4 دقائق قراءة

طفس على خطى “درعا البلد”: هل انتهت حملة النظام على غرب درعا؟

توصل النظام السوري ولجنة التفاوض في مدينة طفس بريف درعا الغربي إلى اتفاق يقضي بإخراج أشخاص مطلوبين لدمشق من غير أبناء المدينة، مقابل وقف إطلاق النار وسحب تعزيزاته.


28 يوليو 2022

باريس- توصلت لجنة التفاوض في مدينة طفس بريف درعا الغربي، اليوم الخميس، إلى صيغة توافقية أولية مع اللجنة الأمنية في درعا، التابعة للنظام، تقضي بوقف إطلاق النار بشكل فوري، شريطة خروج شخصيات محددة مطلوبة للنظام من المدينة.

وتعهد النظام، بعد التزام لجنة التفاوض عن المدينة، وهي لجنة أهلية تضم وجهاء محليين وقادة عسكريين سابقين في المعارضة، أن يسحب التعزيزات العسكرية التي استقدمها إلى محيط طفس بغرض اقتحامها.

وبالتزامن مع المفاوضات، التي جرت صباح اليوم، استهدفت قوات النظام السهول الجنوبية، المحيطة بمدينة طفس، بقذائف الهاون والدبابات والمضادات الأرضية، وسط تحليق لطيران الاستطلاع فوق سماء المنطقة.

قبل ذلك، قتل مدني وأصيب ثلاثة آخرون بجروح، نتيجة قصف قوات النظام بقذائف الهاون والرشاشات الثقيلة، أمس، محيط مدينة طفس وبلدة اليادودة.

وجاء التصعيد على خلفية تهديدات رئيس اللجنة الأمنية للنظام، اللواء مفيد الحسن، في 24 تموز/ يوليو الحالي، لأعضاء من لجان التفاوض ووجهاء محليون عن مدينتي جاسم وطفس وبلدة اليادودة غرب درعا، باقتحام هذه المناطق في حال لم يتم تسليم شخصيات للنظام أو الخروج منها.

وأعطت اللجنة الأمنية، في الاجتماع الذي حضره عدد من قادة الأفرع الأمنية وقوات النظام ومحافظ درعا، لؤي خريطة، الوجهاء في تلك المنطقة مهلة 48 ساعة، التي انتهت بحلول صباح يوم الثلاثاء.

وهددت اللجنة الأمنية باستخدام الطيران الحربي والمدفعية الثقيلة، إضافة إلى منع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم في حال لم تستجيب تلك المناطق لأوامر اللجنة، كما ذكرت وسائل إعلام محلية معارضة. وعلى خلفية التهديدات، وصلت تعزيزات عسكرية على أكثر من دفعة إلى المنطقة، بما في ذلك مدينة طفس، التي تركزت التعزيزات في سهولها الجنوبية.

وخلافاً لما تناقلته وسائل إعلام محلية معارضة، في تبعية القوات المستقدمة لـ”التيار الإيراني”، قال مصدران محليان لـ”سوريا على طول” أن القوات التي وصلت إلى محيط طفس من مرتبات الفرقة 15 التابعة للنظام.

ونفى مصدر مقرب من لجنة التفاوض عن مدينة طفس في حديثه لـ”سوريا على طول” وصول قوات “من الفرقة الرابعة أو قوات إيرانية إلى المنطقة”، لكن هذا لا ينفي أن “السيطرة الكاملة على درعا تعني خدمة المشروع الإيراني في المنطقة”.

هدف التصعيد

طالبت اللجنة الأمنية التابعة للنظام، في اجتماعها، الأحد الماضي، “إخراج جميع المطلوبين للنظام، من غير أبناء طفس المقيمين فيها”، وفيما لم يسلم قائمة بأسماء المطلوبين الذين يجب إخراجهم “شددت على ضرورة إخراج إياد جعارة وعبيدة الديري”، وهما قياديان سابقان في المعارضة، وقد “خرجا من المدينة قبل يومين إلى مكان مجهول”، كما قال المصدر المقرب من لجنة التفاوض عن مدينة طفس.

وأوضح المصدر أن الاتفاق مع النظام يقضي “بخروج أربعة أشخاص فقط”، وهو عدد الذين تنطبق عليهم مطالب النظام، مشيراً إلى أنهم “وافقوا على الخروج من طفس لتجنيبها الحرب”، وفيما لم يحدد وجهة المطلوبين، إلا أنه نفى خروجهم إلى مناطق المعارضة شمال سوريا.

من جانبه، قال قيادي سابق في فصائل المعارضة بدرعا أن النظام يهدف من التصعيد الأخير “الضغط على المنطقة لإفراغها من الثوار أو تصفيتهم، مقابل دعم خلايا داعش وتسهيل انتشارها في حوران”، وبذلك يمكنه الحصول على ضوء أخضر دولي مستقبلاً، لوقف العمل بموجب تسوية صيف 2018 الموقعة بين المعارضة والنظام، وبالتالي “اقتحام المنطقة وفرض سيطرته عليها كلياً”.

وأشار القيادي في حديثه لـ”سوريا على طول” إلى انقسام قادة اللجنة الأمنية التابعة للنظام إلى قسمين، مبيناً أن “القادة العسكريين، مثل مفيد الحسن وسهيل ديوب، مع عملية التفاوض، على عكس القادة الأمنيين، الذين يدفعون باتجاه الضغط والتدخل العسكري إن لزم الأمر”.

وعزا القيادي موقف اللواء مفيد الحسن، رئيس اللجنة الأمنية، الرامي إلى “التودد من أهالي حوران وحل الأمور بالتفاوض”، إلى أنه “يخشى مصيراً مشابهاً [لرئيس اللجنة الأمنية السابق] اللواء حسام لوقا”، الذي تم عزله مع إتمام عمليات تسوية تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، ما يعني أن “فشل الحسن في المواجهة العسكرية أمام الفزعات وردات الفعل المحلية، وإجباره على المفاوضات يهدد منصبه”.

في أواخر حزيران/ يونيو 2021، فرضت قوات النظام والمليشيات الإيرانية حصاراً عسكرياً خانقاً على أحياء درعا البلد في مدينة درعا، بذريعة رفض الأهالي تسليم سلاحهم ووجود بعض الأشخاص المطلوبين للنظام، طالب النظام بترحيلهم لمناطق المعارضة شمال سوريا.

وبعد نحو شهر من الحصار، بدأت القوات المحاصرة اقتحام المدينة، رافقها قصف عنيف لدرعا البلد، لكن العملية توقفت بعد توصل الطرفين إلى اتفاق جديد عرف بـ”التسوية الثانية”، وتم تعميمه لاحقاً على باقي مدن وبلدات المحافظة. وتركز التسوية الجديدة في جوهرها على تسليم السلاح الفردي لمقاتلي المعارضة سابقاً.

ما يجري اليوم “لا يختلف” عن ما جرى العام الماضي في درعا البلد، في أن “النظام يتذرع كل مرة بوجود أشخاص مطلوبين ليكونوا بمثابة شماعة يبرر بها تصعيده”، كما قال المصدر المقرب من لجنة طفس، مستدلاً على ذلك بأحداث درعا البلد، إذ “لم يكن الهدف ترحيل المطلوبين، وإنما كان ضباط النظام يريدون جمع المال والسلاح من حوران”.

وتوقع المصدر “اختيار النظام موسم حصاد المزروعات وجني محاصيل الأشجار، أي الوقت الذي يملك الناس وفرة في المال من أجل ابتزازهم”، كما فعل العام الماضي “عندما جمع مئات الملايين وقطع السلاح”.

سيناريو درعا البلد؟

“نجح النظام السوري في تحقيق ما يريده في درعا البلد” بعد الحملة العسكرية التي شنها، العام الماضي، إذ تمكن من تحييد المدينة عن “المشاركة في الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية المناهضة له”، كما قال أبو محمد، مسؤول عسكري سابق في المعارضة لـ”سوريا على طول”، مؤكداً عدم تسجيل مظاهرات واحتجاجات “باستثناء وقفتين لعدة دقائق طالبتا بالإفراج عن المعتقلين وطرد إيران”.

ربما نجحت حملة النظام على درعا البلد “إعلامياً”، لكنها فشلت ميدانياً، كما قال أبو عبد الحق (اسم مستعار)، أحد وجهاء درعا البلد لـ”سوريا على طول”، طالباً عدم ذكر اسمه لدواع أمنية، مشيراً إلى أن “المدينة فتحت على المناطق الأخرى، وصارت حركة الناس أسهل”، أما فيما يخص المظاهرات “توقفت لأن الناس أيقنت بأنها لن تغير شيء في المشهد العام”.

أياً يكن، يحاول النظام اليوم “تكرار سيناريو درعا البلد في طفس وجاسم، وأن يظهر إعلامياً أنه تمكن من بسط سيطرته ونفوذه”، بحسب أبو محمد، موضحاً أن طفس نظرياً ضمن مناطق سيطرة النظام “لكن عملياً هي خارج سيطرته، ولا يوجد فيها أي نقطة عسكرية للنظام”.

شارك هذا المقال