4 دقائق قراءة

لاشيت رئيساً للحزب المسيحي الديمقراطي في ألمانيا: ماذا يعني للأسد واللاجئين؟

برلين- في 16 كانون الثاني/يناير الحالي، فاز أرمين لاشيت، رئيس وزراء ولاية شمال الراين-وستفاليا، الأكثر سكاناً في ألمانيا، بجولة الإعادة في انتخابات رئاسة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تنتمي إليه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، متفوقاً على منافسه في جولة الإعادة فريدريش ميرتس. وقد اكتسب تلك الانتخابات أهمية خاصة، كونها تأتي عشية اختيار خليفة للمستشارة ميركل، في أيلول/سبتمبر المقبل، بعد توليها قيادة البلاد بنجاح لمدة 16 عاماً. إذ سيكون خليفة ميركل في الحزب هو الأقرب لتولي منصب المستشارية عقب الانتخابات البرلمانية المقبلة.


24 يناير 2021

برلين- في 16 كانون الثاني/يناير الحالي، فاز أرمين لاشيت، رئيس وزراء ولاية شمال الراين-وستفاليا، الأكثر سكاناً في ألمانيا، بجولة الإعادة في انتخابات رئاسة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تنتمي إليه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، متفوقاً على منافسه في جولة الإعادة فريدريش ميرتس. وقد اكتسب تلك الانتخابات أهمية خاصة، كونها تأتي عشية اختيار خليفة للمستشارة ميركل، في أيلول/سبتمبر المقبل، بعد توليها قيادة البلاد بنجاح لمدة 16 عاماً. إذ سيكون خليفة ميركل في الحزب هو الأقرب لتولي منصب المستشارية عقب الانتخابات البرلمانية المقبلة.

في هذا السياق، يبرز خصوصاً تأثير التغير في القيادة الألمانية فيما يتصل بالتطورات في سوريا، كما اللاجئين السوريين المتواجدين على الأراضي الألمانية وطالبي اللجوء خارجها. 

لاشيت مؤيد للأسد؟
عقب انتخابات رئاسة الحزب المسيحي الديمقراطي، استذكر الصحافي والمحلل السياسي في صحيفة “بيلد” الألمانية، يوليان روبكه، مواقف سابقة لرئيس الحزب الجديد بشأن سوريا، منها رد الأخير على تغريدة على موقع “تويتر” لوزير الخارجية الأميركي جون كيري العام 2014، بأنه “يجب تدمير داعش”. إذ رد لاشيت بالقول: “نعم، لكنك تدعم داعش و[جبهة] النصرة ضد الرئيس بشار الأسد في سوريا”. كما ردّ بتغريدة أخرى على من قال له بأن بشار الأسد قتل 170 ألف شخص، بأن “ذلك غير صحيح. هؤلاء قتلوا جراء الحرب ككل، وكثير منهم قضوا على يد الفصائل المعارضة والإرهابيين”. هذا بالإضافة إلى تغريدات أخرى فهمت على أنها تأييد للتدخل الروسي في سوريا. 

لكن الصحافي المختص بالشأن الألماني، محمد الشيخ علي، اعتبر أن المواقف السابقة “مجرد آراء. وذلك لا يعني أن لاشيت سيغيّر سياسة بلاده بشكل كلي”. معللاً  ذلك في حديث لـ”سوريا على طول”، بأن “هناك إجماعاً لدى غالبية الساسة الألمان بأن الأسد مجرم حرب. كما سبق وأن قامت ألمانيا بخطوة قوية هي محاكمة المجرمين التابعين لنظام أسد على أراضيها”. يضاف إلى ذلك أن “ألمانيا ليس لديها ثقل، كما فرنسا على سبيل المثال، في سوريا أو الشرق الأوسط ككل. وهذا يعني أن لاشيت لن يغير سياسة بلاده تجاه سوريا من أجل لا شيء”.

هذا الرأي أكد عليه أيضاً الخبير في الشأن الألماني والناشط في قضايا اللاجئين بألمانيا فادي موصللي. معتبراً أنه “من الخطأ الخلط بين الآراء الشخصية للمسؤولين والسياسات العامة للدول. إذ في الدول الديمقراطية يتبع المسؤول وينفذ سياسة الدولة وليس العكس”.

وهو ما اتفقت معه رهف (22 عاماً)، لاجئة سورية، طالبة في قسم علم الاجتماع بجامعة برلين الحرة، بأن من الظلم حصر توجه لاشيت السياسي بتعليق اعتبرت أنه “أراد به استفزاز وزير الخارجية الأميركي لعدم اتخاذ [الإدارة الأميركية] خطوات حقيقية لوقف المأساة السورية”. مضيفة لـ”سوريا على طول” أن “لاشيت كرر مراراً عبر تصريحات صحافية بأن الأسد دكتاتور وهو أصل المشكلة في سوريا”.

لاجئو ألمانيا ولاجئو أوروبا

أرمين التركي” أو “حبيب اللاجئين” هو لقب لاشيت داخل الأوساط السياسية الألمانية، والذي حازه بسبب سياسته الليبرالية بخصوص المهاجرين واللاجئين. وقد كان من أبرز الداعمين لميركل في ملف اللاجئين الذي يعتبر علامة فارقة في فترة حكمها. إذ اتخذت الحكومة الألمانية في العامين 2015 و2016 قراراً تاريخيا بفتح أبواب البلاد أمام مئات آلاف المهاجرين واللاجئين بعد تعليق قواعد اتفاقية دبلن المتعلقة باللاجئين. وفي المؤتمر الصحافي الصيفي السنوي العام الماضي، أكدت ميركل أنها ستفعل الشيء نفسه مرة أخرى في ظروف مماثلة، وأنها غير متأسفة على سياسة حكومتها العام 2015 بإبقاء الحدود مفتوحة أمام تدفق طالبي اللجوء. “عندما يقف الناس على الحدود الألمانية النمساوية أو الحدود المجرية النمساوية، يجب معاملتهم كبشر”، قالت “الأم” كما يطلق عليها.

في هذا السياق، اعتبر الطالب الجامعي محمد، والذي لجأ إلى ألمانيا العام 2015، أن انتخاب لاشيت لرئاسة “الديمقراطي المسيحي” يعني فوز “أفضل المرشحين بالنسبة لنا”. فيما “أكثر ما يضر بملف اللاجئين هو صعود اليمين المتطرف المتمثل بحزب البديل (AFD)”، كما أضاف لـ”سوريا على طول”.
غير أن “الحقيقة التي يجب معرفتها”، كما أوضح الشيخ علي، هي أن “حزب المستشارة ميركل هو في الأصل ليس من الأحزاب المرحبة باللاجئين. لكن المستشارة كسرت القاعدة واتبعت سياسة الباب المفتوح”. لافتاً إلى “أن التغير بدأ منذ العام 2016، إذ تم منح حوالي 190 ألف لاجئ سوري إقامة ثانوية (حماية)؛ أي حرمانهم من لم شمل أسرهم، نتيجة الضغوط من داخل حزب ميركل وتصاعد شعبية حزب البديل [اليميني المتطرف] بسبب سياسة الباب المفتوح تجاه اللاجئين التي اتبعتها ميركل”.

أما فيما يتعلق بالسيناريوهات المستقبلية، فتوقع الشيخ علي عدم حصول تغيير جذري بالنسبة للاجئين الحاصلين على إقامات؛ سواء على شكل لجوء أو غيره، “كون اللاجئين السوريين في ألمانيا يعتبرون الأفضل من حيث الاندماج بين اللاجئين الأجانب، فمعظمهم تمكن من إنهاء دورات الاندماج، وانخرط في سوق العمل أو الدراسة أو التدريب المهني”.

رغم ذلك، أبدى الشيخ علي تخوفه من بعض الصعوبات التي قد تواجه اللاجئين الحاصلين على إقامات ثانوية؛ إذ “تشترط دائرة الأجانب تجديد جوازات سفرهم من سفارة النظام السوري، وأغلبهم لا يريد ذلك كونهم هاربين من بطش ذاك النظام”.

في المقابل، يظل الغموض يلف مصير العالقين في اليونان خصوصاً، مع احتمالية إنهاء سياسة الأبواب المفتوحة من قبل ألمانيا نتيجة ضغوط حتى من داخل حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي. وكان فريدريش ميرتس، المرشح الخاسر في مواجهة لاشيت، قد أكد عشية انتخابات رئاسة الحزب أن أبواب ألمانيا سوف تغلق أمام اللاجئين الموجودين في اليونان وغيرها من بلدان البلقان، وستكون هناك إجراءات أكثر حزماً، مع إمكانية مساعدة هؤلاء اللاجئين في مكان إقامتهم.

بالرغم من كل ما سبق، يجسد نجاح لاشيت برئاسة الحزب، كما ذهبت صحيفة “يونجه فيلت” في افتتاحيتها، في 18 كانون الثاني/يناير الحالي نجاحاً لميركل في إيصال الشخص الذي تفضله إلى سدّة رئاسة الحزب. كما إن هذا الفوز لا يعني الفوز حتماً بمنصب المستشارية، لتبقى الأنظار مشدودة نحو الانتخابات البرلمانية في أيلول/سبتمبر المقبل.

شارك هذا المقال