6 دقائق قراءة

لكل فصيل زنازينه: فوضى سجون ومعتقلات في شمال غرب سوريا

وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اعتقال "ما لا يقل عن 408 أشخاص، بينهم 13 سيدة وتسعة أطفال، من قبل قوات الجيش الوطني في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام".


عمان- فيما يتركز الاهتمام على سجون النظام السوري التي تضم أكثر من 130 ألف معتقل، وكذلك السجون التي تضم مقاتلي تنظيم الدولة (داعش) في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) شمال شرق البلاد، كون هذه السجون من البؤر المحتملة لتفشي فيروس كورونا المستجد في سوريا ولربما خارجها مستقبلاً نتيجة اكتظاظها وافتقادها غالباً للمتطلبات الوقائية بحدها الأدنى، يغيب هكذا اهتمام بدرجة كبيرة بشأن مصير المعتقلين في سجون فصائل المعارضة وهيئة تحرير الشام شمال غرب سوريا.

ورغم أن الحكومة السورية المؤقتة كانت أصدرت، في 3 نيسان/ أبريل الماضي، كأحد الإجراءات الاحترازية في مواجهة “كورونا”، عفواً عن السجناء الذين ارتكبوا جرائم قبل تاريخ 1 نيسان/أبريل، يشمل كامل العقوبات في الجنح والمخالفات، ونصف العقوبة في الجنايات، وكامل العقوبة لمن بلغ السبعين من العمر والمصابين بمرض عضال، لم ترصد الشبكة السورية لحقوق الإنسان، بحسب مديرها فضل عبد الغني، حصول حالات إفراج. 

وتعتبر مناطق ريف حلب الشمالي كاملاً خاضعة لنفوذ الحكومة المؤقتة وجناحها العسكري الجيش الوطني السوري. وهي مناطق عمليات عسكرية أطلقها الجيش التركي عبر دعم فصائل المعارضة السورية، بدءاً بعملية درع الفرات في 24 آب/أغسطس 2016، وهدفت إلى طرد تنظيم “داعش” من مدن جرابلس والباب وإعزاز والراعي، ثم عملية غصن الزيتون في 16 كانون الثاني/ يناير 2018 والتي تم بموجبها إخراج وحدات حماية الشعب الكردية، المكون الأساس لـ”قسد”، من منطقة عفرين. يضاف إلى ذلك مدينة رأس العين وقراها في محافظة الحسكة، ومدينة تل أبيض وقراها شمال محافظة الرقة، والتي سيطر عليها الجيش التركي والجيش الوطني السوري ضمن عملية نبع السلام التي انطلقت في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019 ضد “قسد” أيضاً. 

من ناحية أخرى، فإن المشكلة، كما قال لـ”سوريا على طول” مصدر إعلامي مطلع في الشمال السوري طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، لا تتعلق بالسجون الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني”، وإنما بوجود مراكز اعتقال بالعشرات للفصائل، خارج سلطة الحكومة المؤقتة”.

سجون الجيش الوطني وفصائل المعارضة

خلال الفترة بين آب/أغسطس 2016 ونيسان/ أبريل 2020، وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اعتقال “ما لا يقل عن 408 أشخاص، بينهم 13 سيدة وتسعة أطفال، من قبل قوات الجيش الوطني في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام”. وهم “لا يزالون قيد الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري”.

وبحسب عبد الغني، فإن لدى الجيش الوطني “أربع مراكز احتجاز رسمية تابعة للقضاء العسكري، لكننا رصدنا قيام الفصائل التابعة له بعمليات اعتقال واحتجاز بمراكز غير رسمية تابعة لها، غالباً ما تكون مقر الفصيل الذي قام بالاعتقال نفسه”.

في هذا السياق، أضاف رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره بريطانيا، إلى أن الفصائل تمارس في مراكز الاعتقال الخاصة بها جميع أنواع الانتهاكات، من قبيل “طلب فدية، وتعذيب المحتجزين بشكل وحشي”.

وتعد “عفرين وجنديرس والباب والراعي وإعزاز”، كما ذكر عبد الرحمن لـ”سوريا على طول”، “أبرز المناطق التي تتواجد فيها سجون ومراكز اعتقال لفصائل موالية لتركيا”.

وإضافة إلى مراكز الاحتجاز الرسمية الأربعة التابعة للجيش الوطني، وهي سجن جرابلس وسجن إعزاز وسجن الباب وسجن الراعي، رصدت “سوريا على طول”، استناداً إلى مصادر ميدانية، سجوناً ومراكز احتجاز غير رسمية تخضع لفصائل المعارضة شمال غرب سوريا. 

ففي مناطق درع الفرات، تضم مدينة إعزاز سجنين: سجن إعزاز وسجن المعصرة، إلى جانب فرع الشرطة العسكرية وهو مركز احتجاز أيضاً. كذلك، هناك سجن مدينة جرابلس، وسجن في مدينة الباب، وسجن في بلدة الراعي. وقد خصص الأخير، بحسب المصدر الإعلامي، “للأشخاص المتهمين بالتعامل مع حزب العمال الكردستاني (التركي) “PKK” وقوات “قسد”، وتشارك المخابرات التركية في الإشراف عليه”.

ولا تقل منطقة غصن الزيتون في عفرين اكتظاظاً في أعداد السجون ومراكز الاحتجاز، نتيجة تنوع الفصائل المسيطرة هناك. إذ تتولى الشرطة المدنية التابعة للمجلس المحلي إدارة ستة سجون رئيسة، هي: سجن معراته المركزي، وسجن جنديرس غرب مدينة عفرين، وسجن خرابة شران شمال شرق المدينة، وسجن معبطلي شمال غرب، وسجن بلبل شمالاً. فيما تتشارك الشرطة المدنية والعسكرية إدارة سجن راجو شمال عفرين، وتدير الشرطة العسكرية سجناً عسكرياً خاصاً في شارع الفيلات في مدينة عفرين.

كذلك، يدير فصيل “الجبهة الشامية”، وهو تكتل عسكري يضم 13 حركة وكتيبة، سجن دوار كاوا في مدينة عفرين، وسجناً في قرية كفر جنة شمال شرق المدينة.

ويعد “السجن الأسود” قرب بلدة راجو، الأبرز والأكبر في منطقة عفرين. وفيما كان سابقاً تحت إدارة وحدات حماية الشعب الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، تتولى المخابرات التركية حالياً إدارته، إذ يضم المنتمين لوحدات الحماية أو من يشتبه بالتعاون معها.

تضاف إلى كل ما سبق سجون إيسكو التابع لفيلق الشام، ومروانية الذي يديره فصيل لواء الوقاص، والباسوطة الخاضع لفرقة الحمزة، وميدانكي التابع لفرقة السلطان مراد، وشيخ حديد التابع فصيل السلطان سليمان الشاه.

أما في مناطق “نبع السلام” شمال وشرق سوريا، فيتواجد “22 سجناً ومركز اعتقال للفصائل الموالية لتركيا، في منطقتي رأس العين في ريف الحسكة وتل أبيض في ريف الرقة الشمالي”، كما ذكر عبد الرحمن، بسعة تزيد عن “ثلاثة آلاف سجين”، لكنها “تضم حالياً نحو 1,200 سجين بجرائم مختلفة، تشمل القتل والسرقة والجرائم المشينة، بينما يتم نقل المتهمين بالارتباط بـ”قسد” إلى تركيا مباشرة ليخضعوا لتحقيقات أعلى ومحاكمات عسكرية”.  وهو ما أكده عبد الغني، إذ وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، كما ذكر مديرها عبد الغني، “عدة حالات اعتقال لأشخاص من قبل الجيش الوطني، ثم قيام القوات التركية بنقلهم إلى الداخل التركي”.

وإلى جانب سجن تابع للشرطة العسكرية في مدينة تل أبيض شمال الرقة، يوجد سجن في حي زورآفا/الحوارنة في مدينة رأس العين في محافظة الحسكة، والذي كان قبل 2011 سجناً حكومياً، حولته “قسد” لاحقاً إلى سجن للمتهمين بأحكام الإرهاب، فيما تتولى الشرطة العسكرية التابعة للجيش الوطني إدارته حالياً. كما حولت فرقة الحمزة [الحمزات] مخفراً قديماً لقوات النظام في وسط مدينة رأس العين إلى سجن رسمي.

وبحسب ناشط في مدينة رأس العين، طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، يوجد “في كل مدينة سجن أو مركز احتجاز تديره الشرطة العسكرية، بالإضافة إلى مراكز احتجاز تتم إدارتها من قبل فصائل المعارضة المسلحة”، موضحاً أن “الفصائل تتخذ من مقراتها أو مزارع صادرتها مراكز للاحتجاز والخطف والتعذيب”.

سجون هيئة تحرير الشام

يحيط الكثير من الغموض بمصير السجناء والمعتقلين في سجون هيئة تحرير الشام، الفصيل العسكري الأقوى شمال غرب سوريا، والتي تسيطر على محافظة إدلب وبعض أرياف حلب الغربي واللاذقية. رغم ذلك، قال عبد الغني إنه تم “توثيق اعتقال 2,057 شخصاً، بينهم 29 سيدة و13 طفلاَ، من قبل الهيئة منذ الإعلان عن تأسيسها [تحت مسمى] جبهة النصرة مطلع العام 2012 وحتى آذار/مارس 2020، لا يزالون قيد الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري”. 

ويوجد لدى الهيئة، وفقاً لعبد الغني، “32 سجناً ومركز اعتقال، سيطرت قوات النظام على بعضها في حملته الأخيرة”.

ويعد سجن العقاب في جبل الزاوية غرب إدلب أكثر سجون الهيئة سوءاً. وقد سيطرت عليه قوات النظام بالإضافة إلى سجن القاسمية في ريف حلب الغربي.

وكشف مصدر مقرب من هيئة تحرير الشام لـ”سوريا على طول”، طالباً عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، أنه تم نقل “سجناء سجن العقاب إلى سجن حارم، بعد تقدم قوات النظام في المنطقة”.

وإضافة إلى “حارم” في شمال إدلب، والذي كان سابقاً سجناً حكومياً ويضم حالياً السجناء المحكومين بأحكام كبيرة كالمؤبد، يوجد لدى الهيئة ثلاثة سجون رسمية أخرى، بحسب عبد الرحمن، هي “إدلب المركزي وسلقين وباب الهوى”، يضاف إليها سجن شاهين في مدينة إدلب أيضاً، وسجن سري يقع في “غربي كفر تخاريم بالجبل”، بحسب المصدر المقرب من الهيئة، والذي ذكر أيضاً أنه تم “تفريغ سجن إدلب المركزي بسبب تعرضه للقصف عدة مرات، وتم نقل السجناء إلى سجون أخرى”. 

كذلك، هناك “عدة معتقلات في ريف حلب الغربي وأرياف أريحا وحارم ودركوش بالقرب من الحدود التركية، ومدينة جسر الشغور ومنطقة كفريدين بالقرب من الغسانية” بحسب عبد الرحمن الذي قدر عدد السجناء لدى الهيئة بنحو “1500سجين، إضافة إلى نحو 20 معتقلاً غير رسمي في مناطق مختلفة من محافظات حلب وإدلب واللاذقية”.

يشار إلى أن “سوريا على طول” حاولت من دون جدوى الحصول على تعليق من كل من الجيش الوطني السوري، وهيئة تحرير الشام وحكومة الإنقاذ التابعة لها، لاسيما الإجراءات المتبعة لحماية السجناء والمعتقلين من فيروس كورونا المستجد. 

لكن وفقاً لعبد الرحمن، يطبق العاملون في تلك السجون “التعليمات والإجراءات الاحترازية، من قبيل ارتداء الكمامات والالتزام بالنظافة”، كما “تشرف فرق طبية متخصصة على السجون وتعمل على تعقيمها وإجراء فحوصات دورية لجميع المساجين”.

وحتى اللحظة، لم يتم الإعلان عن أي إصابة بوباء “كورونا” في شمال غرب سوريا، فيما أعلنت وزارة الصحة التابعة لحكومة دمشق عن 44 إصابة، شفي منها 27 حالة، فيما توفي ثلاثة مصابين.

شارك هذا المقال