4 دقائق قراءة

لا مهرب لـ”العائلات المعدمة” من تقدم قوات النظام… آلاف المدنيين محتجزين في “عقيربات” الخاضعة لتنظيم الدولة.

اشتدت معركة البادية السورية الوسطى، الثلاثاء، إذ قصفت القوات الموالية […]


23 أغسطس 2017

اشتدت معركة البادية السورية الوسطى، الثلاثاء، إذ قصفت القوات الموالية للنظام السوري عشرات الغارات الجوية “العشوائية”، في الجيب المحاصر الذي يسيطر عليه تنظيم الدولة بمحافظتي حماة وحمص، ؤيُقدر عدد السكان المحتجزين هناك بنحو 15000 شخص.

وتهدف هذه المعركة إلى السيطرة على مناطق يحكمها تنظيم الدولة منذ عام 2014، تبلغ مساحتها نحو 2600 كيلو متر مربع، وهي جزء من حملة أكبر أطلقها النظام منذ شهور لطرد التنظيم من ريفي حماة وحمص.

وطوقت القوات الموالية للأسد مجموعة من القرى النائية والمتباعدة، التي يحكمها تنظيم الدولة الإسلامية، والممتدة في شرقي حماة وحمص، وتعرف باسم “عقيربات”، الخميس، بعد أن تقدمت على مشارفها. وتقع عقيربات إلى الشرق من الأوتستراد الأخير الذي ما يزال تحت سيطرة النظام من دمشق إلى حلب.

والجيب المطوق الذي تتحصن به عناصر تنظيم الدولة في تقلص مستمر وسريع، مع سيطرة النظام والقوات الحليفة على بلدات وقرى داخله، في سلسلة من التقدمات التي بدأت في وقت سابق من هذا الشهر.

وتصدى تنظيم الدولة لهذا الاجتياح، الإثنين، مدمراً دبابة لقوات النظام في عقيربات، وفق ما جاء في بيان نشرته وكالة أعماق، التابعة للتنظيم، على الإنترنت.

وقال أحمد الحموي، عضو في المجلس المحلي في عقيربات، لسوريا على طول، إن ما لا يقل عن 15 ألف مدني يعيشون تحت حكم تنظيم الدولة، لا يزالون محاصرين داخل عقيربات، وليس لهم من مكان يعزلهم عن القتال.

وتضم المعارك الميليشيا الموالية للأسد على الأرض، بالإضافة إلى وابل الغارات الجوية للنظام والروس، وفق ما ذكرت مصادر لسوريا على طول.

وأوضح الحموي أن أولئك الذين بقوا في عقيربات هم “العائلات المعدمة” والذين لم يكن بوسعهم الهروب حتى قبل الحصار، و بات خروجهم مستحيلاً.

ورغم مغادرته لمناطق  تنظيم الدولة في عام 2014، إلا أن الحموي لا يزال على تواصل مع الأهالي الذين يسكنون في عقيربات، والذين قلما يتكلمون لوسائل الإعلام خشية الاعتقال أو التعذيب على أيدي مقاتلي تنظيم الدولة.

مقاتل موالي للأسد في محيط قرية بعقيربات، الإثنين. حقوق نشر الصورة لـ صائدو داعش.

وفي يوم الإثنين، استهدف الطيران الروسي ناحية عقيربات بنحو 50غارة، وفق ما ذكر مرصد نشطاء أخبار سورية SNA، المعارض.

“ورافق عملية التقدم قصف جوي عنيف جداً، ومئات القذائف المدفعية وصواريخ الراجمات”، وفق  ما ذكر  مناحي الأحمد، ناشط  إعلامي من ريف حماة الشمالي، خارج الجيب المحاصر، وله تواصل مع المدنيين داخل عقيربات.

وأشار الأحمد إلى أن “قرابة 15 طائرة تتناوب على قصف المنطقة منذ الصباح”، في يوم الإثنين.

ولفت كل من الحموي ومناحي الأحمد لسوريا على طول، الثلاثاء، أن عدد الموتى “لايقل عن 50”.

أما الجرحى، فخيارات العلاج الطبي أمامم محدودة، فلا يوجد أطباء في الجيب الريفي المحاصر، وحتى قبل الحرب، كانت هذه القرى النائية التي تنتشر في ناحية عقيربات تفتقر إلى الرعاية الصحة، التي يعمل معظم سكانها بتربية المواشي.

ومن بين الجرحى أطفال وأهالي مدنيون، تعرضوا لإصابات خطيرة وصلت حدّ “بتر الأطراف”، وفق ما قال أبو أحمد، مدني لا يزال داخل المنطقة المحاصرة، وتحدث إلى سوريا على طول من خلال الناشط الإعلامي مناحي الأحمد.

وببساطة فإن الجثث “ملقاة على الأرض ولا أحد يأتي لحملها”، وفق ما ذكر أبو أحمد.

وبالنسبة لأولئك الذين علقوا في الحصار فلا مهرب أمامهم حتى لو حاولو الهروب إلى مناطق أخرى داخل الطوق، بحثاً عن الأمان “فحتى التنقل ضمن ناحية عقيربات أصبح صعباً ولهذا فهم يلتزمون المنازل بانتظار المجهول، فالقصف يحرق البشر والحجر”، وفق ما قال أبو أحمد.

معركة شرقي سورية

تقع عقيربات في أقصى غرب المنطقة التي يسيطر عليها تنظيم الدولة والتي تمتد وسط وشرق سوريا.وكان مقاتلو تنظيم الدولة استولوا على قرى المنطقة في عام 2014، فلاذ عشرات الآلاف من الأهالي بالفرار إلى محافظة إدلب المجاورة.

وتقع عقيربات شرق الطريق الوحيد المتبقي للنظام السوري الذي يربط دمشق بحلب، على الرغم من أن امتداد الأرض التي يسيطر عليها النظام والتي تحيط بالأوتستراد عند محاذاتها لعقيربات لا تتجاوز خمسة كيلومترات في أضيق نقطة.

وفيما لو تمكن النظام من السيطرة على كامل الجيب المحاصر، فإنه سيتحكم أكثر بالمناطق المحيطة بالأتستراد المجاور.

وترتبط معارك عقيربات أيضا بحملة أكبر لقوات النظام للسيطرة على مساحات من الأرياف الشرقية التي يحكمها تنظيم الدولة أثناء تقدمه نحو محافظتي دير الزور والرقة – بما في ذلك السخنة، وهي بلدة نائية في ريف حمص الشرقي، استولى عليها تنظيم الدولة في وقت سابق من هذا الشهر.وقال مصدر في الجيش العربي السوري لـ “سوريا على طول” في ذلك الوقت أن البلدة هي”البوابة إلى دير الزور والرقة”.كما أن السيطرة على عقيربات أيضاً ستؤدي إلى إقصاء قوات تنظيم الدولة عن الخط الخلفي لحملة النظام عبر الصحراء شرقاً.

وذكر محمد عز الدين، 40عاماً،  والذي فر من عقيربات منذ شهر مضى مع زوجته وأطفاله الثلاثة بسبب “القصف العنيف من طائرات النظام والروس” أن الاجتياح العسكري والغارات الجوية تستهدفهم أيضاً، مما أسفر عن مقتل “عدد من النازحين”.

وكان الحظ حليفه، إذ استطاع أن يفر من الحصار في عقيربات الذي يرزخ تحت وطأته 15ألف شخص. [اقرأ المقابلة الكاملة لسوريا على طول مع محمد عز الدين هنا]. 

و قال عز الدين لسوريا على طول، من المخيم الذي يحظى فيه بأمان نسبي في محافظة إدلب المجاورة، “للأسف ذنبنا أننا نقطن في مناطق التنظيم لذلك يعتبروننا (قوات النظام) جميعاً داعشيين ويجب قتلنا”.

و قبل شهر، كان يفترض أن  يجد عز الدين وعائلته  الأمان على بعد 100كم بالاتجاه الشمالي الشرقي في مناطق سيطرة الأكراد في الرقة، إلا أن رحلته امتدت لتصل إلى 900 كم، محاولاً خلالها تجنب الغارات الجوية، وتجاوز حواجز تنظيم الدولة، وفق ما قال لسوريا على طول.

وقال “تعرضنا لعدد من الغارات من قبل طائرات النظام، ولكن شاء الله أن هذه الغارات أتت بعيدة نسبياً عن طريقنا”، ولكن على الأرض، وبحسب أبو أحمد، فإن الخروج من الجيب المحاصر لا يزال غير أمناً.

“فالطيران الروسي والسوري لا يفارق سماء المنطقة، وهناك عشرات الشهداء المجهولين حتى الآن، حيث يتم قصفهم عند محاولة الهرب والنزوح باتجاه مناطق ضمن ناحية عقيربات نفسها في محاولة للبحث عن مكان أكثر أمنا”،وفق ما قال.

وختم أبو أحمد “النظام لايقل اجراماُ عن التنظيم، ونحن نرفض الطرفين فقط نريد النجاة بأرواحنا وأرواح أطفالنا”.

وبدوره، ناشد مجلس محافظة حماة الحرة في بيان له الإثنين “أصدقاء الشعب السوري ومنظمات الأمم المتحدة لتحمل مسؤولياتهم … لفتح ممرات آمنة للمدنيين المحاصرين في ناحية عقيربات ومحيطها”.

شارك هذا المقال