4 دقائق قراءة

فرقة الحمزة: انتهاكات مستمرة في مناطق النفوذ التركي شمال سوريا

ارتبط اسم فرقة الحمزة، خلال مشاركتها في العمليات العسكرية المدعومة تركياً شمال سوريا، بتجاوزات، بعضها على الأقل خطير، بحق المدنيين في المنطقة، كما الاشتباك المسلح مع فصائل أخرى هناك.


3 يونيو 2020

عمان- حياة ثمانية أشخاص، بينهم طفلان، كانت ثمن رفض صاحب محل في مدينة عفرين، شمال سوريا، البيع بالدين لمقاتلين متواجدين في المنطقة الخاضعة لنفوذ الجيش الوطني المشكل من فصائل سورية مدعومة من تركيا. 

إذ رداً على رفض البائع، المهجر من مدينة عربين من الغوطة الشرقية، قام عناصر من “فرقة الحمزة”، في 28 أيار/مايو الماضي، برمي قنبلة يدوية في المحل، أدت إلى مقتل صاحبه وإصابة امرأة تواجدت في المكان. ليلي ذلك اشتباكات عنيفة بين عناصر “الحمزة” وعدد من مهجري غوطة دمشق، أسفرت عن مقتل عنصر مسلح من أبناء الغوطة، وثلاثة عناصر من “الحمزة”، وثلاثة 3 مدنيين بينهم طفلان، إضافة إلى إصابة ستة أشخاص آخرين بينهم ثلاث نساء من مهجري الغوطة.

لكن الجريمة التي لا يكاد يصدق دافعها ونتيجتها الباهظة، ستكشف عن جريمة أخرى. إذ مع مهاجمة بعض أهالي الغوطة المهجرين مقراً لفرقة الحمزة المنضوية في “الحمزة”، تم اكتشاف وجود 11 نساء كرديات محتجزات في المقر.

وقد سارعت “الحمزة” إلى إصدار بيان  في اليوم التالي، تعهدت فيه بفتح تحقيق في الحادثة التي أدت إلى الاشتباكات و”محاسبة المذنبين من عناصر الفرقة وسيتم تسليمهم إلى الشرطة العسكرية وإحالتهم إلى القضاء لينالوا عقابهم”.  فيما ذكرت مصادر محلية لـ”سوريا على طول” أنه تم إبرام “اتفاق مع أهالي الغوطة الشرقية، يقضي بإفراغ المقر الذي أطلق منه النار على المدنيين وعدم إشغاله إلا بعد انتهاء المحكمة [الخاصة بالمتهمين] وموافقة الطرفين، إضافة إلى إخراج العناصر الذين كانوا في المقر إلى خارج عفرين”.

في المقابل، لم تتطرق الفرقة لموضوع النساء المحتجزات، سواء لأسباب احتجازهن بشكل غير قانوني، أو ظروف اعتقالهن، ناهيك عن الاعتذار لهن. 

لكن ليست هذه هي المرة الأولى التي تكون فيها “الحمزة” طرفاً في اقتتال داخلي ضد فصائل المعارضة الأخرى. يضاف إلى ذلك تجاوزات عديدة بحق المدنيين نبهت إليها هيئات عدة، بما فيها تلك المحسوبة على المعارضة السورية. 

من هي فرقة الحمزة؟

تشكلت فرقة الحمزة، والتي تعرف أيضاً بفرقة الحمزات، في 23 نيسان/ أبريل 2016 من اندماج مجموعة فصائل تابعة للجيش الحر في بلدة مارع، بريف حلب الشمالي، هي: لواء الحمزة، ولواء رعد الشمال، ولواء مارع الصمود، ولواء ذي قار، ولواء المهام الخاصة. وقد تلقت تدريباً أميركياً-تركياً لمحاربة تنظيم الدولة (داعش) في شمال غرب سوريا، حيث كانت أول مشاركة لها في العمليات ضد التنظيم في مدينة جرابلس، ضمن معركة درع الفرات التي أطلقتها تركيا في 24 آب/ أغسطس 2016، عبر دعم فصائل من المعارضة السورية، وتوسعت فيما بعد لتشمل إبعاد المقاتلين الأكراد المشكلين لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) إلى شرق نهر الفرات.

وتضم فرقة الحمزة نحو 6,500 مقاتل من العرب والتركمان والأكراد. ويشغل سيف أبو بكر بولاد الذي ينحدر من بلدة بزاعة التابعة لمدينة الباب بريف حلب الشمالي الشرقي، منصب قائد الفرقة. وقد كان ضابطاَ برتبة ملازم أول في الجيش السوري عند انشقاقه العام 2011. وشغل منصب القائد العام لمدينة الباب وريفها قبل أن يعلن استقالته في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2017. كما شارك في جميع المعارك التي أطلقتها تركيا ضد “داعش” و”قسد”، ومعروف عنه تنقله الدائم بين تركيا وسوريا وليبيا.

العلاقة مع تركيا

منذ تشكيلها، انضوت “الحمزة” في غرفة عمليات درع الفرات. ومع الإعلان عن تشكيل الجيش الوطني أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2017، انضمت الفرقة إلى الفيلق الثاني في ذلك الجيش الذي انتشرت الأولوية المكونة له في منطقتي عفرين وريف حلب الشمالي الخاضعتين للنفوذ التركي.

وعقب الانتهاء من مهمة القضاء على “داعش” بريف حلب في آذار/مارس 2017، شاركت “الحمزة” في العمليات العسكرية التركية التي تستهدف “قسد”، والتي تعتبرها أنقرة امتداداً لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً. وكانت أولى المعارك في هذا السياق ضمن عملية غصن الزيتون بريف حلب، والتي سيطرت خلالها الفصائل المدعومة من تركيا على مدينة عفرين في 24 آذار/مارس 2018. تبعتها عملية نبع السلام في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019، والتي انتهت بفرض سيطرة فصائل المعارضة على منطقتي رأس العين وتل أبيض شمال شرقي سوريا.

وإضافة إلى المشاركة في العمليات العسكرية التركية شمال سوريا، تعززت علاقة “الحمزة” بأنقرة نتيجة دور الأولى في تجنيد مقاتلين سوريين للمشاركة في الحرب الليبية إلى جانب حكومة الوفاق الوطني المدعومة من تركيا. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، تشرف فرقة الحمزة والجبهة الشامية ولواء المعتصم ولواء الشمال على أربعة مراكز في مدينة عفرين لاستقطاب المقاتلين الراغبين في القتال في ليبيا.

وكان بولاد قد نشر، في 20 شباط/ فبراير 2020، تغريدة  باللغة التركية، خاطب فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بقوله: “لقد كنت مأوى لجميع المظلومين على رأسهم نحن السوريون. لقد وقفت بجانبنا كلما وقعنا في ضيق. أما الآن فحان دورنا، اختر مكانا فوق الأرض!، قل لنا أي أرض تعجبك!، فوق أي أرض تريد أن ترتفع قل سنرفعك (ننصبك) فوقه”. وهو ما أثار استياء العديد من السوريين المعارضين.

انتهاكات واقتتال فصائلي

ارتبط اسم فرقة الحمزة، خلال مشاركتها في العمليات العسكرية المدعومة تركياً شمال سوريا، بتجاوزات، بعضها على الأقل خطير، بحق المدنيين في المنطقة، كما الاشتباك المسلح مع فصائل أخرى هناك، على خلفية تلك التجاوزات أحياناً.

ففي خضم عملية نبع السلام، تحدث “اتحاد شباب الحسكة”، وهو فريق إعلامي محلي، في تشرين الأول/ أكتوبر 2019، عن عدة شكاوى من مدنيين في محافظة الحسكة ضد “الحمزة”، بعد استيلائها على سبع سيارات لمدنيين في قريتي العلوش والمقسومة التابعة لرأس العين. فيما ذكرت وكالة ايزدينا الكردية مرخراً أن “أحد قادات فصيل الحمزات المعروف باسم “أبو علي” والذي ينحدر من ريف مدينة حماة قام بالاستيلاء على عدد من محلات المدنيين في مدينة سري كانييه/ رأس العين”، وأن عناصر الفصيل يقومون “بتأجير تلك المحلات للمدنيين القادمين من مناطق سورية أخرى بأسعار تتراوح بين 15 إلى 20 ألف ليرة سورية شهرياً”

وقد دار اشتباك بين “الحمزة” وفصيل “أحرار الشرقية” في مدينة عفرين، في 25 آذار/مارس 2018، على إثر اتهامات من الأخير للفرقة “بتنفيذ عمليات السرقة في مدينة عفرين، بناءً على أوامر من جهات غربية، لتشويه عملية غصن الزيتون”، بحسب ما  قال المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وفي 16 أيار/ مايو الماضي، نشب اقتتال بين “الحمزة” و”الجبهة الشامية” على أطراف مدينة الباب بريف حلب الشمالي، رجح المرصد السوري لحقوق الإنسان أن يكون سببه صراع على النفوذ والسيطرة على المعابر بين منطقة درع الفرات ومناطق النظام، مضيفاً أن الجبهة الشامية صادرت شحنات “مهربة كانت تستعد لدخول مناطق سيطرة قوات النظام ويرافقها عناصر من فرقة الحمزة كحماية لها. 

شارك هذا المقال