4 دقائق قراءة

طبيبٌ يتوقع زيادة حالات الوفاة في الغوطة الشرقية نتيجة سوء التغذية

بعد أن وضعت اتفاقية وقف التصعيد حداً للعنف في ضواحي […]


27 أكتوبر 2017

بعد أن وضعت اتفاقية وقف التصعيد حداً للعنف في ضواحي الغوطة الشرقية المحاصرة والتي تحكمها المعارضة، هاهم الأطفال الآن داخل الجيب الثوري الذي يطوّقه النظام يواجهون الموت جراء مضاعفات تتعلق بسوء التغذية.

ويعاني نحو 1200 طفل من سوء التغذية الحاد في الغوطة الشرقية، وفق ما قالت جولييت توما، المتحدثة الإعلامية باسم اليونسيف لـ BBC ، في وقت سابق من هذا الأسبوع.

ويواجه سكان الغوطة الشرقية المحتجزون في حصار للنظام بلغ أربع سنوات، و الذين يقدر عددهم بـ 400ألف نسمة، نقصاً حاداً في الغذاء وحليب الأطفال الصناعي بعد أن شدّدت الحكومة السورية حصارها على المعقل الثوري في الربيع الماضي.

وفي آذار، أغلقت قوات النظام أنفاق التهريب التي كان الثوار يستخدمونها لإدخال الطعام والمحروقات وغيرها من المواد، وكانت صفعة كبيرة إلى الغوطة المحاصرة التي تحكمها المعارضة، ولاسيما فيما يتعلق بتأمين الطعام.

وقبل ثلاثة شهور مضت، فقدت الغوطة الشرقية شريان الحياة الآخير حين أُغلق معبر مخيم الوافدين، الذي يديره النظام، والذي يستخدمه تجار الحرب لبيع المواد الغذائية داخل الحصار.

وبغياب أنفاق التهريب، والمعبر التجاري، “اشتد الحصار بشكل كبير خلال الشهور الأخيرة الماضية”، وفق ما قال محمد كتوب، طبيب سوري يعمل مع الجمعية الطبية السورية الأمريكية (SAMS)، وهي منظمة تدعم وتدير عدة هيئات طبية في الغوطة الشرقية.

هالة بعمر العامين، تزن 4,10كغ. 25تشرين الأول. حقوق نشر الصورة لـ Abdulmonam Essa/AF.

وذكر الدكتور كتوب لـ نورا حوراني، مراسلة في سوريا على طول، أن “سوء التغذية ليس مفاجئاً أو جديداً، ونتيجة ما يحدث حالياً تحولت الحالات المتوسطة إلى حادة”.

وفي يوم الأربعاء، أصدرت الأمم المتحدة بياناً تحذر فيه أن الغوطة الشرقية قد “دخلت واحدة من أسوأ الفترات صعوبة” منذ بدء الحصار في عام 2013.

وقال كتوب “كلما طال الحصار يوماً بعد يوم نفقد قدرة من قدراتنا الطبية وبعض من تجهيزاتنا” وختم “نحن نتوقع زيادة حالات الوفاة في الأيام القادمة”.

ما هو عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في الغوطة الشرقية حالياً، وكيف تتجلى؟

حصار الغوطة ليس بجديد ولكن اشتد الحصار بشكل كبير خلال الشهور الأخيرة الماضية بعد أن خسرت الغوطة الأنفاق وخسرت المعبر التجاري وانخفضت قدرته على إدخال المواد بشكل كبير أو توقفت بشكل نهائي لبعض المواد، لذلك فإن سوء التغذية ليس مفاجئاً أو جديداً.

وما يحدث بالضبط حالياً أنه عندما تتحول الحالات المتوسطة إلى حادة يصبح الجسم ضعيف المناعة بشكل كبير، وتفقد هذه الحالات قدرتها على احتمال أمراض أخرى يمكن أن تصاب بها بسبب ضعف مقاومة الجسم وهذا سبب الوفيات، فحالتيّ الوفاة اللتين حدثتا في الأسبوع الماضي لم يكن سوء التغذية هو السبب المباشر فيها، ولو كان سوء تغذية فتدبيره غير معقد، بالذات إذا لم يكن له أسباب ثانية غير نقص الوارد الغذائي.

ولكن المشكلة هي أن حالات سوء التغذية تكون مترافقة بحالات سوء امتصاص أو غيرها لدى الطفل أو البالغ على حد سواء وحينها يصبح العلاج معقداً جداً في ظل القدرات المحدودة بالغوطة.

فالقدرات الموجودة حاليا في الغوطة غير قادرة على التجاوب مع الحالات وقد تتفاقم بمجرد وجود التهاب أو ورم بسيط.

وحاليا مع الحصار الشديد وارتفاع الأسعار الجنوني هناك ضعف في القدرة الشرائية للسكان في حال توفر المواد، فالناس ليس لديها قدرة لتشتري احتياجاتها الغذائية واليومية، فهناك ليس نقص فقط بالنوع وإنما هناك نقص في الكم وقد لا تتمكن  الناس خصوصاً في الشتاء من تأمين الكربوهيدرات والنشويات، وهذا يسبب سوء تغذية من النوع المزمن.

ما هي الفئات العمرية التي تشهد حالات سوء التغذية؟

نحن عادة  حين نعلن حالة التأهب لسوء التغذية الحاد نستهدف الفئة العمرية بين 6 أشهر و 5 سنوات

أما الفئة الأصغر من 6 أشهر فغالباً ما يكون هناك أسباب أخرى وراء تدهور الحالة لتندرج ضمن فئة سوء التغذية الحاد، خصوصاً إذا كان هناك إرضاع طبيعي للطفل، فغالباً لايصاب بسوء التغذية إلا إذا كان مصاب بسوء امتصاص.

وفي والغوطة الشرقية يتوفر الحليب البقري وأحياناً هذا يساعد ويخفف من حدة المرض، ولكن الكارثة هي عند الأطفال الرضع الذين لا يمكنهم تناول الحليب البقري، بالإضافة إلى ذلك هناك سبب آخر وهو قلة التنوع الغذائي أو الوارد الغذائي [للأم].

هناك إحصائية من قطاع التغذية في سوريا تشير إلى هناك 72% من أطفال الغوطة الشرقية ممن هم تحت 5 سنوات بحاجة لدعم تغذوي وهنا لا نتكلم عن السلة الغذائية وإنما عن المكملات الغذائية أو حليب أطفال صناعي مركب (بيبي فورميلا).

ما دور المنظمات الإنسانية للضغط بشأن ادخال مواد او فك الحصار؟

هناك نوعين من المنظمات، منظمات غير  حكومية مثل “SAMS”، ومنظمات حكومية تابعة للأمم المتحدة ولديها قدرة على الوصول ولها مكاتب داخل سوريا، ولديها قدرة للضغط ولكن النظام يعرقل عملها.

والمشكلة الدائمة هنا في سوريا هي ربط الموضوع الإنساني بالاتفاقيات من هدن وغيرها من خفض التوتر،

وكأن الناس ليس لديها حقوق، من المفروض أن يكون الجانب الإنساني خارج هذه الاتفاقيات وأن يحصل الإنسان على حقه بالغذاء والطعام والصحة وكل الاحتياجات الإنسانية بغض النظر عن خلفيته السياسية،

وهذا الكلام نظري ولكن حتى عندما يتم ربط الموضوع الإنساني بالاتفاقيات لا يتم تنفيذه، ولم يتم فتح المعابر ولا فك الحصار ولا وقف لإطلاق النار، ونحن كمنظمة نحاول الضغط بشتى الوسائل سواء باللجوء للإعلام لتوضيح الصورة، ونقدم إحصائيات وأرقام، أو من خلال الأقنية الرسمية من أمم متحدة ولقائنا مع ممثلي الدول.

ما هي الإمكانيات المتاحة حالياً في الغوطة ؟ وهل سنشهد المزيد من حالات الوفيات؟

حاليا نحن نعتمد بالغوطة على مخزوننا [الذي أدخل في شهر حزيران قبل إغلاق معبر الوافدين].

ولكن وفي ظل هذا الحصار الشديد، لا يوجد أي قدرة على إدخال المواد إلا ما ندر، وللأسف بدأ المخزون ينفد خصوصاً المواد الطبية، ولهذا بدأنا نرى مثل هذه الحالات.

وكلما طال الحصار يوماً بعد يوم نفقد قدرة من قدراتنا الطبية وبعض من تجهيزاتنا، مثل مرضى الأورام لا يوجد علاج حقيقي لهم في الغوطة،حتى المسكنات لهؤلاء لم تعد موجودة، وخلال الثلاث شهور الماضية كان هناك وفاة لشخص كل أسبوع. رغم أنها حالات مرضية كان يمكن شفائها بسهولة في حال توفرت الأدوية، وهي حالات غير معقدة وإنما حالات مؤكدة الشفاء طبيا .ونحن نتوقع زيادة حالات الوفاة في الأيام القادمة.

شارك هذا المقال