4 دقائق قراءة

عدم انسحاب هيئة تحرير الشام من المنطقة العازلة والقصف المتبادل يثيران الشكوك حول إمكانية نجاح الاتفاق

مقاتلو الجبهة الوطنية للتحرير في ريف حلب الجنوبي، يوم الأحد. […]


16 أكتوبر 2018

مقاتلو الجبهة الوطنية للتحرير في ريف حلب الجنوبي، يوم الأحد. تصوير عمر حاج قدور /AFP.

 

تجاوزت “جماعات متشددة” في شمال غربي سوريا، يوم الإثنين، المهلة التي أعطيت لها لسحب قواتها من “المنطقة العازلة” في محيط إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة، بموجب اتفاق سوتشي الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي بين روسيا وتركيا.

ولم يكن هناك مؤشرات، يوم الاثنين، على انسحاب تلك القوات من مواقعها في الجبهات ضمن المنطقة العازلة، قبل الموعد المحدد الثاني المنصوص عليه في الاتفاق الروسي- التركي، وفقا لأحد المراصد، في حين أضاف القصف المتبادل بين جماعات القوات الموالية للحكومة والمعارضة المزيد من الشكوك بشأن تنفيذ المراحل القادمة من الاتفاق واستمراريته.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه لم يشهد انسحاب القوات التابعة للجماعات المتشددة قبل حلول الموعد النهائي، منتصف ليلة الأحد.

وخرقت هيئة تحرير الشام، التي تحافظ على وجودها في ما يقارب ال ٦٠٪ من الشمال الغربي الخاضع لسيطرة المعارضة – الصمت الذي دام على مدى ثلاثة أسابيع في أعقاب الاتفاق، بإصدار بيان في وقت متأخر من يوم الأحد دون أن تأتي على ذكر مسألة انسحاب المجموعة من مواقعها على الخطوط الأمامية.

وجاء في البيان “إن سلاحنا هو صمام أمان لثورة الشام، وشوكة تحمي أهل السنة وتدافع عن حقوقهم، وتحرر أرضهم، لن نتخلى عنه أو نسلمه”، وحاولت سوريا على طول التواصل مع متحدثين باسم الهيئة للتعليق بشأن البيان، لكنها لم تتلق أي رد.

في السياق، ذكرت وسائل الإعلام الحكومية الروسية وغيرها من المواقع الإخبارية أن الحزب الإسلامي التركستاني المتشدد يحفّز على المعركة في الأيام الأخيرة، بدلاً من الانسحاب من مواقع داخل المنطقة العازلة في محافظة اللاذقية المجاورة.

ويتواجد الحزب الإسلامي التركستاني في مناطق استراتيجية حول جسر الشغور، والتي تقع ضمن وعلى أطراف المنطقة العازلة المقترحة.

في 17 ايلول، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في نهاية المطافعن اتفاقٍ يحدد جدولاً زمنياً لسحب الأسلحة الثقيلة والجماعات المتشددة من المنطقة، وتم الاحتفال بالاتفاقية لإفشال ما كان يتوقعه الكثيرون من قبل الحكومة السورية وحلفائها.

وكما كان متوقعاً، سحبت المعارضة المدعومة من تركيا، وجيش العزة التابع للجيش السوري الحر في الشمال الغربي لسوريا الأسلحة الثقيلة، قبل الموعد النهائي في 10 تشرين الأول، ونص الاتفاق أيضاً أنه يجب على الجماعات المتشددة – بما في ذلك هيئة تحرير الشام التابعة لتنظيم القاعدة سابقاً- أن تسحب جميع مقاتليها من المنطقة العازلة بالكامل بحلول 15 تشرين الأول.

ويبدو أن رفض مقاتلي هيئة تحرير الشام الانسحاب من المنطقة العازلة يزيد من الشكوك حول استمرار الاتفاق.

وفي الوقت نفسه، تصاعد العنف على طول المنطقة العازلة في الأيام التي سبقت الموعد النهائي المحدد في 15 تشرين الأول.

واستهدفت قوات المعارضة، يوم الأحد، بقذائف الهاون مواقع تابعة للحكومة بالقرب من بلدة البحصة الزراعية الصغيرة، مما أسفر عن مقتل جنديين، وفقاً لما ذكره المرصد السوري لحقوق الإنسان، وجاء الهجوم ردّاً

على  موجة القصف الأخيرة التي قامت بها القوات الموالية للحكومة والتي استهدفت مدن مورك واللطامنةوضواحي تل عثمان في ريف حماه الشمالي.

وأصيب بقصد القوات الموالية للحكومة مالايقل عن ثلاثة مدنيين بجروح، يوم الأحد، وفقاً لما ذكره محمد أبو مالك، وهو متطوّع في الدفاع المدني السوري بريف حماة الشمالي، وهم مجموعة من المستجيبين الأوائل المعروفين باسم “الخوذ البيضاء”.

وأفادت تقارير بأن مجموعات المعارضة التابعة للجبهة الوطنية للتحرير قامت بسحب كامل الأسلحة الثقيلة – بما في ذلك العربات المدرعة وقاذفات الصواريخ – من المنطقة العازلة، الأسبوع الماضي، وأن قصف مدفعية الهاون يوم الأحد ضد الأهداف العسكرية الحكومية في البحصة جاء من موقع داخل المنطقة المنزوعة السلاح، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

ومن جهته نفى أحد قادة الجبهة الوطنية للتحرير الذي تحدث إلى سوريا عى طول، يوم الاثنين، الاتهامات التي تفيد بعدم التزام الجماعات التابعة لهم بالموعد النهائي.

وقال الناطق باسم الجبهة الوطنية للتحرير ناجي مصطفى “الرد على قصف قوات الأسد كان بالأسلحة المتوسطة، ولم نرد بالأسلحة الثقيلة”.

وأضاف: “نحن نحاول تنفيذ الاتفاق [إزالة التصعيد]، ولكن في نطاق الحفاظ على استعدادنا للقتال تحسباً لأي خرق من الجهة المقابلة”.

وفي انتهاك آخر واضح للاتفاق – من قبل القوات الموالية للحكومة – أظهرت الصور التي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل صحفي موالي للحكومة، يوم الأحد، وجود آليات ثقيلة مع قوات الجيش السوري بالقرب من بلدة محردة الصغيرة.

وتقع معظم مسؤولية الإشراف على تنفيذ الإتفاق على الأرض – بما في ذلك إزالة أسلحة المعارضة والمجموعات المتشددة من المنطقة العازلة – على عاتق أنقرة.

لكن إظهار التحدي من جانب هيئة تحرير الشام، إلى جانب اندلاع أعمال العنف الأخيرة، تمثل نكسة دبلوماسية لتركيا، وفقاً لما قاله نيكولاس هيراس، وهو زميل بمركز الأمن الأمريكي الجديد.

وأضاف هيراس لسوريا على طول أن “هذا الوضع برمته يشكك في الرواية التي تقول بأن [أنقره] لديها القدرة على ارضاخ المعارضة المسلحة – ولا سيما مجموعات مثل هيئة تحرير الشام”.

وتابع “ستأتي لحظة يتعين على الأتراك استخدام العصا بدلاً من الجزرة مع هيئة تحرير الشام لإنهاء القضية بالفعل”.

وسيكون الموعد النهائي التالي المنصوص عليه في الجدول الزمني للاتفاقية في كانون الأول، حيث من المتوقع أن يتم استئناف حركة المرور عبر الطرق السريعة التي تمر في قلب إدلب التي يسيطر عليها المعارضة.

وإن استئناف التجارة على طول الطريقين – اللذين يربطان المناطق التي تسيطر عليها الحكومة في حلب مع اللاذقية وحماه على التوالي- سيعيد الروابط التجارية وحركة النقل التي قطعت منذ أن سيطرت المعارضة على مساحات شاسعة من شمال غرب البلاد في عام 2012.

 

شارك هذا المقال