6 دقائق قراءة

قوات النظام تتقدم في مناطق المعارضة بإدلب وأزمة نزوح جديدة جراء ذلك

واصلت قوات النظام السوري تقدمها السريع باتجاه الريف الجنوبي لأكبر […]


9 يناير 2018

واصلت قوات النظام السوري تقدمها السريع باتجاه الريف الجنوبي لأكبر معاقل المعارضة المتبقية في البلاد، يوم الاثنين، واستعادت السيطرة على عدد من القرى والمناطق التي استولت عليها المعارضة منذ أكثر من عامين، ضمن حملة تقدم متواصلة باتجاه قاعدة جوية عسكرية استراتيجية.

وتقدمت وحدات من الجيش العربي السوري تدعمها الغارات الجوية ومدفعية الميليشيات الحليفة له، مسافة ٢٤ كيلومتراً تقريباً، باتجاه محافظة إدلب من شمال حماة خلال الأسبوع الماضي، واستولت على عشرات القرى والبلدات وسط انهيار القدرة الدفاعية للمعارضة بشكل واضح.

وقال قيادي ميداني لوكالة الأنباء السورية (سانا) في ٥ كانون الثاني أن قوات النظام “اعتمدت على سياسة الهجوم المتعدد النقاط من محاور مختلفة لمباغتة التنظيمات الإرهابية” وهو السبب في “الانهيار السريع” لقوات المعارضة بحسب القيادي. 

وأثارت سرعة حملة النظام الأخيرة المستمرة منذ أسبوع، في جنوب شرق محافظة إدلب، اتهامات من نشطاء وتقارير إعلامية مفادها أن قوات المعارضة انسحبت من مواقعها في جنوب إدلب دون مواجهات.

ونشرت هيئة تحرير الشام، التي تعد فصيل المعارضة المهيمن في إدلب، والمسيطر على معظم المناطق التي استولت عليها قوات النظام في الأيام الأخيرة، بياناً على الإنترنت يوم الأحد تنفي فيه الاتهامات بأن مقاتليها انسحبوا من مواقعهم في جنوب شرق إدلب، مؤكدة أن “الهيئة لم تتخلّ عن الجبهات لحظة واحدة”.

وقال مصدر عسكري مع الهيئة، طلب عدم الكشف عن هويته، لسوريا على طول، يوم الاثنين، أن “الاشتباكات العنيفة” مستمرة مع القوات الحكومية، وأكد المصدر أن المعارضة “تستعد لتنفيذ عملية عسكرية كبيرة” في الأيام المقبلة.

وبدأت المعارك بين قوات المعارضة والنظام في شمال شرق محافظة حماة في تشرين الأول ٢٠١٧، وبحلول منتصف كانون الأول، تقدم الجيش السوري والميليشيات المتحالفة معه شمالاً، واستولت على عدة قرى وبلدات داخل محافظة إدلب للمرة الأولى منذ سيطرة المعارضة على المحافظة كلياً في عام ٢٠١٥، بحسب ما ذكرته سوريا على طول.

وتتجه قوات النظام حالياً نحو مطار أبو الظهور العسكري، بعد الاستيلاء على بلدة سنجار على بعد ١١ كم جنوباً يوم الأحد، والجدير بالذكر أن مطار أبو الظهور، الواقع جنوب شرق إدلب، كان منشأة عسكرية حكومية كبرى في المحافظة قبل السيطرة عليه في عام ٢٠١٥.

واستولت جبهة النصرة، التي تعرف الآن باسم جبهة فتح الشام، المكون الرئيسي لهيئة تحرير الشام، على القاعدة الجوية في أيلول ٢٠١٥ بعد حصار مطول، وبعد الاستيلاء على القاعدة الجوية، أسر مقاتلو الجبهة ٥٦ جندياً حكومياً وأعدموهم.

وبعد ثلاثة أسابيع من سقوط أبو الظهور في عام ٢٠١٥، بدأت روسيا تتدخل عسكرياً في سوريا دعماً لحكومة بشار الأسد، وبعد أكثر من عامين، قالت مصادر في وسائل إعلام معارضة وجهات فاعلة على الأرض لسوريا على طول، يوم الاثنين، أن الطائرات الحربية الروسية تشن غارات جوية على جنوب إدلب لدعم التقدم الحكومي الحالي في المنطقة، ولم تعلق وسائل الإعلام الروسية بشأن مشاركة موسكو في التقدم الأخير.

وقال محمود المحمود المتحدث باسم جيش العزة، العامل في ريف حماة المتاخم لجنوب إدلب، والمشارك في القتال الأخير ضد قوات النظام، لسوريا على طول، يوم الاثنين أن “كثافة القصف” سهلت تقدم النظام السريع.

كما أكد القيادي في جيش النظام لوكالة الأنباء السورية (سانا) في ٥ كانون الثاني “الدعم الجوي لعزل قدرات الإرهابيين وتشتيتها”، بما في ذلك غارات على “المقرات الرئيسية” في البلدات الواقعة خلف الخطوط الأمامية.

ووصف محمود التنسيق بين فصائل المعارضة في المنطقة “بالضعيف والعشوائي”، وخاصة فيما يتعلق بإنشاء خطوط دفاعية، وأضاف “نرى في حال انكسار الخط الدفاعي الأول أننا نخسر مساحة كبيرة لعدم وجود خطوط ثانية وثالثة”.

ونفى المتحدث باسم المعارضة الأنباء الأخيرة التي تفيد بأنه تم إنشاء غرفة عمليات مشتركة بين جميع الفصائل في جنوب إدلب وشمال حماة، لكنه ذكر أن “هناك اجتماعات جارية” بشأن ذلك، ولم تتمكن سوريا على طول من التأكد من وجود غرفة عمليات نشطة.

من جهته، أصدر فصيل “أحرار الشام” المنافس لهيئة تحرير الشام في إدلب بياناً، يوم الأحد، يصف فيه “قدراته الضعيفة” في أعقاب الاقتتال الأخير مع الهيئة وأعلن أن مقاتليه سيدعمون الفصائل الأخرى “للدفاع عن ديننا وأرضنا وشعبنا وشرفنا”.

“أكبر موجة نزوح داخلي”

أسفر القصف الجوي والأرضي المكثف الذي صاحب تقدم قوات النظام عن مقتل عشرات الأشخاص في جنوب إدلب وحماة المجاورة، مما أدى إلى موجة نزوح جماعي في المنطقة.

وتعد محافظة إدلب جزءاً من “منطقة خفض التصعيد” التي تم التوصل إليها ضمن اتفاقية توسطت فيها إيران وتركيا وروسيا في أستانا بكازاخستان العام الماضي، ومع ذلك، لم يتم إدراج هيئة تحرير الشام ضمن الاتفاق.

وقتلت عشرات الصواريخ والغارات الجوية ما لا يقل عن ١٤ شخصاً في بلدات وقرى ريف إدلب يوم الاثنين وحده، وفقا لما ذكره مصدر في الدفاع المدني في إدلب لسوريا على طول.

نازحون سوريون جراء القتال في جنوب إدلب، في مأوى بالقرب من معبر باب الهوى، في ٤ كانون الثاني. تصوير زين الرفاعي / وكالة فرانس برس.

إلى ذلك، أسفر انفجار ضخم وقع في مدينة إدلب، ليلة الأحد، عن مقتل ما يقارب ٣٠ شخصاً وإصابة ما يقدر بـ١٠٠ آخرين وفقاً لما ذكره الدفاع المدني، وتراوحت الأنباء عن طبيعة الانفجار – الذي حدث بالقرب من مركز تدريب تابع للهيئة – بين سيارة مفخخة إلى غارة جوية أو هجوم طائرة بدون طيار، ولم يعلن أي طرف مسؤوليته عن التفجير.

وقال أحمد الشامي الذي يعمل مع مجموعة من المتطوعين في ريف إدلب حيث يعملون على التنسيق والاستجابة للمهجرين والمنظمات في الشمال السوري، لسوريا على طول، يوم الاثنين، إن ما يقارب الـ١٢٠ ألف شخص فروا من منازلهم في شرق حماة وجنوب إدلب بين ١٥ كانون الأول و٦ كانون الثاني.

وأضاف الشامي “إنها أكبر موجة نزوح داخلي داخل محافظة إدلب”، طالباً عدم ذكر اسمه الحقيقي، ومن بين سكان إدلب البالغ عددهم ٢,٥ مليون نسمة، ١,١ مليون نسمة من النازحين داخلياً، وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة.

ولم يتسن لسوريا على طول التحقق بشكل مستقل من عدد النازحين بسبب القتال الأخير، وكان المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة قد ذكر في الرابع من كانون الثاني الجاري، أن أكثر من ٦٠ ألف شخص فروا من ديارهم في حماة وإدلب بين ١ تشرين الثاني و٢٤ كانون الأول، ولا تتوفر إحصاءات حديثة لعدد النازحين خلال التقدم الأخير الذي حققه النظام.

وفي حديثهم مع سوريا على طول، يوم الاثنين، وصف ثلاثة من النازحين من جنوب إدلب القصف بأنه “ممنهج ومكثف” إضافة إلى التقدم السريع والمفاجئ للنظام.

وقال خالد الجاسم (٤٤ عاماً) من ريف سنجار، فرّ من منزله إلى مخيم قرب الحدود التركية مع والديه المسنين منذ ثمانية أيام “لم تكن تشهد منطقتنا في السابق أي اشتباكات”، وأضاف “كانت تصلنا أخبار تقدمات النظام وكنا نأمل باسترجاعها في ذلك الحين، لم نتوقع أن يتقدم بتلك السرعة”.

وتابع الجاسم “بعد ذلك بدأ القصف الهستيري… وكأنك ترى فيلماً سينمائياً أمامك.. الناس تهلع في الطرقات والبيوت تقصف والنيران تشتعل فيها.. لا كلام يصف ما جرى”.

وينام الجاسم ومئات النازحين الآخرين في العراء بالقرب من مخيم التنمية، وهو أحد المخيمات المزدحمة على طول الحدود بين تركيا وشمال غرب حلب، وتعرف هذه المخيمات جميعها باسم مخيمات أطمه.

وقال أحمد أحمد مدير المكتب الإعلامي للهلال الأحمر التركي لسوريا على طول إن الهلال يقيم حالياً مخيماً في منطقة كفر لوسين بالقرب من مخيمات أطمه يتسع لـ٨٠٠ أسرة نازحة، لكن تسوية أوضاع النازحين الجدد غير متاحة حتى الآن.

من جهته قال أبو النور عثمان، مدير مخيم التنمية وجمعية البر والتنمية في مخيمات أطمه الحدودية لسوريا على طول يوم الاثنين “لا يوجد لدينا ما نؤويهم به لا من غطاء ولا خيمة”.

وختم أبو النور قائلا، بالرغم من نقص الخدمات في المخيم “منذ أن بدأت تسقط المناطق بيد النظام لا يمر يوم أو حتى ساعة إلا وتأتينا سيارات محملة بالبشر”.

 

ترجمة: سما محمد.

شارك هذا المقال