4 دقائق قراءة

في أحد مخيمات النازحين السوريين متابعة كأس العالم فرصة “للهروب” من الواقع

سكان مخيم دير بلوط يشاهدون مباراة كأس العالم بين إسبانيا […]


10 يوليو 2018

سكان مخيم دير بلوط يشاهدون مباراة كأس العالم بين إسبانيا وإيران خارج خيمة رامي السيد في 20 حزيران. تصوير رامي السيد.

 

تجمّع عدد من الأـشخاص، صغاراً وكباراً، حول خيمة رامي السيد البيضاء البسيطة في مخيم دير بلوط للاجئين في ريف حلب الغربي، حيث يجلس سكان المخيم على قماش القنّب، ويشاهدون مباراة تجمع بين منتخبي إسبانيا وإيران.

وعبر شاشة تلفزيونية صغيرة وضعها رامي السيد، وهو مصور صحفي، على ستاند كاميرته، وتحتها يثبّت مكبراً للصوت، لجذب مشجعي كرة القدم من الخيام المجاورة، وكان المنتخب الإسباني آنذاك يتفوق على نظيره الإيراني.

ويضم المخيم، الذي تديره تركيا وتأسس في نيسان الماضي، مئات النازحين السوريين من جنوب دمشق وشرق القلمون، والذين وصل معظمهم بعد 4 آيار من خلال صفقات التسوية والإجلاء بين فصائل المعارضة والحكومة السورية، ويتواجد نازحو مخيم دير بلوط على بعد أقل من كيلومتر واحد من الحدود التركية، دون إمدادات طبية كافية أو مياه شرب نظيفة مع انتشار الأمراض على نطاق واسع.

لذلك فإن كأس العالم 2018 الذي بدأ في حزيران يعتبر بالنسبة لرامي السيد، البالغ من العمر 35 عاماً والذي وصل قبل شهرين ونصف من مخيم اليرموك جنوب دمشق الذي كان تحت سيطرة تنظيم الدولة سابقاً، فرصة “للهروب من الواقع” لفترة من الوقت.

وطلب السيد من أصدقائه خارج المخيم التبرع ليتمكن من تأمين ما يحتاجه من معدات لصنع “مقهى” في الهواء الطلق لمشاهدة كرة القدم، وفي البداية كان كل مايملكه جهاز آيباد مع اتصال إنترنت متقطع. ولكن لاحقاً وبعد تزايد أعداد متابعي كرة القدم، اشترى السيد شاشة ورسيفر ومكبراً للصوت على حسابه الخاص، بعد عدم تمكنه من الحصول على دعم فكرته.

مع اقتراب موعد المباراة النهائية لكأس العالم في الأسبوع المقبل، فإن مشاعدة الفرق المشاركة هي فرصة لنسيان الظروف المعيشية القاسية في دير بلوط، على حد قول السيد.

وقال السيد لمراسلة سوريا على طول، لين السيد “لا يوجد أحد في المخيم عنده تلفزيون، أو أي وسيلة ترفيه ثانية”، مضيفاً “هذا العمل هو نافذة لإخراج الناس من جو المخيم”.

أين كنت في المونديال الماضي، عام 2014؟

المونديال الماضي شاهدته في مخيم اليرموك، وكانت ظروفنا صعبة أيضاً ومشابهة لهذه الظروف، وفي مونديال 2014 كنا في حصار ومعارك وقصف وانعدام الأمان، و حالياً نحن نازحون.

أنا لست من متابعي كرة القدم، ولكنني شخص مهتم بالتكنولوجيا وعندي بعض أجهزة البث والنت وفك التشفير، وكان الشباب يلجؤون إلي لمتابعة المباريات على القنوات الرياضية المحجوبة.

في مخيم اليرموك كانت غرفتي مثل المقهى في أوقات المباريات، الغرفة مليئة بالجمهور من أصدقاء ومعارف، والآن بعد النزوح افتقد لبعض الناس الذين اعتادوا أن يشاهدوا معي كأس العالم قبل 4 سنوات، بعضهم سافر إلى خارج سوريا، والبعض اختاروا البقاء في دمشق وقبلوا بالتسوية مع النظام، وقتل البعض الآخر… أتمنى إذا كُتب لنا متابعة المونديال القادم أن نكون في دمشق مع الأهل والأصدقاء جميعاً.

كيف جاءت فكرة إعادة إنشاء “مقهى” اليرموك لكرة القدم في دير بلوط؟

جاءت الفكرة قبل كأس العالم، أخي يعيش معي في المخيم ولديه 3 أطفال صغار، ويحب أطفاله مشاهدة الرسوم المتحركة، لذلك كنت أضع لهم الرسوم المتحركة على التلفزيون ليشاهدوها.

وتدريجياً، بدأ الأطفال في المخيم يسمعون الأفلام [من خارج خيمتي]، ويأتون إلى الخيمة ليشاهدوا التلفزيون مع أطفال أخي.

وقبل انطلاق المونديال بدأ شباب المخيم يطلبون مني أن أتواصل من أصدقائي خارج المخيم من أجل دعمهم لشراء شاشة وجهاز عرض من أجل أن يتمكنوا من متابعة كأس العالم، ومتابع الرياضة هو أشبه بالمدمن، لا يمكن أن يترك هذا العرس الكروي دون مشاهدته.

أنا لا أحب الرياضة، ولست من متابعي الرياضة، ولكن أحببت أن أساعد الشباب الموجودين وأحقق رغبتهم.

في بداية المونديال كنا نتابع المباراة على شاشة آي باد، وعندما بدأ الجمهور يكبر أصبح الآي باد لايكفي، فأحضرت شاشة 20 بوصة وتمكنت من شراء رسيفر على حسابي الخاص، مما أدى إلى زيادة عدد الحضور من أطفال وشباب وكبار، كل عشاق كرة القدم يأتون لمشاهدة المباريات أمام خيمتي.

وكان هناك مشكلة في الصوت أيضاً، لأن صوت الشاشة ضعيف ولا يمكن سماعه بسبب الهواء، فاشتريت مكبر صوت وأصبح العرض والصوت أفضل بكثير.

كيف ساهم مشروعك في مساعدة جيرانك الجدد داخل المخيم؟

ما أقوم به ليس مشروعاً، وإنما خدمة بسيطة أقدمها للناس من حولي وحتى أنني أخجل أن أتحدث بها، وهذا العمل هو نقطة صغيرة في بحر احتياجات الناس هنا.

الناس هنا تعيش في ظل ظروف إنسانية ونفسية صعبة، لا يوجد أحد عنده تلفزيون في المخيم، أو أي وسيلة ترفيه ثانية، لذلك فإن مشاهدة لعبة كرة قدم أو فيلم كرتون لطفل هو هروب وخروج من الوضع الذي يعيشه.

وبالتأكيد هناك الكثير من المشاريع الإنسانية التي يحتاجها أهالي المخيم أهم من الموضوع الترفيهي، ولكن كما يقول المثل “على قد بساطك مد رجليك”.

وهذه عبارة عن فسحة صغيرة للناس والأطفال من أجل الهروب من المأساة والواقع الصعب.

 

ترجمة: بتول حجار

شارك هذا المقال