4 دقائق قراءة

فصائل في الكسوة تتنازع على دعم المنظمات الإنسانية متجاهلة جراح المدنيين

في إحدى ضواحي دمشق، الكسوة، التي يسميها السوريون أم الغوطة […]


23 نوفمبر 2015

في إحدى ضواحي دمشق، الكسوة، التي يسميها السوريون أم الغوطة الغربية، تدور حرب عصابات في المركز الطبي الوحيد للبلدة، الأمر الذي انتهى بإغلاقه بعد “سرقة” فصائل ثورية لمعدات طبية فيه واستغلاله في محاولة لخداع منظمات إنسانية للحصول على المساعدة.

وأغلقت النقطة الطبية الوحيدة في الكسوة، التي تبعد 18 كيلومتراً جنوب مدينة دمشق في الغوطة الغربية، في 29 تشرين الثاني، و”جاء التوقف بسبب النقص في تغطية المصاريف الروتينية، وعدم ملائمة المكان الحالي لمتابعة العمل”، وفق بيان للكوادر الطبية في مدينة الكسوة.

ولم يسهب لبيان الكوادر الطبية فيما يعنيه بعدم ملائمة المكان لمتابعة العمل، ولكن في مقابلة حديثة لسوريا على طول مع أبو بكر مدير النقطة سابقاً، أشار إلى أن فصيلين من الفصائل الموجودة في جنوب الكسوة الخاضعة لسيطرة الثوار كانوا يسرقون المعدات الطبية ويصورون المنشأة الطبية لإقناع المنظمات الإنسانية أنهم من يديرون هذه النقطة.

وقال أبو بكر “كنت أعمل في نقطة طبية، وكان يأتي بعض الأشخاص ممن يتبعون لفصيل اتحاد أجناد الشام للتصوير بحجة ان المكان لهم، ولكن بعد عدة أيام اكتشفت أنه تم استجرار دعم على حساب الصور، وعند احتجاجي عليهم قالوا أن الدعم قدم لهم بشكل خاص، بالرغم من أن النقطة مستقلة بحد ذاتها ولا تتبع لهم”.

وأضاف “حتى لواء الحق سلك هو أيضا طريق استحلال الأمر الطبي، فهناك عدة أجهزة طبية تصلح لإجراء عمليات جراحية تم وضعها في مستودعات تابعة له”.

وتم إنشاء النقطة الطبية في الكسوة في أواخر 2013، وهي تخدم سكان الكسوة البالغ عددهم 40 ألف نسمة، من بينهم نازحين من حمص والغوطة الغربية وجنوبي العاصمة. كما كانت تستقبل العسكريين والمدنيين على حد سواء من المناطق القريبة مثل: خان الشيح وزاكية والمقليبة والطيبة.

والكسوة مدينة مجزأة؛ فقوات النظام تسيطر على النصف الشمالي وتحيط بجنوبها كاملاً، تاركة إياها تحت حصار كلي دون أي مدخل أو مخرج. ويحكم نصفها الجنوبي إثنين من الفصائل الثورية؛ الإتحاد الإسلامي لأجناد الشام، وهو تحالف يضم عدة جماعات إسلامية محلية، وتتلقى دعماً خارجياً، والثاني لواء الحق.

وأكد الناطق باسم لواء الحق، ومدير مجلسه العسكري أبو محمد، على أن اللواء “ليس مسؤولا عن تلقي أي دعم من أي منظمة”،موضحا أن الذي يقوم بهذه المهمة المكتب الطبي الموجود في المدينة، فهو من يستلم الدعم سواء كان من المنظمات أم من الأهالي المقتدرين، و”في الحالتين الدعم بسيط جدا على حد علمي”.

ونفى بشكل قاطع وجود سرقات أو مصادرات لأي دعم، في حين شكك يوسف شام، ناشط إعلامي من الكسوة بالفصائل العسكرية وسرقتها لما تقدمه المنظمات من دعم مادي ومعدات طبية، وتخزينها في مستودعات خاصة بها.

وأوضح شام أن “لكل لواء أشخاص مدنيين، على حد زعمه، ولكنهم يتبعون له شكليا، ليحصل اللواء على دعم إنساني لأن المنظمات الإنسانية لا تقدم الدعم للعسكريين”.

وأضاف أن المنافسة بين الفصيلين “ليست على النقطة بل على الكادر الطبي”، للحصول على الدعم كونهم من حملة الشهادات، و”من جديد يقومون برفع أسماء وهمية للاسف”.

والمكتب الطبي مغلق منذ 5 أشهر بعد استقالة مديره. وكان الدعم يصل على اسمه كونه طبيب مدني، ولا يتبع لأي فصيل وفي الحقيقة لا يصله ولا النقطة التي يرأسها شيئاً.

إلى ذلك، يقول أبو محمد، من أهالي الكسوة، “الفصيلين مثل القط والفار يكرهان بعضهما ويتقاتلان ليتقاسمان ما يأتي من مساعدات للأهالي المساكين المغلوب على أمرهم”.

وشبه مدير النقطة الطبية المغلقة حالياً، أبو بكر، الكسوة بـ”قالب من الكيك والغانم من ينهش القطعة الأكبر”.

العودة إلى ما كان النظام يمارسه من فساد

أثناء مجزرة الكسوة في نيسان الماضي، التي أعقبها وضع حاجز لقوات النظام في المنطقة، منع من خلاله دخول المساعدات الطبية والإنسانية وبعد مناشدات من الفرق الطبية، قامت المنظمات بتسليم الدعم للفصائل المسيطرة على الكسوة كون النظام لا يسمح بدخولها، فـ”استغلت الفصائل هذا الدعم”، وفق ما قال الإعلامي شام.

ويواجه المدنيون صعوبة كبيرة في تلقي العلاج، في ظل الأوضاع القائمة. يقول أبو محمد، من أهالي الكسوة، “كنت أعالج أمي البالغة من العمر 60 عاما والتي تعاني من مرض القلب والضغط والسكر، كان العلاج يقدم لها مجانا والأدوية أيضا، أما الآن فأنا عاجز عن تقديم المعالجة لها، فأقرب مشفى او نقطة طبية لنا تقع في مناطق سيطرة النظام في الكسوة، ولا يسمح لنا بالدخول إليها، فكيف نعالج مرضانا، وأنا مصدوم جدا بالفصائل التي تحكمنا كيف يقدرون على ترك هكذا حالات حرجة بدون علاج ليسرقوا ما جاء لهم من دعم لعلاجهم”.

أبو فراس، وهو من الكسوة أيضا، لا يعلم ما يقول. ويذكر بالمثل الدارج “دود الخل منو وفيه”، وهو يقول “ابني عمره 23 سنة، أصيب في طلقات بقدمه، وتقطعت شرايينه على إثر ذلك، وكنت أعالجه في النقطة الطبية قبل إغلاقها، أما الآن فأنا أجلس بجانبه، وقلبي يحترق عليه فلا سبيل لمعالجته بعد إغلاق النقطة”.

وتابع أبو فراس “حرروا مناطقنا لنتخلص من الفساد والظلم، ومن ثم عادوا لفساد النظام في السرقات، ونهش ما تبقى من سوريا، فيما يصب بمصالحهم وأنا بشكل شخصي أدعوهما، وكافة الفصائل، للتوحد وترك ملذات الدنيا والالتفات إلى البلد وماتعانيه، فيكفينا تكالب بشار والدول المحيطة علينا، لتأتوا أنتم أولاد البلد تنهشوا فينا”. واختتم أبو فراس بجملة “كنا ببشار واحد صرنا بألف واحد متلو”.

شارك هذا المقال