4 دقائق قراءة

في طوق حصار مضايا الخانق: رصاصة قناص للنظام تصيب رجلاً وتتركه ينزف حتى الموت

كان محمد المويل متجهاً إلى منزله في مضايا التي يطوقها […]


26 أكتوبر 2016

كان محمد المويل متجهاً إلى منزله في مضايا التي يطوقها النظام، السبت، حين اتجهت إليه رصاصة قناص واخترقت بطنه. ومزقت الرصاصة أمعاءه وكسرت حوضه، وتركت الأب ذو الثلاثين عاماً يئن وجعاً ودمه ينزف دون توقف ليموت بعد يومين.

“لم يكن هناك ما يمكننا فعله”، وفق ما قال محمد درويش، وهو طالب طب أسنان سابق، وواحد من أعضاء الهيئة الطبية القلة الباقين في مضايا، لبهيرة الزرير، مراسلة في سوريا على طول. وأضاف “نحن لا نملك الأدوات والمواد الطبية اللازمة (…) والسبب الأهم للوفاة هو عدم وجود أخصائي أو أكاديمي مختص ليقوم بالعملية الجراحية”.

ويحاصر النظام وقوات حزب الله، بلدة مضايا في ريف دمشق منذ أكثر من سنة، محتجزين 40 ألف نسمة يعانون وطأة الجوع والحصار داخل البلدة الجبلية التي كانت منتجعاً يوماً ما.

ونُشرت آلاف الألغام البرية، وزرع 65 حاجزاً للنظام على الأقل بالقناصين في محيط البلدة. ليكون طوق البلدة الأول هو الموت لمن يحاول مغادرتها، أو في حالة محمد المويل، فإن قرب منزله من الحاجز، جذب رصاص القناصة إليه.

وقُتل على الأقل 20 شخصاً من أهالي مضايا برصاص القناصة والألغام البرية خلال الحصار، وفق تقرير لأطباء من أجل حقوق الإنسان نشر في تموز 2016.

وأولئك الذين قدر لهم أن ينجوا من يد الموت، تتلقاهم أيادي الأطباء الثلاثة في مضايا، وهما طبيبا أسنان وطبيب بيطري. وفي حالة كحالة المويل، حيث إصابته تفوق حدود معرفتهم وخبرتهم المحدودة، فثلاثتهم يلجؤون إلى الإنترنت ليتواصلوا مع مختصين في المناطق الواقعة تحت سيطرة الثوار في سوريا، أو ما وراءها طلباً للاستشارة.

وفي هذه المرة، لم يكن “السكايب” كافياً. و”قالوا لنا أن مهمتكم الآن هو أن تحاولوا إبقاءه على قيد الحياة، لأنه لن يمكنكم أن تفعلوا له (شيئا) ويجب نقله خلال 24 ساعة (…) وقالوا أنه بحاجة إلى أخصائي وحتى الأخصائي يمكن أن يقف عاجزاً أمام حالته” بحسب ما قال درويش.

وعانى المويل، وهو محتجز داخل مضايا قرابة ثلاثة أيام من الألم المبرح. وقال درويش أن عمليته استمرت لسبع ساعات، قبل أن يفارق الحياة وتعلن الهيئة الطبية في البلدة موته، صباح الإثنين.

ماهي أسباب وفاة محمد المويل ؟

السبب الأول: الضرر الذي سببته الرصاصة كان كبير جداً، وهو انقطاع بالأمعاء الدقيقة والغليظة وكان بحاجة إلى كوليسترين، بالإضافة إلى كسر بالحوض ونزيف غير مسيطر عليه وغير معروف سببه ووجهته.

السبب الثاني للوفاة: نقص الأدوات والمواد الطبية اللازمة إذ أنه خلال العشرة دقائق الأولى من العملية نفد الأكسجين المتوفر لدينا، واستغرقت العملية بعدها سبع ساعات ونحن نستعمل المنفسة اليدوية.

والسبب الأهم للوفاة هو عدم وجود أخصائي أو أكاديمي مختص ليقوم بالعملية الجراحية له، فنحن بالنهاية طبيبي أسنان وطبيب بيطري.

ومن جهتنا كهيئة طبية تكلمنا عبر السكايب مع أخصائيين، وقالوا لنا أن مهمتكم الآن هو أن تحاولوا إبقاءه على قيد الحياة، لأنه لن يمكنكم أن تفعلوا له شيئا ويجب نقله خلال الـ24ساعة.

وبعد أن صورنا لهم الوضع داخل البطن والأضرار قالوا أنه بحاجة إلى أخصائي وحتى الأخصائي يمكن أن يقف عاجزاً أمام حالته.

 

فكوا الحصار في مضايا، الأطفال وهم يتظاهرون بعد وفاة المويل. حقوق نشر الصورة لـ مضايا. 

كم هو عمر محمد المويل؟ وكيف واجهت عائلته نبأ وفاته؟

عمره 30 عاما. متزوج ولديه أطفال. وبالنسبة لعائلته وكيف تلقت نبأ وفاته قلنا لهم بصراحة، نحن لسنا مسؤولين عن وفاة ابنكم، وهم وقعوا على تصاريح بأنه لا مانع من إجراء العملية لأنه في الحالتين سيموت إذا لم يتم إخراجه.

بعد وفاة محمد المويل ماهو شعورك بصفتك الطبيب المشرف على حالته؟

ما أشعر به لا أستطيع وصفه أبداً، أنا محبط، وقانط تماماً بسبب الوضع الذي نعانيه، من نقص الأدوات والخبرة الطبية اللازمة.

الوضع داخل مضايا مأساوي للغاية. لا تستطيع كل الكلمات وصفه، وحتى ونحن نقوم بإجراء العملية جاءنا ثلاث حالات إسعافية لأطفال ونحن الأطباء الثلاثة موجودون بغرفة العمليات، الوضع صعب جداً.

من الأطباء الذين تواصلتم معهم أثناء إجراء العملية، وماهو عدد الحالات التي تحتاج للإخراج من مضايا؟

الأخصائيون هم أطباء من إدلب، وأنا منضم إلى غرفة لأطباء الشمال (إدلب وحلب) وفي وقت الحاجة يفيدوننا كثيراً بحمد الله.

بالنسبة لعدد الحالات الحرجة التي تحتاج الخروج، لا يمكنني أن أعطيك إحصائية دقيقة، كان هناك ثلاثين، وازدوا عشرة وفي كل يوم نخرج عشرة يزدادوا الضعف، الوضع معقد جداً. وبالأمس أتانا حالة فشل كلوي حرجة مشابهة لحالة علي غصن.

ماهو سبب الرفض القطعي لإخراجه من قبل النظام؟                

لأنه منذ فترة تم السماح بإخراج طلاب الشهادة الثانوية خارج مضايا بمبادرة عن طريق النظام، وهناك أربعون طالباً خرجوا ولم يعودوا الى مضايا وتم إخراج الطلاب بدون مقابل من كفريا والفوعة.

(إخلاء المرضى في مضايا مرتبط بالهدنة المعروفة باتفاقية البلدات الأربعة، الموقعة في أيلول 2015. والتي تشترط الإخلاء وتوزيع المساعدات بالتوازي مع البلدات المحاصرة الأربعة؛ اثنتين في ريف دمشق، واثنتين في محافظة إدلب).

 فكان رد النظام إذا لم يعُد الطلاب يجب أن يخرج 40 شخصا من كفريا والفوعة مقابلهم، ورفض جيش الفتح إخراج 40 من كفريا والفوعة، وأنه لم يكن مشترك مع النظام بالاتفاق للسماح بخروج الطلاب لأداء امتحاناتهم.

ترجمة: فاطمة عاشور

شارك هذا المقال