4 دقائق قراءة

في إدلب: قسوة الحياة لا تبقي من مظاهر العيد إلا التكبيرات والصلاة (صور)

"لا بهجة للعيد إلا بين الأقارب والجيران" برأي دعاس، أي "في منزلنا بحمص. ومنذ أن هجّرنا منها أصبحت مظاهر العيد تقتصر على التكبيرات والصلاة فقط".


30 يوليو 2020

بعد جولة استمرت قرابة ساعتين في أسواق مدينة إدلب، يوم الأربعاء الماضي، عاد وئام دعاس أدراجه “صفر اليدين، من دون أن أشتري شيئا لمنزلي أو حتى أطفالي” عشية عيد الأضحى.

إذ يعمل دعاس، المهجر من مدينة حمص وسط سوريا، في ورشة حدادة، متقاضياً مبلغ “5,000 ليرة سورية [دولاران حسب سعر صرف السوق السوداء] شهرياً، بالكاد يكفي لتأمين قوت يومنا فقط أنا عائلتي المكونة من ثلاثة أفراد”، كما قال لـ”سوريا على طول”، لاسيما مع “ارتفاع أسعار المواد الغذائية والألبسة ثلاثة أضعاف ما كانت عليه العيد الماضي، أي قبل شهرين”.

وقدر وليد الشامي، النازح من مدينة سراقب جنوبي إدلب ويملك حالياً محلاً لبيع الألبسة في مدينة سرمدا،  انخفاض “بيع الألبسة هذا العيد إلى ما دون النصف” مقارنة بعيد الفطر السابق. عازياً ذلك إلى “تسجيل عدة إصابات بفيروس كورونا وارتفاع أسعار الألبسة من المصدر”. مضيفاً في حديثه إلى “سوريا على طول” أن “العديد من العائلات باتت تفضل شراء الألبسة المستعملة (البالة) لرخص سعرها مقارنة بالجديدة، خصوصاً في حالة العائلات التي لديها عدد كبير من الأولاد والبنات”.

ودلل الشامي على ضعف الإقبال بأنه اشترى خلال موسم “العيد الماضي بضائع بقيمة 10 آلاف دولار قبل حلول العيد بعشرة أيام، واضطررت لطلب كمية إضافية بقيمة ثلاثة آلاف دولار قبل العيد بيومين. أما هذا العيد، فلم تتجاوز فاتورة بضاعتي 2,500 دولار”.

وعدا عن التخوف من تفشي وباء كورونا المستجد، والتضخم الناجم عن تدهور سعر الليرة السورية، لفتت أم حسن، المقيمة في مدينة إدلب، إلى مشكلة أخرى تتمثل في “تعدد العملات في إدلب، بعد طرح العملة التركية مع العملة السورية، إضافة إلى الدولار”. بحيث “بات على الشخص إذا أراد أن يذهب إلى السوق حمل العملات الثلاثة”، كما قالت لـ”سوريا على طول”.

وكانت أم حسن، بحسب قولها، قد قامت “بتصريف 100 دولار إلى الليرة السورية بهدف شراء حاجيات العيد؛ من ثياب لأطفالي وحلويات وأمور أخرى. لكني تفاجأت برفض البائعين التعامل بالعملة السورية، بسبب قرار حكومة الإنقاذ [التابعة لهيئة تحرير الشام] التي تسيطر إدارياً على محافظة إدلب بمنع تداولها، الأمر الذي اضطرني لأن أحول المبلغ إلى العملة التركية، وخسارة جزء إضافي من المبلغ”.

وتتلقى أم حسن، كما أوضحت، نحو 100 ألف ليرة سورية (45 دولاً) شهرياً من زوجها الذي يعمل سائق شاحنة لنقل مواد غذائية بين دول الخليج ويقيم في الإمارات. وقد اشترت بمناسبة العيد لكل واحد من أطفالها الذكور الثلاثة “بنطالاً وقميصاً مع حذاء، بتكلفة بلغت نحو 25 ألف ليرة سورية [11 دولارا]. أما ابنتاي اللتان تبلغان 18 و15 عاماً، فأسعار ثيابهن أغلى بكثير، إذ دفعت لكل منهما  60 ألف ليرة سورية [27 دولارا]”. وهذه “مبالغ كبيرة جداً بالنسبة للعائلات التي تعيش هنا”، كما أكدت، إذ كانت من الممكن بقيمتها قبل عامين تجهيز ثياب عروسين معاً”.

أما شراء الأضاحي فقد “أصبح من المعجزات في وقتنا هذا”، على حد تعبير دعاس. إذ “بلغ سعر الأضحية من الخراف الصغيرة نحو 200 دولار [440 ألف ليرة سورية]، بينما تباع الخراف الكبيرة بحوالي 320 دولارا [704 آلاف ليرة سورية]. وهذه مبالغ خيالية بالنسبة لأهالي المنطقة، تكفي لتغطية مصاريف المعيشة لمدة ثلاثة أشهر لعائلة من خمسة أفراد”. مضيفاً: “إن كنت أملك هذا المبلغ فالأولوية لإطعام أطفالي وإكسائهم”.

فوق كل ذلك، فإنه “لا بهجة للعيد إلا بين الأقارب والجيران” برأي دعاس، أي “في منزلنا بحمص. ومنذ أن هجّرنا منها أصبحت مظاهر العيد تقتصر على التكبيرات والصلاة فقط”.

طفلان ينتقيان ملابس للعيد في أحد المحال بمدينة إدلب، 29/ 7/ 2020 (بسام الرحال-سوريا على طول)

سوريون يتجولون في أحد أسواق مدينة إدلب، 29/ 7/ 2020 (بسام الرحال-سوريا على طول)

صاحب محل ألبسة يقوم بعرض بضائعه بمدينة إدلب، 29/ 7/ 2020 (بسام الرحال-سوريا على طول)

صاحب محل حلويات يعرض منتجاته بمدينة إدلب، 29/ 7/ 2020 (بسام الرحال-سوريا على طول)

شاب يجهز معروضاته من الفواكه بمحله بمدينة إدلب، 29/ 7/ 2020 (بسام الرحال-سوريا على طول)

شاب يدفع عربته المحملة بالتفاح في أحد شوارع مدينة إدلب، 29/ 7/ 2020 (بسام الرحال-سوريا على طول)

رجل يجلس بانتظار زبائن قرب منتجاته من الزيتون والمخللات بمدينة إدلب، 29/ 7/ 2020 (بسام الرحال-سوريا على طول)

شارك هذا المقال