3 دقائق قراءة

طبيب إدلبي يفقد كامل أفراد أسرته وشقيقه وعائلته في غارة أحالت منزلهم إلى ركام

استيقظ الدكتور مصطفى محمود السائح، فجر يوم الأربعاء ليجد جسده […]


16 مارس 2017

استيقظ الدكتور مصطفى محمود السائح، فجر يوم الأربعاء ليجد جسده مثخناً بالرضوض والكدمات والمبنى السكني الذي يقطنه المؤلف من أربعة طوابق وقد تهاوى إلى مجرد كومة ركام.

ومن حوله، وعلى سرير كبير يرقد كل أفراد أسرته موتى: زوجه وأطفاله الستة.

وقتل 14 شخصا من عائلة السائح، وهم نيام، بغارتين جويتين قصفتا حي القصور في  مدينة إدلب الخاضعة لسيطرة الثوار فجراً، وفق ما ذكر الدفاع المدني، الأربعاء.

وقتلت الغارات الجوية 25 شخصاً بالمجمل، 16منهم أطفال.

ويقول السائح الذي دفن زوجه وأطفاله الستة وعائلة أخيه صباح يوم الخميس، لمراسلة سوريا على طول، بهيرة الزرير أنه “ما يزال في هول الصدمة”.

حدثنا عن تفاصيل استهداف المبنى الذي تقطن فيه مع عائلتك؟

في صباح يوم الأربعاء، في تمام الساعة الثالثة والنصف ليلاً، كنت نائماً بالقرب من أبنائي وزوجتي في منزلي الكائن في حي القصور بإدلب، المؤلف من أربعة طوابق، يقطنه أربع عائلات نازحة من مدينة الباب، وعائلة مؤلفة من 7 أشخاص من عندان، وكان من بينهم أخي وزوجته، وأطفالهما الخمسة.

ولم أسمع سوى صوت الطائرات تحلق وبعدها بلحظات لم أعد أشعر بشيء، كأنني متّ، واستيقظت على أصوات الدفاع المدني، ونظرت لأجد حجم الدمار فالبناء من أربع طوابق أصبح مجرد كومة حجارة، كنت في حالة صدمة كبيرة، وظننت أني في حلم وما زلت نائماً في منزلي وبالقرب من أطفالي.

وبعد مرور وقت من الزمن كان الناس وفرق الدفاع المدني يواسونني، ويقولون لي “الله يصبرك”، جلست أبكي وأصرخ: يا الله. ولم أغادر مكان انتشال الجثث لعل أحداً يكون قد نجا من القصف.

مبنى الدكتور السائح في حي القصور في 15 أذار. حقوق نشر الصورة للدفاع المدني في إدلب.

هل أصبت؟

تم إنقاذي مع رجلين آخرين فقط، وأنا مصاب برضوض فقط حالتي الصحية جيدة، مقارنةً مع حالتي النفسية.

كيف كان وقع هذه الخسارة عليك؟

أشعر بالقهر كأب فقد أبناءه وزوجته، وأخ فقد أخوه أشعر بالانهيار نفسياً، وهول الصدمة وعدم تصديقي للحقيقة، استشهد جميع من كان في المبنى من بينهم أبنائي الستة، وزوجتي، وأخي المهندس محمد السائح البالغ من العمر 47 عاماً وزوجة أخي وخمسة من أبنائه.

أنا مؤمن بقضاء الله وقدره، ولا اعتراض على حكم الله، ولكن الموت والفراق يجعلان الإنسان يفقد قدرته على تصديق الحدث، وإلى هذه اللحظة أشعر بهول الصدمة، وكأنني ما زلت نائماً وأرى كابوساً في منامي وأحاول أن استيقظ منه، ولكنّ جميع الذين حولي الآن في العزاء يؤكدون لي أنّه حقيقة.

ماذا كان آخر حديث لك مع أطفالك؟ وكيف كانوا يرون الثورة؟

آخر حديث دار بيني وبين أطفالي كانوا يسألونني متى سنعود إلى الباب، ويخططون لما سيفعلونه عند عودتهم، والتي كنت قد أجلتها للشهر القادم خوفاً على سلامتهم من الألغام المزروعة فيها.

أطفالي الصغار، ريماس ورند وبيبرس، الذين عاشوا في زمن الحرب كانوا يفرحون ببعض الشيبس والبسكويت، ولا يعلمون ماذا يجري حولهم، وكانوا يخافون من القصف، وعندما يكون هناك قصف يضعون أصابعهم في آذانهم، ويغمضون أعينهم بسبب أصوات القصف.

وعن الثورة والحرب، كان كلاً من ابني عبادة البالغ من العمر16عام وحمزة 13 ووئام10 أعوام،  يقولون أكلُّ هذا الدمار والموت لأننا طالبنا بالحرية، ما ذنبنا نحن؟ وما ذنب أطفال سوريا الذين يموتون كل يوم بسبب هذه الحرب ؟، وكانوا يسألونني أليست الحرية بحقّ مشروع أم هي ذنب؟

ترجمة: فاطمة عاشور

شارك هذا المقال