4 دقائق قراءة

غياب القضايا المحورية يعرّي “مسرحية” انتخابات بشار الأسد 

حتى ضمن مسرحية هزلية يمارسها الأسد الأب والابن منذ أكثر من نصف قرن، سيبدو ملفتاً غياب أي إشارة إلى اللاجئين والنازحين السوريين الذين يشكلون قرابة نصف عدد سكان سوريا ما قبل العام 2011.


18 مايو 2021

عمان- في خضم التحضيرات لإعادة تمكين بشار الأسد من حكم سوريا لسبع سنوات أخرى بزعم الفوز في “انتخابات” رئاسية تجرى في 26 أيار/مايو الحالي، أعلنت المحكمة الدستورية العليا في سوريا قبول طلبات ثلاثة مترشحين للانتخابات من أصل 51 مترشحاً كانوا تقدموا بطلباتهم منذ فتح باب الترشح في 19 نيسان/أبريل الماضي.

وإلى جانب بشار الأسد، الفائز حكماً بالانتخابات المقبلة، تضم قائمة المرشحين كلاً من المحامي عبد الله سلوم عبد الله، عضو المكتب السياسي لحزب الوحدويين الاشتراكيين، التابع لحزب البعث الحاكم، والمحامي محمود أحمد مرعي، “المعارض الوطني” كما يسمي نفسه، وهو أمين عام الجبهة الديمقراطية الوطنية، والمحسوب على معارضة الداخل.

ووفقاً لما حددته المحكمة الدستورية العليا، فقد بدأت حملات “المرشحين” الانتخابية، في 16 أيار/مايو الحالي، على أن تنتهي في الرابع والعشرين من الشهر نفسه. ولعل أهم ما يميز هذه الحملات التي تتخذ من وسائل التواصل الاجتماعي ساحتها الرئيسة، هو غياب البرنامج الانتخابي الواضح بشكل عام في تعبير عما يمكن اعتباره استعلاء على الشعب، كما في حالة الأسد، أو الاعتراف بدور “الكومبارس” من المرشحين الاثنين الآخرين.

بشار الأسد

وارث رئاسة سوريا عن أبيه منذ العام 2000، عقب تعديل الدستور آنذاك لأن بشار يومها كان أقل من السن المحددة لشغل منصب الرئاسة. ورغم أن المادة 88 من دستور سوريا الذي أقره الأسد العام 2014 قد نصت على أنه “لا يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لولاية واحدة تالية”، فإن الأسد بفوزه نهاية الشهر الحالي سيحكم سوريا لولاية رابعة.

وقد حملت حملته الانتخابية شعار “الأمل بالعمل” الذي تم نشره على منصات التواصل الاجتماعي والحسابات الرسمية للحكومة، وأعاد مؤيدوه نشره على صفحاتهم الشخصية. 

في الوقت ذاته، لم يظهر الأسد شخصيا للحديث عن حملته الانتخابية ولم يقدم أي برنامج انتخابي. وهو ما بدا وكأنه استعلاء على الشعب. كذلك، فسّر مصدر لوكالة سبوتنيك الروسية الحكومية أن عنوان حملة الأسد الانتخابية تشير إلى أن “مستقبل سوريا مرهون بالعمل والإنتاج والزراعة والإعمار، وبالتالي الأمل بيد كل مواطن وليس فقط بيد الرئيس”. وهو ما يتسنى فهمه من جانب آخر على أنه نقل عبء ومسؤولية العجز الحكومي والمعيشي خلال السنوات الماضية إلى كاهل المواطن.

عبد الله سلوم عبد الله

من مواليد مدينة أعزاز بريف حلب الشمالي العام 1956، ويحمل إجازة في الحقوق. وقد شغل عدة مناصب خلال عهد الأسد الأب والابن في حزب الوحدويين الاشتراكيين، حليف حزب البعث ضمن ما يعرف بـ”الجبهة الوطنية التقدمية”، منها عضو اللجنة المركزية لـ”الوحدويين الاشتراكيين” العام 1993، وأمين فرع ريف دمشق العام 2001، وعضو المكتب السياسي للحزب العام 2002، وعضو المكتب التنفيذي لطلبة سوريا بين العام 1985 و2005. 

كما شغل عبد الله منصب وزير الدولة لشؤون مجلس الشعب للفترة 2016-2020، قبل ذلك كان عضوا في مجلس الشعب في فترتي 2003-2007 و2012-2016.

وقد اتسمت حملة عبد الله الانتخابية، بأنها بلا برنامج أو مشروع واضح، إلى جانب أن خطابه قريب لخطابات حزب البعث. 

ففي فيديو عبر موقع “يوتيوب” بعنوان قوتنا بوحدتنا، ربما يكون الوحيد الذي خاطب فيه المرشح السوريين، اكتفى بالحديث عما سماها “الهجمة الإرهابية” التي جابهتها سوريا خلال السنوات الماضية من “نهب وتدمير ممنهج”، داعياً السوريين إلى المشاركة في الاستحقاق الرئاسي لأنه “واجب وحق دستوري لكل مواطن عربي سوري لاختيار من يراه قريبا من الشعب، يحمل هموم الشعب، ويسعى لحياة أفضل للشعب”على حد تعبيره. مختتماً ظهوره بمطالبة الشعب بقول كلمته “المدوية في وجه أعداء سوريا”.

محمود أحمد مرعي

من مواليد قرية تلفيتا في مدينة التل بريف دمشق العام 1957، ويحمل إجازة في الحقوق من جامعة دمشق العام 1993. وقد شغل عدة مناصب، منها رئيس مجلس إدارة المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سوريا منذ العام 2010. كما شغل باعتباره عضو المكتب السياسي بحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي، عضوية المكتب التنفيذي ورئيس مكتب الشباب في هيئة التنسيق الوطنية التي تمثل معارضة الداخل منذ العام 2010 وإلى حين استقالته من الهيئة العام 2012.

في العام 2012، أسس مرعي تيار سوريون من أجل الديمقراطية. كما شغل منصب أمين عام هيئة العمل الوطني الديمقراطي في سوريا منذ العام 2014، ثم أمين عام الجبهة الديمقراطية السورية منذ العام 2018. وقد شارك المرعي مع أعضاء وفد معارضة الداخل في جولات التفاوض السياسية حول سوريا في جنيف. 

ورغم أن مرعي هو المرشح الوحيد الذي تحدث عن مشروعه الانتخابي عبر فيديو على موقع “يوتيوب”، والذي حمل شعار “معاً“، فإنه لم يتطرق في خطابه لآلية تطبيق البنود التي ذكرها أو حتى كيفية العمل عليها.

وكان أهم ما تطرق إليه هو أن سوريا بحاجة لعقد اجتماعي جديد يقوم على أساس المواطنة المتساوية والديمقراطية وتداول السلطة، وإلى إعادة الإعمار. كما تحدث عن طي ملف معتقلي الرأي والإفراج عن الأسرى والمخطوفين، وتعويض متضرري الحرب، ودعم ذوي الدخل المحدود وربط الأجور بتكاليف المعيشة ورفض التجييش الطائفي. ورغم أنه أشار إلى عزمه على عقد مؤتمر سوري- سوري في دمشق، إلى أنه اختزله بـ”المعارضة الوطنية الشريفة، غير المرتبطة بأجندات إقليمية دولية”، على حدّ وصفه، ما يعني إقصاء المعارضة في الخارج.

انتخابات مهزلة بمن حضر

حتى ضمن مسرحية هزلية يمارسها الأسد الأب والابن منذ أكثر من نصف قرن، سيبدو ملفتاً غياب أي إشارة إلى اللاجئين والنازحين السوريين الذين يشكلون قرابة نصف عدد سكان سوريا ما قبل العام 2011. يستوي في هذا التجاهل الأسد الصغير و”محللي” تجديد استيلائه على السلطة لسبع سنوات أخرى. 

أيضاً، ومع تشظي سوريا إلى مناطق نفوذ متعددة، برعاية قوى دولية وإقليمية مختلفة، لا يريد الأسد ولا يجرؤ “منافساه” على الاقتراب من ملف السوريين الأكراد في شمال شرق سوريا، وملف معارضيه شمال غربها، لتبدو الغاية هي الانتخابات بمن حضر، ولأجل الاستمرار بالوضع القائم على تدمير سوريا وشعبها.

شارك هذا المقال