10 دقائق قراءة

ماذا بعد تنظيم الدولة في سوريا؟… في سلسلة تقارير شهرية من سوريا على طول

سكان الرقة يصطفون من أجل شراء الخبز في كانون الثاني. […]


سكان الرقة يصطفون من أجل شراء الخبز في كانون الثاني. الصورة من Delil Souleiman/AFP.

 كان تنظيم الدولة في يوم من الأيام يحتل مساحة شاسعة من الأراضي الواقعة في العراق وسوريا وكانت مساحة الأراضي في ذروتها في عام 2014 أكبر من بريطانيا العظمى. خاطفاً بذلك أنظار العالم بشكل مفاجئ  من خلال حملته العسكرية الوحشية ومقاتليه المتطرفين الذي كانوا يرتدون اللون الأسود محفوراً عليه شعار الخلافة التي نصب نفسه بنفسه عليها، والتي شملت أجزاء من مدينة حلب والرقة ودير الزور، واجتاحت في نهاية المطاف غرب العراق وصولاً إلى الموصل وضواحي بغداد.

 وبعد أربع سنوات، أصبح التنظيم شبحاً لنفسه. ولا زال التنظيم موجوداً في سوريا، لكن مقاتليه يتمسكون غالباً بجيوب صغيرة ذات كثافة سكانية قليلة في الصحراء الشرقية والشرقية الجنوبية في البلاد. وتحول التنظيم من جماعات توسعية قوية إلى مجموعة محلية متمردة تعمل في الخفاء.

 ومع ذلك، فإن الهجومالمدمر والمخطط له بدقة والذي حصل الأسبوع الماضي في محافظة السويداء الأغلبية الدرزية والواقعة تحت سيطرة الحكومة، والذي قتل فيه ما لا يقل عن 250 شخصاً، يظهر أن تنظيم الدولة لا يزال يشكل تهديداً قوياً على المجتمعات المحلية في جميع أنحاء سوريا.

وفي الوقت الذي لاتزال فيه التحديات الهائلة لإعادة الإعمار والعودة للحياة المدنية الطبيعية بشكل كامل في المناطق التي كانت تقع تحت سيطرة التنظيم من قبل تسير ببطء، إلا أن سقوط التنظيم مهد الطريق الأولي للسكان في هذه المناطق من أجل البدء في إعادة تشكيل مستقبلهم. حيث حولت التغييرات الإقليمية الكاسحة منذ سقوط التنظيم، المعايير الاجتماعية وبشرت بتغيرات سياسية جديدة.

 وعلى مدار الشهر المقبل، ستعمل سوريا على طول على مشروع بالشراكة مع مؤسسة كونراد أديناور وفريق مؤلف من ستة صحفيين سوريين على الأرض في المناطق التي كانت تقع تحت سيطرة تنظيم الدولة في السابق، اثنان من الصحفيين في الرقة واثنان في ديرالزور واثنان في ريف حلب. سيكون الهدف من هذا المشروع هو تزويد القّراء بالمعلومات وتدريب الصحفيين الشباب الطموحين لتحقيق تغطية اعلامية موضوعية وشاملة لتأثير الحرب على مجتمعاتهم في تلك المناطق.

 وهنا نقدم لكم تمهيداً عن التحديات الكبيرة والمسارات المستقبلية المحتملة للأراضي التي كانت تحت سيطرة التنظيم في سوريا.

 ما الذي حدث لتنظيم الدولة؟ كم مساحة الأراضي التي يسيطر عليها اليوم؟

بعد الاستيلاء على الرقة في كانون الثاني 2014، شن التنظيم حملة صاعقة على المنطقة العربية السنية في قلب العراق، واستولى على عدة مدن في محافظة الأنبار بما في ذلك الفلوجة قبل أن يستولي على الموصل نهاية حزيران. في 29 حزيران، أعلن زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي عن الخلافة العالمية من منبر مسجد النور الكبير في الموصل. لكن الرد الدولي كان في الطريق.

وفي منتصف عام 2014، شن التحالف بقيادة الولايات المتحدة، والذي يضم 14 دولة، أول ضرباته الجوية ضد مواقع تنظيم الدولة في العراق، حيث أطلقت حملة كبيرة لدحر المكاسب الإقليمية للتنظيم والقضاء على قيادته.

 وتعاون التحالف بشكل غير رسمي مع قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد على الأرض، كما حظي بدعم ضمني من الحكومة السورية وروسيا والميليشيات الشيعية المدعومة من إيران. وفي مواجهة وابل من القصف المهلك والهجمات البرية والتصعيد المتزايد من جانب السكان المحليين الخاضعين لسيطرته بدأ الجهاديون بالتراجع تدريجياً. وبدأت المواقع الرئيسية التابعة لسيطرة التنظيم بالسقوط مثل الموصل في تموزعام 2017 متبوعة بمدينة الرقة الذي أعلنها التنظيم عاصمة له في شهر تشرين الأولفي نفس العام.

 وفي أعقاب هذه الحملة، تم انقسام التنظيم إلى مجموعة متمردة صغيرة ومفككة. وفقد التنظيم سيطرته على أكثر من 98%من أراضيه السابقة، ولم يحتفظ سوى ببعض المناطق الغير متجانسة في المناطق الصحراوية قليلة السكان في دير الزور ومناطق أقصى شرق محافظة حمص.

 في حوض اليرموك المنعزل المجاور للأردن ومرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، يسيطر جيش خالد بن الوليد، التابع لتنظيم الدولة هناك. وبعد سنوات من الحكم الذي لم يسبق له مثيل منذ تأسيسه في عام 2016، أصبح جيش خالد بن الوليد الآن هدفاً لحملة قصف مكثفة من قبلا الحكومة بدأت في وقت سابق من هذا الشهر.

 ما الأثر الذي تركه التنظيم على الأراضي التي كانت تحت سيطرته سابقاً؟ وما هي أكثر التحديات الموجودة في هذه المناطق؟

 أثرت الحملة ضد التنظيم على حوالي 7.7 مليونشخصاً كانوا يعيشون في السابق تحت سيطرة التنظيم في سوريا والعراق.

وعلى الرغم من النجاحات العسكرية التي حققتها قوات التحالف، إلا أن الثمن الذي دفعته الأراضي التي كانت تحت سيطرة التنظيم لا يمكن تخيلها. فإن تقديرات أعداد الضحايا المدنيين من الحملة مازال غير معروف، على الرغم من إعلان التحالف رسميًا مسؤوليته عن 1059 حالة وفاة منذ عام 2014. ويرى مراقبون آخرون من أطراف ثالثة، مثل مجموعة مراقبة Airwars، أن عدد القتلى المدنيين يقدر بين 3375 و9790 شخصاً. وقد نفى قادة التحالف هذه الأرقام بشدة، حيث كتبقائد القوات المنتهية ولايته الليفتنانت جنرال ستيفن تاونسند في شهر أيلول 2017 “لم تكن هناك حملة جوية في تاريخ النزاع المسلح أكثر دقة من هذه الحملة أبداً”.

 

شارع في الرقة في تموز. الصورة من مجلس الرقة المدني.

 ولم تتحقق المكاسب العسكرية ضد التنظيم إلا على خلفية دمار هائل في الإسكان والبنية التحتية والنسيج الحضاري. وشهد الاعتداء الأخير على الرقة الواقعة تحت سيطرة التنظيم أكبر قصف جوي تشهده منطقة حضرية منذ حرب الفيتنام، وفقاً لمنظمة العفو الدولية. وبحلول شهر آب 2017، أكد التحالف تنفيذ أكثر من 24566 غارةجوية ضد أهداف تابعة للتنظيم في سوريا والعراق، مما ترك المدن التي كانت تحت سيطرة الجهاديين في السابق مثل كوباني والموصل والرقة في حالة من الدمار، حتى بحسب أكثر التقديرات تفاؤلاً فإن هذه المناطق سوف تستغرق عقوداًلإعادة بنائها.

 في المقابل، سعى تنظيم الدولة إلى تخريبالأراضي التي كانت تحت سيطرته أثناء تراجعه، حيث فخخ البيوت وحفر أنفاقاً لتدمير البنية التحتية المدنية وزرع آلاف الألغام في المناطق التي تركها وهجرها. ومع عودة المدنيين النازحين تدريجياً إلى منازلهم، التي تركوها قبل بدء الحملة ضد التنظيم، تم تشوه ومقتل المئات  بسبب الألغام المزروعة. ولا تزال الجهود مستمرة لإزالتها.

وفي غضون ذلك، ينتظر آلاف السكان الذين يعيشون في بلدات ومدن كانت خاضعة لتنظيم الدولة في السابق عودة أبسط الخدمات المحلية. فهناك أحياء بأكملها في الموصل تفتقر إلى المياه الجارية والكهرباء، وذلك بعد أشهر من هزيمة آخر معقل لمقاتلي التنظيم واستعادة المدينة.

 كيف هو الوضع الآن في المناطق التي سيطرت عليها قوات درع الفرات المدعومة من تركيا؟

 في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في محافظة حلب الشمالية، انتهت الحملة التي استمرت سبعة أشهر دعمتها تركيا لطرد تنظيم الدولة، والتي أطلق عليها اسم “عملية درع الفرات”، في أوائل عام 2017 وأفسحت المجال للجهود المبذولة لاستعادة الخدمات وعودة الأمن في منطقة سيطرتهم التي تمتد على نحو 1500 كيلومتراً مربعاً.

وعلى الرغم من أن الهدف الأساسي للعملية كان طرد الجهاديين، إلا أن درع الفرات قد تم انتقاده أيضاً بسبب طرده لقوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية المتمركزة على طول الحدود.

وازدادت الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار تعقيداً بسبب أزمات الصحة العامةوالاقتتال الداخليللمعارضة  والتفجيراتالمتقطعة في البلدات والمدن التي أعيدت السيطرة عليها. ونزح مئات الآلاف من السكان شمالاً بسبب المعارك والمصالحات في أماكن أخرى من سوريا، بينما تلعب تركيا دوراً بارزاً ومثيراً للجدل في الاقتصاد المحلي في المنطقة ونظام الحكم والفصائل السياسية. كما أن حقيقة قيام تركيا ببناءمالايقل عن ستة قواعد عسكرية في المنطقة تثير أيضاً مخاوفاً من أن تقوم القوات المحتلة بالاستقرار لفترة طويلة شمال سوريا.

هل لا يزال مقاتلوا تنظيم الدولة يشكلون تهديدًا؟

على الرغم من الانهيار الجغرافي لما يسمى “الخلافة”، استمر التنظيم في شن هجمات متفرقة ضد أهداف عسكرية ومدنية مختلفة في جميع أنحاء سوريا والمنطقة ككل.

في أواخر أيار، قتل عناصر تنظيم الدولة ٣٥ جنديا موالياً للحكومة في دير الزور أثناء تبادل لإطلاق النار هناك، مما يدل على القوة التي تبذلها المجموعة في سبيل البقاء حتى مع تزايد الهجمات العسكرية ضدها. وأعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عن انفجار سيارة مفخخة في درعا في وقت سابق من هذا الشهر، مما أسفر عن مقتل العشرات من جنود الجيش الروسي والسوري. وفي إدلب، تبنت المجموعة أيضاً سلسلة من الهجمات والاغتيالات في الأسابيع الأخيرة، مستغلة حالة من الفوضى انعدام الأمن في شمال غربي البلاد.

وفي الأسبوع الماضي، أطلق مقاتلو تنظيم الدولة في صحراء البادية الجنوبية- العديد منهم تم إجلاؤهم بالحافلات من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق في أيار – هجوما بريا دام ١٢ ساعة على البلدات والقرى ذات الغالبية الدرزية والخاضعة لسيطرة الحكومة في محافظة السويداء، كما تم إرسال أربعة انتحاريين على الأقل إلى مدينة السويداء نفسها. وقتل ما لا يقل عن ٢٥٠ شخص جراء ذلك. وكان الهجوم بمثابة تذكير قوي بالتهديد الحقيقي الذي يمثله التنظيم على المجتمعات في جميع أنحاء سوريا، سواء كخلافة أو جماعة متمردة.

كما تمكنت المجموعة من شن هجوم عصابات في عمق محافظة حمص التي تسيطر عليها الحكومة، الشهر الماضي. وتم تداول نبأ وفاة ابن أبو بكر البغدادي في الهجوم.

معبر جرابلس على الحدود مع تركيا، يوم السبت. تصوير: معبر جرابلس الحدودي.

وبالنسبة لأولئك الذين يعيشون في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة التنظيم، لا تزال انتهاكات حقوق الإنسان تتم دون رادع. وقال السكان لسوريا على طول إن الجماعات المرتبطة بتنظيم الدولة أجبرت النساء على ارتداء النقاب، وأحرقوا الآلات الموسيقية، ونفذوا عقوبة قطع الرأس بحق جرائم ك”الشعوذة”.

وأثبتت عملية ملاحقة واعتقال عناصر سابقين في التنظيم ممن ارتكبوا فظائع، بأنها مهمة صعبة للغاية، وقد دفعهم لذلك الخطر الذي تشكله الخلايا النائمة في سوريا وخارجها. ويخشى المسؤولون من تجاهل المقاتلين الاندماج في مجتمعات أكبر من المدنيين النازحين. ويتم تنفيذ جزء من هذا العمل من قبل مقاتلي الجيش السوري الحر، الذين يصورون وجوه الرجال، ممن هم في سن الخدمة العسكرية، والذين يعبرون الحواجز في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة التنظيم سابقا. ومن خلال شبكات واتساب افتراضية، قام المقاتلون والناشطون الذين عاشوا في ظل تنظيم الدولة بمهمة تحديد وجوه المجرمين المعروفين، وتم اعتقال ٣٠٠ عنصر على حاجز واحد فقط خلال شهر تشرين الأول ٢٠١٧، وفقا لما ذكره موقع سمارت نيوز.

وحتى في الوقت الذي يتراجع فيه التنظيم من الناحية العسكرية، تبقى دعوة الجماعة للعنف العرقي والديني رسالة قوية للكثير من المتعاطفين اليوم، سواء داخل سوريا أو خارجها. وقد تزامن الارتفاع في وتيرة الهجمات خلال شهر رمضان في السنوات القليلة الماضية مع التحريض من خلال منشورات التنظيم ومقاطع الفيديو الدعائية التي تستهدف المتعاطفين معهم.

ماذا حدث لعائلات التنظيم والمقاتلين الأجانب عندما سيطر التحالف الدولي على المنطقة؟

على الرغم من أن عشرات الآلاف من الأشخاص من مختلف دول العالم سافروا إلى العراق وسوريا للانضمام إلى تنظيم الدولة أثناء انتشاره، إلا أن عدد العائدين كان أقل بكثير. ووفقاً لأحد خبراء مكافحة الإرهاب، فإن ١٥٠٠ شخص فقط، من أصل ٥ آلاف أوروبي انضموا إلى تنظيم الدولة، عادوا إلى بلدانهم.

وما يزال مصير أولئك الذين شاركوا في بناء ما يسمى بالخلافة – كمقاتلين أو موظفين مدنيين أو غير ذلك – في موضع شك. وبينما قتل الآلاف من المقاتلين في معارك الدفاع عن الخلافة واحتجز مئات آخرون في السجون التي يديرها الأكراد، يتوقع المحللون أن هناك عدداً منهم قد فر إلى مناطق النزاع مثل ليبيا والفلبين، أو اختبأوا في أماكن مثل تركيا والبلقان.

وفي الوقت نفسه، تم احتجاز أكثر من ٢٠٠٠ امرأة وطفل أجنبي ممن نجوا من سقوط ما يسمى بالخلافة في ثلاثة مخيمات في شمال شرق سوريا. ويواجه أولئك الذين يحملون جنسيات أجنبية مشكلة قانونية، مع عدم رغبة الدول في استعادة مواطنيها الذين شاركوا في أعمال العنف في ظل ما يسمى بالخلافة.

وهناك الأطفال الذين ولدوا في ظل حكم التنظيم- المسجلين أصلا في السجل المدني للتنظيم وبدون جنسية محددة- هم الآن عرضة لأن يصبحوا عديمي الجنسية. ويقدر البعض أن ما يصل إلى ٥ آلاف طفل ولدوا لأرامل الجهاديين الأجانب المتوفين. واعترف صناع القرار السياسي في أستراليا وبريطانيا وفرنسا ومعظم دول أوروبا- ودول غربية أخرى حيث نشأ مقاتلو تنظيم الدولة الأجانب- بأنهم لم يحددوا بعد مصير الأطفال عديمي الجنسية من المولودين تحت ظل التنظيم.

من هي أكثر الفصائل السياسية التي استفادت من تدهور قوة التنظيم؟

أدى تراجع تنظيم الدولة في سوريا إلى تقوية الموقف العسكري لكل من قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية والحكومة السورية.

وفي الوقت الراهن، إن معظم الأراضي المكتسبة في شمال وشرق سوريا على حساب التنظيم سقطت في أيدي السلطات الكردية المحلية. وقد تولت الإدارة الذاتية، مهمة الحكم وإعادة إعمار مناطق المعارك السابقة. غير أن مصير تلك المناطق لايزال موضع شك بعد أن اعترفت قوات سوريا الديمقراطية، يوم السبت، بأنها دخلت في محادثات مع الحكومة السورية من أجل “خارطة طريق تؤدي إلى سوريا ديمقراطية ولا مركزية”.

وفي غضون ذلك، قامت الحكومة السورية أيضا بالسيطرة على أجزاء كبيرة مما يسمى بمناطق الخلافة. واستولت قوات الأسد على مساحات شاسعة من الأراضي عبر الصحراء في محافظة حمص- بما في ذلك تدمر، حيث دمر التنظيم العديد من المواقع التاريخية داخل المدينة الرومانية القديمة.

وخلال الأسابيع الأخيرة، انتقلت قوات الحكومة السورية والميليشيات المدعومة من إيران إلى مواقع حول حوض اليرموك الجنوبي الغربي لشن هجوم ضد معقل المجموعة في جنوب غربي سوريا. وحتى يوم الأحد، تقلصت مساحة الأراضي التي يسيطر عليها جيش خالد بن الوليد التابع للتنظيم بنسبة ٥٠ ٪ في جنوب غرب محافظة درعا.

من يمول عمليات إعادة الإعمار في مناطق التنظيم السابقة؟

وفقا للمجلس النرويجي للاجئين، سيلزم على الأقل ٨٤٧ مليون دولار لإعادة بناء البنية التحتية الأساسية في الموصل وحدها- وهو مبلغ صاعق لمنطقة تدمر اقتصادها المحلي على مدى السنوات الأربع الماضية جراء القتال.

وحصلت الرقة على حوالي ٦٠ مليون دولار لدعم الاستقرار والإصلاح من الحكومة الأمريكية. وقادت الولايات المتحدة الجهود في الرقة إلى حد كبير في حين ابتعدت الجهات المانحة الأخرى ومنظمات الإغاثة بسبب ترددها في العمل دون الحصول على إذن من الحكومة السورية في المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد. وفي الوقت نفسه، فإن وكالات الأمم المتحدة في سوريا- المتمركزة في دمشق التي تسيطر عليها الحكومة- ليس لها وجود في مناطق سيطرة التنظيم السابقة، الرقة ودير الزور. وكأحد الاستثناءات، تعهدت الإمارات بمبلغ ٥٠ مليون دولار لجهود تحقيق الاستقرار في الرقة في أواخر تموز. لكن على خلاف ذلك، يقول المحللون إن الدعم الدولي يظل أقل بكثير مما هو مطلوب في مدينة دمر فيها نحو ١١ ألف مبنى وما زالت الجثث مدفونة تحت الأنقاض.

كما أن التركيز الأميركي على “البنية التحتية الحيوية” بما في ذلك الطرق ومرافق الصرف الصحي والمدارس يعني ترك الهيئات المحلية غير المجهزة تواجه تنفيذ المهام “الشاقة” كإزالة الألغام المتفجرة من المنازل قبل عودة النازحين. كما أن إعلان الرئيس دونالد ترامب تجميد التمويل الذي يقدر ب ٢٠٠ مليون دولار، وهو عبارة من مساعدات أمريكية لتحقيق الاستقرار، في آذار الماضي زاد من تعقيد الأمور. وتعطلت بعض البرامج بسبب وقف التمويل المفاجئ، في حين أن الحكومات الأوروبية تتردد في سد الثغرات.

وبالرغم من التحديات الكبيرة، فقد عاد ما لا يقل عن ١٠٠ ألف من النازحين إلى الرقة، وحققت الخدمات الأساسية بعض التحسن. حيث توفرت الكهرباء لمدة ٨ ساعات على الأقل يوميا، وهناك أسواق مفتوحة وعدد من المستشفيات تعمل الآن.

هذا التقرير هو جزء من تغطية سوريا على طول الإخبارية، لمدة شهر كامل، للأراضي التي كانت تحت سيطرة التنظيم في سوريا بالتعاون مع مؤسسة كونراد أديناور والمراسلين على الأرض في سوريا.

 

 

 

شارك هذا المقال