4 دقائق قراءة

في “يوم اللاجئ العالمي”: فعاليات فنية تضيء على مأساة اللاجئين السوريين وآمالهم

عمان – ما إن انتهى من ترتيب مجموعة من اللوحات الفنية وعرضها في مقهى ومطعم "ساقية الدراويش" بحي اللويبدة شرق العاصمة الأردنية عمان، حتى استغرق الرسام السوري محمد جوخدار في العزف على آلة العود وترديد مقطوعات غنائية بلهجات سورية مختلفة، فبدا وكأنه يهرب من واقع اللجوء إلى موطنه.


26 يونيو 2019

عمان – ما إن انتهى من ترتيب مجموعة من اللوحات الفنية وعرضها في مقهى ومطعم “ساقية الدراويش” بحي اللويبدة شرق العاصمة الأردنية عمان، حتى استغرق الرسام السوري محمد جوخدار في العزف على آلة العود وترديد مقطوعات غنائية بلهجات سورية مختلفة، فبدا وكأنه يهرب من واقع اللجوء إلى موطنه.

في المعرض الفني الذي أقيم أمس الثلاثاء، برعاية منظمة “ميرسي كور”، ضمن سلسلة فعاليات بمناسبة يوم اللاجئ العالمي الذي يصادف 20 حزيران/ يونيو من كل عام، تم عرض مجموعة من الأعمال الفنية للاجئين من الأعمار كافة.

الرسام محمد جوخدار يعزف على العود في مقهى “ساقية الدراويش”، الثلاثاء (تصوير محمد عبد الستار ابراهيم)

جوخدار، وهو لاجئ سوري من محافظة حمص، عرض 70 لوحة فنية، 20 منها رسمها أطفال سوريون يقيمون في مخيم الزعتري للاجئين السوريين شمال الأردن، لكن “تعذر حضورهم إلى مكان المعرض” لأسباب متعددة، بحسب ما ذكر الفنان لـ”سوريا على طول”.

ولوحات أطفال “الزعتري” هي نتاج برنامج تدريبي داخل المخيم أشرف عليه جوخدار، بدعم من منظمة “ميرسي كور”، ضمن برنامج “التعليم الدامج للأطفال ذوي الإعاقة”، والذي يهدف، كما يوضح الفنان السوري، إلى تمكين “الطفل من المطالبة بحقوقه بأسلوبه وطريقته، ومن خلال ريشته ولوحته”.

“بدي ألعب، أتعلم، أصحاب” لوحة لأحد أطفال مخيم الزعتري (تصوير محمد عبد الستار ابراهيم)

قبل المعرض الفني بأيام، شارك جوخدار في البازار الخيري الذي نظمته، وسط العاصمة الأردنية عمان، في 20 حزيران/ يونيو الجاري، المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن، بمشاركة جنسيات مختلفة من اللاجئين في الأردن، إضافة إلى فنانين محليين.

وقالت نداء ياسين، مسؤولة العلاقات الخارجية في المفوضية، لـ”سوريا على طول”: “ضمّ البازار 53 منصة تسويقية، وحضور 147 مشاركاً من جنسيات مختلفة: السودان، الصومال، العراق، سوريا، وبعض الفنانين الأردنيين”.

مشاركون في البازار الخيري الذي نظمته المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن (تصوير فارس قسيسه)

مثل هذه الفعاليات تتيح للمشاركين فرصة التعرف على ثقافات وأفكار مختلفة خارج حدود مخيمات اللجوء، من مثل مخيم الزعتري الذي يقطنه جوخدار مع آلاف اللاجئين السوريين، مبيناً أنه “كأحد سكان المخيم أجد في الفعاليات الفنية فرصة للتعرف على أشخاص آخرين، وأحياناً أستفيد من تبادل الثقافات والأفكار معهم، وإقامة صداقات جديدة تخرج اللاجئين من عزلتهم، فضلاً عن وجود فرص لتسويق اللوحات الفنية وبيعها”.

تلخّص لوحات جوخدار وأطفال “الزعتري” قصة اللجوء السوري، متناولة أسباب تهجير اللاجئين وأوضاعهم حالياً، كما تحمل رسائلهم وأمنياتهم إلى الزوار والمتابعين في كل مكان.

وإذا كان الصحفيون أو الكتّاب ينقلون أوضاع اللاجئين ويتحدثون باسمهم، “فأنا كفنّان أحمل مسؤولية مثلهم، ودوري أن أوثق هذه القصة بلوحة”، بحسب ما قال جوخدار لـ”سوريا على طول”.

وتحاول المؤسسات الدولية والمنظمات الإنسانية العاملة في ميدان دعم اللاجئين، إخراج اللاجئ من عزلته في مكان إقامته الجديد، وتغيير الصورة النمطية عنه في البلدان المضيفة.

وتوضح نداء ياسين لـ”سوريا على طول” أن “الهدف من البازارات هو تعريف الناس بمجتمع اللاجئين، وتسليط الضوء على مهنيتهم وحرفيتهم، وإبراز ما يتفردون به من مهارات ليست موجودة عند غيرهم”.

يوم اللاجئ العالمي

عندما وصل عبد الرحمن أبو عبرة إلى الأردن عام 2013، لم يشعر بالغربة كما كان متوقعاً؛ “الوضع لم يتغير علينا.. عمّان والشام بلد واحدة، وكلاهما بلاد الشام”، بحسب ما ذكر لـ”سوريا على طول”.

وفيما تتصاعد خطابات “الكراهية” ضد السوريين في بلدان أخرى، يتوزع عشرات آلاف السوريين على المحافظات الأردنية، إضافة إلى المخيمات المخصصة لهم، ويتشاركون فرص العمل مع المواطنين الأردنيين، رغم صعوبة الأوضاع الاقتصادية التي تعاني منها المملكة.

وقال أبو عبرة (40 عاماً)، القادم من الغوطة الشرقية، والأب لأربعة بنات: “لم أسمع كلمة لاجئ بطريقة تحمل الإساءة، ولا أتذكر إساءة مرتبطة بصفتي لاجئاً. ولكن في السنوات الأخيرة نعاني من سوء الأوضاع الاقتصادية وانخفاض الدعم”.

وأفادت ياسين، في تصريحها لـ”سوريا على طول” أنه “رغم محدودية إيرادات الأردن، إلا أنه يساعد اللاجئين ويقدم التسهيلات من منطلق إنساني. ويجب على الدول أن تتخذ الأردن قدوة ومثالاً في التعامل مع اللاجئين”.

ويعمل أبو عبرة في الرسم والحفر على الخشب، وكان أحد المشاركين في البازار الخيري الذي نظمته المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، حيث عرض مجموعة من الأعمال المصممة على الطراز الدمشقي.

ورغم أنه لم يكن ضحية خطاب كراهية في مكان لجوئه، إلا أن يوم اللاجئ بالنسبة له “يشكّل غصة، ويعيد شريط ذكريات مؤلمة عن الوطن واللجوء”، مضيفاً: “أتمنى العودة إلى سوريا، ولكن هذا صعب حالياً”.

هكذا شعور يؤكد عليه أيضاً الفنان جوخدار، ذلك أن يوم اللاجئ، كما قال لـ”سوريا على طول”، “يعني لي الكثير.. يذكرني بالمأساة وأني لاجئ”.

وبحسب آخر إحصائية للأمم المتحدة، نشرت في 19 حزيران/ تموز الحالي، فإن عدد المهجرين قسرياً حول العالم تجاوز 70 مليون إنسان، منهم 41.3 مليون نازح (داخل حدود وطنهم)، و25.9 مليون لاجئ، و 3.5 مليون طالب لجوء.

ويُقدّر عدد اللاجئين السوريين المسجلين لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن بنحو  664,222 لاجئ، يتوزع نحو 84 بالمائة منهم على المناطق الحضرية، بينما يعيش 16 بالمائة في ثلاثة مخيمات، هي: الزعتري، والأزرق، والمخيم الإماراتي، بحسب تقرير صادر عن المفوضية في أيار/ مايو الماضي.

 

شارك في إعداد المادة: فارس قسيسه

شارك هذا المقال