3 دقائق قراءة

سوق القنابل المستعملة في شمال غرب سوريا، تجارة بالموت

عندما يجد محمد قنبلة لم تنفجر بعد، في الأراضي الزراعية […]


1 أكتوبر 2016

عندما يجد محمد قنبلة لم تنفجر بعد، في الأراضي الزراعية بالقرب من بلدته، شمال غرب سوريا، يقوم بتفكيكها، باستخدام مطرقة وإزميل فقط، وبحذر شديد، ويتأكد من عدم تفجير الـ تي إن تي” داخلها.

ويقول محمد البالغ من العمر 28 عاما، وهو أب لطفل واحد، لسوريا على طول، “لا يمكنك استخدام أي أدوات كهربائية، سيجعل (ذلك) القنبلة تنفجر”.

ويكسب محمد قوت يومه من الحصاد وبيع الذخائر غير المنفجرة، التي يتم استخراجها من سهل الغاب، وهو واد استراتيجي يضم أراض زراعية، ويفصل معقل الأسد الساحلي، في اللاذقية عن معاقل الثوار، في حماة وإدلب.

وتنتشر القنابل العنقودية والألغام وقذائف الهاون في حقول المنطقة، وغالبا في ساحات القتال الرئيسية المستهدفة من قبل الضربات الجوية لكل من النظام وروسيا.

واعتمد سكان سهل الغاب تجارة جديدة، كون الأراضي الزراعية المحيطة بهم مفخخة وتحوي الكثير من الألغام، وذلك باستخدام المطارق والأزاميل لاستخراج مادة تي إن تي والشظايا من الألغام والقذائف غير المنفجرة. وبعد ذلك، يبيعون المواد لورشات تصنيع المتفجرات في بلدة صغيرة، حيث يعملون على إعادة تصنيع هذه  الذخائر بحيث يستخدمها الثوار في المنطقة.

وتوفر مستخرجات القنابل دخلا هزيلا للبعض، حيث يباع الكيلوغرام الواحد بـ550 ليرة. ويكسب أبو ابراهيم المقيم في سهل الغاب ما يصل الى 128.50 دولارا شهريا، من خلال إزالة المتفجرات من الأراضي الزراعية المحلية، وعلى الرغم من أن هذا العمل يوفر له في بعض الأشهر 25 دولارا فقط، وهو ما يكفي بالكاد لتلبية الاحتياجات الأساسية لأسرته المكونة من ستة أفراد.

يجمع هو وابن أخيه ما يصل إلى 50 كيلوغراما من مادة  الـ”تي ان تي” وغيرها من المواد المتفجرة في الشهر، وفي كثير من الأحيان يجدون ذلك قليلا. ويعتمد العمل أيضا على حجم القنابل المستخرجة، فعندما تكون الذخائر أكبر تعود بأرباح أكثر. حيث أن البراميل المتفجرة هي الأكثر قيمة، كونها تحتوي على مايقارب الـ200 كغ  من المتفجرات.

احد أهالي حماة يجمع المواد المتفجرة من القذائف التي لم تنفجر. تصوير: الصوت السوري

ورغم أنه من الصعب تحديد إلى أي درجة يعتمد ثوار المنطقة في ترسانتهم على تفكييك القنابل،

ولكن المصادر المحلية تقدر أن النسبة لا تتجاوز 20%. وما تزال “تجارة الموت” كما تعرف في سهل الغاب مصدرا حيويا وهاما لتأمين دخل إضافي للأهالي، وتساهم في تمشيط الأراضي الزراعية في المنطقة ، وفق ما قال أبو خالد، مقاتل بقيلق الشام لسوريا على طول.

ورحب أهالي سهل الغاب بفريق حصاد القنابل. وذكر عبد الرزاق الحسن، صاحب مزرعة في المنطقة، لسوريا على طول، أنه شعر بالطمأنينة حين كانت الفرق تمشط منزله من القنابل المبعثرة وغير المتفجرة، والتي زرعت في حقله بعد أن مزقت الإشتباكات المنطقة.

ومع ذلك، فإن تجارة تمشيط القنابل لا يعوَل عليها كثيراً في الحد من خطر القنابل العنقودية المحرمة دوليا، االتي ألقيت في سهل الغاب من قبل النظام والقوات الروسية. ويتجلى خطر القنابل العنقودية في الأراضي الزراعية أكثر من غيرها، فطبيعة الأرض السهلية تحول دون تفجير 70% من الذخائر حين ارتطامها وفق ما جاء في تقريرنشره مركز لأجل المدنيين في الصراع (CIVIC)، في نيسان 2016.

استخراج المواد المتفجرة من خلال الأدوات البدائية. حقوق نشر الصورة للصوت السوري

وقال أبو ابراهيم، لسوريا على طول، أنه يرفض تفكيك القنابل في المنطقة؛ فالعملية محفوفة بالمخاطر وتتطلب أدوات متخصصة.

ومايزال عدد الناس الذين قتلوا وهم يجمعون القنابل غير معروف، وتتحفظ المنظمات الدولية غير الحكومية على تقديم الأدوات المناسبة والتدريب اللازم لتفكيك القنابل، خشية  تعلم المدنيين كيف يصنعوا القنابل بأنفسهم، وفق ما جاء في تقرير (CIVIC).

وبغياب الدعم الخارجي أو المحلي الكافي في تمشيط الأراضي من المتفجرات، فإن أغلب ضحايا القنابل العنقودية هم المزاعون الذين يعودون ببساطة للعمل في أراضيهم، وفق ما ذكر التقرير.

وفي ظل انتشار القنابل غير المتفجرة في المنطقة، يتنبأ أبو ابراهيم أن المستقبل في سهل الغاب سيكون “كئيباً”، “وسيستغرق الأمر طويلاً قبل أن يتمكن المزراعون من حراثة حقولهم مجدداً”.

 

ترجمة: سما محمد وفاطمة عاشور

شارك هذا المقال