3 دقائق قراءة

قلعة حلب: من حصن من الموت إلى حصن له

يوماً كانت منتزهاً عاماً، بطرقها الملتفة، وباعة البوظة يتجولون فيها، […]


29 نوفمبر 2015

يوماً كانت منتزهاً عاماً، بطرقها الملتفة، وباعة البوظة يتجولون فيها، والمقاعد الخشبية في جوانبها تتهيأ لاستقبال العائلات، التي تأتي لتمضي وقت الظهيرة، في  تدخين الشيشة، وشوي الكباب. واليوم قلعة حلب الشهباء في خضم معركة مصيرية، لم تشهد مثلها منذ تسعة قرون، كانت تتربع خلالها على عرش رابية خضراء، في قلب مدينة حلب، أكبر مدن سوريا.

وأظهر فيلم حديث التصوير، القلعة التي تعود إلى القرون الوسطى، والتي كانت قاعدة كبيرة  لمقاومة الهجمات الصليبية، كيف يتداعى صرحها المعماري، في إشارة رمزية للدمار الحضاري الذي تقاسيه عبر خمس سنوات.

ولم يجري توثيق وفهرسة الأضرار التي طالتها عن كثب، بسبب القتال المستمر في المنطقة، إلا أن أهال من حلب قالوا لسوريا على طول، إن الفرق والتغيير في معالم القلعة المنيعة كبير جداً

قول هدى الحلبي من ابناء مدينة حلب، لسوريا على طول، “يحز في أنفسنا أن نرى تراثنا وحضارتنا تتدمر”.

 صور للأسوار والجدران المدمرة في قلعة حلب، حقوق نشر الصورة لحلب اليوم

وتسعى فصائل متعددة تابعة للجيش السوري الحر، وفصائل إسلامية، منذ عام 2012 إلى انتزاع القلعة من النظام، الذي استخدم هذه القلعة التي أدرجها اليونسكو على لائحة مواقع التراث العالمي، مركزاً عسكرياً له، منذ بداية الحرب في سوريا.

وفي حرب الإستنزاف هذه، فإن “كلا من النظام والمعارضة يتحمل مسؤولية الاضرار التي تصيب المناطق الاثرية، في حلب وسوريا جلها”، وفق ما أكد محمد الشافعي مراسل السورية نت من مدينة حلب، لسوريا على طول، اليوم.

وتابع الشافعي “لكن النظام هو من يتحمل الجزء الأكبر حيث أنه يتمركز داخل هذه المواقع المهمة، وهو المسؤول عن القصف العشوائي اليومي بشتى أنواع الأسلحة”.

وتعتبر القلعة منطقة استراتيجية، حيث أنها تقع في أكثر نقطة ارتفاعا، وتتوسط وترصد أحياء حلب القديمة جميعها، والتي يمكن من خلالها السيطرة على مداخل المدينة القديمة، حيث تنتهي كل شوارع المدينة الرئيسية إليها.

وقوات النظام التي تعتلي أسوار القلعة، ترصد مشهداً كلياً، لحوارييها المحيطة، وأي هجوم يمكن إطلاقه، من الأحياء التي يسيطر عليها الثوار إلى الشرق، والشمال الشرقي والجنوب. فقناصة النظام ومدفعيات الجيش يستخدمون هذا الارتفاع ليمطروا الأحياء والمواقع الثورية بوابل نيرانهم.

وقال الشافعي “لم يتوقع الأهالي يوماً أن تصبح هذه القلعة مصدر موت لهم، حيث يتوزع القناصين في كل جزء من أجزائها لاستهداف الأهالي”.

وبين أن النظام “يلجأ إلى أسلوب الأنفاق ليستطيع اختراق الأماكن العصية دون أي اعتبار للأضرار التي ستلحق بالقلعة”، رغم أن النظام يدعي أن عواقب تفجيرات الأنفاق تقع على المجموعات “الإرهابية”.

ومنذ أسابيع، تم تفجير نفق، ينطلق من الجهة الغربية للقلعة، إلى الأحياء الواقعة تحت سيطرة الثوار، ما أسفر عن تضرر مدخل القلعة وفق ما ذكر موقع عكس السير المعارض في الثامن من تشرين الثاني.

وبعد أن ظلت القلعة، التي تعود للقرون الوسطى، تصد الهجمات الصليبية المتكررة على حلب في القرن الثاني عشر، يبدو أن الحصن المنيع بات يواجه قدرا حزينا.

وتحسرت هدى الحلبي على ما حل بالقلعة بقولها “لم نكن نتوقع يوماً أن تصبح القلعة بمثابة جحيم نهرب منه، بعدما كانت من أحب الأماكن التي تسحر الناس من مختلف أنحاء العالم”.

ووفق ما قالت هناء القصاب، مديرة منظمة نساء سوريا، ومقرها حلب، لسوريا على طول، فإن “النظام دمر كل شيء، الإنسان والحجر ولم يبق هناك شيء على حاله”.

شارك هذا المقال