10 دقائق قراءة

شمال غرب سوريا بعد الزلزال: مساعدات لا تلبي الاحتياجات وقطاعات منسية

قبل الزلزال كان شمال غرب سوريا يسير في أولى خطوات التعافي المبكر، لكن اليوم عادت المنطقة إلى الوراء سنوات عدة، وباتت آلاف العائلات المتضررة من الزلزال، تعاني من نقص المساعدات الطارئة، وغياب دعم إعادة الاستقرار والقطاعات الخدمية الأساسية.


27 فبراير 2023

باريس- للأسبوع الثالث تتقاسم أم وسام وابنها خيمة مع عائلة أخرى مكونة من خمسة أشخاص، في مخيم على أطراف مدينة جنديرس المنكوبة، مخصص للمتضررين من الزلزال الذي ضرب شمال سوريا وجنوب تركيا، في السادس من شباط/ فبراير الحالي، ما أدى إلى مقتل وإصابة عشرات الآلاف في كلا البلدين، وتدمير آلاف الأبنية السكنية، بما فيها منزل العائلتين.

تقضي العائلتان ليالي الشتاء الباردة داخل الخيمة، بينما يلتحف ربّا الأسرة “أغطية خفيفة خارجها”، كما قالت أم وسام، المقيمة في جنديرس، وتنحدر من ريف إدلب الشرقي، لـ”سوريا على طول”.

في اليوم الأول للزلزال، وصلت أم وسام رفقة زوجها وابنها مع جيرانهم إلى المخيم، الذي أنشأه المجلس المحلي في جنديرس لمتضرري الزلزال، الذي بلغت شدته 7.7 على مقياس ريختر. ومنذ وصولها، تحصل عائلة أم وسام، كحال سكان المخيم، على “وجبة طعام واحدة وربطتيّ خبز فقط، من دون أي مساعدات أخرى. لا سلل غذائية ولا مواد تنظيف ولا ملابس”، على حدّ قولها. 

صار حلماً بالنسبة للسيدة العشرينية، أم وسام، المتطوعة في الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، “الحصول على مأوى، حتى إن كان خيمة صغيرة من دون تدفئة”، مشيرة إلى أنها لم تعش مثل هذه المأساة “رغم أننا نازحون منذ ثلاثة سنوات”، في إشارة إلى نزوحها الأول من ريف إدلب الشرقي، بعد أن سيطر النظام على المنطقة.

جنديرس، حيث تقيم أم وسام، هي المنطقة السورية الأكثر تضرراً من الزلزال، إذ بلغ عدد المباني المدمرة جزئياً وكلياً، 1388 مبنى، فيما بلغ عدد الضحايا 1100 قتيل، من أصل 2777 قتيل في مناطق المعارضة السورية وهيئة تحرير الشام، شمال غرب سوريا.

عائلة أم وسام، هي واحدة من آلاف العائلات السورية المتضررة من الزلزال، التي تعاني من نقص المساعدات الطارئة، لكنها تتطلع أيضاً إلى استجابة تتعلق بدعم الاستقرار وإعادة ترميم أو بناء البنى التحتية والأبنية السكنية المتضررة والمدمرة.

مساعدات لا تلبي الاحتياجات

حتى اليوم الثالث للزلزال، تُرك السوريون وحدهم في مواجهة الكارثة، إلى أن دخلت أول قافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة، في التاسع من شباط/ فبراير، لكنها كانت قافلة مخيبة لآمال الكثيرين، الذين كانوا ينتظرون مساعدات تتضمن فرق إنقاذ وبحث ومعدات ثقيلة لإنقاذ الضحايا من تحت الأنقاض، إلا أن القافلة الأممية لم تتضمن أياً من ذلك، ناهيك عن أنها لم تكن ضمن الاستجابة للكارثة، إنما كانت مجدولة من قبل وقوع الزلزال.

في 12 شباط/ فبراير، أي بعد أسبوع على وقوع الزلزال، اعترف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارت غريفيث، بخذلان الأمم المتحدة للسوريين شمال غرب البلاد، قائلاً: “لقد خذلنا حتى الآن الناس في شمال غرب سوريا”، واعتبر أنهم “محقون في شعورهم بالتخلي عنهم”، وأنه يبحث عن المساعدات الدولية التي لم تصل.

ومنذ وقوع الكارثة، دخل عبر المعابر الحدودية التي تسيطر عليها الحكومة السورية المؤقتة (المعارضة) المدعومة من تركيا، 400 شاحنة محملة بالمساعدات للمناطق المتضررة، منها 45 شاحنة من الأمم المتحدة محملة بالسلل الغذائية، كما قال وزير الاقتصاد في الحكومة المؤقتة، الدكتور عبد الحكيم المصري، وهو رئيس لجنة المساعدات، التي شكلتها الحكومة المؤقتة بعد الزلزال.

وأضاف المصري في حديثه لـ”سوريا على طول”، في 27 شباط/ فبراير أن جميع شاحنات المساعدات احتوت على خيم، وأدوية، وبطانيات، ومواد تنظيف، ومواد غذائية، ومياه شرب، وحليب أطفال، وألبسة وغيرها، لكنها “ليست كافية. غطت حاجة جزء من الناس، لكن ما زلنا نحتاج الكثير، لأن حجم الكارثة كبير جداً”.

وأشار المصري إلى أن المناطق التي تديرها حكومته تحتاج شهرياً إلى 3 آلاف طن من الطحين وأكثر من 20 ألف علبة حليب أطفال، وأكثر من 20 ألف سلة غذائية، إضافة إلى مواد تدفئة وأدوية وسلل المنظفات وخيم أو كرفانات، منذ وقوع الزلزال، مشدداً على ضرورة “دخول هذه المواد بشكل عاجل وعلى نحو شهري”.

يتفق المحامي محمد حاج عبدو، عضو لجنة الطوارئ في المجلس المحلي بمدينة عفرين في أن “المساعدات ما تزال غير كافية”، مشيراً في حديثه لـ”سوريا على طول” إلى أن “المساعدات التي دخلت إلى عفرين خلال السبع أيام الأولى كانت عبارة عن بطانيات وألبسة ووجبات طعام وسلل غذائية”، لكن مؤخراً “وصلتنا بعض الخيام”.

ينطبق ذلك أيضاً على مناطق حكومة الإنقاذ، الواجهة السياسية لهيئة تحرير الشام، في إدلب وريف حلب الغربي، حيث بلغ عدد العائلات المتضررة من الزلزال، أكثر من 35 ألف عائلة، قرابة عشرة آلاف منها جرى توزيعها على 68 مركز إيواء في المنطقة، “يعيشون ظروفاً إنسانية صعبة”، كما قال خالد العمر، مدير المديرية العامة للشؤون الإنسانية في حكومة الإنقاذ، لـ”سوريا على طول”.

أمام الخذلان، شهدت المناطق المنكوبة “هبة شعبية”، تمثلت في وصول تبرعات من السوريين داخل البلاد وخارجها، منها: قافلة “فزعة العشائر”، التي دخلت في 13 شباط/ فبراير الحالي عبر معبر “عون الدنانات” إلى مناطق الجيش الوطني (المعارض)، وضمت حوالي 120 شاحنة وسيارة محملة بالمساعدات، مقدمة من أهالي شمال شرق سوريا، الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

ورغم استمرار تدفق المساعدات عبر الحدود مع تركيا، منذ اليوم الثالث للزلزال، لكن هذا لا ينفي وجود  مشاكل تتعلق بـ”التعقيدات الإدارية عالية المستوى، والشؤون السياسية الإقليمية والأممية، التي تعيق تدفق المساعدات كما يجب”، كما قال سعيد نحاس، عضو مجلس إدارة منظمة سند، وهي منظمة إنسانية تعمل على مساعدة ذوي الإعاقة في سوريا وتركيا.

غياب تنظيم وفوضى!

على عكس عائلة أم وسام، حصلت عائلة مريم، المكونة من أربعة أشخاص، على خيمة صغيرة في مخيم أنشأ بريف جنديرس، بعد أربعة أيام قضتها في مركز إيواء جماعي. ومع ذلك، تعاني عائلة السيدة العشرينية، التي تعمل ممرضة في إحدى النقاط الطبية في المنطقة من “عدم توفر المياه بشكل كافٍ، وعدم توفر دورات المياه”، كما قالت لـ”سوريا على طول”. 

خصص المجلس المحلي في جنديرس، وهو الجهة المشرفة على المخيم الذي تعيش فيه عائلة مريم، خزان مياه واحد لكل خمس خيام، فيما أنشأ النازحون في كل خيمتين “مرحاضاً بجدران من البطانيات”، بحسب مريم.

واشتكت مريم من “عدم انتظام توزيع المساعدات بما يسمح وصولها للجميع بشكل عادل”، مستشهدة على ذلك بـ”تجمع الناس حول سيارة مساعدات وصلت إلى المخيم، الأسبوع الماضي، ومن استطاع الوصول إلى المساعدات حصل عليها”، فيما لم تتمكن مريم من الحصول على لباس لأطفالها، حالها حال عدد من العائلات الأخرى. فيما “تم تزويد المخيم بمياه الشرب والخبز لأول خمسة أيام، ومن ثم انقطعت بشكل نهائي”.

تختلف الاستجابة للكارثة من مخيم أو مركز إيواء إلى آخر، وأحياناً تتفاوت حظوظ العائلات في المخيم الواحد، بحسب أم محمد، التي تقيم مع عائلتها في مخيم تابع للمجلس المحلي في مدينة جنديرس، مشيرة إلى أنها حصلت، منذ اليوم الأول للزلزال “على خيمة، ومساعدات وسلل غذائية كافية، على عكس بعض سكان المخيم الذين لم يتلقوا مساعدات بشكل كافٍ”، كما قالت لـ”سوريا على طول”. 

ورصدت “سوريا على طول” تعليقات على منشورات المجلس المحلي في مدينة جنديرس على “فيسبوك”، يشتكي المعلقون من أبناء المدينة من الفوضى في توزيع المساعدات، ووصولها إلى غير مستحقيها، أو عدم تلقي البعض أي مساعدات.

تعليقاً على ذلك، اعتبر المحامي محمد حاج عبدو، من المجلس المحلي في مدينة عفرين، أن “الفوضى تسيطر على آليات توزيع المساعدات”، ويعود ذلك إلى “التعاطي الفردي مع الاستجابة من قبل مقدمي الدعم”، إضافة إلى “ضعف التنسيق مع المجلس المحلي”، الذي تجري عمليات توزيع المساعدات في المدينة بمعزل عنه.

ولضبط عملية الفوضى الحاصلة، يتوجب “إعادة الناس غير المتضررة إلى منازلها، سواء من ترك منزله خوفاً نفسياً أو نتيجة وجود أضرار بسيطة”، وهو ما يسمح بـ”بتخفيض أعداد الناس المشردة جراء الزلزال”، وفقاً لحاج عبدو.

كذلك، شهدت مناطق حكومة الإنقاذ حالة من “الفوضى والتخبط” في عمليات توزيع المساعدات، كما ذكر اثنان من المصادر لـ”سوريا على طول”.

وفي ذلك، قال خالد العمر، مدير المديرية العامة للشؤون الإنسانية في حكومة الإنقاذ أن “المساعدات وصلت إلى الأهالي المتضررين من الزلزال بشكل مباشر، ولم تتلق حكومة الإنقاذ أي مساعدات”، مشيراً إلى أن وزارة التنمية، المسؤولة عن الملف الإنساني، عملت على “تسهيل وصول المساعدات لمستحقيها وتوجيهها بحيث تتحقق العدالة في التوزيع”.

تعليقاً على ذلك، أبدى ديريك عمر الدرباس، مدير الاستجابة الطارئة في منظمة بنفسج، منظمة إنسانية سورية، تفهمه “شكوى الناس من سوء التنظيم والفوضى”، لكن “حجم الكارثة أكبر من قدرة المنظمات الإنسانية في الداخل مجتمعة”، كما قال لـ”سوريا على طول”.

وأضاف الدرباس: “حتى اللحظة، لسنا قادرين على تلبية كافة الاحتياجات، لأنها أكبر من الإمكانيات المتوفرة”.

لماذا التركيز على المساعدات الطارئة؟

إبان كارثة الزلزال تغيرت احتياجات المنطقة، ما دفع المنظمات الإنسانية إلى تغيير عملياتها بما يتناسب مع الأزمة الراهنة، كما في حالة منظمة سند، التي تعمل في مجال دعم ذوي الإعاقة في تركيا وسوريا، لكنها حولت نشاطها بعد الزلزال إلى “الاستجابة العاجلة، وأوقفت مشاريعها القديمة في 11 ولاية تركية وفي الداخل السوري”، بحسب سعيد نحاس، عضو مجلس إدارة سند.

ومع استمرار الهزات الارتدادية، في جنوب تركيا وشمال غرب سوريا، بعضها تخطى حاجز 6 درجات على مقياس ريختر، فإن العودة إلى مراحل ما قبل الزلزال صارت أصعب.

في ذلك، قال الدرباس من “بنفسج”: “إن الاحتياجات الأساسية تزداد يومياً، خاصة أن الكارثة حلّت في فصل الشتاء، حيث تفوق متطلباته قدراتنا”، ليضرب الزلزال المنطقة، و”يفاقم عجز المنظمات والمجتمع ككل”.

وأضاف الدرباس: “كنا بحاجة للآليات الثقيلة والأدوية ومعدات المستشفيات، وهي احتياجات دائمة في سوريا بسبب الحرب تفاقمت بعد الزلزال. لكن للأسف، حتى اليوم لا يوجد استجابة في هذا الإطار”، مشيراً إلى أن مساعدات الأمم المتحدة، التي دخلت إلى شمال غرب سوريا بعد الزلزال، هي “مساعدات روتينية إغاثية، وهي نفسها تدخل منذ ثماني سنوات”.

ومع استمرار الهزات الارتدادية، يسود تخوفٌ بين المدنيين والمنظمات العاملة في المنطقة من وقوع مزيد من الأضرار في الأبنية السكنية، ما يعني “زيادة أعداد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مأوى، وهو ما يخلق ضغطاً إضافياً على مراكز الإيواء الحالية”، بحسب الدرباس، الذي ينصب تركيز منظمته على “توفير المأوى والاحتياجات الأساسية”.

وعلى عكس التفكير السائد، قال الدرباس: “إن الاستجابة للزلزال تزيد صعوبة يوماً بعد يوم، ولن تكون كالأيام الأولى للزلزال، لأن الاحتياجات في ازدياد”.

أين يجب تركيز الدعم القادم؟

بعد تضرر آلاف المباني في شمال غرب سوريا جراء الزلزال، يعدّ تأمين السكن البديل أو ترميم السكن المتضرر من أولويات المنكوبين، لكن “يجب أن يكون البناء السكني بمواصفات جيدة، يضمن تأمين حياة كريمة للأهالي”، كما قال خالد العمر، مدير المديرية العامة للشؤون الإنسانية في حكومة الإنقاذ، مشيراً إلى أن “العائلات التي تضررت جراء الزلزال [في مناطق نفوذ الإنقاذ بإدلب وريفها]، وعددها بـ 35 ألف عائلة، تحتاج إلى بناء 25 ألف منزل جديد، وترميم عشرة آلاف منزل”.

وتسبب الزلزال في مناطق حكومة الإنقاذ، بأضرار في 26 مبنى حكومي، و 93 مسجداً، و54 مدرسة، و103 طرق، و67 خط صرف صحي، كما قال محمد غزال مسؤول العلاقات العامة، في وزارة الإدارة المحلية بحكومة الإنقاذ. مؤكداً لـ”سوريا على طول”، أن المساعدات التي وصلت حتى اللحظة “لم تستهدف القطاع الخدمي أبداً، فجميعها عينية تخص الاستجابة الطارئة للنازحين”.

وأضاف غزال: “نحتاج إلى آليات ثقيلة ودعم مادي لترميم المباني المدمرة، إضافة إلى إعادة صيانة الطرق والصرف الصحي”، مشيراً إلى أن نسبة الأضرار في المناطق التي تديرها حكومته تجاوزت المليار دولار.

أما في ريف حلب الشمالي، الواقع تحت سيطرة الحكومة المؤقتة، تسبب زلزال السادس من شباط/ فبراير، في تضرر 2500 مبنى، إضافة إلى عدد من المباني العامة كالمدارس والمشافي، وهو تقييم غير نهائي، بحسب الدكتور عبد الحكيم المصري، متوقعاً تكلفة الأضرار بأكثر من 450 مليون دولار أميركي.

وفي إطار استجابتها للزلزال، تسعى الحكومة المؤقتة، كخطة أولية، جلب دعم مالي من أجل “توفير كرفانات للذين فقدوا منازلهم، وترميم المنازل ذات الأضرار البسيطة”. لاحقاً، بعد الانتهاء من التقييم الأولي “سوف يتم مراسلة الجهات الدولية المعنية، من أجل توفير سكن بديل للذين تهدمت منازلهم ولا يمكن ترميمها، وهذا يحتاج إلى وقت”، بحسب الدكتور المصري.

إضافة إلى ترميم المباني المتضررة، تحتاج المناطق المنكوبة إلى “دعم الجانب الخدمي، وإصلاح ما تضرر منه، بما في ذلك ضخ المياه بشكل مستدام”، كما قال محمد حاج عبدو، من المجلس المحلي في عفرين، لافتاً إلى أن عفرين لم تسجل أعداداً كبيرة في الوفيات بسبب الزلزال، لكنها “سجلت أضراراً في شبكة الكهرباء والطرق الداخلية، إضافة إلى مستشفيين في المدينة”.

إضافة إلى ذلك، تحتاج عفرين، حتى تعود إلى حالتها السابقة، إلى “معدات خاصة بترحيل وهدم المباني المتضررة، وإعادة التدعيم الهندسي والترميم البسيط للمباني المتضررة”.

وبدوره، قال خالد العمر: “يجب العمل على تأمين الخدمات الطبية، والبنى التحتية، والمرافق العامة، ومشاريع سبل العيش لتأمين فرص عمل للذين فقدوا أعمالهم وتجاربهم، وكذلك تأهيل الصرف الطرقات والصرف الصحي وحفر آبار مياه الشرب وتجهيزها بمحطات الضخ”.

وعلى صعيد الأفراد “يتوجب تأمين سكن بديل للناس، لأن الترميم البسيط لن يقدر عليه المواطن، ما يعني أن الخيمة أو السكن البديل خياره الأخير”، بحسب حاج حمدو.

لكن، حتى اللحظة لا تصب المساعدات القادمة من الأمم المتحدة في أي من قطاعات “دعم الاستقرار”، وعدا عن أنها مساعدات استجابة طارئة، فإنها “لا تلبي إلا الجزء اليسير من احتياج الأهالي بعد الزلزال”، وفقاً للعمر.

ومن القطاعات التي شهدت ضعفاً في الاستجابة رغم أهميتها، القطاع الصحي، إذ ما تزال غالبية المساعدات لهذا القطاع في إدلب “مصدرها تبرعات فردية أو جمعيات خيرية باجتهادات وتنسيق الاحتياجات مع وزارة الصحة”، كما قال مسؤول العلاقات العامة في وزارة الصحة بحكومة الإنقاذ شادي حاج حسين.
وأضاف حاج حسين لـ”سوريا على طو”: إن المساعدات التي أدخلتها المنظمات المحلية العاملة في إدلب إلى مستشفياتها بمعزل عن وزارة الصحة، “ليست مساعدات تخص متضرري الزلزال، إنما هي سلل طبية روتينية للمستشفيات التي تدعمها في المحرر”، مقابل ذلك: “لا توجد أي استجابة للمنظمات الدولية والأمم المتحدة على الصعيد الطبي”.

وشدد حاج حسين على ضرورة “إعادة ترميم بناء المستشفيات بعد الزلزال، وإعادة ترميم مخزون المستلزمات الطبية والأدوية التي استُهلكت نتيجة الضغط الكبير على المستشفيات والمراكز الصحية في أول أيام الكارثة”، مشيراً إلى أن وزارته “جهزت ملفات الاحتياج من أجهزة طبية ومستلزمات عمليات ومواد إسعافية وأدوية، وتم رفعها للجهات المحلية والدولية، ولم نتلقَ استجابة حتى الآن”.

وأشار حاج حسين إلى أن “أغلب الإصابات الناتجة عن الزلزال هي عظمية وعصبية”، وتتطلب فترة علاج طويلة، قد تصل أكثر من 12 شهر، كما أن “الحالة الواحدة تحتاج إلى أكثر من عملية جراحية”، إضافة إلى تعرض متضرري الزلزال الذين قضوا ساعات تحت الأنقاض لـ”متلازمة الهرس، التي تؤدي إلى قصور كلوي في الغالب، “ما يضطرهم إلى غسيل الكلى، وسط نقص الأجهزة والاحتياجات اللازمة لمراكز الكلى قبل هذه الكارثة أساساً”.

من جهتها، قال منير المصطفى، نائب مدير الدفاع المدني السوري، أن الخوذ البيضاء “بحاجة إلى لوجستيات لإزالة الأنقاض والردم، التي قد تستغرق وقتاً نتيجة الكميات الهائلة وعدد الأبنية الكبير المدمر”. إضافة إلى حاجتهم إلى مساعدات في إطار “تقييم الأبنية السكنية بمساعدة جهات هندسية، من أجل تحديد المنازل القابلة للسكن من غير القابلة للسكن”.

لاحقاً لهذه الخطة، يتوجب التعامل مع الأبنية غير القابلة للسكن، من خلال إزالة الخطر منها، ومن ثم محاولة تأهيل البنى التحتية، لاسيما خدمات المياه والإصحاح، التي تضررت بشكل كبير، في ظل تفشي الكلوريا واللشمانيا، كما قال المصطفى لـ”سوريا على طول”.

وختم المصطفى: “كنا نسير في أولى خطوات التعافي المبكر، لكننا بفعل الزلزال رجعنا عدة سنوات إلى الوراء”، معتبراً أن “ما قبل السادس من شباط ليس كما بعده، لذلك يجب أن يكون العمل بأقصى طاقة ممكنة”.

شارك هذا المقال