5 دقائق قراءة

ما بين القريتين ومخيم الركبان، عائلات النازحين تعاني الانقسام بعد انتصار التنظيم المفاجئ

في مخيم معزول للنازحين، على طول الحدود السورية الشرقية مع […]


3 أكتوبر 2017

في مخيم معزول للنازحين، على طول الحدود السورية الشرقية مع الأردن، أنهى الآلاف من السكان، الأسبوع الماضي، الاستعدادات للعودة إلى بيوتهم في محافظة حمص، بعد أن سئموا العيش في الصحراء.

وعاد النازحون إلى ديارهم من مخيم الركبان إلى القريتين، وهي بلدة صغيرة تبعد ١٦٠ كيلومتر شمال غربي حمص، وتقع ضمن مناطق سيطرة النظام في ريف حمص.

ومع تدهور الأحوال المعيشية في الركبان، أرسل بعض الأشخاص زوجاتهم وأطفالهم إلى القريتين، في الأسابيع الأخيرة، على أمل اللحاق بهم إلى المناطق الآمنة نسبيا والخاضعة لسيطرة النظام.

ولكن في وقت متأخر من ليلة الجمعة، شن تنظيم الدولة هجوماً مفاجئاً، واستولى على القريتين، وانقطعت كافة وسائل الاتصال في المدينة، حيث أصدر التنظيم بياناً يوم الأحد، عبر الإنترنت، يزعم فيه أن “مقاتلي الدولة الإسلامية يحكمون السيطرة على مدينة القريتين في حمص”، من جهتها، لم تتناول وسائل إعلام النظام خبر الهجوم المفاجئ.

وكان الهجوم “صدمة” بالنسبة لسكان الركبان الذين فروا من مناطق سيطرة تنظيم الدولة إلى القريتين قبل عامين.

وقال أبو ورد، وهو مواطن في مخيم الركبان، فرّ من القريتين مع عائلته في عام ٢٠١٥، لسوريا على طول، الاثنين “في الواقع كان الأمر صادماً للجميع، لم يكن أحد يتوقع أبداً عودة التنظيم، وعندما سمعت الخبر لم أصدق في البداية”.

وسقطت البلدة، التي تضم خليطاً من المسلمين والمسيحيين السوريين، وتعتمد على الزراعة والوظائف الحكومية في دمشق، لأول مرة بيد التنظيم في عام ٢٠١٥، في ذلك الوقت، فرّ الآلاف من سكانها، البالغ عددهم ١٤ ألف تقريباً، جنوباً عبر الصحراء الشرقية في سوريا إلى الركبان.

مقاتلو تنظيم الدولة شرق السخنة، في 29 أيلول. تصوير: وكالة أعماق التابعة لتنظيم الدولة.

وسيطرت قوات النظام السوري على القريتين في عام ٢٠١٦، إلا أن العديد من السكان الذين فروا لم يعودوا خوفا من خطر الاعتقال أو التجنيد الإلزامي.

 

وفي حال تم تأكيده، يشكل الاستيلاء على القريتين انتصاراً كبيراً للتنظيم الذي يواجه خسائر كبيرة في محافظتي الرقة ودير الزور شرقي سوريا، وسط حملات منفصلة يشنها كل من، قوات سوريا الديمقراطية بدعم من الولايات المتحدة، والنظام للقضاء على ما تبقى من وجود للتنظيم في المنطقة.

ويأتي هذا التقدم المفاجئ أيضاً وسط اشتباكات بين قوات النظام والتنظيم على بعد ١٦٠ كيلومتراً شمال شرق القريتين في السخنة، والتي تعد محطة رئيسية لقوات النظام على جبهة دير الزور الشرقية.

“انقطع الاتصال بهم”

يقول سكان القريتين، ممن لا يزالون في الركبان، لسوريا على طول بأنه “لا يوجد اتصالات” مع أسرهم في القريتين، حيث يقال إن تنظيم الدولة يسيطر على المدينة لليوم الثالث. وبالنسبة لهم، فإن المدينة أصبحت عبارة عن ثقب أسود.

ونشر مركز القريتين الإعلامي، وهو صفحة إخبارية على الفيسبوك تنشر الأخبار من خارج المدينة، أنه تمكن من الاتصال بالناشطين في الداخل، يوم الاثنين، ووفقاً للصفحة، تستمر الاشتباكات بين قوات النظام والتنظيم في جنوب البلدة ولايزال السكان في الداخل، وألقي القبض على “المئات” من السكان من ثم تم إطلاق سراحهم بعد ذلك من قبل تنظيم الدولة بعد السيطرة على البلدة، بحسب ما أورده مركز القريتين الإعلامي.

وأبو سليم، ٣٣ عاماً، أب لأربعة أطفال، وواحد من بين سكان الركبان عائلته محاصرة في القريتين، أرسل زوجته وأولاده إلى القريتين الشهر الماضي، بعد أن شعر بأن الحياة عادت إلى طبيعتها في البلدة التي يسيطر عليها النظام. وبقي أبو سليم في الركبان لأنه خشي من الاعتقال والتجنيد من قبل قوات النظام.

وكانت زوجة أبو سليم وأبناؤه من بين مئات سكان الركبان الذين عادوا إلى القريتين منذ آب، وذلك بعد أن قطعت المعارك في الصحراء المحيطة، طرق الإمداد الرئيسية إلى المخيم الصحراوي.

وبقي أبو سليم على تواصل مع عائلته بشكل يومي، من موقعه في الركبان، عبر الرسائل الصوتية المرسلة عبر الإنترنت، حيث يقول “تخبرني زوجتي عن أوضاعها بشكل مستمر، وأن الوضع داخل المدينة آمن، وسجلت أطفالي في المدارس”.

“ولكن منذ مساء يوم الجمعة أرسلت لي زوجتي رسالة صوتية، أن هناك إطلاق نار ونحن في منازلنا لا نستطيع الخروج لمعرفة ما يجري وكأن هناك عودة للتنظيم إلى المدينة، وأطفالي كانوا يبكون حولها”.

ولم يسمع أبو سليم أية أخبار عن زوجته وأولاده منذ يوم الجمعة كما يقول “بعد انقطاع الاتصال بهم”.

وتابع أبو سليم “خوفي عليهم من قيام تنظيم الدولة بمجازر داخل المدينة، أو أن يتم قصف المدينة من قبل طيران النظام ويؤدي ذلك لا سمح الله إلى موت عائلتي”.

مقاتلو تنظيم الدولة شرقي السخنة، في 29 أيلول، تصوير: وكالة أعماق.

وأبو سليم ليس وحده، حيث قال أبو ورد (٢٥ عاما)، مقيم في الركبان، لسوريا على طول، إن التواصل بينه وبين أفراد العائلة الذين عادوا مؤخرا إلى القريتين، ليس مستمراً.

وغادر إخوة أبو ورد وأبناؤهم وكبار السن في العائلة الركبان إلى مسقط رأسهم قبل نحو شهر ونصف، أملاً بحياة أكثر استقراراً خارج المخيم، وبقي على اتصال بعائلته عبر الهاتف الأرضي، حيث قال “فعند سيطرة التنظيم أول مرة على مدينة القريتين قطعت التغطية للهواتف الجوالة”.

إلا أن آخر مرة تحدث فيها أبو ورد مع عائلته كانت مساء الجمعة، عبر مكالمة هاتفية.

وقال “في الساعة ١١:٣٠ مساء، قطع الخط الأرضي، وعند الساعة ١١ ونصف انقطعت الاتصالات الأرضية وكل أخبارهم، كان وضعهم جيد جداً، ولم تكن هناك أي إشارات توحي بهجوم محتمل للتنظيم، كل الأمور كانت طبيعية”.

وتابع أبو ورد أنه تمكن من التواصل مع أفراد عائلته في القريتين “لفترة بسيطة” مرة أخرى يوم الاثنين “لكن الاتصالات انقطعت مرة أخرى”.

“ولم أتمكن من معرفة أي شيء عنهم، ولكن كل ما تمكنا من معرفته حالة الذعر الكبيرة بين الأهالي داخل المدينة”.

ويقدر محمد الدرباس الخالدي، رئيس المجلس المحلي المدني في مخيم الركبان، أن حوالي ١٠٠ أسرة – مئات الأشخاص – عادوا من المخيم إلى القريتين منذ آب، حيث نقص الإمدادات الغذائية والطبية، فضلاً عن تقدم النظام إلى الشرق على طول الحدود السورية الأردنية، سكان المخيمات على الفرار إلى ديارهم.

وقال الخالدي لسوريا على طول، من المخيم، يوم الأحد “كنا ننصح الأهالي بعدم العودة إلى القريتين أو مناطق سيطرة النظام”.

أضاف إن نحو ٣٠٠ عائلة كانت تجهز نفسها للعودة إلى القريتين قبل أن تنتشر الأنباء عن هجوم تنظيم الدولة “كان ردهم نفضل الموت على السكن في هذا المخيم”.

واليوم، يقول أبو سليم، المقيم في الركبان، إنه يشعر بالندم لإرسال زوجته وأطفاله الصغار إلى القريتين.

وقال من داخل المخيم “شعور يكاد يقتلني من القهر والندم القهر لأنني أرسلتهم لوحدهم ولم أكن معهم وشعور الندم لأنني كنت صاحب القرار بشأن العودة”.

ترجمة: سما محمد

 

شارك هذا المقال