4 دقائق قراءة

طالب في جامعة دمشق يدفع راتب ثمانية شهور كرشوة لتجنب الالتحاق بالخدمة الإلزامية

إن خيار البقاء على مقاعد الدراسة، هو أحد أكثر الطرق […]


21 أبريل 2017

إن خيار البقاء على مقاعد الدراسة، هو أحد أكثر الطرق شيوعا والتي يتجنب الشباب، ممن أصبحوا في سن أداء الخدمة الإلزامية، من خلالها، الالتحاق بالجيش في مناطق سيطرة النظام، في سوريا.

ولا يهم التخصص، أو الدرجات التي سيحصلون عليها في الاختبارات، ما يهم هو التسجيل للالتحاق بالدراسة الجامعية في مكان ما، وهو ما يمكنهم من تأجيل أداء الخدمة والالتحاق بالجبهات.

ومن المعروف أن أداء الخدمة العسكرية، لمدة عامين، هو أمر مطلوب من جميع الرجال السوريين الذين تتراوح أعمارهم بين 18-42. وهناك بعض الاستثناءات كالإعفاء من الخدمة بسبب الظروف العائلية أو المرض، بينما يتاح التأجيل لطلاب الجامعات أيضا.

ولكن بعد التخرج من الجامعة، يتم استدعاء هؤلاء الرجال لأداء الخدمة. وهكذا، يقوم الطلاب بالرسوب عمدا لتجنب التخرج، أو أنهم يلتحقون ببرامج الدراسات العليا فور تخرجهم.

لكن الشهر الماضي، أصدرت مديرية التجنيد العامة في الجيش العربي السوري، قرارا يقضي بتضييق معايير تأجيل طلبة الجامعات الذكور.

ويشمل القرار، على وجه الخصوص، الطلاب الذين يدرسون دبلوم التأهيل التربوي، والذي لاعلاقة له بالتخصص الجامعي، ومدته عام واحد.

وقال سمير سليمان، رئيس فرع الإعلام في الإدارة السياسية في وزارة الدفاع، الشهر الماضي، أنه “من غير المنطقي أن يتقدم خريج جامعي باختصاص الطب أو الهندسة أو أي تخصص آخر لا يمت بصلة لمجال التدريس والعمل بالسلك التعليمي في وزارتي التعليم العالي والتربية للتسجيل في دبلوم التأهيل التربوي، ومن ثم يتقدم بطلب تأجيل من مديرية التجنيد”.

كلية هندسة العمارة في جامعة دمشق، تشرين الأول 2014. تصوير: عدسة طلاب جامعة دمشق.

وسيتم إلغاء التأجيل الدراسي، للطلاب المعنيين بالقرار، بعد انتهاء امتحاناتهم في تشرين الثاني.

إياد مراد هو واحد من الطلاب الذين سيتم إلغاء تأجيلهم في وقت لاحق من هذا العام. يبلغ إياد من العمر 26 عاما، ويعيش في دمشق، وتخرج من كلية هندسة المعلوماتية، تخصص برمجيات، في عام 2015.

وبعد تخرجه، قال مراد، الذي طلب عدم ذكر اسمه الحقيقي، أنه التحق بكلية التربية في جامعة دمشق للحصول على دبلوم التأهيل التربوي وتجنب الالتحاق بالخدمة الإلزامية.

وقال مراد، في حديثه مع مراسلة سوريا على طول، بهيرة الزرير “الخدمة العسكرية في الحرب ليس لها نهاية، وتعني الموت”.

كطالب تكمل دبلوم التأهيل التربوي غير التخصصي فأنت متأثر بشكل مباشر بالقرار، هل لك أن تخبرني كيف ولماذا بدأت دراسة الدبلوم وما مدى تأثرك بالقرار؟

بعد تخرجي عام 2015، قمت بتسجل دبلوم تأهيل تربوي وهو دبلوم غير تخصصي (برنامج دراسي أقل من الماجستير، يتم الالتحاق به بعد التخرج، ويعد من ضمن برامج كلية التربية)، وليس له أي فائدة من الناحية الأكاديمية ومدة دراسته سنة فقط، وذلك للتهرب من السوق للخدمة الإلزامية فهو يمنحني تأجيل لسنة واحدة ويُسمَح لي بتأجيل سنة أخرى في حال عدم نجاحي به.

كان الهدف من التسجيل به هو تأجيل السوق للخدمة الإلزامية، بطريقة قانونية وسهلة لتأمين التأجيل الدراسي وبالتالي تأخير السوق.

بعد إلغاء قرار تأجيل كافة المؤجلين (من خلال دبلوم التأهيل التربوي)، من حملة الشهادات غير التخصصية، تم اعتبارنا جاهزين للسوق من تاريخ 21-11-2017 بغرض منح فرصة التقدم للامتحانات كما مُنِع منح المشمولين بالقرار أذونات بالسفر خارج سوريا.

وسبب هذا القرار صدمة كبيرة بالنسبة لي وللعديد من زملائي، بسبب قلة البدائل المتاحة لتجنب الذهاب للخدمة الإلزامية، وتأثيره هو القضاء على حياتي كلها!

إلى جانب التسجيل في دبلوم التأهيل التربوي، ماهي البدائل التي كانت متاحة أمامك لتجنب السوق للخدمة الإلزامية أو تأجيلها؟

البدائل التي كانت متاحة أمامنا كطلاب هندسة من أجل التهرب من السوق هي أن نقوم بحمل مادة (أي الرسوب في المادة عمداً) في السنة الأخيرة، وهذا يمنعنا من التخرج، وبالتالي التأجيل دراسياً وبطريقة قانونية.

أما الحل الآخر هو تسجيل في الدبلوم التربوي الذي يعطينا فرصة التأجيل لعامين. ولكن الآن مع صدور القرار ودخوله حيز التنفيذ لم يعد أمامنا للتأجيل سوى التقدم لدراسة الماجستير التخصصي. إلا أن فرص القبول في الماجستير تكون ضيئلة جدا بسبب تقدم مئات الطلاب إليه وشروطه الصعبة، وفي نهاية الأمر يتم قبول 12 طالبا فقط من أصل مئات المتقدمين.

الحلول السابقة باتت مستحيلة أمامي.

وبالنسبة للحل المتاح أمامي الآن، هو إما التواري عن الأنظار وعدم الخروج من منزلي، وإما أن أدفع رشوة لأحد الضباط  للحصول على وثيقة تأجيل للسوق بشكل قانوني، ولمدة عام.

بالنسبة لي اخترت الرشوة، وسأدفع الآن لأحد الضباط رشوة وقدرها 400 ألف ليرة سورية (1866دولارا)، للحصول على تأجيل سنة واحدة، في حين أتقاضى راتب في شركة برمجية قدره 50 ألف ليرة سورية، وإذا دفعت للضابط 400 ألف فهذا يعني أني سأعمل لمدة 8 أشهر، والمتبقي من راتبي سيكون مواصلات ولكن لا يوجد خيار آخر.

(إياد سمع من أحد أصدقائه عن ضابط رفيع المستوى في شعبة التجنيد في دمشق والذي يتقاضى رشاوى. وخطط إياد لاقتراض المبلغ المطلوب من أقاربه في الخارج، ومن ثم يدفع النقود على أقساط).

ماهي ردة فعلك الآن بعد معرفتك بأنك ستدفع راتب ثمانية شهور، رشوة لضابط لتأجيل سوقك للخدمة؟

أشعر بأني غبي، درست وتخرجت وأعيش في انعدام أمان وغلاء وخوف وضغوطات مادية ونفسية، لكي أدفع رشوة تبقيني على قيد الحياة عام ولا أدري هل سأكون في أمان من التفجيرات أو الاعتقال بأية تهمة غير التهرب من الخدمة!

وإذا نجوت هذه السنة هل سأتمكن السنة المقبلة من دفع رشوة! كل هذه الأمور باتت مجهولة كما هي حياتنا في ظل الحرب أيضاً للأسف.

ماهي الأسباب التي تمنعك من تأدية الخدمة الإلزامية؟ وطالما أنك تعلم بوجوب تأدية الخدمة، لماذا لم تغادر البلاد؟

أنا لست ضد تأدية الخدمة فهذا واجبي تجاه وطني ولكن الخدمة العسكرية في الحرب ليس لها نهاية، وتعني الموت. فعندما يتم وضعي على أحد الحواجز بعد التحاقي بالجيش سأفنى فيه من أجل حرب وأنا لست مقتنعا بالحرب أصلاً. واخترت البقاء لإنهاء دراستي منذ بداية الثورة، على أمل أن تنتهي قبل تخرجي، لكن لم أكن أعلم بأن الأمر سيطول بسبب الحرب.

وبالنسبة للخروج لم أستطع الهجرة بسبب عدم استقبال معظم البلدان لنا كوننا سوريين، والخروج بطريقة نظامية بات مستحيلا، ولا أستطيع المجازفة بالخروج من خلال التهريب خوفاً من الطريق.

ترجمة: سما محمد

شارك هذا المقال