5 دقائق قراءة

عناصر الفصائل يعتدون على المدنيين و”القوي يأكل حق الضعيف” في الركبان

قُتِل العشرات من المدنيين، في مخيم صحراوي للنازحين، على يد […]


7 أغسطس 2017

قُتِل العشرات من المدنيين، في مخيم صحراوي للنازحين، على يد مقاتلي ثلاثة فصائل في المعارضة، في الأشهر الأخيرة، بسبب “الخلافات القبلية”، وفقا لما قاله مدنيون ومصدر مطلع على أوضاع المخيم لسوريا على طول.

وشكل مخيم الركبان موقعا لأعمال العنف، وهو مخيم عشوائي فقير، يقطنه ما يقارب 75 ألف نازح سوري، ضمن منطقة معزولة ونائية على الحدود الشرقية السورية – الأردنية، تُعرف باسم “الساتر الترابي”.

ويعيش سكان مخيم الركبان، الذين ينحدرون من مجموعة من القبائل الموجودة في المدن والقرى التي تقع في شرق سوريا، مع بعضهم البعض في المخيم. ويعاني النازحون من ندرة الطعام والمياه، حيث أن موقع المخيم البعيد يجعل الوصول إلى أماكن توافرها صعبا، إضافة إلى تعطل الخط الرئيسي الذي يزود المخيم بالمياه في منتصف حزيران، ولم يتم إصلاحه بعد.

وترتفع درجات الحرارة صيفاً في الصحراء المحيطة، مما يهدد بالإصابة بضربة الشمس. إلا أن مرافق الرعاية الصحية، كما يصفها مصدر من مخيم الركبان لسوريا على طول، هي “من العصر الحجري”. وطلب المصدر أن يشار إليه باسم رمزي.

وقال رمزي أنه في الآونة الأخيرة، ساد انعدام القانون في المخيم بسبب خليط قوي من مقاتلي الفصائل المتنافسة، والمشاكل القبلية، وعدم وجود عقاب أو رادع للسلوك الإجرامي.

إلى ذلك، يستغل مقاتلو ثلاثة كتائب معارضة على الأقل- أسود الشرقية، وجيش أحرار العشائر، ومغاوير الثورة- إجازاتهم لزيارة عوائلهم داخل مخيم الركبان. ووفقا لرمزي، قُتل ما لا يقل عن 25 شخصا فى أعمال عنف، شارك فيها مقاتلو المعارضة، داخل المخيم، منذ شهر أيار.

النازحون في الركبان يحتجون على وجود جيش أحرار العشائر داخل المخيم في شباط. تصوير: مجلس عشائر تدمر والبادية السورية.

وقال رمزي واثنان من سكان المخيم لسوريا على طول، يتم إطلاق النار عند توزيع المساعدات، وحدوث النزاعات، أو حتى بغياب سبب واضح لذلك.

وفي شباط الماضي، شكل سكان المخيم مجلس إدارة مدني في محاولة للحد من العنف المسلح. وقال رمزي إن “الفوضى عادت” بسبب عدم التزام الفصائل بوقف إطلاق النار. وأضاف “في إحدى المرات في أيار، أطلق عناصر الفصائل النار في عرس أحد المقاتلين، وبعدها تدهور الوضع أكثر”.

وذكر رمزي لسوريا على طول، أن مسؤولي المخيم عينوا قاضيا لحل الخلافات الحاصلة بين أهالي المخيم ولكن القاضي قدم استقالته من منصبه “بسبب خوفه من حسابه عند الفصائل اذا بت في قضية لصالح مدني”.

وقال ممثلون عن الفصائل الرئيسية الثلاث في الركبان، لسوريا على طول، هذا الأسبوع، أنهم يقرون بالعنف، إلا أنهم، ومن جهة أخرى، يحاولون إرساء القانون والنظام داخل المخيم.

في السياق، قال قائد مغاوير الثورة مهند الطلاع، لسوريا على طول “هناك العديد من المشاكل في المخيم من أجل المياه وتوزيع المساعدات، ونحن نحاول تأمين المخيم”.

وأضاف الطلاع، بعض الاشتباكات تنجم عن خلافات قبلية موجودة قبل الحرب، فى حين أن بعضها الآخر هي “مشاكل بسيطة” بين العناصر تحدث عندما يكون المقاتلون خارج الخدمة.

من جهته نفى يونس سلامة، المتحدث الرسمي باسم أسود الشرقية، ما تم التصريح به لسوريا على طول حول ارتكابهم للعنف ضد المدنيين في الركبان، قائلا أن أسود الشرقية “تمنع” مقاتليها من دخول المخيم.

وتابع “إن المخيم أشبه بالغابة”.

ووصف محمد العدنان المتحدث باسم أحرار العشائر – أكبر فصيل داخل الركبان – المخيم بأنه “بيئة غير منضبطة”.

وتابع “نحن كفيلون بمحاسبة أي عنصر يتجاوز على الأهالي والمدنيين فيما عدا حالات الدفاع عن النفس”، وأشار إلى أن “مهمة جيش أحرار العشائر هو حماية منطقة توزيع المساعدات فقط لا غير”.

مخيم الركبان يوم الخميس. تصوير: أبو عمر (نازح في المخيم).

يروي سكان الركبان قصة مختلفة. حيث قال سكان المخيم ومصدر أجريت معه مقابلة لإعداد التقرير، لسوريا على طول، إن المسلحين في المخيم – الذين يقولون أنهم ينتمون إلى الفصائل – يرتكبون أعمال عنف ضد المدنيين العزل.

ومن بين الذين استُهدفوا مؤخرا، أبو عمر، البالغ من العمر 38 عاما، حيث يعيش في الركبان مع زوجته وأطفاله الأربعة منذ فرارهم من مسقط رأسهم في تدمر في بداية عام 2016. في ذلك الوقت، سيطر تنظيم الدولة على المدينة مدة عام تقريبا.

ولكن أبو عمر وعائلته لم يجدوا الراحة في الركبان. ففي الشهر الماضي، ضرب ابنه البالغ من العمر ثماني سنوات طفلا آخر في المخيم، أبوه مقاتل تابع لأسود الشرقية، التابعة للجيش السوري الحر.

وقال أبو عمر لسوريا على طول، الاثنين “جاء والده وبدأ بإطلاق النار في الهواء وضربني وشتمني ولم يتجرأ أحد على الاقتراب منه(…) وذلك بسبب أن ابني ضرب ابن العنصر”.

وقال رمزي ان العنف الذي يمارسه المقاتلون ضد المدنيين “منتشر بشكل كبير”.

وفي حزيران، قتل عنصر من مغاوير الثورة رجلا وابنه “أمام عيون زوجة الرجل”، بسبب “مشادة كلامية”، إلا أن المتحدث باسم الفصيل- المدعوم من جانب الولايات المتحدة- نفى الحادثة.

وفي الوقت نفسه تقريبا، أفادت أنباء بأن عناصر من أسود الشرقية قتلوا نازحا من تدمر.

وفي حالات أخرى، أطلق مقاتلون من أحرار العشائر- وهو فصيل تدعمه الأردن – النار على سكان المخيمات “بهدف تنظيم الدور لاستلام المساعدات أو دور الحصول على المياه”.

“القوي يأكل حق الضعيف”

لا تعد المشاكل الأمنية أمرا جديدا في مخيم الركبان. ففي حزيران، 2016، انفجرت سيارة مفخخة عند نقطة عسكرية حدودية، بالقرب من الركبان، مما أسفر عن مقتل سبعة جنود أردنيين ودفع المملكة إلى إغلاق المعبر الحدودي، الشمالي الشرقي، مع سوريا.

وأعلن تنظيم الدولة، في وقت لاحق، مسؤوليته عن الانفجار وعن سلسلة من الهجمات الدموية الأخرى، التي وقعت في المخيم وماحوله، منذ ذلك الحين.

لكن التركيبة الاجتماعية القبلية للركبان تشكل تهديدا أيضا لأولئك غير القادرين على الدفاع عن أنفسهم، عندما يجتاح التوتر والنزاعات المخيم. ويعد النازحون الذين ينتمون إلى قبائل أو عائلات صغيرة، الطرف الأكثر ضعفا، مع عدم وجود الكثيرين ممن لديهم الشجاعة للوقوف بوجه القوي وسط النزاعات العنيفة.

وبالنسبة لأبي عمر، هذا يعني أنه لا يستطيع فعل شيء سوى المطالبة بتحقيق العدالة ومعاقبة عنصر أسود الشرقية الذي اعتدى عليه الشهر الماضي. حيث قال أبو عمر “فأنا من الأقليات الموجودة في المخيم(…) ولا يوجد جهة تستطيع أخذ حقي في المخيم”.

وتابع “المدني في المخيم، الذي لا ينتسب إلى عشيرة كبيرة، وليس له أي أحد من أقاربه ينتسب إلى فصيل محدد، يضيع حقه في الغابة التي نعيش فيها”.

ومن أجل التغلب على الشعور بالعجز لدى أبو عمر ومن هم في مثل حالته، عقدت مجموعة من زعماء العشائر في المخيم اجتماعا، في شباط، لإعلان تشكيل مجلس إدارة مدني. وقال المسؤولون لسوريا على طول “إن الهدف هو إيقاف الفوضى العارمة وانعدم الأمان”.

وأنشأ المجلس قوات شرطة، وأصدر مرسوما يحظر جميع المظاهر المسلحة داخل المخيم، ودعا الجماعات المسلحة إلى المغادرة. ويتوجب دفع غرامة مالية في حال ضُبط أي شخص في المخيم وهو يحمل السلاح.

وبحسب ماقاله السكان، ساد هدوء نسبي أجواء الركبان، لبعض الوقت. حيث انخفضت حدة إطلاق النار، وقلت جرائم العنف.

ولكن بعد أربعة أشهر فقط، “عاد إطلاق النار من جديد في الأعراس وحتى في وضح النهار”، وعاد الشعور بانعدام الأمن وغياب القانون، وفقا لما قالته أم خالد، نازحة في المخيم وأم لثلاثة أطفال. وفي شباط، أصيبت برصاصة في يدها جراء إطلاق نار من مصدر مجهول.

وقالت أم خالد “لايوجد أي قانون يحمي المدنيين في المخيم”.

وقال رمزي لسوريا على طول “إذا كان المدني من عشيرة فتستطيع عشيرته المطالبة بحقه من الفصائل، ولكن إذا كان من الأقليات فلا يوجد سلطة تحمي الناس التي لا تمتلك عشيرة”.

“القوي يأكل حق الضعيف”

واليوم، يقول أبو عمر أن ما يحتاجه هو الأمان- وحاجته للأمان تفوق حاجته للطعام أو الرعاية الصحية.

وختم أبو عمر قائلا “ولا ندري لعلنا نموت قبل أن نعود إلى سوريا”.

ترجمة: سما محمد

شارك هذا المقال