لا يخفي العديد من أبناء المنطقة، في المقابل، مخاوفهم من تبعات تعدد القوات في شرق سوريا، لا سيما وأنها تنتمي لدول ليست على وفاق فيما بينها، بل وقد تحمل كل منها رؤيتها الخاصة بشأن مستقبل سوريا.

وكما علق الإعلامي آرين شيخموس من مدينة القامشلي: “رتل روسي يصل الى عامودا، وفي نفس الوقت قافلة أميركية تمر من عامودا يرافقها طيران حربي ومروحي، متجهة نحو الطريق الدولي. ممكن يسلموا ع [على] بعض، وممكن الصبح نفيق [نصحو] ع حرب عالمية ثالثة نروح فيها دبلكة [كبش فداء]”.

إضافة إلى ذلك، وعدا عن نزوح آلاف السكان المدنيين منذ بدء عملية “نبع السلام”، فإن دخول القوات الحكومية السورية إلى مناطق كانت تحت سيطرة “قسد” ولم تتأثر بالعمليات العسكرية بالضرورة، دفع كثيراً من الشبان هناك إلى النزوح إلى مناطق أخرى أو اللجوء إلى إقليم كردستان العراق، خوفاً من التجنيد العسكري الإجباري في صفوف القوات الحكومية، أو فراراً من ملاحقات الأجهزة الأمنية نتيجة النشاط السياسي لهؤلاء الشبان ضد نظام دمشق. 

أخطر من ذلك، بحكم الفوضى القائمة، أن العديد من الناس يخشون النزوح إلى مناطق لا تعلم من المسيطر عليها أو سيسيطر عليها مستقبلاً، بما يجعل حياتهم عرضة للخطر. وهو ما دفع الناشط حسام القس، من مدينة المالكية (ديريك)، في أقصى شمال شرق سوريا، إلى مطالبة ذوي العلاقة بأنه “اذا في صفقة وتقاسم للمنطقة.. خبروا الناس المعترة [التي تعاني] مشان تعرف لوين تسوح [إلى أين يهربون]”.

شارك هذا المقال