4 دقائق قراءة

كورونا يعيد ملف المعتقلين في سجون “سوريا الديمقراطية” إلى الواجهة

"من غير المسموح للمنظمات الإنسانية والحقوقية زيارة هذه السجون والاطلاع على أوضاع السجناء". عدا عن "وجود مخاوف حقيقية من انتشار كورونا في ظل الاكتظاظ الشديد في مراكز الاحتجاز"".


8 أبريل 2020

عمان- في إطار التحرك من أجل المعتقلين في السجون السورية، كونهم الأكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا المستجد، أعلن مجلس سوريا الديمقراطية (مسد)، الجناح السياسي لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تسيطر على أغلب مناطق شمال شرق سوريا، تشكيل لجنة متابعة ملف المعتقلين والمختطفين.

وقد تزامن بيان “مسد” في هذا الشأن مع إعلان وزارة الصحة التابعة لحكومة دمشق تسجيل 19 حالة إصابة بالوباء العالمي، بينها حالتا وفاة، في وقت تقدّر أعداد المصابين بالفيروس، بحسب مصادر إعلامية، بنحو 161 إصابة، اثنتان منها في مناطق الإدارة الذاتية شمال شرق سوريا.

ورغم استنكار “مسد” في بيانه، الذي لقي أيضاً ترحيب الإدارة الذاتية، “جميع الانتهاكات التي ارتكبت بحق السوريين أياً كانت الجهة المرتكبة لهذه الانتهاكات”، مطالباً جميع الأطراف “الالتزام بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتمكين اللجنة الدولية للصليب الأحمر من حق الوصول إلى مراكز الاحتجاز”، فإن الملفت أن مآل المعتقلين في سجون “قسد” ما يزال غير معروف، لاسيما وأن بعضهم معتقلي رأي لا صلة لهم بتنظيم “داعش” الذي كان يسيطر على جزء كبير من المنطقة. يضاف إلى ذلك أن ظروف هذه السجون لا تختلف عن تلك الخاضعة للنظام السوري، من قبيل “الاكتظاظ الكبير فيها، وانعدام الاهتمام الطبي” وفقاً للمعلومات المتاحة حتى نهاية العام الماضي، كما قالت سارة كيالي، الباحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش، لـ”سوريا على طول”.

سجون “قسد”

تعبيراً عن دعمها لمبادرة “مسد”، أعلنت الإدارة الذاتية أن السجون كافة التابعة لها، والتي تشرف عليها “قسد”، “مفتوحة أمام الجميع ممن يتابعون هذا الملف”. مشيرة إلى أن عدة منظمات حقوقية زارت هذه السجون أكثر من مرة، بمن في ذلك منظمة “هيومن رايتس ووتش” واللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وتتواجد في مناطق الإدارة الذاتية تسع سجون رئيسة تتوزع على عدد من مدن شمال شرق سوريا، هي: سجن الحسكة المركزي المخصص لأعضاء تنظيم “داعش”، وسجن المعهد الصناعي، وكلاهما في حي غويران. وسجن العلايا في القامشلي، وسجن الشدادي جنوب محافظة الحسكة الذي يضم أيضاً أعضاء من “داعش” وتشرف عليه إلى جانب “قسد” قوات التحالف الدولي. وهناك، كذلك، سجن داخل حقل العمر النفطي في ريف دير الزور الشرقي، تشرف عليه قوات التحالف، كونه مخصصاً لقياديين في “داعش”. وسجن في مدينة المالكية (ديريك) بريف القامشلي، وسجن في مدينة الرقة، وسجن في مدينة الطبقة جنوب غرب محافظة الرقة، وسجن في مدينة كوباني (عين العرب) في ريف حلب الشمالي.

لكن على النقيض من تأكيدات الإدارة الذاتية”، قال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، إن “من غير المسموح للمنظمات الإنسانية والحقوقية زيارة هذه السجون والاطلاع على أوضاع السجناء”. واصفاً، في حديثه إلى “سوريا على طول”، أوضاع السجناء هناك بـ”الكارثية”، عدا عن “وجود مخاوف حقيقية وجديّة من انتشار كورونا في ظل الاكتظاظ الشديد في مراكز الاحتجاز عند قسد”. مستدلاً على ذلك بصورة كانت نشرتها الشبكة السورية مطلع الشهر الحالي، تم أخذها من إحدى كاميرات المراقبة داخل سجن الصناعة.

كذلك، لفت مدير منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، بسام الأحمد، إلى أن معظم سجون “قسد” كانت “مدارس أو مراكز لأغراض أخرى، تم تحويلها إلى سجون”.

أيضاً، اعتبرت الإدارة الذاتية في بيانها المرحب بمبادرة “مسد” أن “كل الموقوفين لدينا هم من إرهابيي داعش، وممن ارتكبوا أفعالاً جرمية منها جنائية”. لكن مصادر معنية متعددة تشكك في هذه الرواية.

في هذا السياق، قال عبد الغني إنه على الرغم من كون غالبية المعتقلين في سجون “قسد” هم من أعضاء “داعش”، إلا أن “هناك معتقلو رأي وغيرهم”، لافتاً إلى أنه “حتى لو كان المعتقلون من داعش فإن لهم حقوق”.

وفيما تقدر الشبكة السورية عدد المعتقلين في مناطق الإدارة الذاتية من غير المنتمين لتنظيم “داعش” بنحو 3000 شخص، بينهم معتقلو رأي ونشطاء مدنيون، يقدر المرصد السوري لحقوق الإنسان، كما قال مديره رامي عبد الرحمن لـ”سوريا على طول”، عدد عناصر “داعش” في سجون “قسد”، بحوالي 12,000 ألف معتقل من جنسيات أجنبية، إضافة إلى “نحو 15,000 [مواطن] سوري أعضاء في التنظيم، أو متهمون بالولاء له”، وقد تم إطلاق سراح جزء من المجموعة الأخيرة من “خلال الوساطات العشائرية“.

وحاولت “سوريا على طول” التواصل مع “قسد” وعدد من مؤسسات الإدارة الذاتية، لاسيما دائرة العلاقات الخارجية المختصة بالتفاوض حول ملف المعتقلين وهيئة الصحة، للتعليق على الموضوع، بما في ذلك الإجراءات الاحترازية لمنع تفشي فيروس كورونا في السجون. لكنها لم تتلق أي رد حتى لحظة نشر هذا التقرير. 

مأزق الدواعش

مع رفض أغلب الدول استعادة مواطنيها من أعضاء “داعش” وعائلاتهم، تتفاقم خطورة هذا الملف نتيجة الخشية من وصول فيروس كورونا إلى السجون المتواجدين فيها، كما إلى مخيم الهول في محافظة الحسكة الذي خصص جزء منه لعائلات عناصر التنظيم الأجانب، في ظل ظروف معيشية وطبية متردية.

ومؤخراً، شهد سجن الصناعة في الحسكة، عصياناً نفذه معتقلو “داعش” هناك، احتجاجاً على ظروفهم، لم يتوقف “إلا بعد وصول وفد من التحالف وقيادة “قسد” إلى السجن”، بحسب الأحمد”، وتقديمه “وعوداً بالنظر في مطالب المعتقلين، مثل تقديمهم للمحاكمة”. وهو ما دفع أيضاً القائد العام لقوات “قسد”، مظلوم عبدي، في تغريدة عبر موقع “تويتر”، إلى التشديد على دور “حلفائنا والمجتمع الدولي في رفع وتيرة العمل لإيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة الدولية”.

في هذا السياق، قالت كيالي إن “جزءاً من أعمال منظمة [هيومن رايتس ووتش] حالياً هو المناصرة مع الدول التي لديها مواطنين من عناصر داعش داخل سجون [قسد] لأجل إعادتهم”. كاشفة عن أن مبادراتهم بهذا الشأن لم تنجح حتى الآن.

وفيما عمدت دول إلى إفراغ سجونها، كأحد التدابير الاحترازية لمنع تفشي فيروس كورونا بين السجناء، يكتفي التحالف الدولي بمواصلة تقديم الدعم لـ”قسد”.

إذ أعلن فريق الشؤون المدنية في التحالف الدولي، عن استمرار الدعم لقوات “قسد” من خلال تلقي “مرافق الاحتجاز والمستشفيات في الحسكة والشدادي معدات بقيمة ما يقرب من 1.2 مليون دولار لدعم عمليات شؤون المحتجزين والجهود الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا”.

لكن عدا عن أن “الإدارة الذاتية لم تستلم إلى غاية الآن المساعدات الطبية اللازمة”، كما قالت الباحثة كيالي، فإن مشكلة السجناء ما تزال قائمة، لأنه “لا يمكن إبعادهم عن بعضهم”.

شارك هذا المقال