10 دقائق قراءة

مؤسس حملة الرقة تذبح بصمت.. مطلوب من قبل تنظيم الدولة: من حقي أن أعيش حياة طبيعية

في عمر الخامسة والعشرين، يقيم أبو ابراهيم الرقاوي في المنفى، […]


21 فبراير 2017

في عمر الخامسة والعشرين، يقيم أبو ابراهيم الرقاوي في المنفى، ولا يعلم متى سيعود أو إن  كان سيعود يوماً إلى مدينته، في مركز محافظة الرقة شمال سورية. غادر هو ومجموعة من زملائه في حملة الرقة تذبح بصمت، وهي صفحة إعلامية ذات قاعدة شعبية، في السنة الماضية، بعد أن اغتال تنظيم الدولة اثنين من إعلاميي الحملة في تركيا وصادر أجهزة خلوية وحواسيب.

أصبح “هناك حالة تخوف من أن تحصل داعش على معلوماتنا الشخصية”، وفق ما قال الرقاوي، مؤسس حملة الرقة تذبح بصمت من أوروبا الغربية لـ فاطمة عاشور، مراسلة سوريا على طول.

الآن، الرقاوي، طالب في هندسة الكمبيوتر، يصف نفسه بالشخص “الإنطوائي”، ويقول أنه أمام الحاسوب على مدى 24ساعة، يتابع وينشر ما يحدث في مدينته.

وفي حين ما يزال هناك فريق على أرض الميدان داخل الرقة، فإن الرقاوي هو من ينشر الأخبار التي يجمعونها.

وقال الناشط إن “داعش أغلقت ٩٥٪ من مقاهي النت”. وأضاف أن “الإجراءات الأمنية المشددة جداً داخل المدينة جعلت تغطية الأخبار في منتهى الصعوبة”.

وحاز إعلاميو الحملة على جائزة حرية الصحافة العالمية بنيويورك من اللجنة الدولية لحماية الصحفيين في عام 2015. وبينما كانوا هناك التقى بهم ماثيو هينمان، مخرج فيلم أرض التحالف  .Cartel Landوطرح عليهم تصوير فيلم وثائقي عن حياتهم وهم مطاردين من قبل تنظيم الدولة؛ فوافقوا وبدأ هينمان بتصوير فيلم مدينة الأشباح منذ لحظة تسلمهم الجائزة.  

وتم عرض الفيلم للمرة الأولى في مهرجان صاندانس السينمائيSundance Film Festival في شهر كانون الاول في ولاية أوتاه .

متى شعرت أن البقاء في الرقة ماعاد ممكناً؟ وهل كان هناك حدث محدد جعلك تقول إلى هنا فقط؟

البقاء في الرقة أصبح مستحيلاً بعد سلسلة الاغتيالات التي طالت مجموعة من شبابنا بتركيا، ولم يعد بإمكاننا البقاء حتى في تركيا، إذ لم يكن مُرحباً بنا هناك، فاضطررنا للهرب إلى ألمانيا،  كنا في حالة تخوف من أن تكون داعش قد حصلت على معلومات عن بعضنا بعدما أخذت لابتوبات وموبايلات من منزل فارس وابراهيم، رحمهما الله، اللذان  قتلتهما داعش بتركيا، فقررنا المغادرة لكن ذلك لم يثنينا عن متابعة الحملة، بل كان أمراً محفزاً لنكمل التغطية عن مدينة الرقة.  

مهرجان صاندانس السينمائي Sundance Film Festival عرض لأول مرة في شهر كانون الاول في ولاية أوتاه، حقوق نشر الصورة لأبو ابراهيم الرقاوي.

كيف استطعتم الخروج من الرقة؟

صحيح أن داعش تسيطر على الرقة، لكنها قبل كل شيء هي مدينتنا ونحن نعرف الطرق أكثر منهم ونعرف المكان، فهم يلعبون في أرضنا. بين أرضنا وجمهورنا. وهناك مهربون كثر ولنا تواصلاتنا واستطعنا الخروج بحمد الله.

خرجت من الرقة، فهل خرجت منك بمخاوفها، بعشقها، بهواجسها، وكيف شعرت وأنت  ترى لأول مرة  سماء غير الرقة؟

أول مرة أرى  سماء غير سماء الرقة كنت بين فرح وحزين، فرح لأني سأبدأ العيش في حياة طبيعية، وحزين لأنه لديّ هدف ومعركة يجب أن أكملهما، ولكن بدأت أشعر بأني قد تعبت.

الحقيقة الخروج من الرقة كان صعباً،  فراق مدينتك التي كبرت فيها وتربيت فيها، وفي الوقت ذاته عائلتك وأصدقائك.  إلى الآن  لم أخرج من حالة الخوف،أشعر دائماً بالتوتر من أمور مجهولة. لا أدري ماذا يمكن أن يحدث مستقبلاً، أشعر بالقلق والخوف من أن يتأذى أحد من شباب الحملة.

حين قُتل أصدقاؤك، تعهدت أن تستمر بمحاربة التنظيم من خلال حملة الرقة تذبح بصمت، ألم تشعر ولو لحظة بالخيانة لأعضاء الحملة، وللعهد الذي قطعته ولأهلك وللبلد؟

الحقيقة هو قرار صعبٌ جداً،  فقد قُتِل منا من قُتل، كان هناك خوف على الأهل لأن داعش بدأت تقتل أقارب وأصدقاء وعوائل كل شخص له علاقة بالحملة، لم نشأ الخروج من الرقة لكن الظروف أرغمتنا على ذلك، نحن قطعنا وعداً ألّا تتوقف الحملة أبداً حتى تخرج داعش من مدينة الرقة، وخاصة بعدما قتلوا عدداً من أصدقائنا بسبب عملنا في الحملة، فصار الخلاف بينا وبين داعش ليس خلافاً عاماً فحسب، بل ثأراً شخصيّاً أيضاً.

أخبرني أكثر عن أصدقائك الذين قتلوا وكانوا جزء من أعضاء الرقة تذبح بصمت؟ وهل ما زلت تذكرهم؟

معتز، كان أول من انضم للحملة. وتم الإمساك به على أحد الحواجز وكان معه اللابتوب وكان  فيه قصص موجود عليها لوغو الحملة؛  فأعدم وكان ذلك في البدايات. وكان أحد أهم الأسباب التي جعلتنا نتعب أكثر على الحملة. معتز كان دافعنا لنستمر.

فارس، كان مقرباً جدا مني وابراهيم أيضاً. كنا نشتغل وفارس لأوقات طويلة جداً. لهذا كان له معزة خاصة في نفسي.

الشخصيات التي قتلت كانوا غاليين علي وخاصة فارس، فكنا نعمل معاً منذ 2013.

فارس وابراهيم قُتلا معاً في شقة ابراهيم. فارس كان شخص ذكيا جداً ومتدين جداً. ومرة أمسكته داعش، وكان السجان يسأله أسئلة دينية وكان يعرف كل شيء. كان حافظاً للقرآن، ويجيب على أسئلة السجان حتى أنه سأل السجان الداعشي أحد الأسئلة الدينية فلم يستطع السجان الإجابة عليها وغضب، ولأجل ذلك زاد عدد الجلدات، وهذا كان قبل الحملة.

في الفترة الأخيرة ألم تشعر أن أخبار الرقة تراجعت، هل كان هناك هدوء نسبي، أم غياب إعلامي؟

هذا الكلام صحيح وله عدة أسباب أولها: الصعوبة الشديدة لتسريب الأخبار خارج مدينة الرقة، حيث إنّ داعش أغلقت ٩٥٪ من مقاهي النت، وأبقت عدداً محدوداً جداً تحت إدارتها، وهو أمر خطير، وكما منعت التلفاز والستالايتات، مع اتخاذ إجراءات أمنية مشددة جداً في المدينة، الأمر الذي جعل استخراج الأخبار في غاية الصعوبة، رغم ذلك لازلنا قادرين على استخراج الأخبار ونشرها، بالإضافة إلى أن داخل المدينة قد شهد هدوءاً نسبياً حيث إنّ أغلب الأخبار إما عن القصف أو إعدامات تقوم بها داعش، بشكل عام خفت بريق داعش، وأكثر الأخبار هي المعارك في الريف الشمالي.

من خرج بفكرة الفيلم الوثائقي عن حملة الرقة تذبح بصمت، المسمى مدينة الأشباح، وفي أي مرحلة التقيتم بالمخرجماثيو هينمان؟

حين خرج الشباب إلى نيويورك، حمود وحسام وعبد العزيز، ليستلموا جائزة حرية الصحافة العالمية من اللجنة الدولية لحماية الصحفيين في أكتوبر 2015.

هنالك كتب عنهم صحفي من نيويوكر مقالاً، قرأه المخرج والتقى بالصحفي الذي ربطه بلجنة حماية الصحفيين وجاء ليراهم وعرض عليهم تريلير الفيلم السابق له  Cartel Land ووجد أعضاء الحملة بها فرصة جيدة لنوصل رسالتنا للعالمية، وبدأ من أول يوم بالتصوير. وبدأ الفيلم بالخطف خلفاً، اللقطة الأولى للشباب وهم يتسلمون جائزة حرية الصفحة للرقة تذبح بصمت ويعود للبداية والثورة وهروبنا.

ومن اختار اسم الفيلم وما دلالته؟ وماهي مدينة  الأشباح؟

اسم الفيلم خرج من عدة مقابلات كنا نذكر فيها أن الرقة بحكم داعش أصبحت مدينة أشباح،  فالمخرج قرر أن يسمي الفيلم مدينة الأشباح، وهذه التسمية لها عدة معاني؛ المعنى الأول: هو نحن، المراسلين أو أعضاء الحملة المجهولين، الأشباح التي تحارب داعش في الظلام، والدلالة الثانية: هي المدينة المنسية من الجميع، المتعبة المرهقة التي أصبح الناس فيها فعلاً مثل الأشباح فالاسم كان اختياره، وهو جيد من وجهة نظري الشخصية.

من شارك بالفيلم، وكيف كان التعايش مع الكاميرا، ألا تخشون عواقبه وانتقام تنظيم الدولة؟

ظهر في الفيلم ما بين تسعة إلى 11 ولكن كان التركيز على ثلاثة شخصيات حمود وعبد العزيز ومحمد.

الحقيقة أنا لم أظهر في الفيلم أبداً، ولم أشارك فيه لأسباب  تتعلق بسلامتي الشخصية، ولكن بقية الشباب صورت كثيراً، أما عن كيفية التصوير، كان الشباب يعيشون حياتهم اليومية والمخرج يقوم بتصويرهم، لدرجة أنه صور كل ثانية في حياتهم، فمثلاً حسب قول الشباب: إن وجود المخرج معك ٢٤ ساعة يصورك طوال الوقت، تمر عليك أوقات تنسى فيها وجود الكميرا، ولهذا كانت المشاهد كلها واقعية في الفيلم.

بالتأكيد الشباب يعرفون أنه ستكون لهذا الفيلم عواقب مثله مثل أي مشروع كبير نقوم به في الحملة، وبالطبع فإن داعش سترد على هذا العمل، لكن الشباب كانوا متحمسين لإنجاز الفيلم،  وكان التصوير في كل مكان، وأنا شخصياً حضرت الفيلم أكثر من مرة، وفي كل مرة كنت أشاهده أشعر أني لأول مرة أراه.

الفيلم ركز على ثلاثة شخصيات أساسية، ذكرت لنا حمود، حدثنا عن عبد العزيز ومحمد؟

عبد العزيز: بعد تشكيل الحملة، وبما أني وكثيرون لم نكن نكشف عن وجوهنا، كان يكشف عن وجهه ويتحدث باسم الحملة، وهو أكثر وجه سُلط عليه الضوء؛ فكان بخطر أكثر منا وحين خرج لألمانيا لاحقته تهديدات القتل، وكان هناك قنوات على التلغرام تنشر مَن مِن جنود الدولة ليقتل هذا الشخص بألمانيا، وبالفيلم يظهر كيف تتصل به الشرطة الألمانية وتبلغه أنه يجب أن يحضر إليهم بأقصى سرعة ممكنة وتخبره أنه يجب أن يضعوا حماية لأجله وهو يرفض. ويجري عبد العزيز مؤتمرات ولقاءات في مختلف دول العالم لمكافحة فكر تنظيم الدولة باسم الحملة.

محمد مصارعي: أستاذ رياضيات في مدرسة بالرقة، بعد أن اعتقلو الكثير من طلابه، قرر أن يشارك في الثورة السورية، وصار يخرج للإعلام، تزوج محمد بعدها وخرج إلى تركيا. ومن ثم اغتيل ناجي وابراهيم وفارس. فقرر أن يترك تركيا ويذهب إلى ألمانيا، فلما وصلوا لألمانيا، انفرز محمد إلى المنطقة الشرقية في ألمانيا، وكان هناك الكثير من المظاهرات ضد اللاجئين.

الفيلم يظهرنا كأناس عاديين نحب وطننا ولنا أمال وطموحات بمستقبل نحلم به.

وماهو رد الفعل الأول لدى الجمهور؟

الحقيقة في العرض الأول للفلم، كنت أراقب ردة فعل الجمهور أكثر من الفلم، كانت صالة عبارة عن ٦٠٠ شخص، وجاء بعضهم بالبوشار والكولا ظناً منهم أنهم سيرون فيلماً عادياً،  ولكن منذ بدأ الفيلم لم تكن الناس تأخذ نفساً، ورأيت بعضهم يبكون، لم يخرج أحد أبداً خلال الفلم، وكان هناك سكوت مهيب بالقاعة من أول لحظة فيه لآخره. وبعدها كان هناك تصفيق حار وطويل ووقفت الناس لمدة طويلة، وحين وقف شباب الحملة على المنصة علا صوت التصفيق الحار وكان هناك ناس تبكي وتصيح كان ردة الفعل قوية جدا. وبعض الناس صارت تصرخ رئيس أمريكا يجب أن يرى الفيلم، والتمت الناس حول الشباب، وبدأت الأسئلة.

كإعلامي أنت تعرف قوة الإعلام، إذ  يعري داعش من غطاء الذي تختبىء وراءه، لتنكشف ممارساتها لمن تسعى لتجنده وتستقطبه، فهل أنت على يقين أنّ وراءكم من يكمل المهمة؟

الحقيقة الإعلام أمر مهم جداً جداً، فقد ركزت داعش منذ البداية على الحرب الاعلامية لتجنيد أناس جدد. داعش بقوة الإعلام غير داعش ما قبل قوة الإعلام .لقد رأينا هذا  بشكل واضح بعد سيطرته على مدينة الرقة، أصبحت كل وسائل التواصل الإجتماعي وغيرها، بروباغاندا داعش، وهذا من أهم الأسباب الذي دفعنا للبدء بحملتنا، فبسبب برباغاندا داعش كان الجميع يعتقد أنّ الرقة هي مدينة الإرهاب مدينة داعش. قبل حملتنا عندما كنت تبحثين عن كلمة (الرقة) بالغوغل أوعلى التويتر كل النتائج كانت مواد مناصرة لداعش، الآن العكس تماما ستجدين المواد كلها ضد داعش، وأغلبها من حملتنا، ولأنّ داعش بدأت تخسر الحرب الإعلامية ضدنا كان ردها ضد الحملة قوياً جداً، فهي تدرك أنّ الإعلام أقوى سلاح عندها، نحن كحملة نحاول أن نركز على أكثر من جانب ونستقطب أكبر عدد ممكن من الناس، مثلاً نحن نقوم بنشر الأخبار بالعربية على الفيس بوك لأن أغلب أهل الرقة والعرب يستخدمون الفيس بوك.  بينما نقوم بنشر الأخبار بالإنكليزية على تويتر لأن الغالبية صحفيون وأناس مهتمة بالأخبار العالمية،  وبذلك نستطيع أن نوصل كلمتنا عن طريق المنصة التي نستخدمها. كما أننا  نستخدم التلغرام كمنصة جديدة باللغتين العربية والانكليزية. ونحن بحربنا ضد داعش لا نحارب داعش فحسب، نحن كمجموعة بدأنا بفكرة الحرب على التطرف لأن داعش ممكن أن تزول اليوم لكن قد تظهر على هيئتها مجموعة جديدة.  

برأيي حتى لو انتهت حملة (الرقة تذبح بصمت)، أعتقد أن  الناس بدأت تعي الخطر، وسيكون هناك حملات ثانية لنشر التوعية ضد التطرف. وستبقى فئة من الناس تحمل الراية ضد داعش وغيرها من المجموعات المتطرفة.

هل تشعر أنك ما تزال مهدداً، فأنت إلى الآن، لا تريد كشف هويتك الحقيقية أو مكانك الفعلي؟

الحقيقة دائما يشعر الشخص بأن هناك تهديدات ضده، إن عدم كشف هويتي يعود لأسباب كثيرة، منها الحفاظ على سلامة عائلتي. فقد قتل أناس كثر فقط لأنهم من أقارب شباب الحملة. أعتقد أن المعركة تتحول لصالحك عندما لا يعرف عدوك شخصيتك الحقيقية أو من أنت أو أين تكمن  نقطة ضعفك، أو من الناس الذين تحبهم، وقد يستخدمون ورقة ضغط لتتوقف عن عملك.  أنا شخصياً سأخفي هويتي إلى آخر يوم في هذه الحرب.

الخوف يرافقك إلى الآن، فكيف كنت تشعر كإعلامي، في الرقة؟

الخوف دائما موجود، حين بدأت بالحملة كان هناك تخوف كبير من داعش، ولكن لم يكن هناك حساب لردها القوي أو العنيف لدرجة القتل والإعدامات فردة فعل تنظيم داعش القاسية والعنيفة شكلت لنا هاجساً، فكان هناك دائما بحث مستمر عن أعضاء الحملة، من يكونون، ومن هم هؤلاء الشباب، وكانوا يحاولون البحث عن أي معلومة عنهم ويستفزونهم بأهاليهم، دائما كان هناك خوف فإن لم تُمسَك أنت فربما فرد من عائلتك، مثلما ما حدث مع صديقنا حمود، خرج واعتقد أنه في أمان، فأمسكوا بأبيه وأرسلوا برسائل تهديد أنه إن لم تتوقف الحملة، فسنقتل أبوك وأخوك، وحمود كان بموقف محرج جداً، وطلبوا منه أن يسلموا الناس في الداخل مقابل أبيه ورفض حمود، فبعثوا لنا بكلمة واحدة عالواتس اب، أنك سترى أبيك بإصدار وفعلاً هذا ما حدث، وبعد بضعة أيام جاء الإصدار وقتلوا أبيه، وفيما بعد عرفنا أنهم قتلوا أخيه أيضاً.

الآن أنت بعيد عن الرقة، هل كوّنت خطة عمّ ستفعله في الأيام القادمة؟

أريد إكمال دراستي وبناء مستقبلي كالآخرين، من حقي كإنسان أن أعيش حياة طبيعية.

أملي أن أتخرج من الجامعة، وأبني اسرة وأرى أهلي قبل أن أموت.

كيف تمضي وقتك الآن في أوروبا، وكيف تختلف الحياة عن الرقة؟

حياتي في الرقة تقريباً كخارجها 24 ساعة مقابل اللابتوب، أرى الأخبار وأعمل لأجل الحملة وأذهب إلى الجامعة، وهي أكبر اختلاف أعيشه.

أنا شخص انطوائي، ليس عندي أصدقاء كثر أشعر بالراحة أكثر وأنا أمام اللابتوب. وقلما أخرج، وكنت أخرج لأحضر لأهلي بعض الحاجيات، وأتمشى في الشوارع لأرى الوضع، كنت قدر الإمكان حذر أتجنب عناصر داعش وأتجنب أن أخرج لفترات طويلة.

أين أنت الآن من حلمك في الطب؟

درست الطب أربع سنوات، ولكني تركت الطب صرت في 25 وصار مشوار صعباً. لذا بدأت  أدرس هندسة الكمبيوتر.

للأمانة لم أكن أخاف من الدم ولكني صرت أخشاه وأصبح عندي ردة فعل، وأي مشهد فيه سكاكين أو ذبح لم أعد أحتمله حتى شكة الإبرة لم أعد أستطع أن أراها.

أحب الكمبيوتر منذ طفولتي، وحياتي كلها الآن تتمحور حول الكمبيوتر.

هل تشعر بالاغتراب والشوق للرقة؟

دائما هناك شوق للأهل والرقة كثيراً ولكنك تبدأين بالإحساس أنك محرومة من أبسط الأمور، أحيانا أقسى أمنياتي أن أتناول الفطور مع عائلتي، أحيانا يراودني شعور أني أشتهي العودة. وسألت أناس كثيرين قالوا أن هذا الشعور سيلازمك لبضع سنين ثم يهدأ، أكثر ما أشتاق إليه بيتي وحارتي.

أي الشعورين حالياً هو الأقوى اشتهائك العودة أو إحساسك بالأمان؟

بقدر ما أشتاق العودة بقدر ما أخافها، أشعر أن العودة شبه مستحيلة، وأحياناً يراودني إحساس أنه لن أرى الرقة في حياتي. فالحملة صار لها الكثير من الأعداء، بغض النظر عن تنظيم داعش وهذا يخوفني فهناك YPG  والقاعدة والنظام، حتى أن هناك مجموعة من الأهالي في الرقة باتت ضدنا، ربما أصوات قليلة لكنها موجودة وتقول أنه بسبب حملة الرقة تذبح بصمت، جاء التحالف ليقصفنا، فهم حاقدون علينا، طبعاً هناك أناس تحبنا لكن هذه الفئة موجودة، فلا أدري إن بقي لنا مكان في الرقة أولا.

هل تفكر فيما سيأتي بعد طرد داعش من مدينتك؟

الحقيقة الآن التخوف من وصول القوات الكردية YPG  للمدينة، ومن وجهة نظري هم لا يختلفون شيئاً عن داعش، فهم يهجرون الأهالي ويفرقون بين الناس على أساس كردي وعربي، كثير من أهالي الريف الشمالي تم تهجيرهم ولم يسمحوا بعودتهم لقراهم. الحقيقة مدينة الرقة مظلومة ومن مستبد إلى مستبد آخر، والله أعلم،  لكني أتمنى أن لا يدوم الظلم على هذه المدينة المنسية.

رسالة واحدة عن مدينتك للعالم؟

الرقة مدينة السلام وليست عاصمة الارهاب.

شارك هذا المقال